استطلاع الرأي
إن عقوبة الإعدام لازالت تعتبر بالمغرب من العقوبات المبررة قانونيا رغم مساسها بأحد أهم حقوق الإنسان، الحق في الحياة. فإذا كانت العقوبات السجنية بمختلف مددها عقوبات سالبة للحرية، فان الإعدام يعتبر عقوبة سالبة للحياة، علاوة على أن عقوبة الإعدام هي العقوبة الوحيدة التي تؤدي إلى فعل لا يمكن تصحيحه أو الرجوع عنه لاحقا و لو تم اكتشاف خطأ ما أو تبين أن المحكوم عليه كان بريئا.
و من جهة أخرى بينت التجربة على امتداد قرون أن عقوبة الإعدام لم تساهم بوضوح في توقيف جرائم القتل أو التقليل من الجرائم البشعة.
و إذا كان المغرب من الدول التي مازالت ترفض إلغاء عقوبة الاعدام فانه منذ سنوات عديدة نادرا جدا ما كان يتم تنفيذ هذه العقوبة رغم الحكم بها و رغم أنها تظل عقوبة مشهرة كاحتراز فيما يتعلق بجرائم القتل الشنيعة و جرائم أمن الدولة. فهل هذا العرف سيظل قائما رغم صدور عدة أحكام بالإعدام مؤخرا في حق المتورطين في الإرهاب بالمغرب؟
لقد قام مركز حقوق الناس باستطلاع للرأي بصدد عقوبة الإعدام، حيث تبين أن 96 في المائة من المستجوبين يعتبرون أن الحق في الحياة حق مقدس، في حين لم يتفق على ذلك 1 في المائة منهم و تردد 3 في المائة منهم في التعبير عن موقف واضح.
و بخصوص إلغاء عقوبة الإعدام يتفق 48 في المائة من المستجوبين على ذلك، في حين لا يتفق 38 في المائة منهم. و قد ترتبط هذه النتائج باستمرار سيادة ثقافة القصاص داخل المجتمع المغربي. إلا أنه من الواضح أن هناك اتجاه نحو ارتقاء الوعي الحقوقي في صفوف المواطنين، خصوصا إذا اعتبرنا أن المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام لازالت من المواضيع الطابوهات بالمغرب.
و إذا تمحصنا في فوارق الموقف حسب الجنس، يتبين أن 53 في المائة من الذكور مقابل 45 في المائة من الإناث غير متفقين على إلغاء عقوبة الإعدام، الشيء الذي يمكن الاستنتاج منه أن ثقافة القصاص سائدة أكثر لذى الذكور. كما أن الفئات الأكثر تعلما هي الأكثر تأييدا لإلغائها و الأكثر تحررا من ثقافة القصاص. و هذا طبيعي باعتبار أن التعليم يمد الأفراد بشروط الانتماء لآفاق حقوقية أوسع و بضرورة العمل على سيادة عدالة إنسانية خالية من الانتقام.
و مهما يكن من أمر فهناك اليوم بالمغرب أرضية مادية و اجتماعية ملائمة لانطلاق حركة للمطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام في أفق أنسنة قواعد العدالة المغربية. و للمجتمع المدني دور حيوي في هذا المجال.