|
من »جسر المحبة« إلى سكك التواصل
عبد الرزاق الصافي
الحوار المتمدن-العدد: 2101 - 2007 / 11 / 16 - 12:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أعلن الدكتور رمزي العصار، كبير مهندسي النقل في البنك الدولي، في نهاية اكتوبر »تشرين الاول« الماضي، ان دول مجلس التعاون الخليجي بدأت بوضع »دراسة جدوى مد شبكة سكك حديدية محاذية للسواحل بطول يصل الى الف كيلو متر«، ويؤمل ان تستغرق الدراسة المذكورة مدة عام كامل. وتتمثل الاهداف الاساسية للمشروع في تسهيل روابط النقل وتكاملها بين دول المجلس، ومن فوائد المشروع ايضا تحسين التجارة البيئية، ودفع النمو الاقتصادي، واضافة وسيلة نقل آمنة بيئيا، لنقل الركاب والبضائع وتوفير فرص عمل ودعم الصناعات المحلية وتعزيز التعاون الاقليمي والتكامل بين اعضاء المجلس. عاد بي هذا الخبر المفرح إلى خبر آخر قبل حوالي السنة والنصف، يوم جرى الاعلان عن الاتفاق على بناء جسر باسم »جسر المحبة« بين قطر والبحرين، تناولته بالتعليق يوم الثلاثاء المصادف ٠٢ يونيو ٦٠٠٢. وقلت يومها مرحبا بالاتفاق »ان الدول العربية كلها بحاجة الى (جسور محبة) من مختلف الانواع لتعزيز العلاقات الاخوية بين شعوبها، وتقوية اواصر المحبة والتضامن، جسور فوق المياه وسكك حديد وطرق ممهدة وحدود مفتوحة للتبادل التجاري والسياحة والزيارات الودية المتبادلة وطلب العلم«. فكم هو جميل ان يكون هناك جسر للمحبة هو خط سكة حديد يربط اللاذقية في سوريا ببغداد والبصرة ويمتد الى الخليج. وكم هو جميل ان ترتبط حلب الشهباء بالموصل في العراق مباشرة، وليس عبر الاراضي التركية، وترتبط العقبة الاردنية ببغداد والبصرة والخليج. وكم هو جميل ان ينتهي النزاع بين الجزائر والمغرب بـ »جسر محبة« قوامه التفاهم والود وحل مشكلة الصحراء الغربية بما يرضي جميع الاطراف ويراعي مصالح شعوب المنطقة. ولا شك ان »جسر المحبة« المذكور، والشروع بدراسة الجدوى الاقتصادية لانشاء خط سكك الحديد الذي يربط دول مجلس التعاون الخليجي، وقبل هذا وذاك الجسر الذي يربط المملكة العربية السعودية بالبحرين، انما هي ثمار ايجابية للسياسة التي تنتهجها دول هذا المجلس، الذي شكل التجربة الوحيدة الناجحة بين التجارب »الوحدوية«، التي اقيمت بين الدول العربية، على مدى الخمسين عاما المنصرمة تقريباً، بدءاً بالوحدة المصرية السورية في فبراير ٨٥٩١، مرورا بـ »الاتحاد الفيدرالي بين الجمهورية العربية المتحدة واليمن، والوحدة الثلاثية بين العراق وسوريا ومصر في اعقاب انقلاب الثامن من فبراير ٣٦٩١ في العراق، وانقلاب الثامن من مارس ٣٦٩١ في سوريا« تلك الوحدة التي اجهضت قبل ان تولد، و»مجلس التضامن العربي« الذي ضم العراق والاردن ومصر واليمن، و»اتحاد دول المغرب العربي«، الذي سرعان ما انتكس. ناهيك عن الوحدات الارتجالية، اذ كانت فقاعات سياسية لا اكثر ولا اقل. ان اساس استمرار »مجلس التعاون الخليجي«، ونجاحاته يتمثل في مراعاة الظروف الموضوعية ومصالح كل طرف من اطرافه وخصوصياته، ووضع اهداف قابلة للتحقيق تقتنع بها كل هذه الاطراف، رغم الفوارق المحتملة بين هذا البلد او ذاك في هذه القضية او تلك. ولا يفوتني، في هذا السياق ان اشير الى القرار الجريء الذي اتخذه المجلس قبل اكثر من سنة، الذي يقضي بتوحيد عملات دولة في عملة واحدة، على غرار اليورو الذي اعتمدته غالبية دول الاتحاد الاوروبي منذ سنوات، وكانت خطوة كبرى في مجال التعاون والاتحاد في ما بينها. وكان مجلس التعاون الخليجي قد حدد العام ٠١٠٢ موعدا لتنفيذ القرار. وقد شكك البعض، في حينه، في امكان تنفيذ القرار - توحيد العملة - في الحيز الزمني الذي يفصلنا عن العام ٠١٠٢. وسواء تحقق هذا الهدف في ٠١٠٢ او ٥١٠٢ او بعدها، فانه سيظل انجازا كبيرا لـ »مجلس التعاون الخليجي« ودوله الست. ولا أحسب انه من نافل القول الاشارة الى ما سبق ان طرحته في صيف العام الماضي، من ضرورة التفكير، منذ الآن، في توسيع »مجلس التعاون الخليجي«، والسعي لانضمام العراق اليه، بعد خلاصه من الاوضاع المأساوية التي يعيشها الآن، هذه الاوضاع التي لا يمكن ان تستمر الى ما لا نهاية، والتي تستدعي من دول »مجلس التعاون الخليجي« بذل جهود جدية مضاعفة لمعاونة الشعب العراقي للخروج من محنته، وعودة الامن والاستقرار الى ربوعه. وهو امر ليس في صالح الشعب العراقي فحسب، بل وفي صالح دول الجوار والمنطقة ككل ايضا. ولذا حبذا لو كانت دراسة جدوى مد شبكة السكك الحديدية المحاذية للسواحل في الخليج، تشمل - اي الدراسة - جدوى ربط هذه الشبكة، مستقبلا، بسكة حديد البصرة بغداد - الموصل - اسطنبول. والتفكير جديا بربطها بدمشق واللاذقية على البحر الابيض المتوسط، ذلك ان خطوات عملية من هذا النوع اجدى، الف مرة، من الحديث عن »وحدة عربية من المحيط الى الخليج« غير قابلة للتحقيق في الافق المنظور، ان لم يكن مطلقا
#عبد_الرزاق_الصافي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأزمة العراقية - التركية: شيء م
...
-
حراك سياسي واسع بلا نتيجة ملموسة
-
»تقسيم العراق«.. بالون سياسيR
...
-
ضد الحرب .. ومع إسقاط النظام بأيد عراقية
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|