أحيت اللجنة التحضيرية لتشكيل المجالس والنقابات العمالية في العراق ذكرى إضراب الزيوت الشهير في 5-11-1968. و قد ارتأت اللجنة ، إقامة التجمع في مدخل الشركة العامة للزيوت النباتية لإضفاء جو يتناسب وأهمية المناسبة التي أحتفل بها العمال لأول مرة علناً.
الملفت للنظر مدى تفاعل الحضور مع أجواء الاحتفال سواء مع الفعالين الذين اشتركوا مباشرةً في الإضراب أو مع الفعالين والقادة السياسيين الذين تحدثوا مباشرة للجمهور.
وقد حضرت وفودٌ من عدة أحزاب بينها الحزب الشيوعي العمالي العراقي و الحركة الاشتراكية العربية و الحزب الشيوعي العراقي. إضافة إلى الناشطين العماليين الذين قادوا الإضراب آنذاك و قد تكلم عنهم عبد جاسم الساعدي.
كان واضحاً منذ البداية أفق الاحتفال و مغزاه المعنوي و السياسي فقد جاء في كلمة فلاح علوان مسؤول اللجنة التحضيرية للمجالس والنقابات العمالية الذي افتتح بها المناسبة: "إن الاحتفال لا يقصد من وراءه البكاء على ذكريات أصبحت من الماضي"، بل أكد في كلمته على إن نشاط المجالس و النقابات العمالية هو امتدادٌ للتقاليد الثورية للطبقة العاملة والتي عبرت عن إرادتها منذ عقود من خلال الاحتجاجات و الإضرابات. و أكد إن تلك التضحيات هي رافد لتواصل الجيل الحاضر مع التقاليد الثورية للطبقة العاملة.
ثم ألقى مجيد صاحب كلمة عمال الزيوت بالمناسبة، استعرض فيها تأريخ الفاشية في العراق والسلوك السياسي لحزب البعث الفاشي إزاء الجماهير وأكد على ضرورة جعل هذه المناسبة تقليداً سنوياً.
وتحدث عبد جاسم بالتفصيل عن يوميات الإضراب وأبعاده السياسية وشاركه الحديث عدد ممن عاصروا الاضراب وأشتركوا مباشرة فيه، وجاء في كلمته: "إن تلك المرحلة أتسمت بسيادة أفق اليسار على الساحة". وفي ختام كلمته أكد على ضرورة تشكيل نقابات العمال بإرادتهم الحرة و بدون وصاية من أحد و بدون تسلط أو نفوذ يفرض على الطبقة العاملة.
ثم ألقى شمال علي – عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمالي العراقي والذي حضرعلى رأس وفد الحزب الذي شارك في الاحتفال وكان أكبر الوفود التي حضرت – كلمة جاء فيها إن قمع الإضراب والتراجع الذي اصاب الحركة العمالية لم يكن فقط بسبب إطلاق النارعليه وإستخدام القوة ضده، بل لوجود الاوهام السياسية التي كانت تحاول دفع الجماهير الى السير خلف البرجوازية "الوطنية" و تدعو العمال إلى التخلي عن مطاليبهم و مساندة البرجوازية "الوطنية". كما دعى إلى أنشاء و تقوية المجالس و الاتحادات العمالية على صعيد شامل و تحويله إلى قوة مؤثرة في المعادلات السياسية.
كما القى ممثلو الحركة الاشتراكية العربية والحزب الشيوعي العراقي كلماتهم ودعوا فيها إلى وحدة الطبقة العاملة.
و كان الجو السائد في الاحتفال عموماً يعكس حقيقة كون الاحتجاج العمالي هي صفة ملازمة للطبقة العاملة، وإنها اقترنت بالشيوعية واليسارعموماً، وإن الطبقة العاملة في العراق كانت حاضرة في الميدان السياسي منذ عقود و ليست طبقة مهمشة أو غير متبلورة أو متطورة كما يحلو للبعض أن يدعي.