|
المادة 142من الدستور ..عقبة في استقرار العراق ..!!
هادي فريد التكريتي
الحوار المتمدن-العدد: 2100 - 2007 / 11 / 15 - 11:34
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
بعد سقوط النظام العراقي في العام 2003 ، أعادت قوات الإحتلال الأمريكي تشكيل الدولة العراقية ومؤسساتها الرسمية ، على أسس طائفية وعنصرية ، مدركة كل الإدراك الهدف والغاية من وراء هذا التشكيل ، وما سيلعبه مستقبلا هذا النظام ، من ترسيخ نزاع وعدم استقرار ، بين مكونات الشعب العراقي ، و قيام علاقات اجتماعية قلقة وغير مستقرة ، تخدم الأهداف الأمريكية ومصالحها ، ليس في العراق لوحده ، بل وفي عموم المنطقة كلها ،لآماد طويلة . الإدارة الأمريكية ، لم تدخل العراق بقرار آني وغير مدروس ، نتيجة لما كان يعانيه الشعب العراقي من اضطهاد وقمع، مارستها ضده سلطة فاشية ، فأمريكا هي من أتت بصدام ، وهي تعرف طبيعة النظام وفلسفته ، كما تعرف أن رئيسه " المنصور " الذي اختارته و دربته مخابراتها ، فاشي حتى العظم ، عدو ليس لتطلعات الشعب العراقي ، وكل نسيجه الوطني والقومي ، وإنما لشعوب وحكومات المنطقة ، أمريكا تعرف هذا مسبقا ، كما عرفت مقدار عزلته عن الشعب،بعد أن نفذ لها كل ما أملته عليه من سياسات كانت كلها ليست في صالح العراق وشعبه ، كتوقيع معاهدة الجزائر مع شاه إيران في العام 1975 التي أباحت له قتل وإبادة الشعب الكوردي ، وإعلان الحرب على إيران وغزوه للكويت ، وبعد أن حققت ما رسمت له وخططت ، ما عادت تراه مؤهلا لتنفيذ أهدافها اللاحقة في المنطقة ، لذا أسقطته لتأتي بحكم بديل ، رموزه طائفية وقومية عنصرية ، مستعدة لتنفيذ مهام المرحلة الراهنة والمقبلة مهما كانت أهداففها صعبة التنفيذ ، بعض قوى المعارضة لصدام والمتعاونة مع أمريكا ،حاليا، كانت تدرك عن يقين مدى بطلان صحة دعاوى" الديموقراطية "التي تتبجح بها أمريكا لتوريدها للشعب العراقي ، ولشعوب المنطقة ، فلو صح هذا لما تعاون من يقود الحكم حاليا ، لأنها أحزاب دينية ـ طائفية ، وقوى قومية وعنصرية ، من حيث الفكر والممارسة، ليست ضد الديموقراطية فقط وإنما ضد العلمانية، التي هي أوطأ درجة من المفاهيم الديموقراطية ، ممارسة ومفهوما .. أمريكا لو كانت مخلصة أو صادقة في دعواها: " تخليص العراق وشعبه من نظام حكم دكتاتوري وشوفيني، ولبناء مجتمع ديموقراطي " فعلا ونية ، لما شرعت ، وهي العريقة في الديموقراطية ، للعراق نظام " المحاصصة الطائفية والعنصرية "، فهذا النظام أسوء مما كان عليه الوضع السابق ، فتأسيس نظام على بداية سيئة ، نتائجه اللاحقة لن تكون إلا أسوء من سابقتها ، وهذا ما كان ، وحصل ، منذ أول خطوة خطتها أمريكا في إعادة تأسيس الدولة العراقية ، وهذا ليس خطأ غير مقصود، من باب الاجتهاد ، كما يحاول البعض من كتابنا ومحللينا أن يصورونه ، بل هو أمر مدروس وعن عمد ، فإدارة بوش وقيادات قوات الاحتلال الأمريكية لها خبرات واسعة قد تراكمت عبر عشرات السنين ، وهي تعرف جيدا ، خطورة " العنصرية والطائفية " على الديموقراطية ، بل تتنافى كليا مع أبسط مبادئها . لذا دولتنا العتيدة ، تتبنى وتمارس الطائفية والعنصرية ، في كل مؤسساتها الرسمية فـ :المجلس النيابي ، ورآسة الجمهورية ، والحكومة ، كل هذه المواقع اختفت عنها المفاهيم الوطنية ،وهي تمارس الطائفية والعنصرية وتجاهر علانية بها ، سواء من كان في منصب الرئيس أو مناصب نواب الرئيس ، وكل أعضاء هذه المؤسسات في هذه المواقع الثلاثة ،تنكر للقسم الذي أقسمه ( إلا قلة كالجاموس الأبيض من بين القطيع ) : لأن يصون مصالح الشعب ويحمي الوطن ، الكل تناسى المفاهيم والقيم التي كان يرددها و يدعيها أمام أنصاره ومريديه ،والكل يتعرى دون أدنى حياء أو خجل من مبادئه، ومن كل ما كان يؤمن به ، ويتناسى مصالح شعبه ، وهموم مواطنيه ، عندما يلتقي رئيس الإدارة الأمريكية ، أو من يمثلها ، ليضمن البقاء في موقعه ، أو ليحتل منصبا يليق به في وقت لاحق ، جزاء ما قدم من خدمات . أصحاب الحكم الحالي ، يعلمون أن الإدارة الأمريكية لم تقع بحب هذا أو ذاك من المسؤولين العراقيين ، كما لم يكن هدفهم إرجاع حق مغتصب من هذه الطائفة أو تلك القومية ولم يكن قدومها للعراق واحتلاله من أجل ضمان استمرار هذه الطائفة أو تلك في الحكم ، كما ليس من أجل رخاء ورفاه الشعب العراقي ، تقدمه وازدهاره ، وليس من اجل بناء الديموقراطية ، كما قالوا . ما يهمها حاليا ، استثمارنتائج غزوهم للعراق ولتنفيذ المهام التي استقدمت جيوشها وقواتها من أجلها ، في العراق ، والمنطقة، وللمحافظة على ما تحقق لها من مواقع فعلا ، وما سيتحقق لها مستقبلا ، و الإدارة تدرك أن ديمومة بقاء مصالحها مرتبط بديمومة " شرعية" بقاء قواتها العسكرية والأمنية ، وفق اتفاقات ومعاهدات عاجلة،تستعجل السلطة العراقية على إبرامها وتوثيقها ، آخذة بالاعتبار مصالحها أولا وأخيرا ، وهذا ما تحدث به صراحة وعلانية الرئيس بوش مع رئيس الوزراء نوري المالكي ، عندما التقاه في نيويورك في منتصف شهر أكتوبر على هامش الذكرى السنوية لتأسيس الأمم المتحدة ، حيث اقترح عليه " عقد اتفاقية أمنية استراتيجية ، طويلة الأمد بين العراق والولايات المتحدة على غرار الاتفاقيات التي عقدتها الولايات المتحدة مع دول الخليج ، وبالذات الاتفاقية الأمنية الطويلة الأمد مع المملكة السعودية " ، لأن هذه الاتفاقية وفق تصور بوش " ستكون ملزمة للرئيس حاليا ، ولرئيس الولايات المتحدة القادم ، كما أنها تزيل القلق السعودي والخليجي الناجم من عدم توقيع العراق لمثل هذه الاتفاقية الأمنية .." ليس هذا فقط ما طلبه بوش من المالكي ، إنما طالبه " سرعة المصادقة على قانون النفط والغاز " وهذا بعض أهداف عاجلةا جاءت قواته من أجلها للعراق " وإنجاز ملفات المصالحة الوطنية ، وحكومة الوحدة الوطنية ، واجتثاث البعث , واستكمال الخطوات التي تتعلق بقضية كركوك وتعديل الدستور " والمطلب الأخير هو ما يضفي الشرعية على كل ما سيتحقق من أهداف ، المالكي كان يصغي بانتباه للرئيس بوش ، فمطالبه أوامر ، ما عدا إبداء مخاوفه من تسليح عشائر الدليم التي يفهم مغزاها جيدا ، فربما يؤدي هذا إلى ضياع ما تحقق ، حتى الآن ، للطوائف ولجيرانهم من مكاسب ، ـ وهي مخاوف مشروعة وفي محلها ـ إلا أن الأمريكان ، علمتهم تجاربهم عدم وضع البيض في سلة واحدة غير مضمونة البقاء ، ولهذا شرعت قوات التحالف ، تسليح عشائر غرب العراق ، الموالية لهم ، والتي وثق الرئيس بوش علاقاته الشخصية معهم ، وأمدهم بالمهم وبكل ما يحتاجونه ، دون استشارة الحكومة ، بل قد زارهم شيوخا وأفردا ، في دورهم ومنازلهم ، سرا وعلانية ، أكثر من مرة ، دون علم أو استئذان من سلطة دولة ، تطلب من الغير احترامها ،كما تدعي الاستقلال والسيادة على الأرض العراقية .. إدارة الرئيس بوش تدرك جيدا أن كل ما جاءت من أجله في العراق ، ربما ، يذهب هباء منثورا ، إن لم تعالج حكومة المالكي ، ومؤسسات السلطة الأخرى ، الملفات التي لم يبت فيها حتى الآن، خصوصا تلك المساعدة على استقرار الوضع العراقي بشكل عام ، وهي كثيرة ، أهمها على الإطلاق مسألة تعديل الدستور وفق المادة 142 ، هذه المادة شرعت بالأساس ، لتلافي عدم اتفاق القوى المشاركة في مجلس النواب على نصوص بعض مواد الدستور قبل إقراره، وبما أن الوقت ـ آنذاك ـ قد استنفذ وقته ومداه في مجال المناقشة ، وخشية الرجوع إلى نقطة البداية ، وهي في غير صالح حكم"المحاصصة" شرعت هذه المادة ،لتلافي هذا الواقع، وهي ملزمة التنفيذ بعد المصادقة عليه ، إلا إن المالكي و الائتلاف الحاكم لا زال يتهرب من فتح هذا الملف ، لأن التعديل سيشمل موادا يعتبرها الحكم حقوقا وأحكاما مقدسة..لايجوز المساس بها ...و إدارة بوش وخبراء القانون، في البيت الأبيض ، يدركون:إن كل اتفاق أو معاهدة تبرم مع العراق ، تعتبر غير شرعية أو غير دستورية، قبل التعديل ، وعدم التعديل يعطي المعارضة العراقية ، في المجلس النيابي وخارجه ، حق الطعن في شرعية كل القوانين والمعاهدات التي تقدم على إبرامها السلطة .. الدستور العراقي غير مكتمل وينتظر البدء بتنفيذ المادة 142 ، وكل حديث عن استقرار العراق سابق لأوانه قبل التعديل ...
#هادي_فريد_التكريتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عراق لكل العراقيين ..!
-
السيد آرا خاجادور ..بيان محبوس ..وحقد أسود ..!
-
ماالحل...عندما يتحول النقد إلى تشهير ..!!
-
مع رابطة الأنصار الشيوعيين في مؤتمرهم الرابع .
-
الحل السياسي ...نهاية المطاف ..!!!
-
سقط النظام ..وماذا بعد يا مستأجرون ..!
-
الحزب الشيوعي العراقي..ضمير وطن ..!
-
ما كو شي ...والوضع في تردي ...!
-
قانون النفط والغاز ..رطانة شهرستانية ..!
-
سفاراتنا بين الأمس واليوم ..وطموحاتنا الوطنية ...!
-
وطنية مجلس النواب على المحك ..!
-
المرأة العراقية ...خيار مستقبلنا !!
-
ا لمشروع الطائفي في العراق ... والمجتمع المدني المعاصر
-
بوش والمالكي ..فرسا رهان خاسران ..!
-
مصداقية حق المواطنة في الدستور العراقي ..!
-
نمر من ورق ..!
-
وثائق مؤتمر الحزب الشيوعي العراقي ..جرأة وحياء / الفسم الثان
...
-
وثاءق مؤتمر الحزب الشيوعي العراقي..جرأة وحياء ..!
-
العلم العراقي ..والسيد مسعود البزاني ..!
-
الصابئة المندائيون ..ومسؤولية الدولة ..!!
المزيد.....
-
مقتل واعتقال 76 ارهابيا في عملية فيلق القدس بجنوب شرق ايران
...
-
-الدوما-: مذكرة الجنائية الدولية لاعتقال نتنياهو ستكشف مدى ا
...
-
الداخلية الفنلندية توقف إصدار تصاريح الإقامة الدائمة للاجئين
...
-
الإعلام الإسرائيلي يواصل مناقشة تداعيات أوامر اعتقال نتنياهو
...
-
هذه أبرز العقبات التي تواجه اعتقال نتنياهو وغالانت
-
الأمم المتحدة: إسرائيل منعت وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لق
...
-
مقارنة ردة فعل بايدن على مذكرتي اعتقال بوتين ونتنياهو تبرزه
...
-
كيف أثر قرار إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت على دعم
...
-
سفير ايران الدائم بالأمم المتحدة: موقفنا واضح وشفاف ولن يتغي
...
-
سفير ايران بالأمم المتحدة: أميركا وبريطانيا تساهمان في استمر
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|