|
د. سعدالدين إبراهيم: لا فرق بين الزرقاوي وهوشي مينه إلا بالتقوى
هوشنك بروكا
الحوار المتمدن-العدد: 2098 - 2007 / 11 / 13 - 11:19
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
في مقالٍ نقديٍّ مفصّلٍ له(سعدالدين إبراهيم والإخوان)، نُشر في نيسان/أبريل الماضي في أكثر من جهةٍ ورقيةٍ وإلكترونيةٍ، كشفَ المفكر المصري د. سيد القمني عن الكثير من تحوّلات وتبدّلات و"تخرصات" عالم الإجتماع المصري ورئيس مركز إبن خلدون للدراسات الإنمائية د. سعدالدين إبراهيم .
قبل خروج الأخير من سجنه، كان قد خصصه القمني(بهدف التدشين لصداقةٍ عزيزةٍ) في كتابه "شكراً بن لادن"، ب"دفاعاتٍ استغرقت خمسين صفحة". ولكن بعد الخروج من السجن، انقلب د. سعدالدين إبراهيم على خطابه "العلماني"(الذي كان قد تحول إليه من خندق اليسار و القومية العربية)، متحولاً بذلك إلى آخرٍ "متحالف" مع "الخطاب السلفي الإخواني"، وإلى وجهٍ آخر "يخفي تحته لحيةً كثةً وجلباباً قصيراً"، على حد تعبير د. القمني. ويستدل المرء على تلك "السلفية الإخوانجية"، حسب القمني، من تقليد "د. سعد لمصطفى محمود و زغلول النجار عندما يوفقون تزويراً بين العلم الحديث و الإسلام ، ليثبت سبق المسلمين الى اكتشاف المجتمع المدنى"، ومن "هجومه على الزعيم الروحي لشيعة العراق آية الله السيستاني، وعلى بابا الكنيسة القبطية في مصر شنودة، بمناسبةٍ أو بدونها"، وكذا من مواقف و"سلفيات" أخرى كثيرة، لا يمكن حصرها هنا.
ما طرحه د. سعدالدين، في آخر مقالٍ له، قبل أيام(من فيتنام ... للجزائر... للعراق/ الراية القطرية، 03.11.07)، من مقاربات ومقارنات "شطحاوية"، بين بغداد وديان بيان فو، وبين "المقاومة الزرقاوية" و"المقاومة الهوشيمينية" ضد الإحتلال الأجنبي، يثبت الكثير مما ذهب إليه د. القمني، حين كتب آنذاك "إن لغة سعد لم تعد حتى لغة ليبرالية تحافظ على قيم العلمانية ، إن لغة سعد أصبحت وهابية إقصائية".
عالم الإجتماع المصري يرى أن ما يجمع بين فيتنام والجزائر والعراق، هي "ثلاثة خطوط": "خط الإحتلال، وخط المقاومة، وخط الكفاح الشعبي المسلح". فهو، لا يخفي "تحمسه" ل"مشروعية" "المقاومات الثلاث"، ضد الإحتلال، سواءً بسواء، "حتى لو كان المحتلون ملائكةً"، حسب تعبيره.
لا يختلف إثنان، على أن ما حدث في كلٍّ من فيتنام(ديان بيان فو) سنة 1954، وفي الجزائر بلد المليون شهيد سنة 1962، كان نتيجةً طبيعيةً، للمقاومتين الوطنيتينن المشروعتين لأبناء البلدين، ضد المحتلين الأجانب ، بكل ما لهاتين الكلمتين(المقاومة + الوطن)، من أبعادٍ قدسيةٍ ومعنى.
إلا أن الغريب، هو أن عالماً اجتماعياً في قامة د. سعدالدين، يساوي بين "مقاومة الزرقاوي" ومقاومة هوشي مينه. د. سعدالدين، يقول أنه "لا يعلم بعد أسماء قيادات المقاومة في العراق"، وكأنه لم يسمع بأسماء "أمراء" "دولة العراق الإسلامية"، وعلى رأسهم "أمير المؤمنين"، ومخلب أسامة بن لادن في العراق، المقبور أبو مصعب الزرقاوي، وسواهم من صناع القتل و"الإمارات المفخخة". ثم، هل هناك "مقاومة عراقية" أصلاً، سوى تلك "المستوردة" من تنظيم القاعدة، والتي تقتل وتفخخ وتقطّع العراق والعراقيين، شرّ تقتيلٍ وتفخيخٍ وتقطيعٍ، وبامرةٍ مباشرة من "أمراء" القاعدة من جبال تورابورا إلى أهوار بلاد الرافدين، كما هو واضحٌ، وجليٌّ، للعامة من الناس، قبل خاصتهم، من أصحاب الشأن وأهل الإختصاص، من أمثال دكتورنا، القائم على شئون "مركز دراسات" "مرموق"، له إسمه وشأنه، وحسبه ونسبه، في المحافل العربية والدولية.
في مقالٍ آخرٍ له(وفي كردستان شفاء للعراق/ الراية القطرية، 29.07.07)، يرى د. سعدالدين أن "رجاء الشفاء" للعراق، يعبر من كردستانه(كردستان العراق). ودليله على أن طريق "العراق الشافي"، سيمرّ(أو يمكن له أن يمرّ) عبر كردستان "المنجزة"، هو ماضي الأكراد العريق وحاضرهم المنجز، أو "تاريخ الأكراد العريق، وإنجازاتهم المعاصرة"، حسب تعبيره.
والحال، كيف يمكن للعراق المرتجى هذا، أن يشفى، بالمرور عبر كردستانه، كما أراد له عالمنا الإجتماعي المصري، قبل أشهرٍ، في مضافة "كردستان الحرير"، أن يكون، وهو ذاته، الذي يرى في القتل القائم على قدمٍ وساق، لكل العراق الراهن، "مقاومةً شعبيةً وطنيةً"، أسوةً بالمقاومات الماضية، التي سجلت تاريخاً مشرقاً، من شعبٍ و وطنٍ، كالمقاومة الفيتنامية والجزائرية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي؟ هل "كردستان الحرير" شفت في هولير، عبر "المقاومة" التي يعوّل عليها د. سعد الدين، في بغداد وأخواتها، والتي يسميها، ب"الشعبية والوطنية"؟ كيف يمكن للعراق أن يشفى ب"كردستانه"، و"عالم اجتماعنا"، لا يرى في إرهاب "دولة العراق الإسلامية"، إلا "مقاومةً شعبيةً، وطنيةً، شرعيةً، شريفةً"؟ أين هو الوطن، وأين هي "المقاومة" و"الوطنية"، حسب توصيفات عالم اجتماعنا، في إرهاب شنكال، حيث ذهب ضحية إرهاب بلدتي كري عزير وسيبا شيخ خدري الشنكاليتين، الواقع بتاريخ 14.08.07، أكثر من 800 قتيل، بالإضافة إلى مئات الجرحى والمعوّقين، الذين لم يكن لهم حولٌ ولا قوة، لا في سياسة العراق الخارج/الإحتلال، ولا في سياسة العراق الداخل/المثلث الحاكم؟ أين هي "المقاومة الشعبية والوطنية" في إرهاب الكنائس ومسيحييها، والمعابد ومندائييها، والحسينيات وشيعتها، وبعض الجوامع(المناوئة) وسنتها، وإرهاب الموصل وبغداد والبصرة وكركوك وبعضٍ من هولير، وسائر أنحاء العراق؟ بغض النظر عن "نصر" أو "هزيمة" أمريكا(التي يعوّل د. سعدالدين عليها كثيراً، عاجلاً أو آجلاً)، راهناً أو مستقبلاً، ولكن أين "الوطن المشروع"، في الإرهاب الممارَس، يومياً، من قبل الجماعات القاعدية التفخيخية، التي تقتل الوطن والمواطنين سواءً بسواء؟ كيف يكون قتل الوطن، "مقاومةً وطنيةً"؟ كيف يكون قتل الشعب "مقاومةً شعبيةً"؟ كيف يكون قتل الدين، "جهاداًً" في سبيل الله؟ كيف لهكذا "مقاومةٍ" أن يمنحها "اليساري والقومي سابقاً، والعلماني والليبرالي لاحقاً"، "بطاقة حسن سلوكٍ وطنية"، وهي تسعى جاهدةً "مجاهدةً"، أكل ما استطاعت إليه سبيلاً، من العراق وأبنائه، الأبرياء من الإحتلال، ومن ما قبله، ومن مابعده؟ كيف تجتمع المقاومة الفيتنامية، و إرهاب دولة العراق الإسلامية، في سلةٍ واحدةٍ؟ كيف ل"بيضة" المقاومة أن تتساوى مع "بيضة" الإرهاب؟ كيف يكون سيد القتل أبو مصعب الزرقاوي وسيد الوطن هوشي مينه، من وجهة نظر د. سعدالدين ل"المقاومات الوطنية" و"خطوطها الوطنية"(الحمراء أو الخضراء، لا فرق) الممتدة من فيتنام إلى الحزائر مروراً ب"دولة العراق الإسلامية"، واحداً، و"لا فرق بينهما، إلا بالتقوى"؟
أسئلةٌ مفتوحةٌ على أكثر من مدىً، أتركها برسم د. سعدالدين إبراهيم أو "إبن خلدون المعاصر"(حسب وصفة البعض من الليبراليين الجدد)، وكذا برسم كل من يهمه أو لا يهمه الأمر.
#هوشنك_بروكا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أكراد الله وأكراد الشيطان
-
صناعة الأعداء عربياً
-
الأسد: هوية مقلوبة للجولان المقلوب
-
دولة الجبل والعبور التركي الصعب
-
بشار الأسد: -عنترة- في أنقرة
-
العراق الممكن و-العراقات- الواقعة
-
كردستان المطارَدة
-
الإيزيديون: نزلاء الذات اللامتفقة أبداً
-
الإنتيليجنسيا الزئبقية
-
كردستان في زمن الكوليرا
-
الأزهريون وخرافة -الوحي الثاني-
-
شنكال: الضحية المزدَوَجة
-
شنكال: أول الهولوكوست
-
جلالة الرئيس وأكراده المفترضون
-
لا تقلّدوا الديكتاتور
-
كردستان المُختتنة
-
حدود سلمان رشدي ولاحدود الإرهاب
-
هنا لندن: -القتل الشريف- مرةً أخرى
-
ثقافة الحَجب
-
الله أكثر من أن يكون ماضياً فحسب
المزيد.....
-
معالجات Qualcomm القادمة تحدث نقلة نوعية في عالم الحواسب
-
ألمانيا تصنع سفن استطلاع عسكرية من جيل جديد
-
المبادئ الغذائية الأساسية للمصابين بأمراض القلب والأوعية الد
...
-
-كلنا أموات بعد 72 دقيقة-.. ضابط متقاعد ينصح بايدن بعدم التر
...
-
نتنياهو يعطل اتفاقا مع حماس إرضاء لبن غفير وسموتريتش
-
التحقيقات بمقتل الحاخام بالإمارات تستبعد تورط إيران
-
كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|