أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نصر شمالي - الديمقراطية على الطريقة الأميركية !















المزيد.....

الديمقراطية على الطريقة الأميركية !


نصر شمالي

الحوار المتمدن-العدد: 647 - 2003 / 11 / 9 - 06:12
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


لعلها مصادفة، وقد لا تكون كذلك، أن الرئيس الأميركي ألقى خطابه "الخلاصي" العالمي عن الديمقراطية (6/11/2003) بعد حوالي ثلاثة أيام من إعلان المفوضية الأوروبية نتائج استطلاعها للرأي العام الأوروبي. وبينما قالت نتائج الاستطلاع النوعي التاريخي أن أكثر من 70% يعتبرون الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأميركية الأشدّ خطراً على السلم والاستقرار العالمي، قال الرئيس الأميركي أن إدارته (وضمنها الكيان الصهيوني) هي النموذج للحرية والديمقراطية، وأنها سوف ترغم العالم أجمع على الإقتداء بها كنموذج!
مرحلة عصيبة قوامها اللامنطق !
إن الاستطلاع الأوروبي النوعي، والخطاب الأميركي النوعي، يشيران بوضوح إلى أن البشرية تجتاز اليوم مرحلة عصيبة قوامها اللامنطق، إذ لا يعقل أبداً أن يصبح الأبيض أسوداً والأسود أبيضاً، والقاتل المجرم بطلاً منقذاً والضحية مجرماً! إن أولئك الذين ابيضّت الأرض بعظام ضحاياهم يتنطعون اليوم لمهمة حماية الأمن والاستقرار في العالم، ولإشاعة الحرية والعلاقات الديمقراطية بين البشر! إن الرذيلة تنهض لحماية الفضيلة، واللصوص يهبّون للدفاع عن القانون، والذئاب تتواثب لرعاية الحملان! إن القتلة الأشقياء يزعمون رسمياً أنهم وحدهم على حق، ويعلنون جهاراً نهاراً أن العالم عالمهم، يتصرفون به كما يشاؤون، وأنهم لن يسمحوا لأحد ولن يمكّنوا أحداً حتى من مجرّد التعليق والنقد! فهل ثمة شك، ونحن نرى هذا اللامعقول، في أن العالم يجتاز مرحلة انتقالية لا يمكن أن تكون إلا مؤقتة؟
لقد صار العالم اليوم مطبوعاً بصورة كالحة واحدة هي صورة الشرّ، ومصدوماً بصوت منكر واحد هو عواء الذئب، ولذلك فإنه لمن المؤكد أن ما يحدث لن يكون إلا مؤقتاً وعابراً، فصخب الأشقياء وضجيجهم لن ينجح في النيل من ذاكرة البشرية ومن توازنها، ومسار الحياة الطبيعية سرعان ما سيسترد مجراه الصحيح المنطقي، متغلباً على ما يتعثر به من شوائب وفضلات ونفايات. إن نهر الحياة الخالد سوف يندفع قريباً، مزيلاً من طريقه خلال لحظات تاريخية جميع المعوّقات الكريهة رائحة ومنظراً!
قولهم بالديمقراطية يعني: الديكتاتورية !
لقد جاء خطاب الرئيس الأميركي خلواً من أية إشارة إلى الاستطلاع الأوروبي، وهذا يعني أنه أعدّ قبله. أما الذين أعدّوا الخطاب فهم تلك العصابة الصهيونية ذاتها التي أعدّت خطابات الحرب ضدّ العراق وضدّ العرب والمسلمين. إنها تلك العصابة من المرابين مصاصي الدماء، التي لا يعني حديثها عن الديمقراطية على الطريقة الأميركية سوى إطلاق يد ديكتاتوريتها حرّة في جميع أنحاء العالم، تقتل من تشاء وتنهب ما تشاء، وإنه لتكرار لا لزوم له على الإطلاق أن نستعرض ما لا يحصى من الأمثلة عن رعاية الإدارة الأميركية ودعمها لأعتى الديكتاتوريات التي عرفها الإنسان على مدى قرن ونصف من الزمان! ثم إن الإدارة الأميركية نفسها ليست سوى ديكتاتورية، سواء في إدارتها للولايات المتحدة بالذات، حيث الحاكم هو حزب واحد يحمل اسمين يتناوبان السلطة إلى الأبد، أو في إدارتها للعالم بعد أن أصبحت ديكتاتورية عالمية!
لم يشر الخطاب الديمقراطي للرئيس الأميركي ولو مجرّد إشارة إلى هيئة الأمم المتحدة ودورها، ولا إلى شركاء أميركا في حلف شمال الأطلنطي ودورهم، ولا إلى رغبة ولو غامضة في الاستعداد للتشاور مع ممثلي الأمم الأخرى حول طبيعة هذه "الديمقراطية" التي يريدون فرضها على العالم أجمع! والأفظع من ذلك أن الرئيس الأميركي أشار إلى أن الولايات المتحدة حققت ديمقراطيتها بعد قرن ونصف من الصراعات والأهوال الداخلية ( أي بعد استكمال إبادة أصحاب البلاد الأصليين بالضبط) وهكذا فإنه يعد العالم بعقود طويلة قادمة من الحروب، حيث لن تصبح الأمم في مستوى اعتماد النظام الديمقراطي على الطريقة الأميركية إلا بعد فنائها! إن مصطلح "الديمقراطية" سوف يستخدم لممارسة أقسى أشكال الديكتاتورية، وأفظع عمليات الإبادة، من دون أن يكون هناك أي أمل في ارتقاء الأمم إلى مستوى الولايات المتحدة، اللهم إلا إذا كان الهنود الحمر قد ارتقوا إلى هذا المستوى!
القدر المتجلّي والجغرافيا الحيوية !
في الحقيقة، إنها لمضيعة للوقت والجهد أن ننكبّ على دراسة الخطاب الديمقراطي للرئيس الأميركي الذي هو مجرّد ذرّ للرماد في العيون. إن الانجلوسكسون الذين يحكمون الولايات المتحدة وبريطانيا، والذين يعتبرون أنفسهم يهوداً بالروح، يعتقدون أو يزعمون أن هذا العالم كله يتكون من مجاهل، وأن قدرهم الذي لا ينازعهم فيه أحد، باعتبارهم العنصر المتفوق الذي اختاره الله، هو تملّك ما يشاؤون من أرض وثروات، فذلك حقهم الطبيعي الذي كفله لهم إله الطبيعة والأمم! ومن أبرز مبّررات هذه العقيدة الوحشية ما يسمونه "نظرية الجغرافيا الحيوية" التي تقول بأن المكان الجغرافي للدولة المتفوقة كائن حيّ ينمو باستمرار، تماماً مثلما زعم النازيون الألمان! إن نظرية "القضاء والقدر الجغرافي" الأنجلوسكسونية تزعم أن يد القضاء هي التي ترسم الحدود الجغرافية للأمم، ولذلك فإن الولايات المتحدة، مثل "إسرائيل"، لا تعترف بحدود جغرافية لها، وليس في دستورها أية إشارة إلى ذلك، ومن هنا نفهم سبب عدم الإشارة إلى الكيان الصهيوني من قريب أو بعيد في خطاب الرئيس الأميركي، وتركيزه على أن الولايات المتحدة مصممة على "تملّك" المنطقة العربية انطلاقاً من العراق! إن تأكيده أن الولايات المتحدة سوف تمضي إلى النهاية بإشاعة "الديمقراطية" في المنطقة العربية يعني، بالضبط، أنها مصممة على المضيّ في عملية "تملّك" المنطقة العربية، وليس أي فعل آخر!
بتاريخ 27/10/1995، وقف الرئيس الأميركي كلينتون أمام أعضاء الكنيست الإسرائيلي، وخاطبهم قائلاً أنه كان قبل 13 عاماً في بعثة دينية اصطحبه كاهنه خلالها إلى الأراضي المقدسة (فلسطين) حيث عايش فيها تاريخ اليهود كما يرويه "الكتاب المقدس"! قال كلينتون أن كاهنه الذي رعى تربيته الروحية أوصاه يومئذ قائلاً:" إذا تخليت عن إسرائيل فإن الله سيغضب عليك"! وأن الكاهن كشف له الحجاب عن "إرادة الله" التي تقضي "بأن تكون إسرائيل لشعب إسرائيل إلى الأبد"! أضاف كلينتون أنه قطع لكاهنه عهداً وميثاقاً بقوله:"إن إرادة الله يجب أن تكون إرادتنا"!
إفلاس الحلم الأميركي وهوانه !
في خطاب ما قادم، سوف يتحدث الرئيس الأميركي الحالي، أو أحد خلفائه، من دون مواربة عن القدر المتجلي والتوسع الجغرافي اللانهائي برعاية إله الانجلوسكسون! فقد بدأ منذ عهد ريغان التحرر من التعبيرات السياسية المضللة، حيث لم يعد ممكناً استخدام تعبير "التحالف الاستراتيجي" كبديل عن "التحالف المقدس" بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، أو تعبير "القيم المشتركة" بدلاً عن "الإيمان المشترك"! وقريباً سوف يصبح من غير الممكن أيضاً استخدام تعبير "إشاعة العلاقات الديمقراطية" في العالم بديلاً عن "استباحة العالم"! لقد بدأ الرؤساء الأميركيون الكشف عن حقيقة بنية وعيهم التاريخي الذي شكلته الكنيسة البيوريتانية وأفكار العهد القديم، والكشف عن المعنى المكابي الاسرائيلي /الأميركي للسلام في فلسطين والعراق والعالم عموماً. وكما كتب الأستاذ منير العكش فإن أصدقاء الأميركيين وحلفاءهم من العرب أفلسوا وهانوا ولم يعد لديهم شيء يجعل الرؤساء الأميركيين مضطرين للنفاق، غير أن "الثورة الأميركية" العلمانية أفلست بدورها وهانت، ولم يعد لديها ما تقوله بصدد هذا الوحل الأصولي، الخرافي، الوحشي، الذي تغرق فيه دولتها الأميركية يوماً بعد يوم كلما أوغلت في شط العرب!



#نصر_شمالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهنود الحمر، والعرب، والإباديّون ؟
- نظام يحتضر ، ونظام يتخلّق !
- في الذكرى السادسة والثمانين ثورة أكتوبر وإمكانية تغيير العال ...
- ديمقراطية الغابة الاصطناعية الموحشة!
- ايحاءات الأوضاع الأممية الراهنة ؟
- الإجتياحات العسكرية عمليات تجارية !
- ما هي حقيقة مشروع مارشال ؟
- الأمة تتجاوز محنتها التاريخية


المزيد.....




- تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ ...
- بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق ...
- مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو ...
- ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم ...
- إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات ...
- هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية ...
- مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض ...
- ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار ...
- العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نصر شمالي - الديمقراطية على الطريقة الأميركية !