استطلاع الرأي
قام مركز حقوق الناس باستطلاع للرأي بالمغرب حول إشكالية الديموقراطية و المساواة. و قد اتضح من هذا الاستطلاع أن 88 في المائة من المستجوبين يتفقون على أن الديموقراطية شرط لحقوق الإنسان، في حين برز تردد 9 في المائة منهم و لم يتفق 4 في المائة منهم على ذلك. و هكذا يتضح أن الاتجاه العام السائد يظل لصالح ارتباط الديموقراطية بحقوق الإنسان، أي أن الديموقراطية غير ممكنة في ظل غياب حقوق الإنسان. كما أن حقوق الإنسان لا يمكن تكريسها فعلا و فعليا دون ديموقراطية.
فعلا لا يستطيع المواطنون الاستفادة من حقوقهم الأساسية دون التمتع فعلا و فعليا بحقهم في المشاركة السياسية و تقرير مصير مجتمعهم. و هكذا يتبين أن الديموقراطية بالمغرب تعتبر مطلبا حقوقيا قبل أن يكون مطلبا سياسيا.
و رغم أن الاتجاه العام هو ربط الديموقراطية بحقوق الإنسان، فناك رأي يعتقد أن الديموقراطية تعتبر ظاهرة مستوردة و دخيلة على المجتمع المغربي مثلها مثل حقوق الإنسان، باعتبار أن المرجعية الأصلية بالنسبة لهذا الرأي هي الشورى و هو نموذج بديل عن الديموقراطية.
و بجانب هذا الرأي، الذي يمثل أقلية، هناك كذلك نوع من التردد بالنسبة للبعض اعتبارا للمنافسة و التجاذب بين النموذج التقليدي و النموذج الديموقراطي الحداثي. و ربما هذا التردد سببه ضعف اندماج فئات عريضة من المواطنين في الاستحقاقات السياسية الأخيرة في ظل غياب تأصيل مفهوم الديموقراطية في الثقافة السياسية المحلية، علما بأن هذا الغياب ساهم و لازال يساهم في تقوية عدم الثقة في قدرة الديموقراطية – كما هي مطبقة بالمغرب – على تمكين المواطنين من حقوقهم الإنسانية.
و عموما ظل مطلب الديمقراطية متمركزا في الفئات الوسطى للمجتمع المغربي و الدوائر المثقفة. و يظل وجود و التردد حول هذه الإشكالية موضوعيا في المجتمع المغربي باعتبار أن فئات واسعة من الشعب المغربي لازالت تعيش وضعا انتقاليا في ثقافتها و وضعها الاجتماعي، لاسيما في قدرتها على التعبير عن رأيها، نظرا لأنها ظلت معزولة عن إنتاج الرأي و المشاركة الفعلية في الدفاع عن هذا الرأي.
و فيما يتعلق بعلاقة مفهوم المساواة بحقوق الإنسان، أكد 93 في المائة من المستجوبين على العلاقة الوثيقة بين المساواة و حقوق الإنسان. في حين أكد 5 في المائة منهم أن المساواة بمرجعية حقوق الإنسان بمضمونها العالمي تعتبر غير منسجمة مع البيئة الثقافية المحلية، لاسيما و أن مفهوم المساواة و حقوق الإنسان بالمغرب يجابهان الفرد مع مطالبه الاجتماعية الخاصة و تطلعاته لامتلاك فرص متكافئة للاندماج في المجتمع و وجود مكان تحت شمسه.