|
ّالمصداقية ...الموضوعية ...في الممارسة السياسية
ثائر سالم
الحوار المتمدن-العدد: 2094 - 2007 / 11 / 9 - 06:48
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
الحلقة 2
السلطة ..الوطن السلطة جهاز يعمل ضمن مشروع الدولة، لايحق له اضعافها او التجاوز على اسسها واطارها، مثلما الدولة اداة تنفيذ مشروع السلطة المرحلي ، والذي لا يمكنه الاستغناء عن الدولة وضرورتها في حياة وتقدم المجتمع. الدولة والسلطة، بنى متباينة الادوار ، لابد من مراعاة هذا التباين بينهما بدقة. للساطة مرجعية سياسية ، تتشكل ضمن الدولة وقوانينها المنظمة لعملية التداول فيها. لايحق لاي سلطة سياسية ، تغيير مرجعيتها بمرجعية ، غير سياسية، تفرض اجندتها على الدولة ، ولا تعكس ارادة الناس، او تحترم حقوقهم. الدولة والسلطة لا يمكنها ان تمثل الوطن ، الا اذا التزمت حقوق الناس، وحمت سيادة بلدهم، واحترمت وظيفتها العامة الاجتماعية والسيادية وفرضت ارادتها وقوانينها، على الجميع دون تمييز... الا اذا اعلت مكانة مواطنها وصانت حقوقه، وضمنت له الحياة الكريمة الآمنة.
لامجال لانتقائية تفرضها انتهازية، انتصارات سياسية لطرف على حساب اطراف اخرى ، لاسيما ، وهو الاخطر، حينما يكون الامر على حساب استقرار البلد ومستقبله السياسي. فالدولة ليست غنيمة المنتصرين، ولا يجب للسلطة ان تكون حقهم في استثمار هذا الانتصار. السلطة مسؤليتهم المفترضة والمنتظرة لتحقيق التوازن الاجتماعي وضمان العدل بين المواطنين. وبهذا فقط تتمايز او تتفاضل سلطة او دولة عن اخرى. لايحق لحقيقة الانتصار ان تنتصر على الحق والعدل ، اذا ماريد الاستقرار والتطور وضمان مكانة محترمة في التاريخ وفي عقول الناس وقلوبهم.
لا احد فوق القانون، ابتداءَ من راس الدولة واكبر مرجعية شعبية ، فردية حزبية او فئوية. المساواة امام القانون في الممارسة، هو هوية الدولة المحترمة والناجحة والتي تحجز مكانا لها في تاريخ الامة. والمساواة في اتخاذ القرار، اساس العدل والامن والاستقرار.
معارضوا السلطة ، مخالفوا واصحاب راي ، شركاء وطن ، في المسؤولية والحقوق. اختلافهم حق يكفله لهم مشاركتهم الاخر في الانتماء، ويضمنه قانون الدولة ومسؤلياتها. قوة السلطة او الدولة مستمدة من قوة وسعة الاسناد الشعبي لها، وليس من اسناد الخارج، لا يجب ان تقبل الاستقواء بالخارج على الداخل والشريك، او تقدم عليه خيارا تحت اي ظرف.
قوة الدولة وفاعلية وظائفها لايمكن خضوعه لارادة او اجتهاد او مصلحة طرف او قوة او كيان من كيانات المجتمع. الدولة كجهاز للجميع ، لايحق وليس من العدل ان يخضع لمصلحة طرف على حساب الاطراف الاخرى، او على حساب التوازن الاجتماعي المعبر عن ارادة ومصلحة الجميع. وتعرض طرف ما للظلم او الاضطهاد السياسي لايمنحه المبرر او الحق ، للمساس او الاضرار بدور الدولة الاجتماعي .
امر كهذا ليس امرا يتعلق باجتهاد سياسي او رؤية ايديولوجية ، قد تتفاوت في ظرورات الوظائف الاقتصادية للدولة ، ولكن لايمكنها الاختلاف عن دورها كهيئة حماية للتوازن والاستقرار ، ومظلة لبقاء الكيان السياسي ، المتشكل تاريخيا ، تعبيرا عن هذا التوازن . وتغيير هذا التوازن يجب ان يتم هو الاخر، بتوازن يكفل للجميع حقوقه بعيدا عن الموقع في السلطة ، في آن تاريخي ما. اما تغيير الكيان السياسي للمجتمعات ، فهوعمل استراتيجي الابعاد، لايحق لجيل او سلطة ان تقوم به دون مراعاة مصالح الاجيال القادمة. والسلطة السياسية القائمة ، لاتمتلك بمنظار تاريخي، حق التعبير عن ارادة المنتصرسياسيا الان، لتفرض غبنا ناريخيا على الاخرـ تتحمل اعبائه اجيال قادمة لاذنب لها، ولم تشارك في المظالم ااتي حصلت، الحقيقي منها والمفترض، والتي يجري استغلالها.
دين الدولة ...الدستور
لايجب ان يكون للدولة دين . فالدين بوصفه العلاقة الخاصة بين الخالق وعبده ، لايحق لاي طرف التدخل فيها . واذا كان اغلب الناس مسلمون ، فالمجتمع هو المسلم وليس الدولة . والدولة اذ يقع عليها واجب حماية معتقدات الناس الدينية وضمانها لهم، تتولى صيانة تلك الحقوق لمواطنيها المسلمين ، اسوة بمواطنيها الاخرين ، غير المسلمين . واي موقف آخر منحاز ، لهذا الدين او المذمب او العقيدة السياسية او المرجعية الحزبية او الفردية ، انما سينال من عدالة الدولة ومصداقيتها ، ومن قدرتها على تادية واجباتها العامة ازاء مواطنيها ، الامر الذي لابد وان ينعكس على استقرار البلد بشكل عام والنظام السياسي فيه.
ومن نفس المنطلق، وكون الدستور عمل ذا بعد واثر استراتيجي ، لا يجب ان يكتب بظروف الاضطراب، وعدم الاستقرار، وبعقلية انتهاز الفرصة ..برؤية اسيرة ، مصالح ورؤى ، قصيرة النظر، انانية ، اولوياتها تتناقض ، موضوعيا ، ومشروع الدولة الواحدة ، بغض النظر عن شكل هذا الكيان السياسي ، فيدرالي ام مركزي. ان الدستور الذي ينتظر منه ان يكون العقد الاجتماعي للشعب ، الضامن لحقوق الجميع ، المنطلق من قاعدة الحق والقاصد تحقيق العدل، لايجب ان يتضمن اية مواد ، تشير الى التمييز او التفضيل او الانحياز ، لهذ الطرف او ذاك ، اذا مااريد له ان يكون ، ميثاق التعاقد والتاخي الاجتماعي ، الذي يحمي ويضمن الحقوق للجميع، دون اي محاباة او تفضيل لعقيدة اوطرف. الدولة المركزية او الفيدرالية
لاعتراف بحق اي مجموعة بالانفصال ، هو موقف مبدئي ليس فيه اي منة او عرفان من احد . انما هو اقرار بحق. ولكنه حين يتم، بتفهم ومساعدة، واحترام حقيقي لحقوق الاخوة والعيش المشترك ، ستكون ابعاده وآثاره بعيدة المدى ، وتضمن التوازن في الحقوق واحقاقها، لا التصرف بمنطق الكسب القائم على انتهاز فرصة او الاستفادة من وضع طاريء. وهذا في الحقيقة اضراره لا ينظر اليها الزاوية الاخلاقية ، بالدرجة الاولى ، لاسيما اذا ما اختبئت ، خلف قناع الرؤية الميكافيلية ، ولكن ينتقد قبل كل شيء لكونه قصير النظر ، ولايخدم المصلحة المستقبلية للطرف الذي اختار الانفصال ، قبل مصلحة بقية شركائه (السابقين) في الوطن. حق اي مجموعة في الاستقلال والانفصال ، كفله القانون الدولي . لاسيما اذا كانت تعبيرا عن ارادة الاغلبية فيها حقا. ولكن لايحق لتلك المجموعة تحت اي ظرف ، ان تعطل او تعرقل، مشروع الاستقرار، في المجتمع والدولة، وان تخضعه ، لاجندات مشروعها، وعلى حساب حقوق ومصالح وحياة وامن واقتصاد شركائها ( على الاقل حتى الان) في الوطن. فموقف كهذا لا يقوم على اية مشروعية او حق . العزف على وتيرة ظلم مضى، وعهد لم يخلو من طائفية او تعصبا، قوميا او مذهبيا، لايجب ان يكون المبرر لان يدخل المجتمع دورة ظلم جديدة ، وباشكال لاتقل بشاعة ان لم تكن الا بشع والاقبح في بعض الاحيان ، مع تبادل مستمر لمواقع الفاعل والمفعول به. ورغم ان ضحاياه ،على الاغلب، من الابرياء والمدنيين ، واريد له ان يبدو صراعا طائفيا او بدا كذلك في ظروف ما، الا ان ذلك لم ينجح في اخفاء حقيقة ان جوهره ظل دوما ، صراعا سياسيا على السلطة. صراع تخوضه نخب سياسية هي ذاتها الطائفية او العنصرية، وليس جمهورها الذي تترابط مصالحه ، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.
بعيدا عن ثقافة ومنطق ، التخوين والاحكام العقائدية، والسياسية، التي سادت مناخ الفكر والممارسة السياسية ، في المجتمع ، فانها اليوم ، وبسبب من تعقيد المشهد ، باتت تضطر الى رؤية منطقة وسطى ، فيما بينها ، تتسع كل يوم، وتؤكد صعوبة البقاء ، في حدود الاحكام والرؤى التي انتجتها تجربة وظروف المجتمع السابقة. ولن تنفع كل مهارات الانتهازية والتضليل، بابراز عناصر التفرقة والهويات الضيقة ، التي لاتتناسب واحتياجات المجتمع العصري ومؤسسة الدولة، او اتنجتها ثقافة اللون الواحد ، التي سادت الممارسة السياسية في مجتمعاتنا. ثقافة انا ام انت لا انا وانت . والتي ترى في الاخر ، خصما مشكوك في نواياه ، متهم حتى يثبت برائته، وليس بريئا حتى يثبت ادانته. والتطورالكبير في مستوى المعرفة لمشكلات المجتمع ووسائل الكشف عنها، انعكس عميقا على ظروف الصراع السيلسي والحياة السياسية، وعلى مستقبل النظام السياسي ، والديموقراطية والحرية فيها. الا ان هذا التطورالسريع والعميق، في ميادين الحياة المختلفة ، رغم تاكيده التعدد في مسارات الشعوب وتطورها، الا انه لايمكنه ان يغير احكام التاريخ العامة ، التي تذكر الشعوب بمكائد ومصالح المستعمر، التي لايمكنها ان تتطابق ومصلحة البلد في الاستقرار والتنمية ، في الحرية والديموقراطية الحقة . وسيبقى الناس والتاريخ ، يحكم على الساسة والسياسات، والنظم والقيادات ، الافكار والايديولوجيات ، لاعلى نبل اهدافها ونواياها، وانما على ما تفعله والنتائج المتحققة عنها.
#ثائر_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
درس بالغ الدلالة
-
حول قانون تقسيم العراق
-
قراءة هادئة ..في مشروع تقسيم العراق
-
الوطن..صناعة تاريخ ام ارادة جماعة
-
قراءة هادئة في... قانون تقسيم العراق
-
الانسان والاوطان في سياسة الامريكان
-
المواطنة العراقية ..هوية محاصرة ام مهزومة
-
استحقاقات صداقة غير متكافئة
-
خلط اوراق ام تقاطع اجندات
-
كالمستجير من الرمضاء بالنار
-
الاحتلال الامريكي للعراق ...عواقب ومخاطر
-
وجاهة تبرير ...ةمعنى له
-
ضربة موجعة
-
مغامرة باهضة الثمن
-
قراءات الايديولوجية ام تحريف الايديولوجية
-
حينما تكون الهزيمة نصرا
-
العراق هوية وطن ام وطن بلا هوية
-
فشل الفوضى الخلاقة ام تقاطع الاجندات
-
المثقف والاختيار
-
قطار الديموقراطية
المزيد.....
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|