|
سوف لن يرميكم الشعب الفلسطيني بالخيانة جزافا
عماد صلاح الدين
الحوار المتمدن-العدد: 2093 - 2007 / 11 / 8 - 11:42
المحور:
القضية الفلسطينية
ربما ليس لأنكم في حينها ؛أي في وقت توقيعكم وقبولكم لاتفاقيات العار والتنازلات في أوسلو وطابا وواي ريفر التي لم تجلب للشعب الفلسطيني أي خير ، بل زادت في تكريس احتلاله وقتله واغتياله وتجويعه وحصاره ، ارتكبتم خطيئة كبرى بحق الشعب الفلسطيني وحقوقه وثوابته ومستقبله ، فلربما وجد في تلك الفترة من العقد الأخير من تسعينيات القرن الماضي من يبرر لكم تلك الحماقات الكبرى بحق الشعب والقضية تحت غطاء ومسمى الواقعية السياسية والظروف الدولية الراهنة والسائدة ، رغم أنها - في كل الأحوال والظروف- ليست مبررا لارتكاب خطيئة وجريمة تقديم التنازلات المجانية فيما تعلق بالحقوق والثوابت الأساسية للشعب الفلسطيني ، الذي لم تعيروه أي انتباه أو مجرد استشاره ،وانتم توقعون على اتفاقات شرعنة الاحتلال وتجريم الشعب اتفاقا وراءه اتفاق .
لكن أن تصل الأمور فوق درجة الحماقة ،وارتكاب الخطايا بحق الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية العادلة ، فهذا مما لا يطيقه أو يحتمله من كان في عقله وقلبه ذرة من قدرة تمييز وبقية من وطنية ، فضلا عن أن يقبل الشعب الفلسطيني بالصفح عنها كما صفح وتفهم في البداية تلك التنازلات التي قدمت مع مشروع مدريد، وما تمخض عنه من اتفاقات وعلى رأسها أوسلو . فالقيادة التالية للمرحلة "العرفاتية" تبين ومع تسلسل الأحداث والوقائع أن الأمر بالنسبة لها لا يتعلق على الإطلاق بمسألة الواقعية السياسية والظروف المحيطة، أو انكشاف النوايا الإسرائيلية والأمريكية الحقيقية تجاه ما يسمى بمشروع السلام كما حصل مع الراحل عرفات في كامب ديفيد الثانية 2000 ، أو من باب الاتعاظ والاحتياط والتوخي والحذر من حقيقة التجربة التفاوضية العبثية والفاشلة، ومن ثم تحكيم منطق مقولة " الذي يجرب المجرب عقله مخرب " .ولكن من شهادة واقع حالهم وتصرفاتهم على الأرض، تبين أن تلك القيادة السياسية والأمنية هي بالفعل متساوقة تمام التساوق ،وفي كل الظروف مع المشروع الأمريكي والصهيوني تجاه القضية الفلسطينية ،القائم على فكرة التصفية وليس الحل العادل المؤدي إلى سلام ،كما يصفه مروجوه من أعراب وأعاجم .
فالقيادة التفاوضية هذه المسيطرة فعليا على فتح ومنظمة التحرير ،هي من تلقفت خارطة الطريق الأمريكية والإسرائيلية بالقبول ، والتي لا تلبي الحد الأدنى من حقوق الفلسطينيين ،فضلا عن أنها مشروع لحرب أهلية داخلية ،من خلال البند الأول فيها ،والداعي إلى ما يسمى بمكافحة "الإرهاب" الفلسطيني . وهذا يعني أن قبولهم لخارطة الطريق إنما هو التفاف وتجاوز للتطلعات الشعبية الفلسطينية، التي من اجلها قامت الانتفاضة الثانية " انتفاضة الأقصى " ،وهي لاشك كانت خطة لمواجهة وإجهاض تلك الانتفاضة . وهذه القيادة التفاوضية هي نفسها من باركت دخول حركة حماس في العملية السياسية في مطلع 2006، ليكون هذا القبول، بإشراك حماس في النظام السياسي للسلطة، مدخلا لتبرير القبول بالطرح الأمريكي والإسرائيلي لدولة "الكانتونات" المعزولة والمجردة السيادة في كل اتجاه ، وهي القيادة نفسها بشقيها السياسي والأمني من رفضت نتائج العملية الديمقراطية في (يناير) كانون الثاني 2006 ،عندما جاءت النتائج مخالفة للتمنيات السابقة بوجود حماس بأقلية، لا تعطل مشاريع التسوية المنوي تنفيذها .
وهي القيادة التفاوضية الرسمية ،التي تساوقت مع الحصار الذي فرض على الشعب الفلسطيني اقتصاديا وسياسيا، بعيد فوز حماس بانتخابات المجلس التشريعي الماضية. وهي التي قبلت لنفسها الدخول في مشاريع فوضى أمنية ،كان نتيجتها القتل والجرح والدمار في قطاع غزة ،بإشراف المنسق الأمريكي "كيث دايتون" ، وكل ذلك من اجل إزاحة حماس ولو بالقوة، من اجل إتاحة الفرصة لرؤية الحل التصفوية الأمريكية والصهيونية للقضية الفلسطينية . ولعل خروجهم عن كل الاتفاقات والحوارات الفلسطينية الداخلية من وثيقة الوفاق الوطني إلى اتفاق مكة ومن قبل اتفاق القاهرة في (مارس) آذار 2005 ،لأكبر دليل على ذلك .
وهي القيادة التفاوضية التي جعلت المجرمين من أتباع تيار دايتون ،الذين أشاعوا في غزة القتل والإجرام والفساد والاتجار بالمخدرات والممنوعات الأخلاقية والوطنية، شهداء عظام بعد اضطرار حماس لعملية الحسم العسكري في 14( يونيو) حزيران من هذا العام . وهي نفسها من جرمت الذين وقفوا لتيار الخيانة هذا واتهمتهم بالانقلابين والظلمة والمجرمين، وغيرها من أقذع الصفات والتهم . وان دل هذا على شيء، فإنما يدل على انه لا فرق بين مستوى سياسي أو امني ، بالنسبة لأولئك الذين تساوقوا بالكلية، مع ما يطرحه الأمريكيون والإسرائيليون من حلول . ومن هنا يأتي تشبثهم العجيب بخيار غضن الزيتون ألسلامي الذي لن يسقط أبدا ،على حد قول الرئيس عباس ،في وقت سابق من هذه السنة، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة .
والقيادة التفاوضية اليوم، ترفض كل دعوة للحوار، واضعة الشروط التعجيزية غير المقبولة أخلاقيا ووطنيا . وهي في نفس الوقت تمعن في الذهاب بعيدا مع ما تقتضيه متطلبات المشروع الأمريكي والإسرائيلي تجاه الفلسطينيين، وتجاه عموم المنطقة برمتها ؛ فهي هنا في الضفة تلاحق المقاومة ،وتعمل على استئصالها ،وربما اجتثاثها نهائيا ،من خلال تدمير الحواضن الوطنية الاجتماعية والثقافية لها . وليس أدل على ذلك ،من الحملة الأمنية الشعواء ،ضد مئات من المؤسسات الأهلية والخيرية ،التي تتناوب عليها أجهزة رام الله الأمنية وأجهزة الاحتلال ، بالإضافة إلى التنسيق الأمني الظاهر جليا لابن الضفة الغربية ،في تبادل عملية ملاحقة ناشطي المقاومة وبالتحديد ناشطي حماس ، والذريعة هنا ضبط الأمن والنظام . ولا يدري المرء ما علاقة هذا بذاك؟
تعلن كونداليزا رايس ،في شهادتها أمام اللجنة السياسية في الكونغرس الأمريكي مؤخرا ،أن الغرض من لقاء انابوليس ،هو الحصول على مزيد من التنازلات الفلسطينية ،والتي ترجمت بالفعل من خلال الاتفاق السري المشبوه بين نائب الكنيست الإسرائيلي يوسي بيلين وياسر عبد ربه، والمسمى باتفاق جنيف 2 الذي تم التنازل فيه عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل . وهذا اعتراف صريح وفصيح من المفاوض الرسمي بيهودية دولة إسرائيل، وهو ما نقلته صحيفة معاريف الإسرائيلية بحسب تقرير الصحفي الإسرائيلي "أوري يبلونكا " . وتعلن في الوقت نفسه الحكومة الإسرائيلية أن لقاء انابوليس لن يتناول القضايا الجوهرية في الصراع ،ولن يكون هنالك جدول زمني ، وتؤكد على ذلك الإدارة الأمريكية ،بأنها لن تفرض أي شيء على إسرائيل . ومع ذلك كله، نجد هذا الإصرار الغريب العجيب من الرئيس عباس وطاقمه التفاوضي، بان انابوليس هو فرصة ثمينة لا ينبغي إضاعتها .
يأتي مؤتمر انابوليس كجزء من مجمل الحراك الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة، في إطار الاستعدادات الجارية دبلوماسيا وسياسيا لتوجيه ضربات عسكرية ضد المحور المقاوم والممانع للمشروع الأمريكي في المنطقة العربية الإسلامية، وهذا يشمل بطبيعة الحال غزة وحزب الله وسوريا وإيران ، هذا ما يؤكده العديد من البحاثة الاستراتيجيين . وليس معقولا ولا مقبولا عند الشهادة التاريخية مستقبلا أن توصف الأطراف التي تساوقت مع المخططات الأمريكية والإسرائيلية، بغير الوصف الحقيقي الذي تستحقه . فهلا أدرك المفاوض الفلسطيني في مقاطعة رام الله، خطورة وفداحة أمر الطريق الذي يصر على سلوكه حتى النهاية؟؟ .
#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غياب الاطار التمثيلي الديمقراطي للاجئين الفلسطينيين
-
برنامج الحد الادنى بين فتح وحماس
-
ماذا نفهم من ترحيل اللاجئين الفلسطينين الى البرازيل؟
-
الاسرى الفلسطينيون في بادرة - حسن النوايا الاسرائيلية-
-
الانتهاكات في الضفة الغربية مغيبة عن الرصد الحقوقي والاعلامي
-
ماذا يعني فشل مؤتمر الخريف فلسطينيا؟؟
-
سوابق خطيرة بحق - حق العودة -
-
مؤسسات حقوق الانسان و- التشاطر - على حماس!!
-
الضفة الغربية : في سجون السلطة معتقلون سياسيون مغيبون!!
-
حماس وحصاد انتخابات كانون ثاني 2006
-
فلسطين : لماذا تغلق الجمعيات الاهلية والخيرية؟؟
-
مشروع اجتثاث المقاومة
-
الجزيرة الغائبة عن ما يجري بالضفة الغربية
-
اللاجئون الفلسطينيون مستهدفون ولايتحركون
-
المفاوض الفلسطيني لايلتزم بالشرعية الدولية!!
-
في تفسير رفض الرئيس عباس للحوار مع حماس؟؟
-
استهداف غزة...قبل الخريف ام بعده؟؟
-
حين يصبح الوطن مجرد مقاولة!!!
-
حول ما جرى في جامعة النجاح بالضفة الغربية
-
حتمية الهجوم على غزة
المزيد.....
-
بوغدانوف يبحث مع وفد من حماس المستجدات في غزة ويؤكد أهمية ال
...
-
الجدل حول شراء غرينلاند لم ينته بعد.. ورئيسة وزراء الدنمارك
...
-
بيل غيتس وصورة -الملياردير المثالي-
-
ترامب يعلق رسومه الجمركية على المكسيك -شهرا-
-
الرياض.. برنامج أمل التطوعي لدعم سوريا
-
قطاع غزة.. منطقة منكوبة إنسانيا
-
الشرع لـ-تلفزيون سوريا-: النظام كانت لديه معلومات عن التحضير
...
-
مصراتة.. سفينة مساعدات ثانية إلى غزة
-
جنوب إفريقيا تعلن عن إجراءات محتملة ردا على قرار ترامب وقف ت
...
-
مصر تصدر خرائط جديدة لقناة السويس.. ما أهميتها وتفاصيلها؟
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|