أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عبدالجليل الكناني - الغرباء














المزيد.....

الغرباء


عبدالجليل الكناني

الحوار المتمدن-العدد: 2093 - 2007 / 11 / 8 - 11:42
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


لم أتوقع ذات يوم أن ألتقي بقريب لي في بلد الهجرة المباحة فالوصول صعب الى هناك ولطالما نسمع بأولئك المهربين الذين ينقلون الفارين من الموت أومن قسوة الحياة بمبالغ ثقيلة إلى احد تلك البلدان ولعل أشهرها السويد التي تعمل بمبدأ الإنسانية لتحتضن سعيدي الحظ ، أو لربما خائبي الرجا ، ولن يكون طريق الوصول سهلا انما محفوف بالمخاطر والعناء البالغين .وقد وصلت الى هناك لكنما بالطرق السهلة المشروعة رغم بعض الشعور بالمذلة جراء معاملة إخواننا الأقربين في مطار عمان . ولكون الوصول سهلا فالرجوع محتم .
من (كوبنهاكن) عاصمة الدانيمارك ، حيث إقامتنا المؤقتة ، استقليت القطار في رحلة أسهل من داخلية إلى (مالمو) جنوب السويد ، حتى أنني لم أُسأل من قبل شرطي أو أي مسؤول بل لم أر أحدا حتى من مفتشي القطارات وفي (مالمو) تجولت بحرية وبلا قلق أو خوف ، شعور لم آلفة منذ أواسط السبعينات بل هو شعور السبعينات حين كان الناس في وطني ، وما أعذب أن أقول وطني ، لا يجيدون أفضل من الابتسام ولا يتقنون أكثر من فن الطيبة وكان للسلام وقع السلام . نعم رأيت الناس هناك، بكل ألوانهم، عراقيي زمان ، أكثر مما نحن الآن ، ولكن الأرض ، رغم جمالها الفاتن ، لم تكن عراق .
آه يا عراق .....
في الموعد المحدد للقاء قريبي التقيته ، وبسيارته قمنا بجولة في (مالمو) ، يا الله ما أجملها !! الأبنية والشوارع ، حضارة حية وتأريخ تقرأه بأي اتجاه أدرت رأسك ، وما أروع الحدائق التي تتآلف فيها الطيور مع الإنسان وكلهم أصدقاء .
كان قريبي يفصّل حديثه حول كل شيء مما أمتعني ، كان ابن المدينة . إلاّ أنني لم أعرف ، أول الأمر ، لمَ أشعر غير ذلك ، هو يحاول أن يحدثني عن مدينته بفخر المتحضر أمام بربري قادم من أرض القراصنة ، وأنا أغبطه على ما هو عليه ، على النعم والأمان والجمال الذي يقحم روحك حين تتطلع إلى ما حولك من مزيج للرقي الإنساني وعذرية الطبيعة وتآلفها.
قال لي :- تصور رغم كل هذا فان كوخا خربا في العراق أحب إلي مما أحيى فيه .
لم أتعاطف معه في ما يقول شاعرا إنما ذلك نوع من المواساة أو الكذب ، أو ربما لحظة حنين إلى جد حنون مات منذ عشرات السنين .
- ولمَ لم تعد إلى العراق ؟
- الأولاد لن يستطيعوا الحياة هناك، هنا كل أمورهم ميسرة ، الدراسة وبالذات أساليب التربية والتعليم ، ووسائل الترفيه والراحة وما اعتادوا عليه من نظام و...
حتى هو قد اعتاد هذه الحياة ليس الأولاد فحسب ولن يستطيع العودة والعيش في ظل ظروف العراق القاسية . ولكنني ما زلت أشعر بان قريبي لا ينتمي إلى هذا البلد ، لست أنا مصدر ذلك الإلهام بل أن شعوري هو انعكاس لما يشعر به ، يكفي أن يقول نظامهم التعليمي ، بنوا هذه الأبنية ، مثلا ، في الخمسينات .. لا يسمحون بكذا .. قضوا بذا
يتحدث عنهم، لا عنّا . وحين تطلعت إلى رجل عجوز يسير بوهن وتؤدة تأملت كثيرا شموخ هذا الرجل وقلت من حقه أن يمضي شامخا فلابد انه شاهِد بناء هذه الحضارة وقد اعتلى ذات يوم أسوارها ليضع اللبنات بيديه .. وتذكرت والدي ومقاهي بغداد والدومينو , والطاولي وأم كلثوم والمتقاعدين الشباب ، ماذا فعل والدي ليتقاعد قبل الأربعين؟ وليصبح من أشهر لاعبي الدومينو التي يمتهنها مع أقرانه من الظهيرة حتى بعد منتصف الليل . ومن ثم يأتي صدام ويقتل احد أبنائه ويبدد حياة ومستقبل أبنائه الآخرين في الحروب والفاقة تحت ظل خوف طال أمده وما كاد أن ينتهي حتى خلف رعبا وتشردا وقهرا. وهنا في السويد يقيم الذين هربوا من بطش صدام ، ومن ثم ممن هم بعده ، ومن بعضهم البعض
نعم، رأيت العراقيين يخشون بعضهم، رغم أنهم لم يستغنوا عن بعض، فالخوف والشك طويلي الأمد تحولا إلى غريزة.
ليس قريبي وحدة من تمنى كوخا خربا في العراق ، بل صديقة وآخرون حتى أيقنت أن في الأمر جد لا ادعاء ، فرغم الرفاهية ، ثمة الإباء الذي يصارع الاستسلام , ولكن أسلحة الاستسلام قوية متنوعة تمتد نصولها من العراق لتنغرز في خاصرة كل عراقيي المهجر، فلا حسد لما ينعمون به طالما أنهم يأكلون من حضارة وجهد ألآخرين وطالما أن غالبهم يزور مكاتب العمل ليوهم مضيفيه أنه جاد في البحث عن وضيفة ومن ثم يكون حلال عليه الإعانة الشهرية . ويا لعذاب عزيز قوم ذل.
وحين انظر إلى الحالة من كل زواياها أرى تعقيداتها إلا أن رأس العقدة بيد من امسك زمام السلطة التي قدستها أصوات العراقيين حين وضعوا ثقتهم وكرامتهم ومصيرهم بيد قادتهم ليحملوهم مسؤولية أثقل من أن تحملها الجبال ، مسؤولية الكرامة العراقية ، كرامة العراق وأبنائه



#عبدالجليل_الكناني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخيانة ... خيانة الذات
- القصيدة تتشظى في فضاء الروح
- بين دواب القاع وبين مروج السطح
- سلام يا وطن
- الملاذ الأخير
- العودة الى الحياة
- قصة من الواقع - من قتل الجايجي ؟؟
- قصة من الواقع
- رائحة القتل زكية
- عاد ومازال الابن ضالا
- قصة قصيرة
- ستة أيام خارج الزمن
- الديمودكتاتورية - الدكتاتورية الشعبية


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عبدالجليل الكناني - الغرباء