أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعدون محسن ضمد - عشائر السادة الرؤساء














المزيد.....

عشائر السادة الرؤساء


سعدون محسن ضمد

الحوار المتمدن-العدد: 2094 - 2007 / 11 / 9 - 06:21
المحور: المجتمع المدني
    


هناك علاقة بين استقلال الفرد عن الجماعة الحاضنة له (العشيرة/ العائلة) وبين تحضر المجتمع وسيره باتجاه الحياة المدنية. هذا ما أكد عليه علماء الاجتماع، وأكدته التجربة الإنسانية أيضاً.
فكلما ترسخت الحياة المدنية بمجتمع ما، زاد استقلال الفرد فيه من جهة، واضمحلت سلطة جماعته (العرقية أو الدينية) عليه من جهة أخرى. قد تكون القرابة آلية ضرورية بالنسبة لمجتمعات ما قبل الدولة باعتبار انها تسد حاجة الأفراد للمؤسسات الحامية لهم والراعية لحقوقهم. لكن مع توفر المؤسسات التي تسد هذه الحاجات في المدينة لا يعود للقرابة مكان. لكن هناك مشكلة تعاني منها مدن العراق عامّة، إذ أنها فشلت في (تمدين) سكانها، ما جعل المجتمع العراقي يرجع القهقرى باتجاه سنوات التخلف.
كثيراً ما تستخدم درجة انتماء الفرد لجماعته وذوبان استقلاله داخل سلطتها كمقياس لمعرفة مستوى التحضر الذي يتمتع به مجتمع ما. وهناك الكثير من الرواسب الاجتماعية التي تتسرب من حياة الريف إلى حياة المدينة. هذه الرواسب يمكن استخدامها كدلائل تكشف عن رسوخ الميل القرابي لدى الأفراد وإحساسهم بالولاء للجماعة العرقية أو الطائفية. ما يعني ضعف البناء المدني في المجتمع. ومن هذه الرواسب ظاهرة التسمي باسم العشيرة (المالكي، الجعفري، الدليمي، الهاشمي، البارازاني... الخ). فاستخدام اسم العشيرة ظاهرة متسربة إلى الحياة المدنية من الحياة الريفية أو الصحراوية السابقة. وكلما كان انتشار هذه الظاهرة أكثر، زادت دلالتها على ترسخ النسق القرابي وتأثيره على الحياة الاجتماعية. ولو اننا أحصينا أسماء شاغلي وظائف الدولة لفوجئنا بكثرة العشائر التي تتقافز علينا من هنا وهناك. والسؤال المحرج لنا ـ باعتبارنا أصحاب مدنية عريقة ـ هو: إلى ماذا يشير إصرار العراقيين على الإشارة لأسماء عشائرهم؟
عندما يقع مجتمعنا فريسة أزمة تمييز عرقية أو دينية. يصبح من المخجل أن لا يلتفت أفراد المجتمع وقادته لضرورة الترفع عن الارتماء بأحضان عشائرهم أو طوائفهم. ويصبح من المدهش أن شاغلي أعلى وظائف الدولة والمسؤولين بصورة مباشرة عن الوقوف بوجه التمييز، يصرون على الإشارة لجذورهم العرقية أو الدينية أية محنة تكرسها غفلة بهذا الحجم؟ وأي وحل كريه تغمس المجتمع فيه. فارتباط أسماء شاغلي المناصب العليا في الدولة بأسماء عشائر محددة، يشجع على استخدام معيار القرابة على معيار الكفاءة في إشغال الوظائف، ويؤدي أيضاً لنشوء استحقاقات خاصَّة بأبناء هذه العشائر دوناً عن غيرهم.
الملفت للنظر في هذا السياق أن الانتساب للعشيرة لا يمكن له أن يكون أمراً حقيقياً. فكيف يمكن لنا أن نتأكد من انتسابنا لجد تفصلنا عنه أكثر من ألف سنة (مثلاً)؟ هل يمكن لوعي يعيش الألفية الثالثة أن يصدق بمثل هذه الكذبة؟ تتأكد هذه النكتة عندما يرتبط النسب بمكاسب مالية أو اجتماعية، كما هو الحال بالنسبة لأنساب السادة (الأشراف) فهذا النسب يرتبط باستحقاقات، وهذه الاستحقاقات تتضمن أبعاداً دينية/ شرعية، ومن المؤكد أن هذه الاستحقاقات ترتكز (شرعياً) على صحة النسب، لكن ما الذي يمكن أن يؤكد مثل هذه الصحة؟
قبل أيام سمعت أن هنالك ضرورات صحية أو قانونية تحتم على بعض الآباء إجراء فحوصات الـ(دي أن أي) لغرض التأكد من صحة انتساب أولادهم لهم! بمعنى أن النسب المباشر لا يمكن التأكد منه إلا عبر الـ(دي أن أي) فما بالنا لا نشعر بأية حاجة للتأكد من أنساب مضت عليها آلاف السنين؟ لا بل اننا نتقاضى الأجور بسببها وحتى نتقاتل من أجلها. ألا يعني هذا بأن منظومة المعايير التي نعتمد عليها بقياس الأشياء أسطورية بشكل مخجل؟.



#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوهام (الكائن البشري)
- الروزخون
- الكتابة عن الموت.. بكاء المقبرة الموحش
- وطن بلا اسيجة.. تفكيك مفهوم الوطن وتشريح عمقه الدلالي
- الثقافة العار
- حاجات الجسد أطهر من حاجات الروح
- قلق الأديان... العودة بالدين لمربع الحاجات البشرية
- الكتابة عن الموت... الموت يركب خيوله
- الكتابة عن الموت.. الحنين إلى الرحم الأول والملاذ الأخير
- الكتابة عن الموت... تداعيات ما قبل الشروع بالنهاية
- تفاحة آدم.. نبش العمق الانثروبولوجي للتميز والاقصاء (2-2)
- تفاحة آدم.. نبش العمق الانثروبولوجي للتمييز والاقصاء (1-2)
- عقلية المواجهة... قراءة في كتاب (امبراطورية العقل الأميركي) ...
- قرية العراق.. الحاجة للانثروبولوجيا السياسية
- العائد مع الذات
- مرض الزعامة
- سرد الشياطين
- العودة إلى القرية
- الواقع الافتراضي.. الانترنت بوابة العالم الخيالي الجديد
- محكمة الاطفال


المزيد.....




- الرئيس الإسرائيلي: إصدار الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق ...
- فلسطين تعلق على إصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ...
- أول تعليق من جالانت على قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار ...
- فلسطين ترحب بقرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقا ...
- الرئيس الكولومبي: قرار الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو منطق ...
- الأمم المتحدة تعلق على مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة ا ...
- نشرة خاصة.. أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت من الجنائية الد ...
- ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ ...
- أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال ...
- الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعدون محسن ضمد - عشائر السادة الرؤساء