أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - مازن كم الماز - الله و السلطة...















المزيد.....

الله و السلطة...


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 2091 - 2007 / 11 / 6 - 11:54
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


تقول كل الأديان بمركزية الله في هذا الوجود , هذه نقطة ثابتة من دون شك..نعرف أن صفات هذا الإله عكست إلى حد كبير التطور في النظرة للوجود الإنساني تحديدا , بعد النظرة الأرثوذكسية الصارمة - الكاثوليكية مثلا كان هناك الإصلاح الديني و وحدة الوجود وصولا إلى نيتشه و ماركس و فرويد , كانت محاولة لما يشبه تحويل هذه السيطرة الإلهية الكونية من ملكية مطلقة إلى ملكية دستورية إن شئتم قبل أن يقوم البعض بمحاولات جدية لتحويل الكون إلى جمهورية يتمتع رعاياها بالسلطة الفعلية..إن صورة الإله في الحقيقة تعكس تصورا مضاعفا , من جهة للكون الفيزيائي و من جهة أخرى للعالم الإنساني , الاجتماعي و السياسي و الاقتصادي..لست بعد قادرا على تحديد أوجه الشبه بين محاولة المعتزلة لعقلنة الفهم السائد للنص الإسلامي و بين حركة الإصلاح الديني البروتستانتية لبرجزة المسيحية لكن من الثابت أن صورة الإله تغيرت جذريا على يد الاثنين , لقد جهزت حركة الإصلاح الوعي الأوروبي للثورات القادمة فيما لا يمكننا ببساطة معرفة ما إذا كان قمع المحاولة المعتزلية كان إجهاضا لتطور مشابه..يقوم مفهوم الألوهية عند المعتزلة على العدل و التوحيد , هذا يعني أن الله خير و عدل محض و بالتالي لا بد هنا من نسبة الشر و الظلم لطرف آخر كان هو الإنسان كالعادة و لكن من خلال مخرج واحد لا مفر منه و هو تقرير الحرية الإنسانية , أنا أزعم هنا أن هذا يكاد يتطابق مع الموقف الذي اتخذه لوثر و كالفن و القساوسة المتبرجزين في قيامهم ببرجزة الكنيسة و معها الرب و بالنتيجة إطلاق الحرية للبرجوازية من أسر الكنيسة و حليفها الأرستقراطي..طبعا كان للأشاعرة رأي آخر , فالله عندهم هو الفاعل الحقيقي لكل شيء , كان تحريم الشر و الظلم على الله و ما يعنيه ذلك من تحديد سلطته المطلقة جريمة لا تقارن مع نسبة الظلم و الشر إلى الله..لم يتنازل الأشاعرة أبدا عن إله قادر على نحو مطلق لا يحد سلطته أي شيء , لكنهم كانوا فقط الفاتحة لما سيأتي..فيما بعد سنجد من يصور لنا إلها يتصف بالقسوة و الرحمة ( طبعا حسب معايير أو مقاييس تتناسب مع الكلام عن قضايا مطلقة أي أنها قسوة و بالمقابل رحمة استثنائية ) , و حاول هؤلاء فيما بعد أن يعتبروا هذا الجمع بين النقائض "ميزة" إلهية مقتصرة على الإله و اعتبروا ذلك دلالة وضعوها هم ( كواضعين لهذه الصورة عن الإله ) على استثنائية الإله..إلى جانب الرحمة و القسوة كان هناك العدل و الظلم , كان هذا الجمع الغريب بين النقائض ضروريا لرسم صورة إله يثير الرعب , يقيم سلطته الفعلية على التهديد بأقصى العقوبات و في نفس الوقت الوعد بحالة استثنائية من السعادة البشرية التي لا سبيل إليها إلا عبر الطاعة العمياء لهذا الإله..كانت صفة المكر مثلا صفة أساسية عند إله هؤلاء ( فأي موجود يحتاج لمقارعة الآخرين كأساس لسلطته لا بد أن يمتاز بهذه الصفة بل يحتم عليه ذلك أن يكون أكثر الموجودات مكرا ) فيما كانت صفة كهذه لتثير سخط المعتزلة الذين يرون فيها تشويها ما بعده تشويه للإله العادل و الخير أساسا..إنه تماما كالسلطة التي تعتبر نفسها حامية للأخلاق و القانون و الحق , السلطة مانحة الثواب و منزلة العقاب و التي لأنها المرجعية الوحيدة لفرض هذه القوانين و لتنفيذها فهي كهذا الإله تماما تتمتع بحصانة من هذه القوانين نفسها دون أن يكون لأي كان الحق في مناقشة سلوكها هذا حتى لو انتهكت هذه القوانين ناهيك عن محاولة فرض هذه القوانين عليها..إنها كالإله تماما قوة مطلقة لا يمكنك إلزامها بشيء بل الاستسلام لمشيئتها فقط , الاستسلام فقط لا غير..سيصر هؤلاء على أن الغرض الوحيد للوجود الإنساني هو تنفيذ مشيئة هذه القوة الكونية و سيعتبرون أي انحراف عن هذا الهدف شركا يستحق أشد العقوبات , تماما كمواطنين "صالحين" في دولة يسوسها ديكتاتور..لكن الأمر لم يتوقف عند لوثر و لا عند المعتزلة , ظهرت فيما بعد تيارات قلبت الطاولة على كل هذه التراتبية الكونية و السياسية و قامت بكل بساطة بإلغائها مستحقة اللعن بالطبع من أتباع الإله المطلق و حتى من المعتزلة أتباع الإله الأكثر عقلانية..ما قاله القائلون بوحدة الوجود باختصار أننا في الحقيقة مخلوقات صدرنا عن هذا العالم عن الطبيعة و في نفس الوقت مندمجون في الوجود بعمق , طبعا هم استمروا في تسمية هذه الطبيعة أو العالم الخالق بالإله لكن كما يمكنك أن ترى هذا أكثر من مختلف عن قولك بأن قوة مطلقة القوة غير محدودة مستقلة عنا قامت بخلقنا..في حالة العالم الذي أوجدنا يمكنك أن تشعر بالتوحد مع هذا العالم مع هذه الطبيعة التي أوجدتنا , هذا "الإله" الذي لا يمثل عدوا لنا بكل تأكيد بل بكل بساطة نشكل نحن جزءا منه..أما تلك القوة المطلقة السلطة و التي تقوم سلطتها على التهديد بأقصى العقوبة و بالوعد بالسعادة في المقابل في حالة الاستسلام التام , إله الجحيم و الجنة فهو مختلف , إنه قوة تستطيع أن تعتصرك في أية لحظة و يجب كما يصر أصحاب هذه النظرة ألا يأمن مكرها حتى أكثر الأتباع إخلاصا و استسلاما , رغم أنه من الضروري جدا في نفس الوقت أن يبدو إلها رحيما ليستتبع موقفا إيجابيا من المؤمنين..في لحظة تالية قام ماركس و نيتشه و فرويد فقط بإثبات أن هذا الإله غير ضروري أو ربما غير موجود لأننا نستطيع اليوم أن نكون منفردين في مركز الكون و ذهب الفوضويون أبعد من ذلك ليؤكدوا أننا كبشر نستطيع العيش بدون سلطة عليا "توجهنا و تعاقبنا على أخطائنا كبشر"..قد يقول لنا البعض أن هذا الإله مع ذلك يعاقب على ما يعتبره كل البشر شرا و بالتالي فهو في المحصلة يشكل انتصارا للأخلاق و إن بالحديد و النار , عدا عن أن الكثيرين يرون ضرورة هذا الحديد و النار لسلامة و خير بني آدم و يحاولون أن يستشهدوا بما يعتبرونه فشلا للإنسان بعدما خرج من ملكوت الله..هذه أيضا نقطة يتساوى فيها الله بالسلطة المطلقة , كلاهما يدعيان أنهما يعملان لخير الإنسان و أنهما يستخدمان أقصى الإجراءات ضد الإنسان لحفظه من نفسه و من شروره التي لا بد من كبتها و قمعها على طول الخط..لكن هذا الإله تماما كالسلطة المطلقة يعتبر أساس الثواب و العقاب هو أولا و قبل كل شيء الإخلاص له , فهذه هي بالنسبة لأية قوة مطلقة لا تقبل التنازل عن أية جزء من سلطتها قيمة القيم..هذا الإله كأية سلطة مطلقة يعاقب أشد العقوبة على إنكار عبوديته أو ما يسمى بالشرك و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء , هذه كما السلطة المطلقة دلالة على الفردانية في مرجعية الحق و العقاب و الثواب..مثلا رغم أن القتل منذ فجر التاريخ البشري الواعي يعد أكبر الكبائر لكن الإله تماما كما السلطة المطلقة طالما غضت الطرف عن أكبر الجرائم في التاريخ إذا ما تمت ضد خصومها..يكفي أن نذكر الدفاع المستميت الذي لقيه شخص كالحجاج أو يزيد بن معاوية و الجماعة التي كانت حول الخليفة عثمان عبر العصور من المؤسسة الدينية فيما لا يجد شخص كالجعد بن درهم الذي ذبح كالنعاج لأنه أنكر أن الله قد كلم موسى حتى من ينكر على الحاكم فعلته و لم تنجح دماؤه حتى من أن تتسبب و لو بشيء من تأنيب الضمير عند هؤلاء..هكذا يجري تقسيم الجرائم و تفصيل العقوبات بالنسبة لأي قوة مطلقة و يفقد الكثيرون حتى أي مبرر للرأفة لمجرد الطعن في إخلاصهم لها..لكن بعيدا عن جميع هؤلاء و كما أحب دوما أن أفسد متعة من يعتقد أن هذا العالم يقتصر على الإله و جنته و جحيمه و زبانيته على هذه الأرض أي السلطة المطلقة ( أية سلطة مطلقة كما أوضحنا و حتى لو لم تكن دينية ما هي إلا صورة أرضية للإله , تجسد أرضي أو بشري للمطلق الكوني ) , أريد أن أذكركم بمجموعة من الموجودات التي كانت لا تتمتع بأية قيمة في معظم العصور خارج إطار الثواب و العقاب و هم البشر , الناس..كان لهؤلاء الناس أيضا رغم هذا الدور الهامشي الذي أجبروا على لعبه عبر العصور رأيهم هم أيضا , هؤلاء الناس كان لهم دوما رؤيتهم للأمور التي لم تنتظر آراء الفقهاء لتعاقب شخصا كالحجاج لدرجة دفعت الحجاج نفسه في وصيته للقول :" اللهم اغفر لي فإن الناس يزعمون أنك لا تفعل" ( البداية و النهاية , 9 138 ) ..بعيدا عن الآلهة التي عبدتها و خدمتها بتفان فإن إله الفقراء لن يغفر لك يا حجاج..






#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تغيير في سبيل الناس لا النخبة...
- عن حرية الرأي....
- رسالة إلى لينين
- عن موقف اليسار السوري من الديمقراطية
- رسالة إلى لينين من بيتر كروبوتكين
- السيد الدردري !...
- بين الإنسان المحكوم و الحاكم...
- ماركس و الدولة – الجزء الأول
- ماركس و الدولة – الجزء الثاني
- كتابات باكونين : الفصل التاسع - الإله أو العمال : المعسكران
- لماذا لم تحدث الثورة في سوريا بعد ؟...
- في مديح القادة التاريخيين...
- من الأب إلى الابن إلى أين ؟...
- في سبيل خطاب سياسي مختلف !!
- الأناركية* و التنظيم رسالة إلى اليسار
- الحرية التي نريد...
- الإنسان و الإله...
- 11 أيلول : هيروشيما أمريكي
- على طريق الحرية
- نظرة في صراع القوى و أزمة النهوض


المزيد.....




- النهج الديمقراطي العمالي يدين الهجوم على النضالات العمالية و ...
- الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب تدين التصعيد ا ...
- -الحلم الجورجي-: حوالي 30% من المتظاهرين جنسياتهم أجنبية
- تايمز: رقم قياسي للمهاجرين إلى بريطانيا منذ تولي حزب العمال ...
- المغرب يحذر من تكرار حوادث التسمم والوفاة من تعاطي -كحول الف ...
- أردوغان: سنتخذ خطوات لمنع حزب العمال من استغلال تطورات سوريا ...
- لم تستثن -سمك الفقراء-.. موجة غلاء غير مسبوقة لأسعار الأسماك ...
- بيرني ساندرز: إسرائيل -ترتكب جرائم حرب وتطهير عرقي في غزة-
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال ... دفاعا عن الجدل --(ملحق) دف ...
- اليمين المتطرف يثبت وجوده في الانتخابات الرومانية


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - مازن كم الماز - الله و السلطة...