|
مؤتمر شيكاغو خطوة صحيحة على الطريق
محمد منير مجاهد
الحوار المتمدن-العدد: 2091 - 2007 / 11 / 6 - 03:30
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا أتحمس كثيرا لاستخدام تعبير "أقباط المهجر" فالحقيقة أنه يوجد مصريون في المهجر وهؤلاء المصرين سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين هم امتداد للمصريين في مصر بكل مميزاتهم وعيوبهم وبكل تنوعهم الثقافي والسياسي والاجتماعي و.... الخ، والوجود في الخارج له ميزة الرؤية الكلية وبالتالي لا يتوه كثيرا في التفاصيل، رغم مخاطر فقدان الاتصال بالواقع. ومن الطبيعي أن يوجد من ضمن المصريين الذين اختاروا الهجرة الدائمة أو المؤقتة من ينشغل بتزايد تأثير الوهابيين في مصر سواء في المظهر أو في المخبر وما يستتبع هذا من تزايد مظاهر التمييز الديني في مصر، ومن الطبيعي أيضا أن يكون أكثر هؤلاء من المسيحيين المصريين لأنهم وأهلهم في مصر يتعرضون يوميا لمناخ هستيري ضد المسيحيين المصريين يحض على كراهيتهم وازدراء معتقداتهم الدينية بواسطة التيارات السلفية على اختلافها وبتغاضي أو تشجيع من الدولة عبر خطب الجوامع والكاسيت الديني والإعلام الرسمي والمؤسسات التعليمية، إضافة لمظاهر التمييز الديني الأخرى سواء من خلال التمييز في بناء دور العبادة أو في فرص التوظف وتدخل الدولة من خلال نظام محاصصة طائفية غير معلن للحد من وجود المسيحيين في الوظائف الكبرى والمناصب السياسية والأجهزة الحساسة (الشرطة – القوات المسلحة – المخابرات العامة - ...الخ). ومن الطبيعي أيضا أن تتباين مواقف وآراء هؤلاء الناشطين في الخارج كما تتباين مواقف وآراء الناشطين في الداخل من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار فمنهم أقلية تعادي الإسلام والمسلمين وتروج لمقولة أن المسلمين هم أحفاد الغزاة والمستعمرين العرب، ولكن أغلبهم يطرح حل مشاكل الأقباط والأقليات الدينية في إطار المساواة بين جميع المواطنين المصريين في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في آليات ووسائل تحقيق هذا الهدف، فبعضهم يؤمن بالحوار مع النظام، وبعضهم يري أن الأقباط كالمسلمين يعانون من غياب ثقافة التعدد وأن الحل في حرية شاملة للجميع، وآخرون يعتقدون أن الحل في إحراج النظام أمام المجتمع الدولي، وبعضهم يري الأمل في التعاون مع المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني في الداخل لتحريك المطالب القبطية والبعض الآخر يري النضال في تفعيل حقوق المواطنة المنصوص عليها في الدستور. وقد تابعت وغيري من المهتمين بمناهضة التمييز الديني المؤتمر القبطي العالمي الذي عقد بمدينة شيكاغو يومي 20 و21 أكتوبر 2007 والذي حمل عنوان القضية القبطية - معالجة جديدة.. الواقع والآليات، وهو المؤتمر الذي استضافه ورعاه (التجمع القبطي في أمريكا)، وضم نخبة من نشطاء الأقباط في الولايات المتحدة ومن الهيئات والمنظمات القبطية في استراليا وفرنسا وسويسرا وكندا وإنجلترا وعددا من المحامين الأقباط من الوطن الأم، مصر. كما تابعت وغيري الهجوم المنسق على مؤتمر شيكاغو الذي شنته الصحف الحكومية وحزب شباب مصر الكرتوني مع ثلة من الأحزاب الكرتونية في مدينة السنبلاوين بالدقهلية، واتهامها لـ "أقباط الهجر" جميعا وبلا استثناء، بأنهم عملاء تحركهم أجندة الموساد والـ سي.أي إيه، ويأتمرون بتعليمات من أعداء الأمة قبل أن يبدأ المؤتمر، وقد طالعتنا جريدة الأهرام بتاريخ 27 أكتوبر – أي بعد نحو أسبوع من انتهاء المؤتمر – بخبر تقول فيه "انتقد عدد كبير من قيادات ومفكري الأقباط وخبراء حقوق الإنسان التوصيات التي طرحها مؤتمر الأقباط بالمهجر الذي عقد بولاية شيكاغو بالولايات المتحدة الأسبوع الماضي"، دون أن تعنى بالطبع بتوضيح من هم هؤلاء القيادات والمفكرين والخبراء. فما هي التوصيات مؤتمر شيكاغو؟ وإلى من تتوجه؟ تتوجه هذه التوصيات إلى أربعة جهات هي: الدولة، والأقباط، والقوى المستنيرة ومؤسسات المجتمع المدني، والمسلمين. بالنسبة للدولة يطلب المؤتمر تفعيل مواد الدستور التي تؤكد حق جميع المواطنين في مواطنة غير منقوصة، وكفالة الدولة لحرية العقيدة، وحرية ممارسة الشعائر الدينية، و تنقية الأنظمة الإعلامية، والمؤسسة التعليمية مما يحض على عدم احترام غير المسلمين من المواطنين، وتعيين الأفراد من الأقليات في المناصب الحكومية العليا، وأجهزة الأمن والمخابرات العامة وتأمين قبول وتعيين من يملك منهم المؤهلات المناسبة لشغل جميع الوظائف، وتأكيد الهوية "المصرية" والتعبير عن ذلك بإلغاء خانة الديانة من بطاقة الهوية، وتدريس التاريخ القبطي – كمرحلة من مراحل التاريخ المصري- بالمدارس، والجامعات. والالتزام بالعهود الدولية ومواثيق حقوق الإنسان التي تدين جميع ممارسات الاضطهاد الديني أو العرقي، وسن قانون يعاقب ممارسات الاضطهاد الديني أو العرقي في مجالات التوظيف والإسكان والإعلام وغيرها، وتأمين الحماية الأمنية الكاملة للأقليات، ومعاملتهم بكل احترام، والمساواة في عقاب عادل رادع لكل المخالفين والممارسين لأعمال العنف، وأخيرا مساعدة الأقليات – وعلى الأخص الأقباط- في الحصول على تمثيل برلماني مناسب، من خلال ما يسمى بالتمييز الإيجابي. أما بالنسبة للأقباط فيدعوهم المؤتمر إلى توحيد الصف، والتعبير عن مطالبهم المنشودة بأنفسهم، ونزولهم إلى ميادين المشاركة السياسية، وممارسة الحقوق الدستورية المكفولة لهم، والعمل على تنمية الموارد المالية المساندة للحركة القبطية، بغية تأسيس مراكز للأبحاث والدراسات القبطية، وكذا المراكز الخاصة بالرصد والتسجيل الوثائقي للأحداث والوقائع المختلفة، والبدء في تأسيس نواة بث مرئي معني بالشأن القبطي. ويدعو المؤتمر جميع القوى المستنيرة ومؤسسات المجتمع المدني إلى تبني المطالب المذكورة أعلاه، ومطالبة الدولة بتنفيذها، وتعزيز قيم الاحترام المتبادل بين المسيحيين والأغلبية المسلمة في مصر، كما يدعو المسلمين عامة إلى الوعي بأن هويتنا المصرية هي الهوية الأصيلة والباقية والمستمرة، ويحذر معاً أسماه فيروسات هويات غريبة اقتحمت بالفعل أجواء الوطن، ومن أن "لعبة" إلهائنا بقضايا اختلافنا يشجع الظلم على التمادي ويعطل قوى التصدي له، ويستنزفها فيما لصالحه. لست أجد في أي من هذه التوصيات خيانة أو عمالة أو استقواء بالخارج كما قالت صحف الحكومة والأحزاب الكرتونية، بل أجدها في معظمها مطالب مشروعة تستحق المؤازرة والدعم، بل أجد مؤتمر شيكاغو خطوة جادة على الطريق لتفعيل النضال المسيحي-الإسلامي للتخلص من الطائفية والتمييز الديني في مصر، وأتمنى أن يعقد المؤتمر القادم هنا في مصر بمشاركة كل القوى المعنية بمناهضة التمييز الديني ودون استثناء، فالحقيقة أنه ليس غريبا أن تعقد مؤتمرات لمصريين في الخارج يناقشون فيها قضايا الوطن، ولكن الغريب حقا ألا تعقد مثل هذه المؤتمرات في مصر. ولعل الأحزاب السياسية الحقيقية ومؤسسات المجتمع المدني تسعى إلى عقد مؤتمر موسع في مصر لمناقشة قضايا المسيحيين المصريين وغيرهم من غير المسلمين، يشارك فيه جميع النشطاء المصريين المعنيين بهذه القضايا سواء من داخل مصر أو خارجها.
#محمد_منير_مجاهد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحلقة النقاشية مصريون في وطن واحد: التمييز الديني وكيف نقاو
...
-
ندوة تخيلية عن القوانين والإجراءات الطائفية: شهادة غير المسل
...
-
في ضيافة أبونا إبراهيم
-
عن حرية الاعتقاد أتحدث
-
مصريون ضد التمييز الديني وليسوا ضد الإجماع الوطني
-
بل سنقاوم التمييز وندافع عن الإسلام
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
-
أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال
...
-
كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة
...
-
قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ
...
-
قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان
...
-
قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر
...
-
قائد الثورة الاسلامية: شهدنا العون الالهي في القضايا التي تب
...
-
قائد الثورة الاسلامية: تتضائل قوة الاعداء امام قوتنا مع وجود
...
-
قائد الثورة الإسلامية: الثورة الاسلامية جاءت لتعيد الثقة الى
...
-
قائد الثورة الاسلامية: العدو لم ولن ينتصر في غزة ولبنان وما
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|