أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نايف حواتمة - هذا الشعب الذي علمنا معاً كيف نحب …















المزيد.....

هذا الشعب الذي علمنا معاً كيف نحب …


نايف حواتمة

الحوار المتمدن-العدد: 643 - 2003 / 11 / 5 - 05:16
المحور: القضية الفلسطينية
    


 كثيرٌ من الوفود السياسية التي تزور مواقعنا في الميدان، في الضفة وقطاع غزة، في الأردن ولبنان، وفي سوريا، نقترح عليها زيارات ميدانية للمخيمات الفلسطينية. أصبحنا لكثرة ما سمعنا منهم خبراء بردود الأفعال، ما أن يدخل الزائرون إلى مخيم مثل جرمانا أو دنون في سوريا، شاتيلا أو مار الياس في بيروت، الوحدات أو البقعة في الأردن، رفح أو جباليا في غزة، بلاطة أو جنين في الضفة، حتى تنبت في عيونهم الأسئلة الحيرى، وتعتريهم الدهشة. نقرأ في عيونهم قولاً بات مألوفاً لدينا: هل يعقل تصور أن شهداء وحملة أقدس قضية خرجوا من بيوت الصفيح البالية هذه ؟ ترى هل ساروا من هذه الأزقة التي لا تتسع لمرور توابيت شهدائهم في رحلتهم نحو فضاء الحرية، كي يمسحوا عن وجه الإنسانية فظائع العنصرية الصهيونية وصنيعتها "إسرائيل" الاحتلالية. لكن سرعان ما تتلاشى دهشة الزائرين وكثيراً ما يكسرون جدران الوقت المحدد لزيارتهم، ويبحرون في نقاشات سياسية غنية ودافئة وحارة مع ثلاثة أجيال تجمعها عذابات المنفى وعناد العودة إلى الوطن بالنضال ومعمودته الدم الطهور، ما تلبث أن تعود الأسئلة الحيرى إلى عيونهم، إذ تحضر ألسنة الصغار غزة ونابلس وجنين وبيت لحم إلى حلبة الحوار، تسقط حدود الجغرافيا المصطنعة، وهي التي لم تقف يوماً أمامهم. حرموا من السكن في وطنهم لكن الوطن يسكنهم، بريق عيونهم يفتح أمام الزائر الحائر، أفقاً لا تُعرف له نهاية، وبحاراً لن يُعرف لها قرار، إشارة طفل إلى جدار من جدران المخيم تكفي لتبديد سحب الحيرة مرة أخرى، تنطق صور الشهداء التي تزين صدر الجدار: ذلك الحلم الفلسطيني الذي ينبت كل صباح على شبابيك المخيم كما الندى، حبل سري يربط أشبال الفلسطينيين بنضالات وتضحيات الآباء، ويوصلها إلى الجيل الذي سيأتي.
يسألك مناضل عريق كيف يمكن لطفل بمثل عمر فارس عودة أن يقف في وجه دبابة ؟!! الإجابة بسيطة: لأنه ابن المخيم الفلسطيني، كلمات لها عند السائل سحر القبول. لماذا يقتل محمد الدرّة بدم بارد ؟!! وقد عجز صدر والده عن حمايته. فرد الوالد جناحيه كما طائر النورس يدافع عن محمد، لم تخطأ رصاصة قناص المحتل الإرهابي الهدف، كانت تعرف ما تريد، أرادت بخطف روح الصغير أن تقتل روح التواصل بين الأجيال الفلسطينية، جيل محمد الدرّة وفارس عودة هو الجيل الذي سيعود ليسكن أرض كنعان ويعمرها، بداية نهوض طائر الفينيق الفلسطيني فأل سوء على غربان الاحتلال، فهو إيذان بقرب رحيلها. هكذا تسقط مرة واحدة أكذوبة القتلة الصهاينة، ففلسطين ليست أرضاً بلا شعب، والشعب الذي نبت منها وتنزرع أجياله فيها عميقاً منذ فجر التاريخ يستحق هذه الأرض، التي لا يمكن تصور وجودها دون وجوده عليها. الخوف من محمد الدرّة والعائد فارس عودة أحفاد كنعان الفلسطيني سبب كافٍ للقتل عند الإرهابي شارون.
 معظم عجائز الحركة الصهيونية بدأوا حياتهم روّاد غزاة مستعمرين، زودتهم تكنولوجيا الغرب بكل ما تفتقت عنه أدمغة العاملين في مصانع أسلحة الموت، قتلوا ما قتلوا من أبناء شعبنا، واغتصبوا ما اغتصبوا من أرضنا، لكنهم على أبواب خريف عمرهم، جرّاء دموية دولة الحروب الاحتلالية وما يقابلها من صمود فلسطيني يصطدمون بجدران اللا جدوى، يصرخون: أنهر الدماء الفلسطينية التي سفكت لم تعطنا الأمن الذي بقينا ننشده، يحذرون قادة كيانهم من عظيم ابتلاء القاتل "الإسرائيلي" الصهيوني ونهايته الدامية، وقد بدأت في الأفق تلوح شارات انتصار الدم الفلسطيني على سيف الاحتلال.
 لماذا يخاف القاتل من القتيل ؟ لماذا يخاف الصهيوني على مصير دولته الاحتلالية المدججة بكل آخر مبتكرات أسلحة القتل الفتاكة ؟ لماذا لا ينحني الفلسطينيون رغم المذابح والموت والدمار الذي تلحقه بهم قوات الاحتلال ؟ لماذا يتحدثون عن فجر فلسطيني قادم ؟ إنها تلك القوة لتي لا يمتلكها سوى صاحب الحق، وهو الذي لم يكن في يوم من الأيام ملكاً للصهاينة.
 من حق أي قارئ كريم أن يتساءل لماذا يكتب نايف حواتمه مقالاً جرعه الوجدانيات فيه أكثر بكثير من جرعة السياسة، أكتبه لأنني من المؤمنين بأن سياسة لا يسكن مكوناتها وجدان الشعب، هي سياسة ستموت غريبة عن واقع الفعل، وأثرها الوحيد الذي سيبقى في ذاكرة الشعب الجمعية سقوط راسميها ودعاتها.
 يكتب أحدهم: "أصبحت بعض تنظيمات منظمة التحرير الفلسطينية الأساسية مجرد معلق على الأحداث، وقد نأت بنفسها بعيداً عن العملية السياسية الجارية مكررة نفس أخطائها من المسيرة الأوسلوية"، مع افتراض حسن النوايا لا يمكن تصنيف هذا القول وأحكامه الجائرة إلا في خانة الحماقات التي تخرج رأسها خارج التاريخ وقد فشلت في إخراج التاريخ من رأسها، أهل الكلام لم يسمعوا بانتفاضة الشعب بكل أجياله والمقاومة دفاعاً عن تراب الوطن وتمسكاً بحق العودة، فبالأمس القريب انهارت المسيرة الأوسلوية، وها هي مسيرة "خارطة الطريق"  تصبح بلا طريق. فالإسرائيليون لا يعرفون سوى طريق الضغط من أجل انتزاع مزيد من التنازلات الفلسطينية، ومن سرقوا قرار شعبنا الثابت الوحيد في سياستهم الهروب من الضغوط الأمريكية والإسرائيلية والإقليمية بمزيد من التنازلات ليصلوا إلى مرحلة عري ليس في جعبتهم شيء يقدمونه.
 يا أهل أوسلو إذا ضاقت بكم الصدور والتبست عليكم الأمور، وتاهت بكم السبل والدروب. عودوا ولو بزيارة إلى مخيمات شعبكم، ففي الأزقة مئات ألوف فارس عودة، ومحمد الدرّة. في عيونهم ينبت اليقين كما العوسج على تلال الجليل ونابلس والخليل. صور الشهداء على جدران المخيم تمسح عن القلوب دنس الخطايا.
 طفل في أحد أزقة جرمانا يركض صوبي مصافحاً بيده ورافعاً يده الأخرى بإشارة النصر صائحاً فلسطين كزغرودة. تمنيت لو تتكرر على مسامعي ملايين المرات. أنا لم أعد أذكر أسمك يا صغيري، لكنك تبقى في ذاكرتي فارساً من فرسان جيل الاستقلال الفلسطيني، أنت صورة مصغرة عن الحبل السري الذي أمن تواصل أجيال شعبنا في مسيرة النضال، أنت من ضمير الشعب الذي علمنا كيف ومَن نحب.
 ما ضلّ مناضل التزم جانب الحق في شعبه، وبريق الكاميرات لن تضع أحداً في دائرة الحدث وصناعة التاريخ، مستقبل فلسطين يقررها أبناء مخيمات ومدن وقرى وبلدات فلسطين. قلوبهم أبقى، وخاسر من يرتضي لنفسه الانزلاق في وحل السياسات العبثية، سياسة التنازلات أو المغامرات، سياسة النزعات الفئوية الأنانية، حيث التنازل وضياع الحقوق. حجارة الأرض تبقى والزبد إلى زوال، مع وصول الصهيونية الاحتلالية إلى موسم الخريف يتجدد الربيع الفلسطيني، ينهض الشهداء، وليل عذابات الروح مهما طال فآخره نهار، قد أزف موعد شروق شمس استقلال فلسطين.



#نايف_حواتمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الذكرى (86) لوعد بلفور الصهيونية صنيعه الانحطاط الأخلاقي ...
- أنى للداء أن يكون دواء أوسلو – جنيف مرة أخرى بعيون -إسرائيلي ...
- مقابلة مع نايف حواتمه
- الذكرى (33) لرحيل جمال عبد الناصر
- عشر سنوات على أوسلو تغييب أسس الحل المتوازن، والمرجعيات أسقط ...
- عشر سنوات على أوسلو تغييب أسس الحل المتوازن، والمرجعيات أسقط ...
- الانتفاضة الفلسطينية رافعة وطنية كبرى
- طاولة مستديرة وحكومة وحدة وطنية
- خارطة الطريق من خطة للتنفيذ إلى ورقة للتفاوض زيارة عباس شارو ...
- بمناسبة ثورة 23 يوليو 1952 حواتمه في حوار حول التجربة الناصر ...
- أيها - الإسرائيلي - المحتل قف … وفكر
- وجود -إسرائيل - حق تاريخي أم أمر واقع
- في البدء كانت فلسطين وستبقى فلسطين التضامن مع اليهود -الإسرا ...
- حواتمه يجيب على أسئلة دنيا الوطن
- مقابلة نايف حواتمه
- مقابلة مع نايف حواتمه
- تهافت خطاب - صراع الحضارات -و - صراع الأديان - الصراحة عن ال ...
- حوار اللحظة الراهنة مع نايف حواتمة
- الكلمة التي وجهها الرفيق نايف حواتمة الأمين العام للجبهة الد ...
- حواتمه وقضايا المرحلة في حوار استراتيجي


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نايف حواتمة - هذا الشعب الذي علمنا معاً كيف نحب …