أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - من تصدقون؟















المزيد.....

من تصدقون؟


أوري أفنيري

الحوار المتمدن-العدد: 642 - 2003 / 11 / 4 - 03:18
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


      "من تصدقون؟" هذا ما سأله اللواء يعقوب عاميدرور في التلفزيون بغضب محتقن، "هل تصدقون الناطق بلسان جيش الدفاع الإسرائيلي أو تصدقون حماس؟".

     اللواء (احتياط) عاميدرور هو الضابط العنصري- المتدين الأكثر تطرفا في الجيش الإسرائيلي. فقد أثار في الماضي ضجة جماهيرية بسبب أقواله المغرضة بغير المتدينين في إسرائيل. إنه ذا عقل متقد، أكثر بكثير مما هو معهود في قيادة الجيش الإسرائيلي، ويخدم هذا العقل المتقد أكثر ما يخدم تطرفه- تطرف عنصري وتطرف ديني على حد سواء.

     كان من شأن الإجابة على سؤاله أن تكون إجابة مفروغ منها- بينما يقف على إحدى كفتي الميزان الجيش الإسرائيلي، وهو "الجيش الأكثر أخلاقية والأكثر إنسانية في العالم"، وفق تعريفه هو، وفي الكفة الثانية تقف مجموعة من القتلة الوحشيين، فما هو السؤال إذن؟

     ولكن، وبمقتضى شهادة عاميدرور نفسه، ما يحدث هو العكس. يصدق العالم حماس ولا يصدق الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي. ويبدو أن الجمهور أيضا يصدق حماس. والأنكى من ذلك، أن الوزراء وأعضاء الكنيست هم أيضا يصدقون حماس، ولا يصدقون الناطق بلسان الجيش.

     إن أزمة الثقة هذه قد بدت واضحة بسبب سلسلة الأحداث التي حدثت في الأسبوع الماضي في قطاع غزة. فالفلسطينيون يدعون بأن الجيش الإسرائيلي قد هاجم بالصواريخ من الجو سيارة كان يستقلها اثنان من أفراد حماس. وبينما تجمهر سكان المنطقة بجانب السيارة المحطمة لتقديم المساعدة للمصابين، هوجموا بصاروخ آخر، أودى بحياة عدد من المواطنين، ومن بينهم طبيب هرع إلى المكان لتقديم الإسعاف الأولي، كما وجرح عشرات المواطنين ومن بينهم نساء وأطفال.

     "كذب وبهتان!" كان رد الفعل الغاضب الذي أدلى به الناطق بلسان الجيش. جيش الدفاع لم يطلق أي صاروخ آخر! لم يصب المواطنين! لا أساس من الصحة لذلك! إنه كذب فلسطيني سافر!

     وهكذا نشأت روايتان، لا يمكن التقريب بينهما. فإما أن يكون كذا أو أن يكون كذا. أحد الطرفين يكذب بوقاحة. ولكن من ذا الذي يكذب؟

     تستند الرواية الفلسطينية إلى صور القتلى ومراسم التشييع، وإلى الجرحى المتوجهين إلى المستشفيات، وإلى شهادات الأطباء والصحفيين والمحليين والأجانب أيضا. تستند رواية الجيش الإسرائيلي إلى آلية خدام الجيش الضخمة في وسائل الإعلام. كل المراسلين للشؤون العربية تقريبا، يفصحون عن الادعاء الرسمي كرجال آليين، وكأن هذا الادعاء هو نتيجة لتحقيقات أجروها بأنفسهم.

     وقد شجب الأمر في هذه المرة ابرز هؤلاء وعلى رأسهم المراسل العسكري لصحيفة "هآرتس" زئيف شيف وقائد سلاح الجو اللواء دان حالوتس، الغارق من رأسه حتى أخمص قدميه في فضيحة الطيارين المتمردين، وقد اتخذ إجراء لا سابق له ونشر في كافة معسكرات سلاح الجو أمر يقضي بإنكار الادعاء الفلسطيني.

     لتدعيم ذلك، نشر سلاح الجو، متأخرا بيوم واحد، فيلما تم تصويره في الوقت الحقيقي (أو ليس في الوقت الحقيقي) من قبل طائرة صغيرة بدون طيار. يبدو فيه الصاروخان اللذان أطلقا على السيارة المشبوهة، في حين لم يكن هناك أي مواطن على مقربة منها. وقد قاس المراسلون العسكريون الأمناء الوقت بساعات توقيت ووجدوا بأنه قد مرت كذا وكذا ثواني بين إطلاق الصاروخ الأول وإطلاق الصاروخ الثاني.

     إنه لغز مبهم حقا. فيلم وثائقي أمام أعين الصحفيين. ماذا كان سيقول شارلوك هولمز عن ذلك؟

     إذن، ربما قام أحد المروجين الفلسطينيين النبهاء "بفبركة" الموضوع كله. فالمواطنون قد انتحروا أو أطلق أحدهم النار على الآخر، والعشرات الآخرين جرحوا أنفسهم، وكل ذلك لاتهام أكثر الجيوش إنسانية بقصة بشعة. (وفق نفس المنطق، فقد قتل والد محمد الدره ابنه - في بداية الانتفاضة الحالية -  للتشكيك بجنودنا الشجعان والأتقياء).

   هناك إمكانية أخرى وهي أنه لم يتم إطلاق صاروخين فقط بل ثلاثة – الاثنان اللذان ظهرا في الفيلم وثالث تم إطلاقه بعد ذلك. لذلك هناك حاجة لمشاهدة الفيلم بأكمله وليس فقط مقطعا منه. وربما يكون هناك حادثين مختلفين.

     لو كانت في إسرائيل وسائل إعلام مستقلة، وليست ذراعا لأجهزة الأمن، لكانت دزينة من الصحفيين الإسرائيليين ستقصد في ذلك اليوم غزة، وتقابل عشرات الجرحى في المستشفيات، ويقارنون بين الشهادات، ويزورون بيوت القتلى ويأخذون شهادات من شهود عيان، ومن ثم مقارنة الشهادات بادعاءات الجيش الإسرائيلي. إلا أنه فيما عدا عميرا هيس، ومراسل فلسطيني في القناة الثانية، لم يحدث ذلك. هذا النوع من التحقيق المستقل قد اختفى منذ فترة طويلة في وسائل الإعلام لدينا، وربما لم يكن قائما أبدا، فيما عدا صفحات "هعولام هزيه".

     يظل سؤال اللواء عميدرور المفروغ منه قائما، من نصدق؟

     الوزير أبراهام بوراز (شينوي) وعضو الكنيست زهافا غالئون (ميرتس) فضلا، على ما يبدو، الرواية الفلسطينية وقد تصرفا بموجب ذلك. كذلك الأمر بالنسبة لمجموعة من الأشخاص الآخرين، الذين أثاروا غضب الجيش الإسرائيلي.

     حتى ولو صدقنا الرواية الرسمية بحذافيرها، كان علينا طرح سؤال آخر، يتصدر كافة الأسئلة الأخرى: لماذا يصدق الكثير من الناس، في العالم وفي البلاد، الفلسطينيين بالذات؟ بكلمات أخرى، لماذا يصدق القليل من الناس، في العالم وفي البلاد، الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي؟

    في أوقات مضت، كان الجميع يؤمن لما يقوله الناطق بلسان الجيش دون تفكير ولا اعتراض. في الخمسينيات كان يتوجه إلي صحفيون أجانب ويسألونني فيما يتعلق بإعلانات الجيش. هل نصدقهم؟ كانت إجابتي دائما: نعم. الجيش الإسرائيلي لا يكذب.

 



#أوري_أفنيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدرع البشري
- خيانة كامب ديفيد
- بطل الحرب والسلام
- ثورة الضباط
- من سينقذ أبا مازن؟
- صوت لأسيادهم
- نحن الوطنيون
- افضل مسرحية في المدينة
- هم يُقتلون
- الآباء يأكلون الحصرم
- زيارة عرفات؟ عجبا
- الجدار السيئ
- لا تحسدوا أبا مازن
- يقرعون الباب في منتصف الليل
- بعد انقضاء الليل
- تصورات أخرى حول الحرب - أين الخطأ؟
- الأرز المُر - التصورات حول الحرب
- هجم الذئب؟
- أين الورقة إذن؟
- لا عليكم، كلوا الشوكولاطة


المزيد.....




- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - من تصدقون؟