أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - سامي مراد - التعليم التقليدي يقتل التربية الديموقراطية















المزيد.....

التعليم التقليدي يقتل التربية الديموقراطية


سامي مراد

الحوار المتمدن-العدد: 2084 - 2007 / 10 / 30 - 10:31
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


التعليم التقليدي أسلوب في التعلم متخلف ومنفر لأنه يقبع داخل إطار محدد لا يستطيع الإنفلات من عقاله و تكمن داخله صورة غير محببة لدى النشء والجيل الحالي ، فهو يعكس المفاهيم التي أكل عليها الدهر وشرب كمفهوم الإستنساخ والتلقين والعقاب البدني والنفسي ومقولة ( العصا لمن عصا ) التي ترمز إلى إرهاب المتعلم والمتعلمة وسوقه وسوقها رغما عنهما إلى مكان غير محبب لهما لا يريان فيه إلا مجموعات من المعارف لا رابط بينها غير حفظها غيبا ثم تقديم الإمتحانات بها وهما كارهان لها لأنهما سيحاسبان حسابا عسيرا عليها، يتلقفاهما وكأنها كرابيج تسلخ جلدهما ، دائما يتساءلان عن مدى الفائدة التي يجنيانهما من العملية التعليمية فلا يتلقيان جوابا مقنعا على سؤالهما هذا .
المتعلم والمتعلمه لا يقرران بنفسهما ماذا يريدان أن يتعلما بل يخضعان إلى سياسة تعليمية قاهره لا تخدم إلا ذوي الشأن في إذلال واستعباد المواطن والمواطنة ، فرجال الدولة والطبقة الحاكمة يوظفون المناهج التعليمية لخدمتهم وإطالة مدة حكمهم دون إزعاج جماهيري لهم عن طريق منعهم قدر المستطاع من التفكير من أجل التغيير، لذا يبعدونهم ويبعدونهن عن التفكير المنطقي العقلا ني الذي يقوم على النقد الموضوعي البناءوالتحليل والاستنتاج والربط وعلاقة السبب بالمسبب أو علاقة النتيجة بالسبب. فهذا كله يساهم في عملية التغيير الاجتماعي التي تنظر إليه السلطتين القاهرتين للمجتمع السياسية والدينية نظرة الغضب والرفض والاستنكار فلا تسمحان بنقد المفاهيم الاجتماعية السائدة والظواهر الاجتماعية السلبية أو محاولة تغيير المفاهيم والمعتقدات القاصرة عن تفسير ظواهر العصر الذي نعيشه أو البحث عن الحقيقة ، وعدم السماح للمعلمين والمعلمات بالتأثير الايجابي على الأجيال الصاعدة باستخدام التربية الديموقراطية .
إن التعليم الكلاسيكي التقليدي في مدارسنا العربية لا يلبي احتياجات المتعلمين والمتعلمات ولا يخلق منهم ومنهن شخصيات مستقلة معتمدة على أنفسهم وأنفسهن ، أو التشجيع على الخصوصية أوالطموحات والدوافع والأمنيات الخاصة بهم وبهن. ولا يهتم صدقا وحقيقة بالجوانب العقلية والوجدانية والاجتماعية والثقافية والسلوكية، ولا الحث والمساعدة على مهارات البحث العلمي والحصول على التعلم والمعرفة من تلقاء الذات، ولا على مهارات الاتصال والتواصل أو التخاطب والتفاوض للتمكين من إقامة العلاقات الاجتماعية المتزنة وتكوين الصداقات المبنية على الاحترام المتبادل والأخذ والعطاء، واكتساب القيم الإنسانية النبيلة كالصدق والأمانة والإخلاص والعمل الجاد وعدم النفاق ، ولا على خلق محبة الآخر المختلف فكرا أو دينا أو لونا أو جنسا أو عرقا ، أوالقيام بالمسؤولية والتعاون مع الآخرين أو التطلع إلى العدل والحرية والمساواة .
التعليم الحالي لا يعزز ثقة المتعلمين بأنفسهم والمتعلمات بأنفسهن ولا يساعد على تكوين شخصيات مستقلة مفكرة ومبدعة.
التعليم لا يساهم في خلق بيئات ديموقراطية يحترم فيها المعلم الطالب كما يحترم فيها الطالب المعلم وتحترم المعلمة الطالبة كاحترام الطالبة المعلمة ، عوضا عن ذلك يساهم في عملية الطاعة العمياء والإذلال عن طريق الامتحانات الروتينية والأوامر السلطوية التعسفية وعدم السماح بالأسئلة الحرة أو التساؤل أو حرية التعبير أو نقد قيم العيب والحرام.
التعليم شكل تقليدي ديكتاتوري لا ديموقراطي من أشكال الحصول على المعرفة يحث على التلقين والحفظ غيبا والإستظهار والترديد والتكرار ، فلا إسهام حقيقي فيه لصاحبا الشأن وهما المتعلم والمتعلمة مم يؤدي إلى الاستنساخ بدل الإبداع والإستهلاك بدل الإنتاج ، ولا يشجع على تعزيزالثقة بالنفس بل يكرس الخوف من سياط المجتمع التي تحول دون تعامله مع ما هو جديد مبتكر فتخلق شخصيات غير مبدعة وغير قادرة على إنتاج المعرفة .
التربية الديموقراطية الحديثة تشجع على التحليل والربط والاستنتاج والإقناع عن طريق الحوار والمحاورة العقلانية واحترام الرأي والرأي الآخر والسير باتجاه ما واتجاه معاكس له .
وهي ساحة أساسية للصراع بين الفكر القديم الجامد والفكر الحديث المتجدد.
التعليم التقليدي والتربية الحديثة التقدميةالإنسانية وجهان لعملتين مختلفتين ، الأول فيه عملية تناول المعرفة وأخذها والحصول عليها تتم في ظل سلطة قهرية قمعية بطريركية أبوية تتسم بالتمييز بين الذكور والإناث ، وبين المواطن والمسؤول ،أما الثانية عملية فيها تكتسب المعرفة والاتجاهات والقيم والمفاهيم في ظل الحريةوالديموقراطية . كذلك الأول يؤكد على صلة القرابة كأساس للتعاون ويكرس طاعة كبار السن طاعة عمياءويرسخ النظرة الدونية للمرأة ويتجه باتجاه إنجازات الآباء والأجداد أي باتجاه الماضي أما الثانية عملية فيها تأكيد على التعاقد الاختياري كأساس للتعاون ، واحترام الآخرين على أساس الانجاز الذاتي لخدمة المجتمع ، والتأكيد على اعتبار المرأة مساوية للرجل والاتجاه باتجاه المستقبل بدل الماضي ، وأن لا حقيقة مسبقة وجاهزة ، وأن الآخر والذات وجهان لعملة واحدة لاعملتين مختلفتين ، والدعوة إلى التسامح وعدم نبذ الآخر ورفض الدوغماتية والتعصب، بل التعايش مع الآخرين مهما كانوا مختلفين في طرق حياتهم المعيشية والثقافية والفكرية .
التعليم التقليدي المتخلف يؤسس على التلقين والغيبية والضرب بعرض الحائط للعقل وفرض المفاهيم والقيم والتراث دون إقناع ويكثر من العقاب الجسدي والنفسي والتهديد والنبذ والتخجيل والاحباط ويقلل من المكافأة والتشجيع والابتعاد عن التساؤل والبحث والتجريب ، والنتيجة خلق جيل مستسلم غير قادر على إحداث الابداع والانتاج الفكري و التغيير والتطويروالتقدم .
الخطاب الديني التقليدي الذي على أساسه يقوم المنهاج الدراسي يعتبر أن الحقيقة المطلقة موجودة دائما بين أيدي العلماء وفقهاء الدين ومعروفة سلفا لديهم ولا سبيل إلى تغييرها بالعقل لأنه قاصر عن التوصل إليها حسب آرائهم ، فأصل الإنسان والوجود والمعرفة لم تعد قابلة للنقاش فالشرع قال فيها كلمته ونقطة النهاية على السطر. المعلم والمعلمة للتربية الدينية دائما ودوما يستخدمان التهديد والوعيد بدل الإقناع والتحاوروعلى مبدأ( تقبل هذا ولا تسأل) وعلى نظرية اللونين المتناقضين فقط فلا يعترفان ببقية الألوان، فتصنف الأشياء والأمور إما حق أوباطل ، حلال أو حرام ، مما يؤدي بالمتعلم والمتعلمة إلى التطرف الديني ، فجذور الأفكار الدينية ومناهج التربية الدينية لا زالت تعود إلى الغزالي وابن تيمية اللذين يعود إليهما الفضل في خلق التطرف الديني الأصولي لأنهما لايعترفان إلا باللونين الأبيض والأسود فقط .
التعليم الديني التقليدي يقوم على أساس أن الإنسان لا حول له ولاقوة ضعيف الشأن والإرادة والتصميم فهو كائن ضعيف ومصيره محتوم ويعيش في عالم مقدر عليه كل شيء ولا يستطيع السيطرة على شيء. و تكرس القيم الدينية من خلا ل المناهج الدراسية الاتكالية والعجز، وتبرر الفوارق الطبقية غير العادلة بقيم الشفقة والصدقةوالإحسان والرحمة المذلة ، والصبر والرضا والتواكل والطاعة لأولي الأمر، وقبول الأمر الواقع بدل مواجهته دون محاسبة المستغل بكسر الغين والظالم والمستعبد حتى يرضى الفقير بفقره والمضطهد باضطهاده ويردد لنفسه: هذا مقدر لي ولا سبيل إلى التغيير .
التربية الحديثة التقدمية الإنسانية تؤكد على حقوق الإنسان والإنسانه وحقوق المواطن والمواطنة وحرية الضمير بمفاهيم احترام الذات بقدر احترام الغير،ومعاملة الأفراد إناثا وذكوراعلى قدم المساواة، ونبذ القيم البالية المستهلكة التي ليس لها أساس علمي عقلا ني ككون الأولاد أفضل من البنات وأن الشرف العائلي مهدد من قبل الأنثى فقط ، لذا عليها الاختباءوالتستر والخجل وعدم الاختلاط بالذكور ، واستبدالها بمبدأ أن كل واحد من الذكور وكل واحدة من الإ ناث له ولها قيمة إنسانية مطلقة ولهما الحرية والاستقلال بتطوير الشخصية وتحمل المسؤولية ونبذ الضغط أوالإلزام والإكراه ، ومجابهةالمشاكل دون هرب وخوف ودون تسلط أبوي أوذكوري. من الضروري والملح جدا وضوح الرؤيا المتعلقة بالقيم والمباديءالديموقراطية ، وخلق الروح النقدية لدى المتعلمين والمتعلمات ، وأن لا يكون الدين هو الأساس الذي يقوم عليه التعليم والتربية ، بل القيم الإنسانية النبيلة هي الأساس التي تؤكد على إنسانية الإنسان أيا كانت ديانته أو عرقه أو قوميته أو جنسه.
التعليم في مدارسنا العربية والإسلامية يوجه سهامه السامة ليقتل التربية الديموقراطية الحديثة الإنسانية وعلى المربين والتربويين والمثقفين والإعلاميين أن يتصدوا له بكل إمكانياتهم لإنقاذ الأجيال الصاعدة والأجيال القادمة منه .



#سامي_مراد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رقصة البجعة حول مائدة الموت
- تستفزني هذه الحياة
- عصارة فكرية من عقول إغريقية
- ثمرة للقاء عابر بين شرق وغرب
- نجيب محفوظ و رواية بين القصرين
- الذهنية الإستنساخية والجينات الثقافية في مجتمعاتنا العربية
- جريمة كبرى مع مرتبة الشرف الأولى
- نوال زينب السعداوي حالة إنسانية من التمرد والإبداع
- جرس للدخول إلى البوابة الماركسية الإنسانية في ذكرى ميلاد كار ...
- عقلانية ابن رشد في مواجهة روحانية الغزالي


المزيد.....




- مصر: الدولار يسجل أعلى مستوى أمام الجنيه منذ التعويم.. ومصرف ...
- مدينة أمريكية تستقبل 2025 بنسف فندق.. ما علاقة صدام حسين وإي ...
- الطيران الروسي يشن غارة قوية على تجمع للقوات الأوكرانية في ز ...
- استراتيجية جديدة لتكوين عادات جيدة والتخلص من السيئة
- كتائب القسام تعلن عن إيقاع جنود إسرائيليين بين قتيل وجريح به ...
- الجيشان المصري والسعودي يختتمان تدريبات -السهم الثاقب- برماي ...
- -التلغراف-: طلب لزيلينسكي يثير غضب البريطانيين وسخريتهم
- أنور قرقاش: ستبقى الإمارات دار الأمان وواحة الاستقرار
- سابقة تاريخية.. الشيوخ المصري يرفع الحصانة عن رئيس رابطة الأ ...
- منذ الصباح.. -حزب الله- يشن هجمات صاروخية متواصلة وغير مسبوق ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - سامي مراد - التعليم التقليدي يقتل التربية الديموقراطية