|
العراقيون الغيارى في خضم صراعهم السياسي ...أمس...اليوم... وغداً..!!
خالد عيسى طه
الحوار المتمدن-العدد: 2086 - 2007 / 11 / 1 - 10:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كُتبّ الكثير عن العراق... ومستقبل العراق النفطي، الاقتصادي والاجتماعي.. وهناك مجلدات عن مااحدثه انقلاب (8 شباط) من اضرار قد لا يستطيع العراق الرجوع الى حالته الطبيعية الا بعد جيل او جيلين قادمين.
ولكن فات على الكثيرين ان اهم واخطر نتيجة لحكم البعث هي نهاء الجيل الذي له اهتمام في السياسة وتطورها.
لقد قضى على اي اهتمام لأي فرد عراقي بما يدور حوله ... حزب رسم له الطريق في اطار حزب البعث وهذا الحزب بالذات انتهى دوره.. ولا بد ان ينتهي كأنتهاء سيطرته على النظام رغم شراسة وقوة السلاح المخابراتي.
ولو التفت المرء بنظرة ارتجاعية الى اول خطوات الشعب العراقي على بساط ممارسته السياسية يوم كان تحت مظلة الحكم العثماني لمدة خمسة قرون والذي شهد فسحة ديمقراطية مهما كانت ضئيلة لغرض ممارسة حياةٍ سياسية بالمفهوم العصري، بيد أن التجربة الديمقراطية الضئيلة بتواجد حلقات سياسية في اسطنبول تحت اسم الاتحاد والترقي أستمرت حتى وصل العهد الفصيلي الاول وكان مؤسس العراق الاول بارعاً في تحريك جماهير بغداد وعشائر الفرات للحصول على اكبر قدر من المكاسب الوطنية.. حتى قِيل لي والعهدة على والدي الذي عُينَ قاضي للنجف الاشرف في العهد الفيصلي بأن الملك فيصل كان يتصل بالمعارضة بصورة سرية ويطلب اليهم ان يعبروا عن احتجاجاتهم السياسية ضد الوجود الانكليزي جاعلاً من شارع الرشيد ساحة لكل هذا وكان جامع مرجان بمثابة مركزاً للانطلاق وقد كان هذا الانطلاق بعد كل صلاة جمعة ... الكل يهتف الشيعي والسني واولاد الرئيس مع اولاد المدينة للاستعمار منادين الجلاء عن الوطن والسقوط لكل معاهدة جائرة منها معاهدة 1930.
وهنا بدات معالم الاحزاب السياسية تتبلور في العراق في اوائل الخمسينات وكانت تلك السلة السياسية تجمع بين الحزب الوطني الديمقراطي والحزب الشيوعي وحزب الشعب وحزب الاستقلال وحزب الاحرار وكان القادة فيه مثل محمد مهدي كبة وصديق شنيشل ومحسن الدوري وفائق السامرائي لهم وزنهم الاجتماعي والسياسي اما الحزب الاخر وهو الحزب الوطني الديمقراطي الذي ترأسه الشخصية الوطنية المرموقة ذات الاثر في تثبيت الديمقراطية الاساسي كامل الجادرجي والحزب الشيوعي وله وجود مؤثر في الشارع السياسي العراقي ... والعراقي بطبيعته معارض لذا نجد ان نسبة اعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي هي يوم تأسيسه في الاقليات التي كانت تقود الحزب سواء من الاكراد او المسيحيين كما ورد في موسوعة حنا بطاطو.
اما الاحزاب الاسلامية مثل حزب الدعوة والاسلاميين والاخوان فكان لهم مساهمة في هذه الساحة . اما البعث فأن اول وجودهم في الشارع كان في مظاهرات الجامعة العراقية بعد العدوان الثلاثي على مصر. وللتاريخ أروي اني كنت سبباً لفرار علي صالح السعدي ( الامين العام حزب البعث لاحقاً) من القاء القبض عليه من قِبل الشرطة وحين وقع في يد الشرطة السرية انتزع عنه معطفه فبقى المعطف بيد الامن السري وفَر معي الى بيت جدي ... والقُي القبض علينا وقد كان سجن (نُكَرة السلمان) محطة لكثير منا.
وفي فترة الجبهة الوطنية تضائلت خلافات بين الاحزاب فكانوا في معارضتهم هدف واحد هو اسقاط الحكومة وهي مدرسة نوري السعيد وجماعته .. ولم يجري رفع شعار اسقاط النظام الملكي وكان المرحوم صديق شنشل وفائق السامرائي يؤكدون في كل مذكرات الحزب على معارضتهم للحكومة وليس للنظام.
اما في فترة الزعيم قاسم فان الديمقراطية التي اعطاها للشعب واسعة ولكنها كانت بقرارات الزعيم وحده.. والزعيم له حق سحب هذا الحق متى شاء وهكذا حصل ان ضُيق الحبل على البعثيين اولاً ثم على الشيوعيين بعد حوادث الموصل وكركوك مع ذلك فان حرية العمل السياسي كانت اوسع في عهده بكثير مما كانت عليه سابقاً.. ولما انتهى هذا العهد في (8 شباط)... وذهب قاسم وحكومته وجدنا افراد حزب البعث المعبئين على كراهية كل شئ يمارس سواء اكان ديمقراطي او شيوعي او ماركسي وحتى المستقلين وذهبوا في حقدهم الى الاخرين البُعاد وكانوا الضحايا الضحايا الذين عذبهم البعثيين الوحوش في زنزاناتهم وفي مراكز الاعتقال والتحقيق وانتهت حياة اكثر قادة الحزب الشيوعي حينئذٍ. قادة البعث خططوا لهذا المجزرة كما خطط طلعت باشا التركي العثماني في مخططه ابادة الشعب الارمني والذي ذهب اكثر من مليون منهم.
براى ان مااقدم عليه حزب البعث آنذاك يبعد الناس عن الاهتمام السياسي ...
وانتهت فكرة الاحزاب والايدولوجيات وقناعتي في عهد انقلاب شباط عمل على مايلي:- 1- إبادة اكبر عدد من الشيوعيون وانصارهم بدءاً من اللجنة المركزية سلام عادل حتى اصغر خلية من خلايا الحزب الشيوعي الذي وقعت في ايديهم مما اضطر الباقين في القيادة العمل على مغادرة العراق طالبين النجاة بارواحهم من بطش الحرس القومي وبعض منهم قرروا ترك العمل السياسي .. بعد ان وجدوا ان صراعهم السياسي مع القوميين والبعثيين صراع ابادة ووجود.. وان لا طاقة لهم لاستعمال العنف ضد هذا الذي حصل.
وقد عمدت السلطة الحالية على محاربة القوميون وحتى البعثيين اليسار من جماعة سوريا باكثر دموية واشد بطشاً مما تعاملت مع الشيوعيين ثم ركزت على قمع وانهاء حزب الدعوة وهو حزب شيعي له تنظيمه وقد قدم الكثير من اجل اسقاط النظام.إن كاتب هذه السطور شاهد على ماحصل من قسوة على افراد حزب الدعوة وبقية الفصائل الاسلامية وعلى البعثيين اللذين اتهموا بالتعاون مع سوريا. بقوة المخابرات.. وغطاء القوانين وقرارات مجلس قيادة الثورة جعل كل عراقي يرى شبح عقوبة الاعدام واعواد الشنق لكل نشاط كان يستطيع اثباته وليس له غير حزب البعث الحزب الشمولي الذي يتدخل بكل مفاصل الحياة اليومية واخذ الفرد يراقب بنفسه على ماتنطق به شفتيه او مايدور بخاطره من شئ يشم منه رائحة العداء لصدام وزمرته وحزبه.
ان حياة الاحزاب التقليدية اصبحت على فراش الموت ولم يتبقى للشيوعيون ولا لغيرهم اي مجال لنشاطهم السياسي بالعراق.
ولا شك ان الفترة التي مارس النظام الشمولي الصدامي لم يدع بيتاً ووزع ثقله القاسي فيه وحوله محاليلاً ومدناً وسهولاً وجبالاً . نعم هي فترة مظلمة حالكه ... نعم كان العراق يمر بدور اعتقد انه اظلم من ظلمات الظلم واقسى من قسوة القسوة... الا ان خدعهم البعض وادخل في روعهم بأن هناك صبح ينبلج !! وهناك بزوغ ديمقراطية سيأتي بها الامريكان ليكون العراق بلداً حراً ديمقراطياً !! إلا ان الايام اثبتت ان اي يوم من ايام الاحتلال يُعادل عشرة ايام من ايام صدام .. وفترة الاحتلال هي اكثر ظلاماً وظلماً وقساوةً حتى جعل الناس يسترحمون على ايام الظلم التي كان يشكون فيها ايام صدام حسين .. ليكن الله في عوننا وليكن لنا رصيداً من الصبر والكثير من الشجاعة لاعادة العراق الى الرخاء الحقيقي والديمقراطية الصحيحة.
#خالد_عيسى_طه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الارهاب: بين قوة التحدي وقوة الاحتجاج
-
الوطن فوق القومية الكوردية الوطن أعلا من الطائفية
-
صياغة دستور لا يضمن الديمقراطية .. بل اليد التي تطبقه هي الت
...
-
كلنا فداء للوطن .. والفداء لايأت عن طريق تفجير السيارات وأعم
...
-
اذا استصرخ الكردستانيون اخوان لهم من العرب طالبين العون ضد ا
...
-
لو غربلنا الدكتور علاوي ماذا سيبقى لتنصيبه رئيسا للوزراء!!
-
العراق اليوم بحاجة رجالا يملكون خلفية سياسية واضحة
-
الهروب الى الامام
-
أيعقل أن يكون الانسان عبداً في بلاده
-
بألوعي وحده:
-
دستورنا وطريقة الشرح على المتون !!
-
حوار بين عهدين عهد صدام حسين وعهد بول بليمر
-
اليس من حق غير الرفاق الشيوعيين نعي الوزيرة الشيوعية نزيهه ا
...
-
حق تقرير المصير بألمفهوم القانوني متى يكون واين يكون ومتى ي
...
-
صرخة حق في ظلام الباطل
-
صور قلمية من الواقع السياسي
-
لماذا لايجري حوار بين محامون بلا حدود وبين الحقوقيين العراقي
...
-
كيف نبني قضاءنا ليخدم الاستقرار؟!
-
لو أحسنوا الاداء لجددنا لهم الولاء
-
طرد الامريكان متفق عليه ولكن متى .. وكيف ؟
المزيد.....
-
المافيا الإيطالية تثير رعبا برسالة رأس حصان مقطوع وبقرة حامل
...
-
مفاوضات -كوب 29- للمناخ في باكو تتواصل وسط احتجاجات لزيادة ت
...
-
إيران ـ -عيادة تجميل اجتماعية- لترهيب الرافضات لقواعد اللباس
...
-
-فص ملح وذاب-.. ازدياد ضحايا الاختفاء المفاجئ في العلاقات
-
موسكو تستنكر تجاهل -اليونيسكو- مقتل الصحفيين الروس والتضييق
...
-
وسائل إعلام أوكرانية: انفجارات في كييف ومقاطعة سومي
-
مباشر: قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في
...
-
كوب 29: اتفاق على تقديم 300 مليار دولار سنويا لتمويل العمل ا
...
-
مئات آلاف الإسرائيليين بالملاجئ والاحتلال ينذر بلدات لبنانية
...
-
انفجارات في كييف وفرنسا تتخذ قرارا يستفز روسيا
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|