أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الختيار - جلسة مع سورة الرحمن 2















المزيد.....



جلسة مع سورة الرحمن 2


الختيار

الحوار المتمدن-العدد: 2079 - 2007 / 10 / 25 - 05:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نستكمل ما قد بدأناه
تقول الآية :
[size=25pt][color=red]3- " وَٱلسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ ٱلْمِيزَانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9) "[/color][/size]

تكلمنا على رفع السماء والآن سنتكلم على وضع الميزان من عدة محاور .

[size=28pt][color=red]المحور الأول :[/color][/size]

في البداية يجب أن نفهم ما هو الميزان المقصود بالآية ؟

اختلف المفسرون حول معنى الميزان ، فهل هو الميزان الذي يوزن به للبيع والشراء ، أم الميزان بمعنى مجازي أوسع ويقصد به العدل ؟

وردت كلمتي "الميزان والكيل" ومشتقاتهما في القرآن مرات عديدة ، جميعها تشير بوضوح إلى الميزان التجاري الذي يستخدم للبيع والشراء .

أنظر :

[color=blue]"وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ [color=red]وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ [/color] بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" الأنعام 152
"وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ [color=red]فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ [/color] وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" الأعراف 85
"وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [color=red]وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ[/color] إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ " هود 84
"وَيَا قَوْمِ [color=red]أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ [/color] بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ" هود 85
"وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ [color=red]فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ [/color] وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" الأعراف 85
"وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [color=red]وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ[/color] إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ " هود 84
"وَيَا قَوْمِ [color=red]أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ[/color] بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ " هود 85
"لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْـزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ [color=red]وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ [/color] وَأَنْـزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ" الحديد 25
"وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ[color=red] وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ[/color] بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ " الأنعام 152
"وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ [color=red]وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ [/color] ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا " الإسراء 35
"[color=red]وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ [/color] " الشعراء 182
"وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي [color=red]أُوفِي الْكَيْلَ [/color] وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْـزِلِينَ " يوسف 59
"فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا [color=red]كَيْلَ [/color] لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ " يوسف 60
"فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا [color=red]الْكَيْلُ [/color] فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا [color=red]نَكْتَلْ [/color] وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " يوسف 63
"وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَـزْدَادُ [color=red]كَيْلَ بَعِيرٍ [/color] ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ" يوسف 65
"فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ [color=red]فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ [/color] وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ " يوسف 88
"وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ [color=red]وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ [/color] ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا " الإسراء 35
"[color=red]أَوْفُوا الْكَيْلَ [/color] وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ " الشعراء 181
"الَّذِينَ إِذَا [color=red]اكْتَالُوا [/color] عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ " المطففين 2
"وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ [color=red]وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ[/color]" المطففين 3[/color]


الآية الوحيدة التي قد تحمل معنى العدل هي قوله :
"[color=blue]اللَّهُ الَّذِي أَنْـزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ [color=red]وَالْمِيزَانَ [/color] وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ[/color]" الشورى 17
هذه الآية قد تُحمَل على المجاز بأن المقصود بالميزان هو العدل ، والذي هو في النهاية الغاية من استخدام أي ميزان ، فالمعنيان لا يختلفان كثيراً . وإن كان الأظهر أن القرآن يستخدم كلمة الميزان مشيراً إلى الميزان التجاري المستخدم في البيع والشراء .

بل إن الأحاديث تخبرنا أن الميزان الذي كان يستخدمه العرب في ذاك الوقت هو الميزان ذي الكفتين المعروف .

ورد في البخاري " [color=blue]..... فأمر ‏ ‏بلالا ‏ ‏أن يزن له أوقية فوزن لي ‏ ‏ بلال ‏ [color=red]‏فأرجح [/color] لي في الميزان ....[/color]"

وفي مسند أحمد " [color=blue]... ثم قال ‏ ‏إن نبي الله ‏ ‏نوحا ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏لما حضرته الوفاة قال لابنه إني قاص عليك الوصية آمرك باثنتين ‏ ‏وأنهاك عن اثنتين آمرك ‏ ‏بلا إله إلا الله فإن السموات السبع والأرضين السبع لو وضعت في [color=red]كفة[/color] ووضعت لا إله إلا الله في [color=red]كفة [/color] رجحت بهن لا إله إلا الله ...."[/color]


فما هو الميزان المذكور في الآيات المعنية في سورة الرحمن ؟
هل هو الميزان التجاري ذو الكفتين أم العدل كما يقول الكثير من المفسرون ؟

كان من الممكن أن يكون بمعنى العدل لولا الآيتين 8 و 9 واللتان تشيران بوضوح لا يشوبه شائبة أن الميزان المقصود هو الميزان التجاري ، لأنها تأمر الناس بعدم الغش في استخدامه .
لنقرأ مرة أخرى : "[color=blue] وَٱلسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ ٱلْمِيزَانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9) [/color] "


الله حين يريد أن يتكلم عن قدرته في الخلق ، يتكلم عن الظواهر التي نراها ، كاالسماء والنجوم والليل والنهار والأرض والبحار وغيره ويثير لدينا التساؤلات حول عظمة هذه الأشياء التي تدل على عظمة الخالق ، ولكن ليس من المنطقي أن يتكلم عما يصنعه الإنسان ليشير إلى قدراته الإلهية !

فالسورة لا تنفك تتحدث عن آلاء الله التي هي نعمه "فبأي آلاء ربكما تكذبان" .

فهل سينظر الإنسان بعين العجب والدهشة حين ينظر لما صنعت يداه ؟ فإن كان هناك ما يدعو للفخر فإنه سيفخر بنفسه لأنه صنع الميزان وصنع السيف وصنع البيوت وغيرها ، لكنه لن يستطيع أن يفخر بنفسه حين ينظر إلى السماء أو النجوم أو الشمس أو البحار أو الأنهار أو الخيول والأنعام وغيرها ، وهي الموضوعات التي يجب على الله أن يتكلم عنها ليظهر عظيم قدرته . خصوصاً إذا تذكرنا أن القرآن كان يخاطب مجتمعاً كافراً به ، فكان عليه أن يلزمهم الحجة ويخرسهم بما يعجزون عن رده ، حين يذكر لهم الظواهر الطبيعية المختلفة ، لا ما تصنع أيديهم .

ويمكننا أن نقول أن هناك نوعين من الموجودات في هذا الكون :

المخلوقات وهي الأشياء التي لا تفتقر إلى وجود الإنسان لتحقيق وجودها (والإنسان جزء منها)
والمخترعات وهي الأشياء التي تحتاج إلى الإنسان لتحقيق وجودها .

فالمفروض من القرآن حين يريد أن يتحدث عن الآيات والنعم الربانية أن يقتصر على المخلوقات لا المخترعات ، ليلجم لسان الكافر فلا يقول أنا من صعت القمر ، بينما يمكنه أن يلجم القرآن حين يقول أنا من صنعت الخيمة .

قد يقول أحد الناس ، أن الإنسان لا يصنع من لا شيء ، بل غنه يستخدم المخلوقات (المواد الخام) ليصنع مصنوعاته ، نعم صحيح ، ولكن هذه المواد الخام لا يمكن أن تسمى خيمة ، بل تسمى وبر الجمال على سبيل المثال ، كذلك لا يمكنك أن تسمي جذوع الأشجار سهاماً وقِسِي إلا إذا شذبتها وثقفتها ووضعت لها الوتر وما إلى ذلك ، فتصبح عندها قِسيّ وسهام ورماح وغيره .

فالله من خلق الشجر ، والإنسان من اخترع القسيّ أو الخيام .

القمر يمكن أن يثير تساؤلات ودهشة الكافر الذي لا يعرف عنه شيئاً ، فتارة هو كامل الاستدارة ثم يتآكل ليصبح كقرني الثور ، ويُخسف تماماً ، فيضرب الله على هذا الوتر ليلجمه .

ولكن الخيمة و السيف والسيارة والطائرة والرادار وغيره ، لا يمكن أن تثير دهشة الإنسان لأنه يعلم كيف تم صنعها تماماً .

ملاحظة في الهامش : حين أقول ( مخلوقات ، وخلق الله) وغيره من العبارات ، فأنا أتحدث بمنطق القرآن لأن هذا ما نحلله هنا ، أي أنني أحلل مواضيع القرآن حسب فهمه هو للأشياء وقناعته هو وإظهار التناقض الوارد في ذلك وليس حسب فهمي وقناعتي الشخصية .

قد تكون هذه المسألة غير واضحة ويجد البعض فيها ثغرة لفتح نقاش جانبي ، ولكن لأوضح المسألة سأذكر مثالاً واحداً :
حين نريد أن نجري اختباراً لقانون نيوتن في الجاذبية ، فإننا نجريه على الأجسام ، تماماً كما يفهمه نيوتن ، وليس كما يريد أي شخص آخر ، فلا نختبره على الشحنات الكهربائية مثلا ، لأن هذه لها قانون آخر اسمه قانون كولوم ، ولا يمكن لروحاني أن يختبره على الأرواح ليحسب قوة الجاذبية بين روحين ، ولا يمكن أن يستخدمه محلل نفسي في تفسير الأحلام .



[size=28pt][color=red]المحور الثاني:[/color][/size]

"[color=blue] [color=red]وَٱلسَّمَاءَ رَفَعَهَا[/color] وَوَضَعَ ٱلْمِيزَانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9) [color=red]وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا[/color] لِلْأَنَامِ (10) [/color] "

نلاحظ أن وضع الميزان جاء بين رفع السماء ووضع الأرض .
(والوضع ضد الرفع كما يقول ابن منظور في لسان العرب تحت مادة "وضع" )

فما الذي يجعل الله يضع الميزان بين رفع السماء ووضع الأرض ؟!!

فوضع الأرض هو مقابل موضوعي مناسب تماماً لرفع السماء ، فما علاقة الميزان ولماذا هذه التحويلة الجانبية هنا ؟

في سورة النازعات يقول القرآن :

[color=blue] أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالْأَرْضَ [color=red]بَعْدَ ذَلِكَ[/color] دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) [/color]

فكما ترون ابتدأ في السماء ثم الأرض ، لأنها المقابل الموضوعي للسماء أو السماوات حسب القرآن ، فهناك عشرات الآيات التي قالت "السماوات والأرض وما بينهما" ، فكانت السماوات فوق - حسب تصور القرآن - ، والأرض تحت حسب تصوره أيضاً .

سماوات سبع وأرضين سبع

فما علاقة الميزان والمعاملات والتجارة والغش أو عدمه في هذا الموضع ؟

ستجدون الإجابة في المحور الخامس



[size=28pt][color=red]المحور الثالث:[/color][/size]


ركّز القرآن كثيراً على مسألة الوزن بالقسط وعدم الغش ، وهذه من الخصال الحميدة التي قال بها القرآن ، ولكن والحق يقال يجب أن ننبه إلى أن هذه الفضيلة ليست من ابتكار القرآن ، فقد سبقته إليها الكثير من التشريعات التي طالبت بعدم الغش في الوزن .

ليس من السهل الحصول على التشريعات القديمة لأن أغلبها اندثر ، لكن لو رجعنا إلى أول تشريع محفوظ حتى اليوم وهو تشريع الملك السومري ([color=blue]اور-نمو[/color]) والمكتوبة قرابة 2100 قبل الميلاد ، أي قبل ظهور القرآن بـما يقارب ال 2500 عام ، أي ما بينها و بين القرآن أكثر بكثير مما بينه وبيننا ، نجد أن هذا الملك قام بإصلاحات كثيرة منها ضبط الموازين والمكاييل للقضاء على الاستغلال والغش .
http://www.almawsem.net/diwan01/kassartin.htm

وفي شريعة [color=blue]حمورابي [/color] (1810-1750) ق. م ، أي قبل ظهور القرآن بأكثر من 2000 سنة ، نجد في المادة 108 :
إذا استلمت بائعة الخمر نقودا بالوزن الثقيل ثمنا للبيرة بدلا من استلامها حبوبا، آو إنها جعلت قيمة البيرة (المباعة مقابل حبوب) أقل من قيمة الحبوب المستلمة، فعليهم إن يثبتوا هذا (التحايل) على بائعة الخمر ويقذفوها في الماء (النهر).
http://www.alzakera.eu/music/vetenskap/Historia/Sience-0017-2.htm

كذلك نجد في العهد القديم – الذي أخذ نصوصه في أغلب الأحيان من شرائع بلاد الرافدين – ذم و تحذير شديد لمن يغشون الأوزان :
[color=blue]اللاويين [/color] (الإصحاح 19)
35«لا تجوروا في الحُكْمِ ولا في المساحةِ والوَزنِ والكَيلِ. 36بل لِتَكُنْ مَوازينُكُم وعياراتُكُم عادلةً، وليَكنْ لكُم قُفَّةٌ عادلةٌ وهِينٌ عادلٌ

[color=blue]عاموس [/color] (الإصحاح الثامن) :
4إسمعوا هذا أيُّها الذينَ يُبغِضونَ البائسينَ ويُبيدونَ المَساكينَ في الأرضِ، 5القائلونَ: «متى يمضي رأسُ الشَّهرِ فنَبيعَ ما يُباعُ، ويَنقَضي السَّبتُ فنَفتَحَ سُوقَ الحنطةِ، فنُصغِّر القُفَّةَ، ونُكبِّر المِثقالَ ونستَعين بموازينِ الغِشِّ. 6وبذلِكَ نَقتَني الفقراءَ بالفِضَّةِ والبائسَ بِنَعلَينِ، ونبيعُ نُفايَةَ الحِنطةِ».7 بجاهِ يَعقوبَ أقسمَ الرّبُّ: «لا أنسى عمَلاً مِنْ أعمالِهِم إلى الأبدِ، 8أفلا تَرتَجفُ الأرضُ لأجلِ ذلِكَ ويَنُوحُ كُلُّ ساكِنٍ فيها؟ أفلا تعلو كُلُّها كنَهرٍ، ثُمَ تَفيضُ وتنحسرُ كنهرِ مِصْرَ؟

[color=blue]ميخا [/color] (الإصحاح السادس) :
10هل أنسى كنوزَ الشَّرِّ والقُفَفَ المَملُوءةَ بالباطِلِ؟ 11هل أبَرِّرُ مَوازينَ النِّفاقِ وكيسَ معاييرِ الغِشِّ؟ 12الأغنياءُ اَمتلأوا جورًا، والأوباشُ نطَقوا بالزُّورِ وتفوَّهتْ ألسنتُهُم بالمَكْرِ. 13فحَلَّلتُ لِنَفْسي ضَرْبَكُم وتَدميرَكُم لأجلِ خطاياكُم.

[color=blue]هوشع [/color] (الإصحاح 12)
7توبوا، يا بَني يَعقوبَ، وتمَسَّكوا بِالرَّحمةِ والعَدلِ. تَقَوَّوا بِإلهِكُم كُلَ حينٍ.8بَيتُ أفرايمَ مِثلُ الكنعانيِّ، بِيَدِهِم ميزانُ الغِشِّ ويُحِبُّونَ الاحتِيالَ 9قالوا: «كم نحنُ أغْنياءُ: وجدْنا لأنفسِنا ثَروةً، وفي كُلِّ ما جنَينا لا يَتَّهِمُنا أحدٌ بإِثْمِ».

فالمسألة قديمة جداً وليست من ابتكار القرآن ، ولو أن الوقت يسعفنا أكثر في البحث والتقصي يقيناً سنجد الكثير من التشريعات التي ضبطت الموازين والمكاييل قبل ظهور القرآن بآلاف السنين غير التي ذكرناها ، طبعاً لا ننسى حضارات الفراعنة واليونان والرومان وغيرها التي تحدثت عن المقاييس والموازين بشكل مستفيض .

فالفراعنة الذين كانوا يضعون عموداً محززاً في النيل لقياس منسوب المياه ، بل بنوا الأهرامات التي أثارت الكثير من التساؤلات والألغاز حتى يومنا هذا ، لا بد أنهم احترفوا صناعة الموازين والمكاييل وهذا مما لا يحتاج إلى برهان .

[size=28pt][color=red]المحور الرابع:[/color][/size]

موضوع الميزان التجاري يثير موضوع آخر هو الميزان الإلهي يوم القيامة ، المستخدم لحساب السيئات والحسنات والذي يبدو أنه من النوع ذي الكفتين ، حيث أن أغلب الآيات تشير إلى مسألة ثِقَل الحسنات أو السيئات ، حيث يقول القرآن :

[color=blue]"وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ [color=red]ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ [/color] فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " الأعراف 8
"وَمَنْ [color=red]خَفَّتْ مَوَازِينُهُ [/color] فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ" الأعراف 9
"وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ [color=red]مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ[/color] أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ " الأنبياء 47
"فَمَنْ [color=red]ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ [/color] فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" المؤمنون 102
"وَمَنْ [color=red]خَفَّتْ مَوَازِينُهُ[/color] فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ " المؤمنون 103
" فَأَمَّا مَنْ[color=red] ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ [/color] " القارعة 6
"وَأَمَّا مَنْ [color=red]خَفَّتْ مَوَازِينُهُ[/color]" القارعة 8[/color]


وفي موقع الإسلام سؤال وجواب :
".... وقد دلت النصوص الشرعية على أن الميزان ميزان حقيقي له كِفَّتان ، توزن به أعمال العباد . وهو ميزان عظيم لا يقدر قدره إلا الله تعالى .... " انتهى الاقتباس من موقع الإسلام سؤال وجواب . للاستزادة أنظر :
[url=http://www.islam-qa.com/special/index.php?ref=31805&subsite=13&ln=ara]المصدر[/url]


أتساءل في البداية ، ما دام كل إنسان يُعطى كتابه الذي " [color=blue]لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [/color] " ، " [color=blue]فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ [/color] " ، " [color=blue]وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ ، وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ[/color] " بل " [color=blue]تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[/color] " بل إنهم يعترفون بخطاياهم " [color=blue]وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثًا [/color] "

فبعد كل هذا ، أجندة أعمال مسجلة وشهادات عضوية من الأرجل والألسنة والأيدي يأتي الله ليقيم جلسة توزين ؟!!!
فما الحكمة من جلسة التوزين هذه !!!
هل ليقيم الحجة عليهم كما يحلو للبعض أن يتخيل !!
يعني أنا بعد أن أُبعث من القبر وأرى كل هذه الأهوال يوم القيامة وأرى الناس يهرعون والزبانية تجر الناس أحتاج لميزان حتى أصدّق أن ما قال به القرآن حق !!!!!!!

يقيناً لست بحاجة لمثل هذا الميزان . فالبعث وحده يكفي لإفحام أي جاحد .

ولكن يبدو أن القرآن كان متأثراً بالتراث السابق عليه بل محاصرا به لا يستطيع منه الفكاك.

في الديانة [color=blue]الزرادشتية [/color] مثلاً 660-583 ق.م يقول سليمان مظهر في كتابه ( قصة الديانات ص 300 الطبعة الثانية ) : "[color=blue] ذلك أن الإنسان خُلق حر الإرادة يختار بها بين الخير والشر ولكن الأفكار التي يفكر فيها الإنسان ،وكل الكلمات التي يقولها ، والأفعال التي يأتيها كل يوم من أيام حياته، مكتوبة كلها في كتاب الحياة، فالأفكار والكلمات والأفعال الصالحة مكتوبة في جانب ، والأفكار والكلمات والأفعال الخبيثة مكتوبة في الجانب الآخر . وعندما يموت الإنسان تذهب روحه إلى الحفيظ على كتاب الحياة . فإذا كانت أفكاره وكلماته وأفعاله الخيرة [color=red]أعظم [/color] من أفكاره وكلماته وأعماله الخبيثة ذهبت إلى الجنة وإلا ذهبت إلى عذاب الجحيم [/color] " .

واضحة مسألة ترجيح أحد الجهتين (الحسنات أو السيئات بالمعنى الإسلامي) وبالتالي تقرير المصير النهائي .

[color=teal]تفريعة على النص السابق [/color] :
[color=teal]أ‌-[/color] تلاحظون أن النص الزرادشتي حسم [color=green][size=20pt]مسألة القدر والإرادة [/size][/color]بشكل واضح وجلي ولم يترك أتباعه يتخبطون ما بين قدرية ومرجئة وجبرية وتسيير وتخيير كما فعل القرآن بأتباعه . فتارة يقول :
"[color=blue]فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا[/color]" (8) الشمس
" [color=blue]وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ (99) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ [/color] (100) يونس
"[color=blue]وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ[/color]" (107) الأنعام
"[color=blue]وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلكِن يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [/color] "(93) النحل

فنفهم من ذلك أن الإيمان والكفر مرهون بمشيئة الله الأزلية التي لا تتغير ولا تتبدل ، والآيات في ذلك كثيرة جداً.
وتارة نجده في مكان آخر يقول :

"[color=blue]وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا [/color] "(29) الكهف
"[color=blue]إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا [/color] "(19) المزمل


فتصبح المشيئة مشيئة البشر لا مشيئة الخالق . ويخلط الحابل بالنابل وتفترق الأمة في قضية التسيير والتخيير منذ 1400 سنة وحتى اليوم لا تعرف كيف تحسمها ، وذلك ببساطة لأنها تقدس النصين المتناقضين ، وترفض أن تفتح عيونها .

[color=teal]ب‌-[/color] تلاحظون أن النص الزرادشتي تكلم على [color=green][size=20pt]مسألة كتاب الأعمال[/size][/color] الذي تُكتَب فيه أعمال الناس حسب ما يفعلون وليس بشكل مسبق " كاللوح المحفوظ في الإسلام " ، والقرآن أخذ بهذه الفكرة في آيات كثيرة نذكر منها :
"[color=blue]وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ[/color]" القمر (53)
"[color=blue]وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ [/color] " يونس (21)
" [color=blue]أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ [/color] " الزخرف (80)
" [color=blue]لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ [/color] " آل عمران (181)
" [color=blue]كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا [/color] " مريم(79)

فهذه أيضاً ليست من ابتكارات القرآن .

نعود للمحور الرابع والحديث عن ميزان يوم القيامة في الثقافات السابقة على القرآن .

عند [color=blue]الفراعنة [/color] مثلاً ، يوجد قاعة لحساب الموتى بعد البعث ، قاعة "معات" ma`at ، وهناك يقوم الإله أنوبيس Anubis بعملية التوزين ، فيضع قلب الميت في كفة ، وريشة الحقيقة أو الفضيلة في الكفة الثانية ، فإن كان وزن القلب أخف من الريشة ينجو الميت ، وإن كان أثقل من الريشة فإنه مذنب سرعان ما تلتهمه الكلبة "أميت" ammit والتي تكون جالسة متربصة عند الميزان .

أنظر الفصل الأول من كتاب الموتى ، أو :
http://en.wikipedia.org/wiki/Book_of_dead


وهذه صورة للميزان وأنوبيس يقوم بتوزين قلب الميت بينما "أميت" رابضة متربصة تقطع دابر المشككين .

[img]http://homepage.mac.com/scarab1/graphics/bgrounds/ammit.jpg[/img]
[url=http://homepage.mac.com/scarab1/graphics/bgrounds/ammit.jpg]وهذه وصلة أخرى للصورة إذا لم تظهروهذه وصلة الصورة إذا لم تظهر هنا[/url]

ولو يطلع المسلمون على الثقافات القديمة سيصابون بالذهول الشديد حين يعرفون أن الكثير الكثير إن لم نقل معظم ما ورد في القرآن هي أفكار مسبوقة قبله بآلاف السنين ، وهذا ما يمكن أن نسلط عليه الضوء لاحقاً .

[size=28pt][color=red]المحور الخامس:[/color][/size]


تقول الآيات :
"[color=blue]وَٱلسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ [color=red]ٱلْمِيزَانَ [/color] (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي [color=red]الْمِيزَانِ [/color] (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا [color=red]الْمِيزَانَ [/color] (9) وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10)[/color] "

لدينا هنا ملاحظتان :

[color=teal]1-[/color] التكرار المتتالي لكلمة الميزان ، مما يشعرك بالرتابة ، بالإضافة إلى تكرار المعنى ثلاث مرات حول عدم الغش ، فمرة يقول لا تطغوا في الميزان ، ثم يقول أقيموا الوزن بالقسط ، ثم يقول لا تخسروا الميزان .
وكان بإمكانه أن يختصر هذا التكرار وأن يكتفي بقوله "وأقيموا الوزن بالقسط" .
ولكن لو توقف عند القسط لاختل سجع الآيات - والذي نجده عماداً أساسياً تقوم السورة عليه – فتجد أنه اضطر لأن يعيد نفس الفكرة ويكرر كلمة الميزان مستسلماً "[color=blue]للضرورة السجعية[/color]" .


[color=teal]2-[/color] حشر كلمة الميزان بين السماء والأرض كما ذكرنا في المحور الثاني ، لا يوجد ما يبررها غير تكريس أذن السامع للسجع المنتهي بالألف والنون .
فلو قال "والسماء رفعها والأرض وضعها للأنام " لاختل الإيقاع ، حيث أنك تلاحظ أن كل فكرة طرحها الكاتب من بداية السورة يختمها بمد الألف متبوعاً بالنون ، وأحياناً الميم حيث أنها قريبة من النون ، فكان لا بد للكاتب هنا من حشر أي شيء بعد كلمة "رفعها" ينتهي بألف ونون فلم يجد غير الميزان ، بل إنه كررها 3 مرات وكأنه يحاول إقناعنا بالقوة بصحة ما ذهب إليه .
بالمناسبة ، مفهوم "[color=blue]الضرورة السجعية[/color]" كنت قد تكلمت عنه في العديد من مقالاتي السابقة خصوصاً في منتدى اللادينيين العرب ونادي الفكر العربي ، وبرهنت عليه بالكثير من الأمثلة ، ولكني لم أفرد له بحثاً خاصاً وربما كانت هذه السورة هي المدخل لهذا الموضوع لاحقاً .
في الحلقة القادمة سنتحدث عن "والأرض وضعها للأنام" بتفصيل أكثر .
تحياتي لكم



#الختيار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جلسة مع سورة الرحمن 1


المزيد.....




- كلمة مرتقبة لقائد الثورة الاسلامية بذكرى تأسيس منظمة تعبئة ا ...
- كلمة مرتقبة لقائد الثورة الاسلامية آية الله السيد خامنئي بمن ...
- إيران تنفي التورط بمقتل حاخام يهودي في الإمارات
- قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين ...
- 144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الختيار - جلسة مع سورة الرحمن 2