أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد المجيد - مرارة التَدَيّن وعالَم الكراهية















المزيد.....

مرارة التَدَيّن وعالَم الكراهية


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 2077 - 2007 / 10 / 23 - 10:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سؤال ما أنفك يطارد لساني ردحا طويلا من الزمن، وأخشى طرحه لئلا يؤدي عدمُ فهمه إلى نتائج عكسية!
لكن في الأعوام القليلة المنصرمة أصبح السؤالُ جواباً، وأضحى الاستفهامُ حالةً من الواقع إنْ احتجتَ لشهود عليها آتيك بآلاف منها قبل أن تقوم من مقامك، وبأضعاف ذلك قبل أن يرتد إليك طرْفُك!

لماذا يرتبط التديّن ارتباطا عضويا لصيقا، في معظم الأحوال، بحالة كراهية لكل شيء .. للنفس والناس والمرأة والحرية والجمال والآخر والدنيا؟
تكاد تتنازل الشمس لها إن أردت أن تضرب مثلا بالوضوح، وأي انكار لتلك الظاهرة كأنه تثبيت واثبات.
في المنتديات الإسلامية على النت، وفي الأقسام الدينية لمنتديات عامة لن تحتاج لأكثر من بضع دقائق حتى تظن نفسك في ساحة الوغى، وترى أناسا، يبدأون بالسملة وينتهون بذكر اسم رب العالمين، يفترسون الخصوم، ويخلقون من الحوارات سيوفا مُسَلّطة على من يخالفهم، ويستخرجون من آيات التسامح أوامر للقتل، ويُخفون تحت ألسنتهم قواميس للشتائم والسباب واللعنات كأن أصحابها سقطوا من بطون أمهاتهم في غرزة مخدرات أو في مصلحة أحداث بأحد السجون العربية.

حاول أن تجتهد في فكرك، وتستخدم عقلك، وتعرض رؤيتك الجديدة في قضايا مثل النقاب والحور العين والفروقات بين الارهاب والمقاومة، أو شارك بمداخلة أو مقال عن المساواة بين المرأة والرجل أو قيادة السيارة أو عدم أهلية أحد الشيوخ الفضائيين أو هاجم عالَم الفتاوى الفجّة والساقطة أو قُمْ بالمطالبة بمساواة المسلمين بغيرهم أو اطلب الرحمة من الله لشخصية مسيحية أو شكك في حديث أحادي وضعيف قيل بأنه ورد عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
انتقد الإخوان المسلمين أو أسامة بن لادن أو الظواهري أو الشيخ عمر عبد الرحمن، أو اكتب بأن من قاموا بتفجير البرجين التوأمين لا يعبرون عن روح الاسلام إنما هم إرهابيون، ولا تنس أن تقول بأن غير المسلمين ممن أتوا اللهَ بقلوب سليمة ومتسامحة وطيبة سيدخلهم اللهُ في رحمته.
فَنّدْ الفهمَ الديني لعمرو خالد أو الدكتور عمر عبد الكافي، ويمكنك أن تعرج على حياة أبي هريرة، وعارض بعض أفكار ابن تيمية، وقلّ بأن فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز لم تصالح العصر، ويمكنك رفض فتاوى العثيمين أو آل الشيخ.
قُلّ بأن صوت المرأة ليس حراما، وأن الغناء والموسيقى ترقق الطباع، وأن الفنون ضرورية للمجتمع، وأن من حق غير المسلمين بناء دور العبادة في أي مكان في العالم الاسلامي مادام المسلمون يمارسون نفس الحق في أركان الأرض الأربعة.
لن يترك لك معارضوك ومخالفوك فرصةً لالتقاط الأنفاس.
ستكتشف حينئذ أنَّ ممارسة الدعوة الدينية كما يفهمونها هي لسان سليط، وشتائم بذيئة، وسباب سافل وقبيح.
سيدهشك هذا الكم الهائل من البغضاء، ولن يقرأوا دفاعك، ولن يصل أي منهم للسطر الثالث من تعقيبك ثم تنفجر في وجهك براكين الحقد، والتكفير واتهامك في شرفك وأهلك وعِرْضِك.
سيقولون عنك جاهل وكافر أو مُوال للكفار والمشركين، أو تضع السم في العسل، أو عميل صهيوني.
ستقف حائرا ومندهشا وفاغرا فاك وغير مصدق أن هؤلاء هم المدافعون الجدد عن خاتمة الرسالات السماوية، وأنهم يقرأون القرآن الكريم، ويقفون أمام الله عز وجل في كل يوم طالبين أن يهديهم الصراط المستقيم.
قنابل موقوتة من البغضاء التدميرية، وسيارات مفخخة من كراهية مفترسة.
جوعى جنسيون خلطوا الحرمان بطاقة تفجير داخلية لا تفرّق بين اللسان الذي يطلق شظايا نارية، وبين قلب أتحدى أحدا أن يجد فيه نقطة بيضاء لا تراها العين المجردة.
كيف جمع هؤلاء بين التديّن الذي يرقق الطباع، ويلين النفس، ويلطف حشا الفؤاد، ويقترب من أسمى لحظات تحليق الروح في سماء الإيمان، وبين عشق مَرَضي لرؤية الدماء تسيل من وجوه خصومهم ومخالفيهم وأي مجتهد يستخدم رخصة إلهية باستعمال العقل والتدبر والتفكير؟
سيقول قائل بأنهم أقلية لا ينبغي أن نكترث لها، وأرَدُّ عن تجربة في الانترنيت والبريد الالكتروني ومتفرقات وكتب ونشرات ونقاشات وغيرها بأنهم كثيرون، ويمنعني الحياء والخوف على ديني من أن أقول بأنهم الأكثرية المتدينة.
ولكن الدين حالة حب وتسامح وانسجام مع الطبيعة، ورحمة تسكن القلب فيتسع للجار والمخالف والآخر بل وكل من لا يدين بالاسلام .
إنه دين يأمرك أن تأخذ بالعفو، وتقول للناس قولا ليّنا، وتعرِض عن الجاهلين، ولا تجعل أحدا ينفضّ من حولك إنْ كنت فظا غليظ القلب.
إنه دين الحرية في الاعتقاد، وشرط اسلامك أن يسلم من لسانك ويدك الآخرون، وإذا خاطبك أشد الناس كراهية لك فقل: سلاما!
إنه دين يضع لك في ميزان حسناتك الابتسامة، والكلمة الطيبة.
ومع ذلك فقد ظهر جيل من المسلمين كأنه تربى في أحضان تجار المخدرات، ورضع حليبا مخلوطا بتوابل مُرّة، وهو جيل تعرّف على الشاشة الصغيرة قبل أن يتلقى تربية منزلية، وأصبح عضوا في عدة منتديات على النت قبل أن يقرأ كتابا واحدا.
وصفتهم من قبل في مقال لي بأنهم ( صعاليك الإنترنيت) وأعتذر الآن عن هذا الوصف اللطيف والمخفف فهم شياطين النت وتلامذة إبليس.
لم يتعلموا من القرآن الكريم حرفا واحدا، إنما قرأوا فيه وعيونهم مُثَبّتة على نفوسهم المحشورة بين قرني الشيطان.
إنهم الطابور الخامس الجديد الذي سيجعل العالم كله يبغض الاسلام ، ويكره المسلمين، ويعيدنا قرونا إلى الخلف.
إنهم يقدمون على طبق من ذهب لخصوم المسلمين هدايا لم يحلموا بها، وتبريرات لكي يقوم الآخرون بعمليات شحن جماعية وسلطوية تساهم في العنصرية بكل صورها.
إنهم أشد خطرا على المسلمين والاسلام من المنافقين ومن قوى الاحتلال ومن الجهل والأمية والفساد.
إنهم أعداء الدين الجدد الذين يدافعون عن الدين ظاهرا، ويكيلون له ضربات قاضية بحقدهم وجهلهم.
صغار وشباب وطلاب جامعة وبلطجية ومسجلون خطرون وجهلة وأنصاف أميين لكنهم جراد انتشر على الانترنيت، وتعامل مع الكي بورد، ويُحصون مشاركاتهم كما يحصي البخيل أمواله صبحا ومساء.
يعرفون بعضهم باسماء حركية تتمسح بالدين وبشخصيات اسلامية، ويحشرون آيات قرآنية سامية في غير موضعها، ثم يدسون سمومهم من ألسنة حداد.
إنهم الأعداء الجدد الذين آذوا الاسلامَ كما لم تؤذه كل الحروب والغزوات والاستعمار الفكري والعسكري في تاريخه. إنهم الصورة الالكترونية الجديدة التي يختبيء خلفها إبليس.




#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقسيم العراق مفاجأة للحمقى فقط
- لماذا لا يُحاكَم مبارك بتهمة شائعة موت الشعب المصري؟
- مات .. يموت .. سيموت الرئيس! قراءة في حلم لم يتحقق
- أصل الحكاية ما تضحكش
- الشيطانان
- المطاوعة .. الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف
- تصفية القضية الفلسطينية في صراع الأشقاء
- لماذا لا يكترث حكام الخليج لخطر التواجد الآسيوي؟
- حوار بين منقبتين في أحد الأسواق الشعبية
- هل تَحَوّل الأفارقة كلهم إلى محتالين؟
- استدعاء عاجل لصدام حسين من قبره
- الكتاب الأخضر في القارة السمراء .. أوهام العقيد
- ليلة القبض على سوريا
- لماذا لا يؤمن المصريون بأن مصر بلدهم؟
- ارفعوا أيديكم عن المغرب
- رسالة عتاب من إبليس إلى المسلمين
- السجونُ الأردنيةُ تخرج لسانها للسجون العربية
- العراق يحترق بنار الطائفية والكراهية و .. قوات الاحتلال
- التونسيون يتنفسون بأمر الرئيس
- محاولات لتخريب الشخصية المصرية


المزيد.....




- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد المجيد - مرارة التَدَيّن وعالَم الكراهية