برهوم جرايسي
الحوار المتمدن-العدد: 2077 - 2007 / 10 / 23 - 10:59
المحور:
الادارة و الاقتصاد
*العبء الضريبي في إسرائيل أعلى بنسبة 15% من معدل العبء في الدول الصناعية المتطورة *الضرائب تشكل 63% من ميزانية إسرائيل للعام القادم *المدخول من الضرائب على البورصة ارتفعت بـ 400% مقارنة مع العام 2003 *جباية الضرائب تسجل فائضا في العام الجاري بقيمة 3 مليارات دولار ستصرف غالبيتها على تسديد جزء من الدين العام*
اعترف التقرير السنوي الصادر عن مديرية مداخيل الدولة في وزارة المالية الإسرائيلية، في الأسبوع الماضي، بأن العبء الضريبي في إسرائيل أعلى بنسبة 15% من معدل العبء في الدول الصناعية، في حين أن معطيات وزارة المالية تتوقع أن تشكل مداخيل الضرائب في العام القادم 2008، ما نسبته 63% من الميزانية العامة.
ويتضح من التقرير أن العبء الضريبي الذي يدفعه المواطنون لوزارة المالية وصل في العام الماضي 2006 إلى ما نسبته 28,5% من الناتج المحلي، وبإضافة رسوم الضمان الاجتماعي والصحي التي تخصم من الرواتب، والضرائب التي تجبيها المجالس البلدية والقروية، فإن النسبة ترتفع إلى 37%، في حين أن معدل العبء الضريبي في الدول الصناعية المتطورة المنضوية في منظمة (OECD) يصل إلى 32,2%، ولو أن إسرائيل كانت عضوا في هذه المنظمة، لاحتلت المرتبة 14 من أصل 31 دولة في هذه المنظمة الدولية.
وحسب التقرير فإن العبء الضريبي المباشر في إسرائيل بلغ في العام 2004 ما نسبته 19% من الناتج بينما المعدل في منظمة دول (OECD) كان في ذلك العام 21%، إلا أن ما يرفع العبء الضريبي في إسرائيل هو العبء الضريبي غير المباشر، الذي يصل إلى قرابة 18%، مقابل أكثر بقليل من 10% في دول (OECD).
ويقول التقرير إن ما يزيد العبء الضريبي هو تدني مداخيل المواطنين في إسرائيل مقارنة مع دول الغرب، ففي العام 2005 بلغ معدل الناتج المحلي للفرد 26 ألف دولار، وهو ما يعادل 62% من معدل الناتج للفرد في الولايات المتحدة، وحسب هذا المقياس، فإن إسرائيل كانت ستحتل المرتبة 22 من أصل 31 دولة في منظمة (OECD) الدولية السابق ذكرها.
وجاء أيضا أن المستقلين في سوق العمل في إسرائيل يشكلون 13% من القوى العاملة، ومداخيلهم غير الصافية تساوي ضعفي مداخيل الأجيرين، إلا أن حصتهم في ضريبة الدخل لم تكن بنفس القدر، فقد كانت أعلى بـ 33% فقط من الضريبة التي يدفعها الأجيرون، أي أن معدل الضريبة لدى المستقلين كان 20,6% مقابل 14,9% لدى الأجيرين.
ويرى التقرير أن هذا العبء في إسرائيل قد يرتفع من 37% إلى 41% في حال تم سن قانون راتب التقاعد الإلزامي، الذي سيقتطع من الرواتب، لغير المنظمين في أي برنامج تقاعدي، نسبة 5% من دخلهم الصافي، وهو قانون من المتوقع أن يقره الكنيست الإسرائيلي في الدورة الشتوية الجديدة، بحيث يكون التوفير لراتب تقاعدي، عدا مخصصات الشيخوخة التي تدفعها مؤسسة الضمان الاجتماعي، أمرا إلزاميا.
وعلى الرغم من ذلك، فإن التقرير يدعي أن العبء الضريبي يقع بالأساس على أصحاب المداخيل العالية، إذ يظهر أن 47% من الجمهور الذي عليه دفع ضريبة الدخل لم يصلوا إلى خط الحد الأدنى الملزم بدفع ضريبة دخل، وهم 36% من الرجال و62% من النساء، إلا أن مداخيل الضرائب في العام الماضي ارتفعت بنسبة 11%، وهو ارتفاع حاد جدا قياسا مع سنوات سابقة.
ويقول التقرير إن هذه الزيادة الحادة ناجمة عن صفقات خصخصة القطاع العام، وأيضا نتيجة عمليات بيع شركات كبرى، ومن دون هذه الصفقات كانت الزيادة في جباية الضرائب ستصل إلى 8%، وهي أيضا نسبة عالية جدا مقارنة مع سنوات سابقة، وهي أعلى بضعف ونصف الضعف من نسبة ارتفاع الناتج المحلي.
ويذكر في هذا المجال أن سلطة الضرائب أعلنت في الشهر الماضي، أيلول/ سبتمبر، أن لديها حوالي 2,5 مليار دولار فائضا من دفع الضرائب، وترفض وزارة المالية تحويل هذه الأموال لميزانية الدولة لسد العجز الذي يتراوح 2% حتى الآن، أو تحويله إلى ميزانيات الخدمات الاجتماعية مثل التعليم والصحة الرفاه، التي عانت في السنوات السابقة من تخفيض كبير فيها.
ويدعي التقرير أيضا أنه على الرغم من النسب السابقة، فإن نسبة ضريبة الدخل المباشرة على الرواتب المتدنية هي أقل من مثيلتها في الدول المتطورة، في حين أن ضريبة الدخل المباشرة على الرواتب العالية هي أعلى من مثيلاتها في دول منظمة (OECD)، ولكن ما يزيد نسبة الضرائب، كما ذكر سابقا، هو الضرائب المكملة، مثل ضريبة القيمة المضافة على المشتريات التي تبلغ نسبتها 15,5%، المفروضة على جميع المشتريات تقريبا، والضرائب على المسكن والسيارات وغيرها.
ويذكر في هذا المجال أن نسبة ضريبة الدخل والرسوم الاجتماعية والصحية التي يدفعها الأجير الذي يترواح دخله الصافي (بالنسبة للرجال) من 1600 دولار إلى 2300 دولار، تتراوح من 20% إلى 26%، وهذا يشمل أيضا حصة الأجير المنظم في تأمين التقاعد.
أما بالنسبة للنساء فإن هذه النسبة قائمة من حيث المبدأ، ولكن هناك تسهيلات ضريبية تدفع للمرأة بشكل عام، ثم تضاف تسهيلات أعلى للمتزوجات ولهن أولاد دون سن 18 عاما.
وهذا الأمر يسري أيضا على الضرائب المفروضة على الشركات في إسرائيل، فعلى الرغم من أن الضريبة المفروضة على هذه الشركات انخفضت خلال أربع سنوات من 36% إلى 31%، إلا أنها تبقى أعلى من معدل مثيلتها في دول منظمة (OECD)، إلا أن هذه الضريبة من المتوقع أن تشهد انخفاضا تدريجيا إلى نسبة 25% حتى العام 2010.
ويذكر هنا أن وزارة المالية والحكومة أقرت في العام 2005 برنامجا لتخفيض العبء الضريبي حتى العام 2010، ومن يستفيد من هذا البرنامج بالأساس هم أصحاب المداخيل العالية جدا، الذين كان أعلى سقف ضريبي على مداخيلهم حتى قبل أربع سنوات يصل إلى 60%، وهذا يشمل الرسوم الاجتماعية والصحية، ولكن هذه النسبة لا تشمل كل الراتب بل أجزاء منه، ليصل بالمعدل إلى حوالي 40%، أما اليوم فإن السقف الأعلى لهذه الضريبة هو 49%، وهي نسبة تصل لدى الذين يبلغ راتبهم الصافي من خمسة آلاف دولار شهريا، وما فوق.
وتوصي مديرية الضرائب بتصحيح "الخلل" القائم في الضرائب المفروضة على الأرباح من البورصة والمداخيل من الخارج للأفراد، وهي نسب ضريبية عالية، إضافة إلى وقف عملية تقليص التسهيلات الضريبية.
ويقول التقرير إن التسهيلات الضريبية على مختلف أنواعها ستصل في العام القادم 2008 إلى قرابة 8,6 مليار دولار، وهي ما نسبته 18% من مداخيل الدولة من الضريبة، و5% من الناتج المحلي.
مداخيل ضريبة البورصة ارتفعت بـ 400%
من جهة أخرى يتضح من تقرير المحلق الاقتصادي في صحيفة "يديعوت أحرنوت"، أن مداخيل الضرائب المفروضة على أرباح البورصة في إسرائيل قد تصل في العام الجاري إلى مستوى غير مسبوق، 1,1 مليار شيكل.
ويشكل هذا المستوى الأعلى منذ أن تم فرض هذه الضريبة، ارتفاعا بنسبة 400% مقارنة مع مداخيل هذه الضريبة في العام 2003، حين بلغ حجمها الإجمالي 320 مليون دولار، (حسب سعر صرف الدولار اليوم في حدود 4 شيكلات).
ولكن هذا الارتفاع لم يكن مفاجئا بل تدريجيا، ففي العام 2004 بلغ حجم هذه الضريبة 450 مليون دولار، وفي العام 2005 حوالي 520 مليون دولار، وفي العام 2006 حوالي 875 مليون دولار.
وتبلغ نسبة الضريبة على أرباح البورصة 25% يجري خصمها لدى سحب ألأموال من البورصة، إذ يجري احتساب المبالغ التي تم ايداعها، والأرباح الحاصلة.
ويرى محللون أن مداخيل الضريبة المفروضة على أرباح البورصة كان من المفترض أن يكون أعلى لولا الانهيار في البورصة الذي بدأ في الأيام الأخيرة من شهر تموز/ يوليو الماضي، إذ تراجعت البورصة في أسبوع واحد بنسبة حوالي 14%، ولكن منذ النصف الثاني من شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، وحتى مطلع الأسبوع سجلت البورصة ارتفاعات جعلتها تعيد حوالي 12% من نقاطها، وهذا خلافا للتوقعات السابقة التي توقعت استمرار إنهيار البورصة المحلية، متأثرة من بورصات العالم.
ويذكر في هذا المجال أن الضريبة تفرض أيضا على أرباح التوفيرات العادية، وتصل إلى 25%، إلا أن هذه الضريبة المفروضة على الأرباح لا تأخذ بعين الاعتبار ما يدفعه المدخر من عمولات بنكية على برامج التوفير، كما أن الأرباح من سحب اليانصيب والرهانات على مباريات كرة القدم، خاصة لضريبة بنسبة 25% على كل مبلغ فوق 70 ألف شيكل، أي ما يعادل 17500 دولار.
63% من ميزانية الدولة من الضرائب
وتتوقع مديرية الضرائب أن تصل مدخولات خزينة الدولة الإسرائيلية، في العام القادم 2008 إلى 190 مليار شيكل، وهو ما يعادل 47,5 مليار دولار، وهي تشكل نسبة 63% من ميزانية الدولة للعام القادم البالغة حوالي 76 مليار دولار.
إلا أن المحللين يرون أن هذه معطيات حذرة جدا، ومطابقة لمعطيات العام الجاري 2007، رغم أن التوقعات هو أن ترتفع مداخيل الدول من الضرائب إلى أكثر من ذلك، إلا أن وزارة المالية تتجنب رفع توقعات الضريبة لكي لا ترفع حجم الميزانية العامة، كما يقول المحلل الاقتصادي في صحيفة "ذي ماركر"، موطي بسوك.
وتبين انه خلافا لتصريحات سابقة، فإن الحكومة ستستغل الفائض الضريبي الحاصل في العام الجاري، والذي بلغ حتى الآن 3 مليارات دولار، لتسديد جزء من الدين العام.
وحسب التوقعات فإن زيادة الناتج المحلي في العام القادم كان سيرفع مداخيل الضريبة بقيمة 10 مليارات شيكل، ما يعادل 2,5 مليار دولار، إلا أنه بسبب التعديلات الضريبية المتوقعة فإن هذه الزيادة ستتقلص بحوالي 7 مليارات شيكل، 1,75 مليار دولار، لتبقى الزيادة الصافية، حسب التوقعات في حدود ثلاثة مليارات شيكل، أي 750 مليون دولار، وترتفع من 187 مليار شيكل في العام الجاري إلى 190 مليار شيكل.
#برهوم_جرايسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟