لا اعتقد ان الذين قاموا بالتفجيرات سيفرحون لاعداد العراقيين الذين سقطوا نتيجة فعلتهم بقدر فرح واحتفال عدد من الإعلاميين العرب الذين تحولت الصفحات الأولى لصحفهم في بيروت ولندن ودول عربية أخرى إلى بوسترات إعلان وحفاوة بالمئتين وواحد واربعين قتيلا خلفتها تفجيرات ( استشهاديين )على تعبيرهم. دون ان يذكروا أن امريكيا واحدا فقط كان من بين المئتين وواحد واربعين قتيلا والبقية من ابناء الخايبة العراقيين الابرياء الذين هبت على حياتهم اعاصير سوء الحظ منذ اكثر من خمسة وثلاثين عاما وماتزال، فمن مفارقات الدنيا ان الشعب العراقي هو الشعب الوحيد الذي يدخل حروبا عديدة ولم يحارب حتى الان، كل الحروب التي دخلها كانت حروب الاخرين ، من حروب الاتراك ودول المحور ودول التحالف وحروب صدام الى الحرب الامريكية لازالته واحتلال البلاد ثم الحرب على الاحتلال التي لم يعرف احد من هم جيوشها بالضبط.
محررو مانشيتات الصحف العربية التي احتفلت بجثث الطلبة الابرياء والاطباء والمهندسين وموظفي الصليب الاحمر ، هم اعداء صريحون في دائرة الصراع الملتبس في العراق ، ليست القضية امريكا تبقى او تخرج او تزول او تتحول الى دولة اسلامية وتنضم علنا الى جامعة الدول العربية ،بل القضية هي العراق وشعب العراق الذي لم يهنأ يوما ولم يستقل منذ نشوئه حتى الان ، فالعراق البلد الوحيد الذي انشيء محتلا وحكمه غرباء دمويون ومرضى من خارج ابنائه.
العراقيون المساكين الذين استمعوا الى عبارة جورج بوش وهو يقول : ان العراق بلد خطر الان وساحة للارهاب اصابهم الذهول، فاذا كان الامريكي المدرع والمسلح الذي يرتدي كل ازياء الوقاية والحماية والحيطة ،يقول ان العراق بلد خطر فماذا يقول المواطن الذي يخرج الى السوق والطالب الذي يذهب الى المدرسة والمراة والطفل ،لاشك انهم رهائن واهداف لفرق الموت مثلما كانوا رهائن وحطبا لسياسة ونيران وحروب صدام حسين، فالى من انت قربان ايها العراقي، والى من نذر دمك الذي اصبح نهرا ثالثا في بلادك، وكم لك من الاعداء يخرجون لك من كل الجهات ، اعداء يصومون عن العقل ويفطرون بدمك وينتهكون ارضك ويحتفلون كالمجانين بجثث ضحاياك.
فهل هو خطأك انك محكوم بالنار والحديد،؟ وهل هو خطأك انك تساق الى حروب في الشرق والغرب والشمال والجنوب ؟،وهل هي مسؤوليتك ان امريكا ضد الشعوب ام معها ؟ ،وهل هي جريمتك ان بلادك نهبت وارضك انتهكت ومستقبلك صودر ودمك يباح وأملك يتعثر؟ فلمن لمن انت قربان ايها العراقي؟ وانت الذي لم تهدأ ولم تهنأ و لم تعد تميز بين العدو والاخ والصديق والحرب والسلام.