اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة
(Asmaa M Mustafa)
الحوار المتمدن-العدد: 2076 - 2007 / 10 / 22 - 10:54
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
كثيراً ما تأ خذني سفن الذاكرة وتبحر بي الى اعماق الماضي حيث كنت تلميذة صغيرة اضع اشرطة بيضاً في شعري، وارتدي صدرية زرقاء اللون وقميصاً ابيض، واحمل حقيبة تحتفظ باحلامي بين اغلفة الكتب.
كانت امي تقبل جبيني كلما خرجتُ الى المدرسة، وأبي يمنحني هدية نجاحي نهاية كل عام، ومعلمتي تربت على كتفي اعتزازاً باجتهادي..
لم اتذوق طعم الدمعة حينذاك. ولست اذكر ان الابتسامة فارقت شفتي يوماً، فالامور يسيرة والحياة بسيطة وخالية من التعقيدات.
كثيرا ما اتذكر ملامح البراءة تلك، فتنساب دمعة حارة من عيني، ارثي بها تلك الصورة الجميلة التي حُرِم بعض صغارنا من اللعب ضمن حدود اطارها الذهبي.. صغارنا غادروا طفولتهم رغماً عنهم، خلال سنوات الحصار، اذ تركوا مقاعدهم الدراسية خاوية الاّ من بصمة ابهام او بقايا قلم مكسور او قطعة ممحاة متسخة.. تركوها وانطلقوا الى الشوارع يعملون من اجل قوت يومهم، وان لم يكن من اجل لقمة العيش، فمن اجل ارضاء اطماع اهاليهم.
اولئك الصغار لم يعودوا يحلمون، فقد سلبت الاحلام منهم بالقوة من قبل، وهاهي ظروف اليوم تسلبهم ما تبقى بفعل المفخخات، وتضيف اليهم المزيد من اترابهم اليتامى..
انهم لا يعرفون معنى ان تطبع الام قبلة على جبين ولدها قبل ذهابه الى المدرسة.. لايدركون معنى ان يحمل تلميذ شهادة مرصعة بالدرجات العالية. وبالتالي فهم مشروع جيل أمي او شبه امي، ومنحرف.
ان الخوف من تفشي امية جديدة بين صفوف ضحايا الحصار والحروب بالامس، والتخلخل الامني اليوم، بما تشيعه هذه الامية من مفاهيم سلبية وسلوكيات منحرفة هو الذي يدفعنا لتوجيه نداء الى كل من تعنيه ابتسامة طفل وسط كل هذا الالم، ليحاول مد ّيده الى هذا المخلوق الشفاف البرئ الذي فقد معيلة بسبب المرض او الفقر او السيارة المفخخة التي تحرق كل ماهو جميل حتى احلام الاطفال الذين تتصاعد تاوهاتهم لتحتل عيونهم الباكية مكان صورة طفولتي القديمة.
#اسماء_محمد_مصطفى (هاشتاغ)
Asmaa_M_Mustafa#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟