أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - مهران موشيخ - لجنتان متوازيتان للوصول الى دستور واحد















المزيد.....

لجنتان متوازيتان للوصول الى دستور واحد


مهران موشيخ
كاتب و باحث

(Muhran Muhran Dr.)


الحوار المتمدن-العدد: 2075 - 2007 / 10 / 21 - 08:56
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


نشرت صحيفة بغداد في عددها 1487 الصادر بتاريخ 17 - كانون الاول - 2006 مقالا لكاتب هذه الاسطر بعنوان (لجنتان متوازيتان للوصول الى دستور واحد ! ) ، ومنذ ذلك التاريخ اشتدت الاعاصير التي هبت على العراق وجلبت معها المزيد من الكوارث البشرية والاقتصادية والفكرية وصاحبتها تنوع المطبات السياسية مسببة سقوط عشرات الالاف من الضحايا .... على امتداد الاشهر العشرة الاخيرة استمر التراخي في اواصرالتحالفات الحزبية المحاصصاتية وانكشفت احلام الجهات التي تسعى الى تقسيم العراق بسلاح الاقاليم واستحواذ ثروة العراق باستخدام مصطلح النفط ملك كل الشعب العراقي ، طيلة العشر الاشهر الاخيرة لم يحدث اي تقدم نوعي اوتطور ايجابي في مجمل الميادين الخدمية او اطر الاداء الحكومي . ان هذا الواقع الاليم دفعنا الى اعادة نشر المقال بعد عشرة اشهر للاطلاع على مدى اهمية التقييم الموضوعي والاستقراء السليم للاحداث لاستباقة الزمن في انقاذ العراق ارضا وشعبا قبل فوات الاوان ... ونترك الحكم الى القارئ الحكيم .

لجنتان متوازيتان للوصول الى دستور واحد!

بقرار من مجلس النواب تم مؤخرا تشكيل لجنة برلمانية مهمتها تعديل فقرات الدستور وعرضه على مجلس النواب للمصادقة عليه وبموازاة هذه اللجنة وبفارق ايام قلائل انبثقت لجنة اخرى من مؤتمر المصالحة الوطنية كلفت بنفس المهام ( تعديل فقرات الدستور ) . مفارقة يصعب فهمها ولا يجوز تجاوزها الا وهي تشكيل لجنتين منفصلتين متباينتين في الروى السياسية والمنطلقات الفكرية والتمثيل الحزبي لارساء قواعد دستور واحد !، يا ترى توصيات اي اللجنتين خاضعة لتوصيات اللجنة الاخرى ، ووفق اية اسس سيجري التفاضل بين توصيات اللجنتين ، وباية آلية ، وما هو السقف الزمني للوصول الى موقف محدد ..؟. مما لا ريبة فيه ان الهوة الفكرية والمصالح الذاتية الفئوية بين اللجنتين واسعة كما هي واسعة داخل كل لجنة منفردة لحالها ، وازالة مساحة الفوارق هذه بين جميع الاطراف الحزبية والالتقاء حول مفصل واحد ليست عسيرة الا انها
لا تتم عبر تعددية اللجان وانما عن طريق تكريس مشروع وطني بنكران ذات الحزبية والفئوية بكل اصنافها ومسمياتها .
ان جميع الخطب الاعلامية للفرقاء المتحالفين في الرئاسات الثلاث كانت ولا تزال متجانسة وتؤكد على وحدة العراق ارضا وشعبا على قاعدة الاقاليم وان النفط هو ملك الشعب العراقي باجمعه ، ولكن هذه القوى لم تفلح في اخفاء طبيعة الصراع الدائر بينها لان الواقع السياسي المعاش قد كشف النقاب عن جوهر الصراع القائم بين الكيانات العراقية الحزبية الطائفية منها والاثنية ، بانه ليس صراعا يحوم حول توزيع الحقائب الوزارية والمقاعد البرلمانية اوالموقف من الخطط الامنية وما الى ذلك وانما هو صراع سياسي غايته اقتسام الثروة النفطية وتكريس ذلك بفقرات دستورية تحت بند الاقاليم والفيدرالية . ولهذا الغرض بالذات تبذل محاولات جادة لتشكيل اكثر من تحالف سياسي جديد بين اطراف متحالفة متنازعة تجمعهم موقف موحد من مضامين الدستور ولكن ، بمحاور حزبية ، وعليه يصعب التكهن بان هذه المحاولات ستتكلل يوما ما بالنجاح لان ارضية النقاشات والحوارات لتحالفات جديدة تبقى هشة وهزيلة لافتقارها الى مشروع وطني يستند على قاعدة سياسية واجتماعية واسعة ومتينة . البعض من هذه القوى السياسية قيم الدستور على انه ملئ بالتناقضات ويحتاج الى اعادة بنائه مجددا وهناك البعض من يدعو الى اجراء بعض التعديلاتات الشكلية دون المس بروح الدستور، في حين هناك من يقيم الدستورعلى انه في مصف الكمال والاقاليم تمثل الواجهة المشرفة للدستور معززا هذا التقييم بتبريرات ساذجة عن طريق مقارنات لا منطقية مع نماذج من دول لا يجمع عراقنا الحبيب واياهم اي واقع مشترك حضاري ـ سياسي ـ اجتماعي ـ اقتصادي . منذ نصف قرن واكثر يتم تداول السلطة السياسية في هذه البلدان سلميا بنتيحه انتخابات ديمقراطية نزيهة وشفافة ، الديمقراطية تمثل محور النشاط اليومي للعملية السياسية سواء في حكومات او برلمانات هذه الشعوب التي ادركت واستوعبت المفاهيم الديمقراطية وتلتزم بقواعدها في التطبيق منذ خمسينات القرن الماضي ، كل كيان حزبي عندهم يمتلك برنامج متكامل سياسي اجتماعي اقتصادي ثقافي وامني تضمن سلامة البلاد باكمله ورفاهية الشعب بمجمله ، ولا بد من الاعتراف هنا وبالم ، الفارق الكبير في درجة التطور الفكري - الثقافي وسعة مساحته بين الجماهير بل وحتى النخب السياسية ، واخيرا استقرار الحالة الاقتصادية واستتباب الوضع الامني التي تعيشها شعوب هذه الدول منذ 60 عاما ، كل هذه المعطيات تسقط موضوعية معالجة حالة الفيدرالية في العراق بالمقارنة مع دول متقدمة مثل المانيا او سويسرا او كندا او امريكا الخ .
ان الاختلاف في وجهات النظر بين الكتل والاحزاب عندنا كبيرة لدرجة انها اصبحت عند بعض المفاصل في تقاطع تام مع مواقف الطرف الاخر وتجد غالبا انعكاساتها الماساوية الدموية على حياة وامن الجماهير المسالمة . والخلافات ليست حول السبل الكفيلة في تحقيق افضل المنجزات للبلد وتقديم جليل الخدمات الاجتماعية وافضلها للشعب وانما هو امتداد للخلافات حول اغتنام ريع الثروة النفطية بعناوين وطنية ولكن بواقع المحاصصة الجغرافية الطائفية والاثنية ، المحاصصة التي اصبحت في عراق اليوم من مسلمات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بل وحتى الامنية . ان غياب الثقة المتبادلة وهيمنة الشكوك بين اطراف { الاتحادية } في المراكز السيادية بدل المصارحة والمصالحة قد زاد في الفترة الاخيرة من تعقيدات الامور واثر سلبا على العملية السياسية اليومية ووفر الاجواء الخصبة امام الاعداء في تصعيد الارهاب ونشر المزيد من الرعب وثقافة القتل والتهجير على الهوية وخلق ازمة سياسية سبب زعزعة سلطة الدولة وغياب هيبة الحكومة .

ان المدخل الى موضوع تعديل فقرات الدستوريقودنا بالضرورة الى تحديد الاسباب الكامنه وراء تباين المواقف من المحاور المفصلية للدستور وهذا يتطلب وقفة جادة عند الآفة التي ضربت باوزارها مجمل العملية السياسية وترتب عنها توقف عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية وشلل قطاع الخدمات الاساسية ، آفة لا تزال رغم كل خطابات { الديمقراطية والوطنية } فاعلة ونشطة على مسرح الحياة السياسية ونقصد بذلك ، وباء المحاصصة الطائفية الذي ما انفك الراي العام المحلي والعربي والعالمي يوجه الانتقادات اللاذعة لهذا المنهج الفاشل في قيادة دفة البلاد . ان قرار مجلس النواب في تشكيل لجنة تعديل فقرات الدستور قد خيبت امال الجماهير مجددا لان اللجنة تشكلت مرة اخرى على اساس المحاصصة وجرى حصر رئاستها على ممثلي الرئاسات الثلاث في تشكيلة الحكومة دون الاتعاض من التجربة المريرة التي نعيشها يوميا بسببه ، المحاصصة الطائفية والقومية سلوك لا ينسجم بل يتعارض مع المبادئ الديمقراطية ، الدستور ملك الشعب العراقي وهو لم يشرع لفترة برلمانية واحدة كما هو الحال في تشكيلة الحكومة ، وانما على امتداد الاجيال القادمة ، لذا فالدستور وكما هو معلوم ، لا يشكل غنيمة لفئة سياسية معينة فازت في الانتخابات السابقة بتاثير عوامل وظروف ، يقينا ، انها لن تتكرر في الانتخابات القادمة ، لان مشاعر الاحباط وتمزق احاسيس الانتماء الى هذه الكتلة السياسية او ذاك الحزب والذي اصاب ملايين الناخبين من اهالي واقرباء ضحايا الارهاب الى جانب الملايين التي هجرت قسرا داخل العراق وخارجه بل وداخل احياء العاصمة على ايدي { مجهولين } ستجد حتما انعكاساتها الجسيمة على نتائج الانتخابات القادمة بالاضافة الى الفشل الذريع للحكومة في توفير الحد الادنى من مستلزمات الحياة اليومية ...، ان عجز البرلمان عن تحقيق شئ ملموس للجماهير في المجال الامني والخدماتي قد خلق فجوة من ارهاصات عدم الثقة بين الناخب وبين البرلمان ، فجوة ما انفكت تزداد اتساعا وعمقا واخرها بسبب الزيارة الجماعية لحج بيت الله الحرام من قبل نصف اعضاء ممثلي الشعب في مجلس النواب ودون المبالاة الى توقف اعمال جلسات البرلمان واهميتها الاستثنائية في هذا الظرف العصيب ...الاحزاب تتعرض لانشقاقات ، تتفكك كتل سياسية كانت متحالفة بالامس وتظهر استقطابات فئوية وتحالفات سياسية جديدة حتى خلال فترة انتخابية واحدة ، وهي ظاهرة طبيعية تؤكد ديناميكية العملية السياسية ، في حين يبقى الدستور صامدا ينير درب الاجيال دون الانصياع لرغبات او املائات تخدم طموحات تيارا او فئة ما ، فالدستور ملك الجماهير ويكتب من اجل حماية حقوق جميع ابناء الشعب . في هذا السياق يتسائل المرء هل ان المجتمع العراقي خالي من الاكاديميين الفنيين والحقوقيين الصادقين والمفكرين الوطنيين والمثقفين المخلصين ، من هم خارج حلقة الاحزاب الفائزة او خارج دائرة العملية السياسية عموما ، مواطنين مستقلين ولكن بهوية وطنية مؤهلين للمساهمة المباشرة في اعمال لجنة اعادة النظر بالدستور بغرض تعديل فقراته المرتبكة ؟ ، الجواب متروك لرئاسة اللجنة التي شاركت في كتابة وصياغة الدستور في المرة الاولى واتبعت مقاييس سلم المحاصصة في تركيبتها التمثيلية ، وهي تحاول اليوم تعديل ما اقرته وباستعمال نفس الالية !.
اما الحديث عن مكانة المراة ودورها في هذه اللجنة يبدو انه من احلام الامس ...!، المراة والطفولة موضوعان من صلب مفهوم بناء عراق الغد السعيد ، ان ضمان المستقبل الزاهي للشعب لا يتحقق بامتلاك الدولة لاكبر احتياطي من النفط والغاز والذهب والفحم الحجري وما الى ذلك ، ما لم يكرس في الدستور موقف ثابت وواضح في احتضان الدولة للمراة وضمآن حقوقها وحماية الطفولة ورعايتها فهما ضمانة المستقبل ومادة الصيرورة . ان الموقف من موضوعة المراة والطفولة في الدستور يشكلان معا احد الاركان الاساسية من مفهوم المواطنة ،وهو مؤشر صريح لوطنية وديمقراطية الدستور ولا يتحقق هذا الموقف الا من خلال المساهمة الفعالة للمراة العراقية وايعاز باب المراة في الدستور لها كي تكتب هي عن سبل الخلاص من معاناتها ووضع الاسس السليمة للانعتاق والتحرر الاجتماعي وصولا الى المساواة الفعلية في تحقيق العدالة الاجتماعية بالمفهوم الانساني المعاصر . اي كلام واية جملة لغوية في الدستور ، مهما كانت منمقة وباهية في الصياغة ، لا يمكن ان توصف بالديمقراطية وهي تهمش اكثر من نصف المجتمع وتسلب حقوقها في المساهمة في بناء هذا البلد وتحرمها من حق الدفاع عن حقوقها والمطالبة بحريتها الانسانية . لا يجوز لدستور ما ان يكتب له النجاح وان يحضى بتاييد واعتراف الجماهير العراقية والمحفل الدولي اذا غابت عنه بصمات المراة العراقية ، الممثلة الشرعية والوحيدة لحقوق المراة العراقية والمؤهلة في الدفاع عن حقوقها ونيل حريتها ، لن يرضي المراة العراقية منحها فقط حق البكاء يوميا على اثر مقتل والدها وذبح شقيقها واختطاف ابنها واستشهاد زوجها ، ولن تهدا يوما فيما لو اقتصر مكسبها من التحرر من نير الدكتاتوزية على تحولها الى ارملة ، موقعها خلف جدران الدار ، وواجبها رعاية ابنائها اليتامى ، وهي التي ساهمت ببسالة ومنذ عقود طوال من اجل التحرر والديمقراطية ، درست وتخرجت من الجامعات والمعاهد عملت وانتجت وابدعت وحملت السلاح وقاتلت ودخلت السجون وعانت من تعذيب وسقطت شهيدة ... على الدستور ضمان حياة شريحة المراة مع اطفالها وتوفير كل مستلزمات الحياة لها من امومة وحضانة ، دراسة وعمل . نتسائل هنا ماذا يميز المراة العراقية عن اقرانها اللاتي يتصدرن قيادة حكومات دول غربية كبرى باتت اليوم تتحكم في مسيرة شعوب الكرة الارضية بما فيها العراق ؟ .
لقد مضى على كتابة الدستور قرابة العام والنصف وخلال هذه الفترة تفاقمت وبشكل مرير ولادة شريحة اجتماعية جمعت كل مكونات المجتمع العراقي وبدون ادنى تمييز من اكراد سنة وشيعة وعرب سنة وشيعة وتركمان وصابئة مندائيين وكلدو اشوريين وازيديين وشبك وارمن ، هذا الطيف البشري الجميل الخلاق الذي جمعته عبر التاريخ العريق لشعبنا وحدة المواطنة العراقية تجمعهم اليوم ماساة واحدة انهم اهالي ضحايا الارهاب { شهداء ومعوقين }والمهجرين قسرا ، عددهم ومهما تواضع الرقم يفوق عن 4 ملايين . نحن امام كارثة انسانية وطنية ولدت بعيد ولادة الدستور على طبق المحاصصة ، ان جسامة وماساوية هذا الشرخ في البنية الديموغرافية لنسيج المجتمع العراقي يتطلب معالجته دستوريا ويقع على عاتق الدولة العراقية مسئولية ايجاد الحلول الناجعة الانية والبعيدة المدى لهؤلاء الملايين لانقاذهم من شبح واوهام الطائفية والعرقية التي اصبحت هاجسهم المقيت والمرعب واعادة دمجهم في المجتمع وفي سوق العمل والمؤسسات التعليمية وتوفير المستلزمات الضرورية لعودتهم من خارج الوطن ومن داخله ... يستحيل تجاوز هذه المعضلة ببيان حكومي او نداء سياسي او خطاب يحرك المشاعر وانما المسالة تتطلب بالضرورة توفير الظروف الامنية واسترجاع اجواء البيئة الاجتماعية التعايشية واعادة الثقة بالحكومة ونشر ثقافة المحبة والتسامح ومحاربة النزعة الانتقامية مع التفعيل السريع والنزيه والهادئ للعدالة لمتابعة ومحاكمة ومعاقبة المجرمين القتلة ايا من كان ... انها مهمة ليست بالسهلة ولا يمكن ان تخضع لاجتهادات فئوية وانما يجب ان تصاغ بفقرات دستورية ، انها مشكلة وطنية تشمل شريحة اجتماعية تعدادها يتجاوز مجموع سكان اكثر من دولة عضوة في الامم المتحدة !.

واخيرا لا بد من تاكيد حقيقة اخرى متمثلة في تناول اللجنة المنبثقة عن مجلس النواب مهمة تعديل بعض من فقرات الدستور وهذا التوجه بحد ذاته خطأ جسيم لا يجوز اعتباره خطأ فنيا ، انه اجراء ينم عن جهل او تجاهل لفلسفة الدستور ومحتواه الشرعي واهميته المصيرية في حياة الشعوب ، فالدستور ليست مجموعة قوانين فيزيائية جمعت في كتيب للتدريس ، وانما معالجة فكرية لمنظومة حقوقية وشرعية وسياسية واجتماعية واقتصادية برؤية مستقبلية وبافق استراتيجي اختزلت في لائحة تحمل اسم الدستور ويقتضي ان يحضى بتاييد القسم الاعظم من الشعب ، وليس لاستجابة كيانات سياسية او لنخبها ، وعليه من الاولى بطبيعة الحال اعادة النظر بالدستور باكمله لتحقيق عنصر الرصانة والترابط والتكامل في محتوياته بخلاف ما هو علية الان من تناقضات بين فقراته وبنوده .

ان الاستغلال السليم للثروة النفطية جيولوجيا واقتصاديا يتطلب الدراية الكافية وامتلاك ناصية العلم والقدرة العالية والكفائة في الادارة السليمة لعملية البحث واكتشاف واستخراج وتصنيع وتسويق النفط والغاز ومشتقاتهما ومن ثم الاستثمار الوطني السليم للارباح المتراكمة من هذه المنظومة في الدعم المستمر لتكوير قطاع الهيدروكاربونات ، وفي وفي نفس الوقت توظيف جزء من العائدات في تنشيط وتنمية القطاعات الاستراتيجية الاخرى منها القطاع الزراعي والصناعي والعمراني والسياحي والتجاري واسواق المال الخ ، وهذا لا يتحقق الا بتسليم زمام الامور ، باعتبارها مسئولية وطنية الى تكنوقراط نزيهين من خبراء اكاديميين واخصائيين فنيين واستدراج وحث المهجرين { والمنفيين }بالعودة الى الوطن ... فبدون رجالات العلم والمثقفين لا يمكن تحقيق شئ سوى الجهل والتخلف . مع التاكيد مجددا على ان اولى اولويات الاهداف في استثمار العائدات من النفط والغاز يجب ان يكون بناء الوطن والاهتمام وتطوير وازدهار حياة المواطن العراقي بدون مسميات قومية او دينية او طائفية او حزبية . اذ يكفي التذكير هنا بان العراق كان له ريع ضخم وهائل من العائدات النفطية منذ البدء باستثماره في النصف الاول من القرن الماضي ، استفاد منه الجميع عدا الجماهير الشعبية ، عائدات النفط كانت تكفي لتوفير وانعاش مجتمع بشري متطور مزدهر عصري لضعف الحجم السكاني الذي نحن عليه الان بينما واقعنا ، وبعد 70 عاما من استخراج النفط وتصديره تجسده امية تعدادها 14 مليون الى جانب ملايين من المواطنات اللاتي جرى اقصائهن من ساحة الحياة العملية وحكم عليهن بالاقامة الجبرية خلف جدران المنزل ليصبحن عبيد الرجل ، 10 ملايين يعانون من المجاعة والفقر وبلد الرافدين يستورد ماء الشرب الى جانب النفط ومشتقاته !!! وهذه الماساة مستمرة في التفاقم ... اذن ما نحتاجه اليوم هو سياسة نفطية وطنية يقودها سياسيون وطنيون محنكون ويستندون الى طاقم وطني مسلح بالعلم والمعرفة اخصائيين حملة الشهادات العلمية العليا ذوي الكفائات العالية والمؤهلة لبناءالعراق الجديد العصري وليس لمتطفلين على السياسة ، عناصر هزيلة تقتات على انغام الطائفية والعرقية . العراق بحاجة الى حكومة تكنوقراط تفلح في جعل النفط والغاز تروة وطنية يمتلكها فعلا الشعب العراقي بعائدية وطنية ويتمتع بخيراتها الجميع . اذن السؤال الجوهري والمفصلي هنا لا ينحصر حول من سيتولى توقيع العقود وانجاز المشاريع النفطية وانما لمصلحة من ستستثمر عائدات النفط وعلى اية اسس ؟ . اذا استندنا في التوزيع على {مبدأ} المحاصصة ووفق مقاييس الطائفية والمذهبية فشعبنا لن يجني منه سوى المزيد من التخلف والفقر ...
وختاما لا بد من التاكيد هنا على موضوع يشكل عصب الحياة الاقتصادية والرئة التي تتنفس منها العملية التجارية في البلاد موضوع لا يجوز قطعا فصله او تمييزه عن الثروة النفطية الا وهو الميناء الذي يجب ان يبقى عراقيا شانه في ذلك شان النفط والغاز .

ان الملاحظات الآنفة الذكر حول الاقاليم والثروة النفطية والمهجرين والمرأة تشكل مع بعضها من وجهة نظرنا المحاور الاساسية للدستور وتنبثق منها مجمل النقاط الاخرى التي هي محط جدل الفرقاء ، والجماهير الشعبية ونخبها المثقفة على يقين تام بان السبيل الوحيد الى التوافق في انجاز دستور يضمن المستقبل السعيد لكل ابناء اطياف المجتمع العراقي لا يتم الا عبر توفر الارادة الوطنية الصادقة بجلوس جميع الاطراف الكفؤة والمؤهلة بغض النظر عن الهوية السياسية حول مائدة مستديرة بمشروع وطني
عنوانه ــ العراق وثرواته لكل العراقيين ـــ وبعكسه فان تمسك الفرقاء بالمصالح الذاتية الضيقة لا يمكن ان يقود الى الالتقاء .

ان ما يحتاجه اليوم شعبنا قبل الكهرباء والنفط والغاز هو ليس الدستور وانما الامن والطمانينة وايقاف حمامات الدم والهجرة القسرية واسترجاع البسمة التي اقتطفت من الوجوه ... ترى هل هناك حاليا ما هو اثمن من هذا المطلب ؟؟؟ .






#مهران_موشيخ (هاشتاغ)       Muhran_Muhran_Dr.#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اطروحة التقسيم ..لا فرق بين عراقي وعراقي الا بقدر الخوف على ...
- عمال اتحاد نقابات النفط انهم حماة ثروة الوطن وسيادته وليسوا ...
- مناقشة قانون النفط والغاز واجب وطني لمهمة مصيرية تخص السيادة ...
- الركض الماراثوني لاقرار قانون النفط اصطياد في الماء العكر
- لجنة مركزية عليا لتسليح العشائر ....هل تنصلت حكومة مالكي عن ...
- الضرب بيد من حديد .. ديمقراطية من طراز جديد ! .
- مفهوم المحاصصة في القاموس السياسي العراقي المعاصر
- النفط والاقاليم موضوعان لسياسة واحدة تحدد مصير العراق


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - مهران موشيخ - لجنتان متوازيتان للوصول الى دستور واحد