جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 2074 - 2007 / 10 / 20 - 12:42
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
في الآتي بعض من الجدل الذي أثاره موضوع: الأرض ليست "كروية" في القرآن.. وإليكم الأدلَّة!
عبد الغني بنكروم:
أشد على يدك بحرارة. نقطة ضوء جد مشرقة في دروب هذا الجواد البشيتي. كم أقدر فيك شجاعتك وتمكنك من المعارف الدينية والعلمية على حد سواء.
كل الود والتقدير والإعجاب الذي لم أخفه يوما.
عاشق الحقيقة:
ان ما تكتبه من مقالات علمية رائعة التي توضح مدى خرافة واكذوبة ما يسمى ب”الاعجاز العلمي”، واضافة الى مقالك فلقد كنت سابقا من مدمنين “كوكاكين” محاضرات ومؤلفات زغلول النجار ولقد استمعت له في احدى محاضراته يشرح معنى الآية : وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا” فذكر ان معنى دحاها يفسر بالأية التي تليها “أخرج منها ماءها ومرعاها” ، وتأكيدا لما ذكرته إليكم شرح الآية من موقع زغلول النجار:
جاءت هذه الآية الكريمة في مطلع الربع الأخير من سورة النازعات, وهي سورة مكية, تعني كغيرها من سور القرآن المكي بقضية العقيدة, ومن أسسها الإيمان بالله, وملائكته, وكتبه ورسله, واليوم الآخر, وغالبية الناس منشغلين عن الآخرة وأحوالها, والساعة وأهوالها, وعن قضايا البعث, والحساب, والجنة, والنار وهي محور هذه السورة.
وتبدأ السورة الكريمة بقسم من الله( تعالي) بعدد من طوائف ملائكته الكرام, وبالمهام الجسام المكلفين بها, أو بعدد من آياته الكونية المبهرة, علي أن الآخرة حق واقع, وأن البعث والحساب أمر جازم, وربنا( تبارك وتعالي) غني عن القسم لعباده, ولكن الآيات القرآنية تأتي في صيغة القسم لتنبيه الناس إلي خطورة الأمر المقسم به, وأهميته أو حتميته.
ثم تعرض الآيات لشيء من أهوال الآخرة مثل( الراجفة والرادفة) وهما الأرض والسماء وكل منهما يدمر في الآخرة, أو النفختان الأولي التي تميت كل حي, والثانية التي تحيي كل ميت بإذن الله, وتنتقل الآيات إلي وصف حال الكفار, والمشركين, والملاحدة, المتشككين, العاصين لأوامر رب العالمين في ذلك اليوم الرهيب, وقلوبهم خائفة وجلة, وأبصارهم خاشعة ذليلة, بعد أن كانوا ينكرون البعث في الدنيا, ويتساءلون عنه استبعادا له, واستهزاء به: هل في الإمكان ان نبعث من جديد بعد أن تبلي الأجساد, وتنخر العظام؟ وترد الآيات عليهم حاسمة قاطعة بقرار الله الخالق أن الأمر بالبعث صيحة واحدة فإذا بكافة الخلائق قيام يبعثون من قبورهم ليواجهوا الحساب, أو كأنهم حين يبعثون يظنون أنهم عائدون للدنيا مرة ثانية فيفاجأون بالآخرة…
وبعد ذلك تلمح الآيات إلي قصة موسي( عليه السلام) مع فرعون وملئه, من قبيل مواساة رسولنا( صلي الله عليه وسلم) في الشدائد التي كان يلقاها من الكفار, وتحذيرهم مما حل بفرعون وبالمكذبين من قومه من عذاب, وجعل ذلك عبرة لكل عاقل يخشي الله( تعالي) ويخاف حسابه.
ثم تتوجه الآيات بالخطاب إلي منكري البعث من كفار قريش وإلي الناس عامة بسؤال تقريعي توبيخي: هل خلق الناس ـ علي ضآلة أحجامهم, ومحدودية قدراتهم, وأعمارهم, وأماكنهم من الكون ـ أشد من خلق السماء وبنائها, ورفعها بلا عمد مرئية إلي هذا العلو الشاهق ـ مع ضخامة أبعادها, وتعدد أجرامها, ودقة المسافات بينها, وإحكام حركاتها, وتعاظم القوي الممسكة بها؟ ـ وإظلام ليلها, وإنارة نهارها؟ وأشد من دحو الأرض, وإخراج مائها ومرعاها منها بعد ذلك, وإرساء الجبال عليها, وإرساء الأرض بها, تحقيقا لسلامتهم وأمنهم علي سطح الأرض, ولسلامة أنعامهم ومواشيهم.
وبعد الإشارة إلي بديع صنع الله في خلق السماوات والأرض كدليل قاطع علي إمكانية البعث عاودت الآيات الحديث عن القيامة وسمتها( بالطامة الكبري) لأنها داهية عظمي تعم بأهوالها كل شيء, وتغطي علي كل مصيبة مهما عظمت, وفي ذلك اليوم يتذكر الإنسان أعماله من الخير والشر, ويراه مدونا في صحيفة أعماله, وبرزت جهنم للناظرين, فرآها كل إنسان عيانا بيانا, وحينئذ ينقسم الناس إلي شقي وسعيد, فالشقي هو الذي جاوز الحد في الكفر والعصيان, وفضل الدنيا علي الآخرة, وهذا مأواه جهنم وبئس المصير, والسعيد هو الذي نهي نفسه عن اتباع هواها انطلاقا من مخافة مقامه بين يدي ربه يوم الحساب, وهذا مأواه ومصيره إلي جنات النعيم بإذن الله.
وتختتم السورة بخطاب إلي رسول الله( صلي الله عليه وسلم) متعلق بسؤال كفار قريش له عن الساعة متي قيامها؟, وترد الآيات بأن علمها عندالله الذي استأثر به, دون كافة خلقه, فمردها ومرجعها إلي الله وحده, وأما دورك أيها النبي الخاتم والرسول الخاتم فهو إنذار من يخشاها, وهؤلاء الكفار والمشركون يوم يشاهدون قيامها فإن هول المفاجأة سوف يمحو من الذاكرة معيشتهم علي الأرض, فيرونها كأنها كانت ساعة من ليل أو نهار, بمقدار عشية أو ضحاها, احتقارا للحياة الدنيا, واستهانة بشأنها أمام الآخرة, ويأتي ختام السورة متوافقا مع مطلعها الذي أقسم فيه ربنا( تبارك وتعالي) علي حقيقة البعث وحتميته, وأهواله وخطورته, لزيادة التأكيد علي أنه أخطر حقائق الكون وأهم أحداثه, لكي يتم تناسق البدء مع الختام, وهذا من صفات العديد من سور القرآن الكريم.
وهنا يبرز التساؤل عن معني دحو الأرض, وعلاقته بإخراج مائها ومرعاها, ووضعه في مقابلة مع بناء السماء ورفعها ـ علي عظم هذا البناء وذلك الرفع كصورة واقعة لطلاقة القدرة المبدعة في الخلق, وقبل التعرض لذلك لابد من استعراض الدلالة اللغوية للفظة الدحو الواردة في الآية الكريمة:
الدلالة اللغوية لدحو الأرض
(الدحو) في اللغة العربية هو المد والبسط والإلقاء, يقال:( دحا) الشيء( يدحوه)( دحوا) أي بسطه ومده, أو ألقاه ودحرجه, ويقال:( دحا) المطر الحصي عن وجه الأرض أي دحرجه وجرفه, ويقال: مر الفرس( يدحو)( دحوا) إذا جر يده علي وجه الأرض فيدحو ترابها و(مدحي) النعامة هو موضع بيضها, و(أدحيها) موضعها الذي تفرخ فيه.
شروح المفسرين للآية الكريمة:
في شرح الآية الكريمة:(والأرض بعد ذلك دحاها) ذكر ابن كثير( يرحمه الله) مانصه: فسره بقوله تعالي(أخرج منها ماءها ومرعاها), وقد تقدم في سورة فصلت أن الأرض خلقت قبل خلق السماء, ولكن إنما دحيت بعد خلق السماء بمعني أنه أخرج ما كان فيها بالقوة إلي الفعل, عن ابن عباس(دحاها) ودحيها أن أخرج منها الماء والمرعي, وشقق فيها الأنهار, وجعل فيها الجبال والرمال, والسبل والآكام, فذلك قوله:(والأرض بعد ذلك دحاها)….
وذكر صاحبا تفسير الجلالين( رحمهما الله):( والأرض بعد ذلك دحاها) أي بسطها ومهدها لتكون صالحة للحياة, وكانت مخلوقة قبل السماء من غير دحو.(أخرج) حال بإضمار قد أي: دحاها مخرجا( منها ماءها ومرعاها) بتفجير عيونها, و(مرعاها) ماترعاه النعم من الشجر والعشب, ومايأكله الناس من الأقوات والثمار, وإطلاق المرعي عليه استعارة.
وذكر صاحب الظلال(يرحمه الله): ودحو الأرض تمهيدها وبسط قشرتها, بحيث تصبح صالحة للسير عليها, وتكوين تربة تصلح للإنبات,…, والله أخرج من الأرض ماءها سواء مايتفجر من الينابيع, أو ماينزل من السماء فهو أصلا من مائها الذي تبخر ثم نزل في صورة مطر; وأخرج من الأرض مرعاها, وهو النبات الذي يأكله الناس والأنعام, وتعيش عليه الأحياء مباشرة أو بالواسطة..
وجاء في( صفوة البيان لمعاني القرآن):’ ودحا الأرض ـ بمعني بسطها ـ وأوسعها, بعد ذكر ذلك الذي ذكره من بناء السماء, ورفع سمكها, وتسويتها, وإغطاش ليلها, وإظهار نهارها, وقد بين الله الدحو بقوله:(أخرج منها ماءها) بتفجير العيون, وإجراء الأنهار والبحار العظام.( ومرعاها) أي جميع مايقتات به الناس والدواب بقرينة قوله بعد:(متاعا لكم ولأنعامكم)…….. وأخبرنا بعد ذلك بأنه هو الذي بسط الأرض, ومهدها لسكني أهلها ومعيشتهم فيها: وقدم الخبر الأول لأنه أدل علي القدرة الباهرة لعظم السماء, وانطوائها علي الأعاجيب التي تحار فيها العقول. فبعدية الدحو إنما هي في الذكر لا في الإيجاد, وبجعل المشار إليه هو ذكر المذكورات من البناء وما عطف عليها لا أنفسها, لايكون في الآية دليل علي تأخر الدحو عن خلق السماوات وما فيها…..’.
وجاء في(صفوة التفاسير):(والأرض بعد ذلك دحاها) أي والأرض بعد خلق السماء بسطها ومهدها لسكني أهلها(أخرج منها ماءها ومرعاها) أي أخرج من الأرض عيون الماء المتفجرة, وأجري فيها الأنهار, وأنبت فيها الكلأ والمرعي مما يأكله الناس والأنعام’.
وجاء في(المنتخب في تفسير القرآن الكريم):’ والأرض بعد ذلك بسطها ومهدها لسكني أهلها, وأخرج منها ماءها بتفجير عيونها, وإجراء أنهارها, وإنبات نباتها ليقتات به الناس والدواب..
وهذا الاستعراض يدل علي أن المفسرين السابقين يجمعون علي أن من معاني دحو الأرض هو إخراج الماء والمرعي من داخلها, علي هيئة العيون وإنبات النبات.
المسالم:
يقول تعالى…رب المشرقين ورب المغربين..وهناك آية رب المشارق والمغارب….
الارض..اسم عام يطلق على الكوكب وعلى القطعة الصغيرة منه..,حتى البيت..فكل مفردة..المد والتسطيح والدحو..يجب وضعها في خانتها الصحيحة…
من قال ان القرآن كتاب جغرافيا أو فيزياء أو كجيلوجيا..وأنت تعلم أنه أنزل في فترة لا تختلف في تفكيرها عن تفكيرك -مع احترامي لتفكيرك -
فهم القرآن…ليس في المختبرات يتحصل …
عبد الغني بنكروم:
العزيز المسالم :
وضح لنا من فضلك علاقة ” رب المشرقين” بشكل الأرض.
لكن ألم تقل أم القرآن ليس كتاب جيولوجيا؟؟ ما بالك تدافع عن ” المعلومة الجيولوجية ” فيه؟؟ وما علاقة رب المغربين بالموضوع؟؟ وضح من فضلك. كل ما اعرف هو أننا نقول : شمالي تونس، جنوبي مصر ، …إلخ . وهذا لا علاقة له بشكل الأرض. أفدنا ” جازاك الله عنا خيرا” يا ” اخ العرب” .
أين يتحصل فهم القرآن؟؟؟ في الأزهر ؟؟
إننا بحاجة ماسة إليك يا ” مسالم” لنبلغ من خلالك أفكارنا لكل الدروبيين. فكن شجاعا وعبر عما تريد قوله دون خجل.
عبد الحميد شوقي:
شجاعة نادرة في الطرح وصفعة في وجه التزمت والجهل أحيي سماحة فكرك وقدرتك على تدبير تعقلك بكل هدوء مثقفي. مع كامل تقديري.
نورالدين الحارتي:
المحترم جواد البشيتي
“الإيمان الديني” يجب أن يَضْرِب جذوره عميقاً في “العقل”، فإذا قام برزخ بينه وبين “العقل” أصبح كمثل شجرة مقطوعة الجذور.
كثيرا ما تختلط علينا المفاهيم: ” الاعتراف مصدره العقل أما الإيمان فهو نابع من إحساس غالبا ما يبدو لنا اقتناعا ولو كان وهما” أعترف بالدين لأن العقل يلمس مدى تأثيره في الإنسان عموما [وما أكثره عددا وعدة] لكنني لم أعد أومن بالدين لاعتقادي التخلص من وهمه!
إذا كان القصد من كلمة “تكوّر” تُظْلِم ويَذْهَب نورها، فمعنى بداية الآية يصير: [يُظْلِم ويُذْهِب نور الليل]: أي نور هو نور الليل؟
“المؤوِّلون (العلميون)” للقرآن أوَّلوا “التكوير” في هذه الآية بما يُمكِّنهم من الادِّعاء بأنَّ الإشارة إلى “كروية الأرض” قد وَرَدَت أوَّل ما وَرَدَت في القرآن.
[[[إنَّني لا أعْرِف السبب الذي منع كل من قرأ القرآن وفهمه من أن يَفْهَم الشكل القرآني للأرض على أنًَّه كمثل “قِطْعَة نقدية معدنية مستديرة”. إذا أنتَ تأمَّلْتَ هذه القطعة تَفْهَم على خير وجه الشكل القرآني للأرض.]]]
ميتافوريا أتفق معك… لا في شكلها فحسب بل حتى في سر وجودها ولا اختلاف لإلهين أو ديانتين أو شخصين في هذا.
[[[جاء في تفسير القرطبي والآخرون]]] ومتى جاءوا هم أنفسهم؟ كم عقود أو قرون خلت من بعدهم؟ في رد لي على موضوع مشابه، أذكر أنني قلت ما معناه أن الأنبياء لم يفقهوا ما أوحي إليهم من رموز أسرار الكون… فكيف لتجّار الكلمة أن يفقهوها؟ لست مبالغا إذا قلت لك بأنني أرى المنهار عصبيا أقرب إلى لغة سر الخليقة من أي عاقل محدثا كان أم صامتا!!!
أما عن سؤالك، فشخصيا أعتقد أننا نعيش فصلا آخر من فصول مسرحية يتسلى بأحداثها كون يكتشف نفسه من خلالنا:
أهرامات هنا و هناك نعجز اليوم عن فك رموزها أو ربما حتى إنجازها مجددا… ألا يدل هذا على حيوات “جمع حياة” متعددة دارت رحاها على هذه البسيطة ولم يبق منها في ذاكرتنا سوى إشارات وحي أو استنتاجات ملاحظات أو خلاصة حسابات.
قد نختلف في نعوت الوسيط بيننا وبين المعرفة أو الاعتقاد: “نبي أو دجال ، عالم أو معتوه” لكن المهم، في رأيي، أن نستثمر كل شيء.
نورالدين الحارتي
المسالم:
أخي بنكروم
لوكانت الارض..ليست دائرية الشكل فسيكون هناك مشرق واحد ومغرب واحد للكل..إن شاء الله فهمت..
..أما أين نتحصل على فهم لآيات القرآن فالقرآن يتكلم عن نفسه ويقول ان الراسخون في العلم من أهل التخصص..هم من يستطيعون أن يدلوا برأيهم في القرآن..لا من حفظ بيتين من قصيدة وفهم نظرية من مفكر..
فإذا كانت المعلومة فيه فما بالك تنكرها إذن!!!
ها أنا قلت كل ما في نفسي بدون خجل..يا بنكروم
وأما اسلوبك الاستفزازي..فموضة نقاشية عمرها ألف سنة..أنصحك ((دور غيرها حبيبي..
عبد الغني بنكروم:
العزيز مسالم . ذاك فهمك وتفسيرك بعد أنارك كوبيرنيك الذي قال بان الشمس هي مركز الكون وليس الأرض. أما في الفهم الديني فأن الأرض هي مركز الكون والشمس تدور حولها !! هاذي ما فراسكش: … والشمس والقمر كل في فلك يسبحون .
أما عن كيف تشرق الشمس جهة أخرى في المنظور الديني فيبدو لي أنك لم تقرأ قط لحبر الأمة ابن عباس الذي يقول أن الشمس إذا وصلت للعرش ( عرشه سبحانه وتعالى) يقال لها عودي من حيث أتيت فتمر تحت البحر ( لأنهم يتصورون أن الأرض قطعة واحدة تسبح فوق المحيط ومربوطة إلى السماء ب”اسباب” ) فتعود الشمس من حيث أتت بإذن الله.
شكرا على تهانيك لي بمناسبة ازدياد أنس. لكن أسلوبي سيضل هو هو : اجمع راسك معايا.
أعتذر عن عدم متابعة النقاش رغم أنها من مهمة صاحب النص الذي يتكبر علينا ويركب برجه العاجي كأننا لا نحرك فيه ساكنا. رغم أنني مدحته هنا يا مسالم فإنني صفعته في مرة فائتة - سيتذكرها طيلة حياته- حين ضبطته يقدس ” أساطير الآخرين” هههههههههههه.
رشيد المناوي:
إذا كنت انت استاذ جواد لم تجد في القرآن كله لفظا يمكن من خلاله استنتاج أن الأرض كروية و أن القرآن أوحى و أقول اوحى إلى هذه الحقيقة العلمية، فأين تجد أنها كقطعة معدنية أنا أجد في القرآن كله لفظ قطعة معدنية، أم أنك تجدها في قول الاغريق فبالتالي أردت أن تلبس القرآن لباسا اغريقيا...
ثم ألم تستغرق قليلا في المعاني اللغوية عند قوم كانوا لم و لن يتقبلوا عقلا أن الأرض كروية فلابد من أن يبحثوا عن تأويل لكلمة يكور تفيد ما يتقبله عقلهم في تلك الفترة فكيف لهم أن يقولوا في كتبهم بأننا فهمنا من يكور أن الأرض كروية تريدهم أن يرجموا حينها؟؟
سعيد نويضي:
بسم الله الرحمن الرحيم...
الأستاذ جواد...
تحية
المنطق الذي اعتمده الله عز و جل في القرآن الكريم هو تقريب المفاهيم لبني آدم...و الله عز و جل و هو العليم بقدرات الإنسان و بمستويات فهمه خاطبه على قدر تلك المستويات...فالإنسان العالم ليس كالجاهل...و المتخصص ليس كالمتنوع....و المثقف ليس كالعادي...و كلهم عباد لله جل و علا...
لذلك إشكالية "كروية الأرض" فهل و ردت في القرآن أم لم ترد؟أم كانت هناك إشارات إلى شكلها أم لم تكن؟ كل ذلك رهين بمدى قدرة القارئ على استنباط المعاني من الكتاب الكريم و استقراء الواقع المحيط به...
الإنسان عندما ينظر أمامه فإنه يقيم زاوية بحجم 180 درجة التي تعتبر نصف دائرة...و تظل النصف دائرة الأخرى من ورائه...مما يشكل مجموع الدائرة 360 درجة...الشيء الذي نستنتج منه أنها دائرية على مستوى النظرة الأفقية...أما النظرة العمودية...فهي تنطلق من كون النظرة الأفقية تأخذ شكلا انحداريا كلما كان الأفق هو آخر ما يصل إليه النظر...
والقرآن الكريم لما نزل في وقته لم يكن هناك ما يستلزم تحديد شكل الأرض هل هو كروي أو مستطيل أو مكعب أو غير ذلك...لأنه خاطب فيهم الحس...حس النظر ثم البصر...المثال على ذلك قوله جل و علا: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ }النمل88...وترى الجبال تظنها واقفة مستقرة, وهي تسير سيرًا حثيثًا كسير السحاب الذي تسيِّره الرياح, وهذا مِن صنع الله الذي أحسن كل شيء خلقه وأتقنه. إن الله خبير بما يفعل عباده من خير وشر, وسيجازيهم على ذلك.
فالجبال لو نظرت إليها تبدو لك جامدة لا تتحرك...و لكن لو أبصرتها أي لو استعملت بصيرتك لوجدتها تتحرك كما تتحرك السحب...فحركة الجبال مرتبطة بحركة الأرض في دورانها حول نفسها و حول الشمس في فصولها...
فالآية الكريمة التي تحدثت عن شكل الأرض... {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا }النازعات30والأرض بعد خلق السماء بسطها, وأودع فيها منافعها، فنظرة العين تبدو منبسطة لكنها تبدو في الأفق مكورة...تميل شيئا ما إلى الانحدار أو الانحناء...فالإنسان البسيط الذي سوف لن يشغل باله بشكل الأرض هل هي محدودبة كروية أو مكعبة...و هي تبدو له منبسطة...و هي فعلا منبسطة على كبر مسافة نظرة الأفق...إلا أنها كروية لمن يستخدم بصيرته و يرى ابعد ما تراه العين...
لذلك خاطب الله عز و جل هؤلاء و قال لهم : {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }فصلت53...سَنُري هؤلاء المكذبين آياتنا من الفتوحات وظهور الإسلام على الأقاليم وسائر الأديان، وفي أقطار السموات والأرض, وما يحدثه الله فيهما من الحوادث العظيمة, وفي أنفسهم وما اشتملت عليه من بديع آيات الله وعجائب صنعه, حتى يتبين لهم من تلك الآيات بيان لا يقبل الشك أن القرآن الكريم هو الحق الموحَى به من رب العالمين. أو لم يكفهم دليلا على أن القرآن حق, ومَن جاء به صادق, شهادة الله تعالى؟ فإنه قد شهد له بالتصديق, وهو على كل شيء شهيد, ولا شيء أكبر شهادة من شهادته سبحانه وتعالى.
فمن يرى أبعد من الأفق سيكتشف أنها كروية بكل تأكيد...و هذا يعني أن القرآن الكريم و الإشارات التي وردت فيه للحقائق العلمية التي تم اكتشافها مؤخرا تدخل كذلك في سياق الآية السالفة الذكر... "وَفِي أَنفُسِهِمْ" ألا تعني أن النفس و ما تضم من عقل و منطق و فكر قد توصل بها الإنسان إلى حقائق مذهلة في عالم البيولوجيا و هو علم دراسة وظائف الحياة من المادة المكون منها هذا الكائن المسمى "إنسان"...
و للحديث بقية إن كان في العمرة بقية...
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته...
عبد السلام معلا:
أستاذ جواد:
أنت لا تعرف السبب لانك لا تريد أن ترى ألإخبار القرآني عن حقائق علمية وفلكية قبل اربعة عشر قرنا وقد جاء العلم الحديث ليؤكد بكل وضوح صحة هذا الإخبار لدرجة الإعجاز..!!! فأنت ترى ضرورة تقليد الإغريق في معتقداتهم حول شكل الأرض دون تحفظ او توجس، في الوقت التي تثبت فيه الحقائق العلمية بطلان ذاك التصور الإغريقي..!! فأية مفارقة هذه... فبدلاً من تجريد قلمك لتفنيد التصورات الإغريقية .. ها أنت تحاول جاهداً التشكيك في حقائق قرآنية تعززها وتدعمها حقائق علمية موثوقة...متمنيا على من قرأ القرآن أن يفهم شكل الارض لا كما أخبر القرآن به..بل كما تصوره الإغريق السابقين على الاسلام بمئات السنين... فأي موضوعية ، وأي منطق هذا..
لو تاملنا جيدا المعاني التي قررها المفسرون والشراح للآيات المقتبسة أعلاه... ووضعنا الإفتراض (الإغريقي-البشيتي) لشكل الأرض(كقطعة نقدية) لما وجدنا انسجاما وتناسقا في المشهد المتشكل امامنا..!! لسبب بسيط وهو انتفاء صفة الإنتظام (المرتبط بعملية مخصوصة) عن شكل قطعة النقد.. الامر الذي يجعل من عملية تصور وتمثل عملية التكوير ، وطلب الليل للنهار حثيثا، وإيلاج الليل في النهار وإيلاج النهار في الليل..الخ تبدو عسيرة وصعبة القبول...لأننا لو حاولنا تمثيل تجربة تعاقب الليل والنهار على أي شكل (غير كروي) لفشلنا في تسجيل نتائج مقبولة تنسجم مع (الإشارات) القرآنية لشكل الارض ولطريقة إتمام عملية التعاقب كما صورها وبسطها القرآن من ناحية.. ولكشفت لنا التجربة عن خلل ونقص لا يحصلان البتة في الواقع أثناء تعاقب الليل والنهار..على (سطح) الأرض من ناحية أخرى..!! فنحن البشر القاطنون على سطح الارض لا نستطيع إنكار تعاقب الليل والنهار على كل متر مربع من سطح القشرة الأرضية ( مع إدراك الفروق الوقتية لمكث كل منهما على بقعة بعينها بحكم شكل الأرض وخط انحرافها وموقعها من الشمس).. ولكننا سنفشل حتما في إيصال كل من الليل والنهار(الظلام والنور) لكل سم مربع
لأي جسم ياخذ شكلا غير كروياً في تجربة علمية تستوفي شروط إجرائها لمحاكاة تعاقب الليل والنهار على سطح الكرة الارضية.. ولكم ان تتخيلوا ذلك..!!
ولكن هل إيراد الآيات القرآنية ومن ثم شروح المفسرين في مقابلة التصور (الإغريقي) لشكل الأرض يستهدف نقض التصورات الإغريقية ..؟؟ ام هي محاولة للتشكيك في الرواية القرآنية بالإستناد الى الخزعبلات الإغريقية القديمة الجديدة؟؟
كل الآيات المقتبسة تدل دلالة قطعية الثبوت على كروية الارض ولا عزاء للتصورات والخزعبلات الإغريقية.. وإليك التفصيل..
الأيات الكريمات تقرر بوضوح بأن الأرض (سُطِحَتْ) و (بساطاً) و الأرض (مددناها) , و (دحاها) بمعنى بسطها... وكل هذه التعبيرات تؤكد على كروية الأرض وإن لم تقل ذلك ذلك صراحة...فالارض عندما تكون (مبسوطة) وممدودة ومسطوحة وممهودة ومدحوة لا يمكن ان تكون على شكل قطعة النقد , أو على أي شكل اخر غير الكروي ... فلا يمكن ان تكون مكعبة أو على شكل اسطوانه وهو شكل قطعة النقد ..أو أي شكل آخر من الممكن ان يتخيله عقل بشر ... لأن أي شكل غير الكروي ستجد له نهاية او حافة .. وهو ما لا يدعيه عاقل بحق الارض ... فلو انك حملت عصاك على كاهلك ومشيت في الارض بخط مستقيم وفي اتجاه واحد كي تبلغ نهاية او حافة فإنك لن تجد على الإطلاق .. وستعود ادراجك لنقطة الإنطلاق مرة اخرى .. لماذا لان الارض كروية وليست مسطحة .. فأنت حيثما توجهت لا تجد نهاية بل تجد الارض امامك (مسطحة) وممدودة بلا نهاية ... فالأرض لا يصح في حقها صفة ممدودة ومسطوحة ومبسوطة ومدحوة .. إلا إذا كانت كروية بحق .. وهذا هو الإعجاز الملفت ..فهل نعي ذلك..!!
منذر أبو هواش:
التفسير الماركسي الإبليسي للقرآن الكريم ...
أي افتراء هذا على القرآن الكريم ...؟!!!
وأي تدليس هذا على لغة العرب ...؟!!!
وأية شعوذة لغوية هذه ...؟!!!
وأي استخفاف بالعقول هذا الاستخفاف ...؟!!!
قال تعالى : إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2)
وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4).
تكوير الشمس مشهد من مشاهد يوم القيامة، وإشارة إلى نهاية العالم، يرى البصريون أن الشمس ارتفعت في الآية بفعل محذوف يفسره ما بعده على الاشتغال، وأما الكوفيون والأخفش فيرون أنه مرتفع على الابتداء. والتكوير الجمع، وهو مأخوذ من كار الشيء (يكوره) (كورا) و(كرورا) و(تكويرا) أي أداره, وضم بعضه إلي بعض, وكوره كالعمامة, أو جعله كالكرة, ويقال: (طمنه فكوره) إذا ألقاه مجتمعا, كما يقال (اكتار) الفرس إذا أدار ذنبه في عدوه, وقيل للإبل الكثيرة (كور), و(كوارة) النحل, وسميت بعض البلاد بالـ (كورة) وهي البقعة التي يجتمع فيها قري ومحال عديدة, و(كرة) اللعب والكرات الأخرى, وتجمع علي (كرين) بضم الكاف وكسرها, كما تجمع علي كرات. وجاء الفعل المضارع (يكور) في القرآن الكريم كله مرتين فقط, وجاء بصيغة المبني للمجهول مرة واحدة في هذه الآية.
قال المفسرون في تفسير تكوير الشمس أنها كورت ولفت وجمعت كما تكور وتلف وتجمع العمامة، أو أنها كورت كالكرة بانطفاء ألسنتها الممتدة في الفضاء، أو أنها رميت أو أسقطت كالكرة، أو أنها أنهت دورتها الكروية بدليل الآية {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (يــس 38) والنتيجة لهذا كله ذهاب ضوئها وإظلامها واضمحلالها وغيابها واختفاؤها مع اختفاء كل المظاهر الكونية الأخرى.
إنها حرب غربية صليبية مفتوحة ومدفوعة الثمن ...
ضد الإسلام وضد القرآن وضد لغة القرآن ...
وإذا اعترضتم قالوا: إرهاب ... وقالوا: قاعدة ...
وقالوا ... وقالوا ... فانتبه أيها المسلم.
أبو هاجر أحمد العزام:
حقائق علمية:
1- سبقت الرحلات البحرية التي قام بها "كولومبوس" و"ماجلان" بين عام (1519 م) و (1521 م) صور الأقمار الاصطناعية في تحديد كروية الأرض.
2- أظهرت الصـور التي التقطتها الأقمار الصناعية منذ عام (1957 م) أن الأرض شبه كروية مفلطحة عند القطبين (Oblate Spheroid).
3- يؤدي دوران الكرة الأرضية حول مركزها إلى تقلب وتعاقب الليل والنهار عليها.
التفسير العلمي:
لم يشاهد الإنسان الأرض في شكلها الكروي وهي تسبح في الفضاء إلا عندما أطلق العلماء الروس القمر الاصطناعي الأول "سبوتنيك" عام 1957م، حيث استطاعوا الحصول على صور كاملة لكوكب الأرض بواسطة آلات التصوير المرتبطة بالقمر الاصطناعي. وكما ورد في الموسوعة البريطانية أن الأرض شبه كروية مفلطحة عند القطبين (Oblate Spheroid) إذ أن الأرض تنتفخ بصورة بطيئة جداً عند خط الاستواء وتتسطح في منطقة القطبين بفعل دورانها حول نفسها، فطول شعاع الأرض عند خط الاستواء يساوي (6378 كلم) وشعاعها بين القطبين يساوي (6357 كلم)، والفارق الضئيل بين شعاعي الأرض (21 كلم) جعلها تبدو كروية الشكل.
لكن علماء التفسير استنبطوا كروية الأرض من آيات القرآن الكريم حيث قال تعالى: {لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} وفي قوله تعالى: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا}، ومن هاتين الآيتين يُعرف أن الليل والنهار يجريان في تتابع لا يسبق أحدهما الآخر، وعليه فإما أن يكون التتابع في خط مستقيم أو في خط دائري، ولكن لو كان التتابع في خط مستقيم على وجه الأرض فإنه لن يحدث إلا ليل واحد أو نهار واحد، إذن فلا بد أن يكون على شكل دائري. وقد أخبر تعالى بأن الليل لا يسبق النهار، وهذا المعنى القرآني لا يتحقق إلا إذا كان الليل والنهار يوجدان معاً في وقت واحد على الأرض، وهذا لا يحدث إلا إذا كانت الأرض كروية وكذلك قال علماء التفسير في قوله تعالى: : {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} بأن كور العمامة هو إدارتها واستدارتها حول الرأس، والتكوير لا يكون إلا على سطح كروي والتكوير في اللغة هو طرح الشيء بعضه على بعض، ولعل هذا يوضح الحكمة في قوله تعالى: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} حيث لم يقل يكور الليل ثم يكور النهار، فإن الليل والنهار موجودان معاً على الأرض الكروية نصفها ليل ونصفها نهار، فالليل والنهار يكوران على بعضهما على سطح كروي هو الأرض.
وفي قوله تعالى: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} إشارة أخرى إلى أن الليل والنهار يقلبان والتقليب يعني الدورة بشكل دائري فلزم أن تكون الأرض كروية.
ومما يؤكد كل ذلك قول الله تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} وقوله: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} فالآيتان تدلان على كروية الأرض، وكيف ذلك؟
أولاً: إنه سبحانه وتعالى قرن المشرق بالمغرب أو المشارق بالمغارب مباشرة ولم يقل (رب المشرق ورب المغرب) أو (رب المشارق ورب المغارب) وذلك لأن الشروق والغروب يتمان في وقت واحد وهذا لا يمكن أن يكون إلا على سطح كروي.
ثانياً: تشير الآية الثانية إلى أن كل بلد له مشرق ومغرب ولا يوجد مشرق واحد ومغرب واحد لأية دولة في العالم وإنما هي مشارق ومغارب وهذا يطابق تماماً مع ما اكتشفه علم الفلك الحديث، حيث وجد العلماء أن في كل جزء من الثانية نجد مشرقاً تشرق فيه الشمس على مدينة ما وتغيب عن أخرى، حيث أن زاوية الشروق تتغير من موقع لآخر وكذلك زاوية الغروب، وهذا ما يدل على كروية الأرض.
ملاحظة: القران الكريم هو اول كتاب يثبت كروية الارض
طه خضر:
ملاحظة لا بد منها ...
نحن هنا لا نناقش عالما أو مجتهدا أو مفسّرا خلاقا أو ما شابه ؛ فلا نقاش أصلا ولا محاولة لإيجاد حل ٍ وسط، بل كل ما هنالك أننا نقوم برد شبهات ودحض افتراءات وفضح باطل مستتر!
قبل كل شيء وقبل الخوض في هذا الموضوع المتهافت أصلا، قلنا في اكثر من موقع أن تفسير القرآن والاجتهاد له شروط قاسية جدا، ونقول للمرة الألف :
أين التسلح بمستلزمات تفسير كتاب الله من إلمام بقدر كاف من علوم اللغة العربية وآدابها , ومن الحديث وعلومه, والفقه واصوله وما ينبثق عنه من فروع , وعلم الكلام وقواعده, مع معرفه بعادات المجتمع العربي المتقدم والمتأخـّر, واحاطة كاملة لا ثلم فيها بأسباب النزول , وبالمأثور في التفسير, وبالسيرة النبوية المطهرة ، واجتهاد أعلام السابقين من أئمة المفسرين, وغير ذلك من الشروط التي حددها علماء التفسير وأصوله ؟!!
وهذه الشروط نادرا ما تجتمع في عالم مسلم متمكن متبحر ٍ قضى جل عمره في البحث والدراسة والتفكر في آلاء الله ومخلوقاته،... ووالله إني لأعجب أشد العجب كيف انتفى لهذه الشروط أن تتوفر في جل العلماء وكبرائهم حتى تتوفر في كاتب ماركسيّ يناقش بل وينفي أحيانا وجود الخالق بنصوص ٍ تشهد عليه بلا أدنى تورية، ناهيك عن كل ما يتبع ذلك من عدم إيمان ٍ بكل ما أوجد الخالق الذي ينكر وجوده أصلا ..!
ولأنني لست على تمكن تام من القرآن وتفسيره ولا أدّعي ذلك أصلا؛ فسأكتفي بإيراد النصوص من مصادرها وكما هي مع تعليق على ما التبس منها، ولن أتنطع وأدّعي ما ليس بي..
سُئِلَ ( شيخ الإِسلام) إِبن تيمية: - عَنْ رَجُلَيْنِ تَنَازَعَا فِي " كَيْفِيَّةِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ" هَلْ هُمَا " جِسْمَانِ كُرِّويَّانِ " ؟ فَقَالَ أَحَدُهُمَا كُرّوِيانِ ; وَأَنْكَرَ الآخَرُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ وَقَالَ : لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ وَرَدَّهَا فَمَا الصَّوَابُ ؟
فَأَجَابَ( شيخ الإِسلام) :
(السَّمَاوَاتُ مُسْتَدِيرَةٌ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ حَكَى إجْمَاعَ
الْمُسْلِمِينَ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَئِمَّةِ الإِسْلامِ ..)
مِثْلُ : أَبِي الْحُسَيْنِ أَحْمَد بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْمُنَادِي أَحَدِ الأَعْيَانِ الْكِبَارِ مِنْ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ أَصْحَابِ الإِمَامِ أَحْمَد وَلَهُ نَحْوُ أَرْبَعِمِائَةِ مُصَنَّفٍ .
وَحَكَى الإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ وَأَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ وَرَوَى الْعُلَمَاءُ ذَلِكَ بِالأَسَانِيدِ الْمَعْرُوفَةِ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَذَكَرُوا ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَبَسَطُوا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ بِالدَّلائِلِ السَّمْعِيَّةِ .
وَإِنْ كَانَ قَدْ أُقِيمَ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا دَلائِلُ حِسَابِيَّةٌ .
و َلا أَعْلَمُ فِي عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ الْمَعْرُوفِينَ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ ; إلا فِرْقَةٌ يَسِيرَةٌ مَنْ أَهْلِ الْجَدَلِ لَمَّا نَاظَرُوا الْمُنَجِّمِينَ فَأَفْسَدُوا عَلَيْهِمْ فَاسِدَ مَذْهَبِهِمْ فِي الأَحْوَالِ وَالتَّأْثِيرِ خَلَطُوا الْكَلامَ مَعَهُمْ بِالْمُنَاظَرَةِ فِي الْحِسَابِ وَقَالُوا عَلَى سَبِيلِ التَّجْوِيزِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُرَبَّعَةً أَوْ مُسَدَّسَةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ ; وَلَمْ يَنْفُوا أَنْ تَكُونَ مُسْتَدِيرَةً لَكِنْ جَوَّزُوا ضِدَّ ذَلِكَ .
وَمَا عَلِمْت مَنْ قَالَ إنَّهَا غَيْرُ مُسْتَدِيرَةٍ - وَجَزَمَ بِذَلِكَ - إلا مَنْ لا يُؤْبَهُ لَهُ مِنْ الْجُهَّالِ.
وَمِنْ الأَدِلَّةِ عَلَى ذَلِكَ قوله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ )
وَقَالَ تَعَالَى : (( لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَ لا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ))
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ مِنْ السَّلَفِ : فِي فَلْكَةٍ مِثْلِ فَلْكَةِ الْمِغْزَلِ ، وَهَذَا صَرِيحٌ بِالاسْتِدَارَةِ وَالدَّوَرَانِ وَأَصْلُ ذَلِكَ : أَنَّ " الْفَلَكَ فِي اللُّغَةِ " هُوَ الشَّيْءُ الْمُسْتَدِيرُ يُقَالُ تَفَلَّكَ ثَدْيُ الْجَارِيَةِ إذَا اسْتَدَارَ وَيُقَالُ لِفَلْكَةِ الْمِغْزَلِ الْمُسْتَدِيرَةِ فَلْكَةٌ ; لاسْتِدَارَتِهَا .
فَقَدْ اتَّفَقَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ وَاللُّغَةِ عَلَى أَنَّ "الْفَلَكَ " هُوَ الْمُسْتَدِيرُ وَالْمَعْرِفَةُ لِمَعَانِي كِتَابِ اللَّهِ إنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْ هَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ : مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ الْمَوْثُوقِ بِهِمْ مِنْ السَّلَفِ وَمِنْ اللُّغَةِ : الَّتِي نَزَلَ الْقُرْآنُ بِهَا وَهِيَ لُغَةُ الْعَرَبِ .
وَقَالَ تَعَالَى : (( يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ))
قَالُوا : وَ " التَّكْوِيرُ " التَّدْوِيرُ يُقَالُ : كَوَّرْت الْعِمَامَةَ وَكَوَّرْتهَا : إذَا دَوَّرْتهَا وَيُقَالُ : لِلْمُسْتَدِيرِ كَارَةٌ وَأَصْلُهُ " كورة " تَحَرَّكَتْ الْوَاوُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فَقُلِبَتْ أَلِفًا .
وَيُقَالُ أَيْضًا : " كُرَةٌ " وَأَصْلُهُ كُورَةٌ وَإِنَّمَا حُذِفَتْ عَيْنُ الْكَلِمَةِ كَمَا قِيلَ فِي ثُبَةٍ وَقُلَةٍ .
وَاللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ، وَسَائِرُ أَحْوَالِ الزَّمَانِ تَابِعَةٌ لِلْحَرَكَةِ ; فَإِنَّ الزَّمَانَ مِقْدَارُ الْحَرَكَةِ ; وَالْحَرَكَةُ قَائِمَةٌ بِالْجِسْمِ الْمُتَحَرِّكِ فَإِذَا كَانَ الزَّمَانُ التَّابِعُ لِلْحَرَكَةِ التَّابِعَةِ لِلْجِسْمِ مَوْصُوفًا بِالاسْتِدَارَةِ كَانَ الْجِسْمُ أَوْلَى بِالِاسْتِدَارَةِ .
وَقَالَ تَعَالَى : (( مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ )
وَلَيْسَ فِي السَّمَاءِ إلا أَجْسَامُ مَا هُوَ مُتَشَابِهٌ.
َأَمَّا التَّثْلِيثُ وَالتَّرْبِيعُ وَالتَّخْمِيسُ وَ التَّسْدِيسُ وَغَيْرُ ذَلِكَ : فَفِيهَا تَفَاوُتٌ وَاخْتِلافٌ بِالزَّوَايَا وَالأَضْلاعِ لا خِلافَ فِيهِ وَ لا تَفَاوُتَ ; إذْ الاسْتِدَارَةُ الَّتِي هِيَ الْجَوَانِبُ .
وَفِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ فِي سُنَنِ أَبِي داود وَغَيْرِهِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ جهدت الأَنْفُسُ وَهَلَكَ الْمَالُ ; وَجَاعَ الْعِيَالُ فَاسْتَسْقِ لَنَا ; فَإِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِاَللَّهِ عَلَيْك وَنَسْتَشْفِعُ بِك عَلَى اللَّهِ : فَسَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِ أَصْحَابِهِ وَقَالَ (وَيْحَك إنَّ اللَّهَ لا يُسْتَشْفَعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ شَأْنُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ إنَّ عَرْشَهُ عَلَى سَمَوَاتِهِ هَكَذَا وَ قَالَ بِيَدِهِ مِثْلُ الْقُبَّةِ وَ أَنَّهُ يَئِطُّ بِهِ أَطِيطَ الرَّحْلِ الْجَدِيدِ بِرَاكِبِهِ )
فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْعَرْشَ عَلَى السَّمَوَاتِ مِثْلُ الْقُبَّةِ وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى الْعُلُوِّ وَالإِدَارَةِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (( إذَا سَأَلْتُمْ اللَّهَ الْجَنَّةَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَعْلَى الْجَنَّةِ وَأَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَسَقْفُهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ ))
وَ الأَوْسَطُ لا يَكُونُ أَوْسَطَ إلا فِي الْمُسْتَدِيرِ .
وَ قَدْ قَالَ إيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ : السَّمَاءُ عَلَى الأَرْضِ مِثْلُ الْقُبَّةِ.
وَ الآثَارِ فِي ذَلِكَ لا تَحْتَمِلُهَا الْفَتْوَى ; وَإِنَّمَا كَتَبْت هَذَا عَلَى عَجَلٍ .
وَالْحِسُّ مَعَ الْعَقْلِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ مَعَ تَأَمُّلِ دَوَرَانِ الْكَوَاكِبِ الْقَرِيبَةِ مِنْ الْقُطْبِ فِي مَدَارٍ ضَيِّقٍ حَوْلَ الْقُطْبِ الشَّمَالِيِّ ثُمَّ دَوَرَانِ الْكَوَاكِبِ الْمُتَوَسِّطَةِ فِي السَّمَاءِ فِي مَدَارٍ وَاسِعٍ وَكَيْفَ يَكُونُ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ وَفِي آخِرِهِ ؟ يُعْلَمُ ذَلِكَ .
وَكَذَلِكَ مَنْ رَأَى حَالَ الشَّمْسِ وَقْتَ طُلُوعِهَا وَاسْتِوَائِهَا وَغُرُوبِهَا فِي الأَوْقَاتِ الثَّلاثَةِ عَلَى بُعْدٍ وَاحِدٍ وَشَكْلٍ وَاحِدٍ مِمَّنْ يَكُونُ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ عَلِمَ أَنَّهَا تَجْرِي فِي فَلَكٍ مُسْتَدِيرٍ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُرَبَّعًا لَكَانَتْ وَقْتَ الاسْتِوَاءِ أَقْرَبَ إلَى مَنْ تُحَاذِيهِ مِنْهَا وَقْتَ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ وَدَلائِلُ هَذَا مُتَعَدِّدَةٌ .
قال شيخ الاسلام ابن تيمية: وقال الامام ابو الحسين :
أحمد بن جعفر بن المنادي من أعيان العلماء المشهورين بمعرفة الآثار والتصانيف الكبار فى فنون العلوم الدينية من الطبقة الثانية من أصحاب
أحمد لا خلاف بين العلماء أن السماء على مثال الكرة وأنها تدور بجميع ما فيها من الكواكب كدورة الكرة على قطبين ثابتين غير متحركين
أحدهما فى ناحية الشمال والآخر فى ناحية الجنوب... قال ويدل على ذلك أن الكواكب جميعها تدور من المشرق تقع قليلا على ترتيب واحد
فى حركاتها ومقادير أجزائها الى أن تتوسط السماء ثم تنحدرعلى ذلك الترتيب كأنها ثابتة فى كرة تديرها جميعها دورا واحدا قال وكذلك أجمعوا على أن الارض بجميع حركاتها من البر والبحر مثل الكرة... قال ويدل عليه ان الشمس والقمر والكواكب لا يوجد طلوعها وغروبها على جميع من في نواحي الارض فى وقت واحد بل على المشرق قبل المغرب .. قال فكرة الارض مثبتة فى وسط كرة السماء كالنقطة فى الدائرة يدل على ذلك أن جرم كل كوكب يرى فى جميع نواحى السماء على قدر واحد فيدل ذلك
على بعد ما بين السماء والارض من جميع الجهات بقدر واحد فاضطرار ان تكون الارض وسط السماء وقد يظن بعض
الناس أن ما جاءت به الآثار النبوية من أن العرش سقف الجنة وأن الله على عرشه مع ما دلت عليه من أن الأفلاك مستديرة متناقض أو مقتض أن يكون الله تحت بعض خلقه كما احتج بعض الجهمية على إنكار أن يكون الله فوق العرش باستدارة الافلاك وأن ذلك مستلزم كون الرب أسفل وهذا من غلطهم فى تصور الأمر ومن علم أن الأفلاك مستديرة وأن المحيط الذى هو السقف هو أعلى عليين وأن المركز الذي هو باطن ذلك وجوفه وهو قعر الارض هو سجين وأسفل سافلين علم من مقابلة الله بين أعلى عليين وبين سجين مع أن المقابلة إنما تكون فى الظاهر بين العلو والسفل أو بين السعة والضيق وذلك لان العلو مستلزم للسعة والضيق مستلزم للسفول وعلم أن السماء فوق الأرض مطلقا لا يتصور أن تكون تحتها قط وإن كانت مستديرة محيطة وكذلك كلما علا كان أرفع وأشمل وعلم أن الجهة قسمان قسم ذاتى وهو العلو والسفول فقط وقسم إضافى وهو ما ينسب إلى الحيوان بحسب حركته فما أمامه..
المصدر( فتاوى ابن تيمية ج25/ص196)
قال شيخ الاسلام ابن تيمية: " وقال الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي من أعيان العلماء المشهورين بمعرفة الآثار والتصانيف الكبار فى فنون العلوم الدينية من الطبقة الثانية من أصحاب أحمد لا خلاف بين العلماء أن السماء على مثال الكرة وأنها تدور بجميع ما فيها من الكواكب كدورة الكرة"..
المصدر (جموع الفتاوى 25/195)
قال الحافظ ابن كثير:"النهار إذا تغشى وجه العالم من هذا الجانب ، فإن الليل يكون من الجانب الآخر .هـ.
المصدر (تفسير القرآن العظيم 1/405)
و علق عليه فضيلة الشيخ أحمد شاكر:هذا أحد الدلائل على أن كروية الأرض كانت معروفة عند علماء الإسلام ، قبل أن تخطر ببال الإفرنج ومن يشايعهم . ليخزي الله المستهترين بالطعن في علوم الإسلام وعلمائه .جهلاً منه وتقليدًا ..هـ.
المصدر(عمدة التفسير 3/39)
قال الإِمامُ الفخر الرازي :"ثبت بالدليل أن الأرض كرة وأن السماء محيطة بها، ولا شك أن الشمس في الفلك.. ومعلوم أن جلوس قوم في قرب الشمس غير موجود، وأيضاً الشمس أكبر من الأرض بمرات كثيرة، فكيف يعقل دخولها في عين من عيون الأرض ؟ إذا ثبت هذا فنقول: تأويل قوله: " تَغْرُبُ فِيْ عَيْنٍ حَمِئَةٍ " من وجوه.. أن ذا القرنين لما بلغ موضعها في المغرب ولم يبق بعده شيء من العمارات، وجد الشمس كأنها تغرب في عينٍ وهدةٍ مظلمةٍ ـ وإن لم تكن كذلك في الحقيقة ـ كما أن راكب البحر يرى الشمس كأنها تغيب في البحر إذا لم ير الشط، وهي في الحقيقة تغيب وراء البحر..
قال أهل الأخبار: إن الشمس تغيب في عين كثيرة الماء والحمأة، وهذا في غاية البعد، وذلك لأنا إذا رصدنا كسوفاً قمرياً فإذا اعتبرناه ورأينا أن المغربيين قالوا: "حصل هذا الكسوف في أول الليل"، ورأينا المشرقيين قالوا: "حصل في أول النهار"، فعلمنا أن أول الليل عند أهل المغرب هو أول النهار الثاني عند أهل المشرق، بل ذلك الوقت الذي هو أول الليل عندنا فهو وقت العصر في بلد، ووقت الظهر في بلد آخر، ووقت الضحوة في بلد ثالث، ووقت طلوع الشمس في بلد رابع، ونصف الليل في بلد خامس. وإذا كانت هذه الأحوال معلومة بعد الاستقراء والاعتبار، وعلمنا أن الشمس طالعة ظاهرة في كل هذه الأوقات كان الذي يقال: إنها تغيب في الطين والحمأة كلاماً على خلاف اليقين. وكلام الله تعالى مبرَّأ عن هذه التهمة ".
المصدر (مفاتيح الغيب 21/124)
قال الإِمامُ الرازي: " المد هو البسط إلى ما لا يدرك منتهاه، فقوله: " وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ ". يشعر بأنه تعالى جعل حجم الأرض حجماً عظيماً لا يقع البصر على منتهاه، لأن الأرض لو كانت أصغر حجما مما هي الآن عليه لما كمل الانتفاع به... والكرة إذا كانت في غاية الكبر، كان كل قطعة منها تشاهد كالسطح ".
المصدر (مفاتيح الغيب19/1)
قَال الإِمام الرازي: " فإذا فرضت دائرة أخرى عظيمة مقاطعة لها على زوايا قائمة، انقسمت كرة الأرض بهما أرباعاً ... ويقال والله أعلم أن
ثلاثة الأرباع ماء ".
المصدر( مفاتيح الغيب /2/490)
قَال الإِمام الذهبي : " الأرض في وسط السماء كبطيخة في جوف بطيخة، والسماء محيطة بها من جميع جوانبها، وأسفل العالم هو جوف كرة الأرض، وهو المركز، وهو منتهى السفل.
والتحت ـ وما دونه ـ لا يسمى تحتاً، بل لا يكون تحتاً، ويكون فوقاً، بحيث لو فرضنا خرق المركز ـ وهو سفل العالم ـ إلى تلك الجهة، لكان الخرق إلى جهة فوق.
ولو نفذ الخرق جهة السماء من تلك الجهة الأخرى، لصعد إلى جهة فوق.
وبرهان ذلك: أنا لو فرضنا مسافراً سافر على كرة الأرض من جهة المشرق إلى جهة المغرب، وامتد مسافراً، لمشى مسافراً على الكرة إلى حيث ابتدأ بالسير وقطع الكرة مما يراه الناظر أسفل منه، وهو في سفره هذا لم يبرح الأرض تحته والسماء فوقه.
فالسماء التي يشهدها الحس تحت الأرض، هي فوق الأرض لا تحتها؛ لأن السماء فوق الأرض بالذات ".
المصدر مختصر العلو (73)
قال ابن الجوزي: " لا اختلاف بين العلماء في أن السماء مثال الكرة، وأنها تدور بجميع ما فيها من الكواكب كدور الكرة على قطبين ثابتين غير متحركين، أحدهما في ناحية الشمال، والآخر في ناحية الجنوب.
وكذلك أجمعوا على أن الأرض مثل الكرة، ويدل عليه أن الشمس والقمر والكواكب لا يوحد طلوعها وغروبها على جميع من في نواحي الأرض في وقت واحد، بل على المشرق قبل المغرب، وكرة الأرض مثبتة في وسط كرة السماء ".
المصدر كتاب المنتظم لإبن الجوزي
قال أبو عبد الله الداراني: ثبت بالدليل أنّ الأرض كرة، ولا ينافي ذلك قوله: مد الأرض، وذلك أنّ الأرض جسم عظيم. والكرة إذا كانت في غاية الكبر كان قطعة منها تشاهد كالسطح.
المصدر (تفسير البحر المحيط 7/80)
قَالَ الشيخُ الإِمامُ العالم محمد الأمين الشنقيطي:: إذا كان علماء الإسلام يثبتون كروية الأرض ، فماذا يقولون في قوله تعالى : "أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ" ـ إلى قوله ـ "وَإِلَى الاٌّرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ". وجوابهم كجوابهم على قوله تعالى : "حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِى عَيْنٍ حَمِئَةٍ"، أي في نظر العين ، لأن الشمس تغرب عن أمة ، وتستمر في الأفق على أمة أخرى ، حتى تأتي مطلعها من الشرق في صبيحة اليوم الثاني ، ويكون بسط الأرض وتمهيدها ، نظراً لكل إقليم وجزء منها لسعتها وعظم جرمها .
ومعلوم لدى العقلاء بانه لوفرضنا ان الناس قاموا بوضع سكة حديد لا ميل ارضي فيها(بميران البنائين)مبتدأبالمشرق الى المغرب بان اخر السكة سينتهي عند اولها, وذلك الجلي الواضح الذي يبين كيف مد الارض
المصدر أضواء البيان
قال الإِمام ابن حزم: وهذا حين نأخذ إن شاء الله تعالى في ذكر بعض ما اعترضوا به وذلك أنهم قالوا إن البراهين قد صحت بأن الأرض كروية والعامة تقول غير ذلك وجوابنا وبالله تعالى التوفيق إن أحداً من أئمة المسلمين المستحقين لاسم الإمامة بالعلم رضي الله عنهم لم ينكروا تكوير الأرض ولا يحفظ لأحد منهم في دفعه كلمة بل البراهين من القرآن والسنة قد جاءت بتكويرها قال الله عز وجل : " يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل"
وهذا أوضح بيان في تكوير بعضها على بعض مأخوذ من كور العمامة وهو إدارتها وهذا نص على تكوير الأرض ودوران الشمس كذلك وهي التي منها يكون ضوء النهار بإشراقها وظلمة الليل بمغيبها وهي آية النهار بنص القرآن قال تعالى : "وجعلنا آية النهار مبصرة"
فيقال لمن أنكر ما جهل من ذلك من العامة : أليس إنما افترض الله عز وجل علينا أن نصلي الظهر إذا زالت الشمس فلابد من نعم فيسألون عن معنى زوال الشمس فلابد من أنه إنما هو انتقال الشمس عن مقابلة من قابل بوجهه القرص واستقبل بوجهه وأنفه وسط المسافة التي بين موضع طلوع الشمس وبين موضع غروبها في كل زمان وكل مكان وأخذها إلى جهة حاجبه الذي يلي موضع غروب الشمس وذلك إنما هو في أول النصف الثاني من النهار وقد علمنا أن المداين من معمور الأرض آخذة على أديمها من مشرق إلى مغرب ومن جنوب إلى شمال فيلزم من قال إن الأرض منتصبة الأعلى على غير مكورة أن كل من كان ساكناً في أول المشرق أن يصلي الظهر في أول النهار ضرورة ولابد إثر صلاة الصبح بيسير لأن الشمس بلا شك تزول عن مقابلة ما بين حاجبي كل واحد منهم في أول النهار ضرورة ولابد أن كان امر على ما تقولون .
ولا يحل لمسلم أن يقول إن صلاة الظهر تجوز أن تصلى قبل نصف النهار ويلزمهم أيضاً أن من كان ساكناً في آخر المغرب إن الشمس لا تزول عن مقابلة ما بين حاجبي كل واحد منهم إلا في آخر النهار فلا يصلون الظهر إلا في وقت لا يتسع لصلاة العصر حتى تغرب الشمس وهذا خارج عن حكم دين الإسلام .
وأما من قال بتكويرها فإن كل من ظهر الأرض لا يصلي الظهر إلا إثر انتصاف نهاره أبداً على كل حال وفي كل زمان وفي كل مكان وهذا بين لا خفاء بل وقال عز وجل : " سبع سموات طباقاً " وقال تعالى : " ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق"
وهكذا قام البرهان من قبل كسوف الشمس والقمر بعض الدراري لبعض على أنها سبع سموات وعلى أنها طرائق وقوله تعالى طرائق يقتضي متطرقاً فيه وقال تعالى : "وسع كرسيه السموات والأرض "
وهذا نص ما قام عليه البرهان من انطباق بعضها على بعض وإحاطة الكرسي بالسموات السبع وبالأرض وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسألوا الله الفردوس الأعلى فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة وفوق ذلك عرش الرحمن وقال تعالى : " الرحمن على العرش استوى"
فأخبر هذان النصان بأن ما على العرش هو منتهى الخلق وناية العالم وقال تعالى : " إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظاً من كل شيطان مارد"
وهذا هو نص ما قام البرهان عليه من أن الكواكب المرمي بها هي دون سماء الدنيا لأنها لو كانت في السماء لكان الشياطين يصلون إلى السماء أو كانت هي تخرج عن السماء وإلا فكانت تلك الشهب لا تصل إليهم إلا بذلك وقد صح أنهم ممنوعون من السماء بالرجوم فصح أن الرجوم دون السماء وأيضاً فإن تلك الرجوم ليست نجوماً معروفة أصلاً وإنما هي شهب ونيازك من نار تتكوكب وتشتعل وتطفأ ولا نار في السموات أصلاً فلم نجد الاختلاف إلا في الأسماء لاختلاف اللغات وقد اعترض القاضي منذر بن سعيد في هذا فجعل الأفلاك غير السموات .
قال أبو محمد : ولا برهان على ما ذكر إلا أنه قال إن السموات هي فوق الأرض وهذا ليس بشيء لأن التحت والفوق من باب الإضافة لا يقال في شيء تحت إلا وهو فوق لشيء آخر حاشى مركز الأرض فإنه تحت مطلق لا تحت له البتة وكذلك كل ما قيل فيه أنه فوق فهو أيضاً تحت لشيء آخر حاشى الصفحة العليا من الفلك إلا على المقسوم بقسمة البروج فهي فوق لا فوق لها البتة فالأرض على هذا البرهان الشاهد هي مكان التحت للسموات ضرورة فمن حيث كانت السماء فهي فوق الأرض ومن حيث قابلتها الأرض فهي تحت السماء ولابد وحيث ما كان ابن آدم فرأسه إلى السماء ورجلاه إلى الأرض وقد قال الله عز وجل : " ألم يروا كيف خلق الله سبع سموات طباقاً وجعل القمر فيهن نوراً وجعل الشمس سراجاً "
وقال تعالى : "جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً " فأخبر الله تعالى إخباراً لا يرده إلا كافر بأن القمر في السماء وأن الشمس أيضاً في السماء ثم قد قام البرهان الضروري المشاهد بالعيان على دورانها حول الأرض من مشرق إلى مغرب ثم من مغرب إلى مشرق فلو كان على ما يظن أهل الجهل لكانت الشمس والقمر إذا دارا بالأرض وصارا فيما يقابل صفحة الأرض التي لسنا عليها قد خرجا عن السماء وهذا تكذيب لله تعالى فصح بهذا أنه لا يجوز أن يفارق الشمس والقمر السموات ولا أن يخرجا عنها لأنهما كيف دارا فهما في السموات فصح ضرورة أن السموات مطابقة طباقاً على الأرض وأيضاً فقد نص تعالى كما ذكرنا على أن الشمس والقمر والنجوم في السموات ثم قال تعالى : "وكلٌ في فلك يسبحون "
وبالضرورة علمنا أنه لا يمكن أن يكون جرم في وقت واحد في مكانين فلو كانت السموات غير الأفلاك وكانت الشمس والقمر بنص القرآن في السموات وفي الفلك لكانا في مكانين في وقت غير متداخلين واحد وهذا محال ممتنع ولا ينسب القول بالمحال إلى الله عز وجل إلا أعمى القلب فصح أن الشمس في مكان واحد وهو سماء وهو فلك وهكذا القول في القمر وفي النجوم وقوله تعالى : " وكلٌ في فلك يسبحون" نص جلي على الاستدارة لأنه أخبر تعالى أن الشمس والقمر والنجوم سابحة في الفلك ولم يخبر تعالى أن لها سكوناً فلو لم تستدر لكانت على أباد الدهور بل في الأيام اليسيرة تغيب عنا حتى لا نراها أبداً لو مشت على طريق واحد وخط واحد مستقيم أو معوج غير مستدير لكنا أمامها أبداً وهذا باطل فصح بما نراه من كرورها من شرق إلى غرب وغرب إلى شرق أنها دائرة ضرورة وكذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سئل عن قول الله تعالى : " والشمس تجري لمستقرٍ لها"
فقال عليه السلام : (( مستقرها تحت العرش )) وصدق صلى الله عليه وسلم لأنها أبداً تحت العرش إلى يوم القيامة وقد علمنا أن مستقر الشيء هو موضعه الذي يلزم فيه ولا يخرج عنه وإن مشى فيه من جانب إلى جانب ، و سجودها هو سيرها فيه .
حدثنا أحمد بن عمر بن أنس العذري ثنا عبد الله ابن أحمد الهروي حدثنا عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي حدثنا إبراهيم بن خزيم ثنا عبد بن حميد حدثني سليمان بن حرب الواسحي ثنا حماد بن سلمة عن اياسي بن معاوية المزني قال (السماء مقببة هكذا على الأرض )
وبه إلى عبد بن حميد حدثني يحيى بن عبد الحميد عن يعقوب عن جعفر هو ابن أبي وحشية عن سعيد بن جبير قال جاء رجل إلى ابن عباس فقال أرأيت قول الله عز وجل : "سبع سموات ومن الأرض مثلهن " قال ابن عباس ( هن ملتويات بعضهن على بعض )
حدثنا عبد الله بن ربيع التميمي ثنا محمد بن معاوية القرشي حدثنا أبو يحيى زكريا ابن يحيى الساجي البصري قال أنبأنا عبد الأعلى ومحمد بن المثنى وسلمة بن شبيب قالوا كلهم ثنا وهب بن جرير بن حازم قال سمعت محمد بن إسحاق يحدث عن يعقوب بن عتبة وجبير بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده قال : جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله جهدت الأنفس وضاع العيال ونهكت الأموال وهلكت الأنعام فاستسق الله لنا ! فذكر الحديث بطوله وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي : (( ويحك تدري ما الله إن عرشه على سمواته وأرضه هكذا )) وقال بأصابعه مثل القبة . ووصف لهم ابن جرير بيده وأمال كفه وأصابعه اليمنى وقال هكذا .
حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ثنا أحمد بن عون الله وأحمد بن عبد البصير قالا جميعاً أنبأنا قاسم بن اصبع ثنا محمد بن عبد السلام الخشني ثنا محمد بن بشار بندار ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث التنوري ثنا شعبة عن الأعمش هو سليمان بن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : (( كل في فلك يسبحون )) فلك كفلك المغزل .
قال أبو محمد : وذكروا أيضاً قول الله عز وجل عن ذي القرنين : " وجدها تغرب في عين حمئة " وقريء أيضاً حامية .
قال أبو محمد : وهذا هو الحق بلا شك وذو القرنين كان في العين الحمئة الحامية حمئة من حماتها حامية من استحرارها كما تقول رأيتك في البحر تريد أنك إذ رأيته كنت أنت في البحر وبرهان هذا : أن مغرب الشمس لا يجهل مقدار عظيم مساحته إلا جاهل ومقدار ما بين أول مغربها الشتوي إذا كانت من آخر رأس الجدي إلى آخر مغربها الصيفي إذا كانت من رأس السرطان مرئيٌّ مشاهد ومقداره ثمان وأربعون درجة من الفلك وهو يوازي من الأرض كلها بالبرهان الهندسي أقل من مقدار السدس يكون من الأميال نحو ثلاثة آلاف ميل ونيف وهذه المساحة لا يقع عليها في اللغة اسم عين البتة لاسيما أن تكون عيناً حمئة حامية وباللغة العربية خوطبنا فلم تيقنا أنها عين بإخبار الله عز وجل الصادق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه علمنا يقيناً أن ذا القرنين انتهى به السير في الجهة التي مشى فيها من المغارب إلى العين المذكورة وانقطع له إمكان المشي بعدها لاعتراض البحار هنالك وقد علمنا بالضرورة أن ذا القرنين وغيره من الناس ليس يشغل من الأرض إلا مقدار مساحة جسمه فقط قائماً أو قاعداً أو مضطجعاً ومن هذه صفته فلا يجوز أن يحيط بصره من الأرض بمقدار مكان المغارب كلها لو كان مغيبها في عين من الأرض كما يظن أهل الجهل ولابد من أن يلقى خط بصره من حدبة الأرض أو من نشز من أنشازها ما يمنع الخط من التمادي إلى أن يقول قائل إن تلك العين هي البحر فلا يجوز أن يسمى البحر في اللغة عيناً حمئة ولا حامية وقد أخبر الله عز وجل أن الشمس تسبح في الفلك وأنها إنما هي من الفلك سراج وقول الله تعالى هو الصدق الذي لا يجوز أن يختلف ولا يتناقض فلو غابت في عين في الأرض كما يظن أهل الجهل أو في البحر لكانت الشمس قد زالت عن السماء وخرجت عن الفلك وهذا هو الباطل المخالف لكلام الله عز وجل حقاً نعوذ من ذلك فصح يقيناً بلا شك أن ذا القرنين كان هو في العين الحمئة الحامية حين انتهى إلى آخر البر في المغارب وبالله التوفيق لاسيما مع ما قام البرهان عليه من أن جرم الشمس أكبر من جرم الأرض وبالله تعالى التوفيق.
وبرهان آخر قاطع : وهو قول الله عز و جل : " وجدها تغرب في عين حامية " وقري حمئة ،" ووجد عندها قوماً" ، فصح ضرورة أنه وجد القوم عند العين لا عند الشمس
قال ياقوت الحموي عند تعريفه لخظ الإِستواء: " خط الاستواءَ من المشرق إلى المغرب وهو أَطولُ خط في كرة الأَرض".
المصدر( معجم البلدان 2/379)
قال الشَّيخ العَلاّمَة _ ابن عثمين _: يقول الله عز وجل ( وإلى الأرض كيف سطحت) أي وانظروا كيف سطح الله هذه الأرض الواسعة، وجعلها سطحاً واسعاً ليتمكن الناس من العيش فيه بالزراعة والبناء وغير هذا، وماظنكم لو كانت الأرض صبباً غير مسطحة يعني مثل الجبال يرقى لها ويصعد لكانت شاقة، ولما استقر الناس عليها، لكن الله عز وجل جعلها سطحاً ممهداً للخلق، وقد استدل بعض العلماء بهذه الآية على أن الأرض ليست كروية بل سطح ممتد، لكن هذا استدلال فيه نظر، لأن هناك آيات تدل على أن الأرض كروية، والواقع شاهد بذلك يقول الله عز وجل ( يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل) والتكوير التدوير، ومعلوم أن الليل والنهار يتعاقبان على الأرض، فإذا كانا مكورين لزم أن تكون الأرض مكورة، وقال الله تبارك وتعالى(إذا السماء انشقت. وأذنت لربها وحقت. وإذا الأرض مدت. وألقت مافيها وتخلت) فقال ( وإذا الأرض مدت) وقد جاء في الحديث أنها يوم القيامة تمد مد الأديم أي مد الجلد حتى لايكون فيها جبال ولا أودية، ولا أشجار، ولا بناء يذرها الرب عز وجل قاعاً صفصفاً لاترى فيها عوجاً ولا أمتاً، فقولهإذا السماء انشفت) والسماء لا تنشق إلا يوم القيامة وهي الآن غير منشقة إذاً قوله تعالى (إذا الأرض مدت. وألقت مافيها وتخلت) يعني يوم القيامة فهي إذاً الآن غير ممدوة، إذاً مكورة، والواقع المحسوس المتيقن أنها الآن كروية لا شك، والدليل على هذا أنك لو سرت بخط مستقيم من هنا من المملكة متجهاً غرباً لأتيت من ناحية الشرق، تدور على الأرض ثم تأتي إلى النقطة التي انطلقت منها، وكذلك بالعكس لو سرت متجهاً نحو الشرق وجدتك راجعاً إلى المنطقة التي قمت من نحو المغرب، إذاً فهي الآن لا شك أنها كروية.
المصدر (تفسير جزء عم / ص183و184)
وينظر مجموع الفتاوى (1/70)
هذا ما قاله العلماء من السلف والخلف ..
وأسلفت أنت بما قاله أهل الضلالة وعبدة الأوثان من الإغريق ..
فهل هناك مجال للمقارنة ؟؟!!
لا أظن ..!!
والله أكبر ..
جواد البشيتي:
الأستاذ رشيد المناوي
تشبيه شكل "الأرض" بـ "قطعة النقد المعدنية المستديرة" مِنْ عندي وليس من عند الإغريق. إنَّ تَصَوُّر "الأرض" على هيئة "قُرْص"، أي على هيئة قطعة مستديرة مبسوطة، يفيد كثيرا، على ما أحسب، في فَهْم "صورتها القرآنية".
بالنسبة إلى مسألة "التكوير"، لَمْ يُذْكَر في القرآن أنَّ الله "كوَّر الأرض". الشمس فحسب هي التي سوف "يُكَوِّرها" الله عند قيام الساعة؛ فهل معنى هذا أنَّ الله سَيَجْعَل الشمس "كروية" يوم القيامة؟!
وهل الشمس الآن على غير هيئة الكرة حتى يَجْعَلَها الله كروية يوم القيامة؟!
يكفي أن تُمْعِن النظر في هذا الذي قُلْتُ على شكل سؤالين تعجبيِّين حتى تّجِد نفسكَ مضطَّراً إلى البحث عن معنى آخر، أي عن المعنى الحقيقي" لـ "التكوير".
كَوَّرَ (يُكَوِّرُ تَكْوِيراً) الشيء: لفَّهُ على جهة الاستدارة (كَوَّر العِمَامَةَ). "كَوَّرَ العِمَامَةَ على رَأْسِهِ": لَفَّهَا، أَدَارَهَا. كَوَّر المتاع: جمع بعضه على بعض وشده ولفَّه. كَوَّر اللَّهُ اللَّيْلَ على النهار والنهارَ على اللَّيل: أدخل هذا في هذا؛ أو أتْبَعَ اللَّيْلَ بِالنَّهَارِ وَالنَّهَارَ بِاللَّيْلِ. كَوَّرَ اللَّهُ الشمسَ: جمع ضوءها ولفَّه.
في مسألة "تكوير الأرض" يتضح أنَّ الله لَمْ يُكَوِّر "الأرض". لقد كَوَّر فحسب الليل على النهار، والنهار على الأرض. وهذا معناه، الذي لا يحتاج إلى كل هذا الجهد التأويلي الذي أنفقوه، أنَّ الله يُدْخِل الليل (شيئاً فشيئاً) في النهار، فَيُتْبِعَ، بالتالي، الليل بالنهار؛ ثمَّ يُدْخِل النهار (شيئاً فشيئاً) في الليل، فَيُتْبِعَ، بالتالي، النهار بالليل. ولتَتَذَكَّر الآية "ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ ويُولِجُ النَّهَارَ في اللَّيْلِ"، أي يُدْخِل الليل في النهار، والنهار في الليل. أليس هذا خير دليل على أنَّ هذا هو فحسب معنى "التكوير" هنا؟!
وثمَّة سؤال لا أعْرِف لماذا يسأله "المؤوِّلون العلميون"، هو الآتي: هل في القرآن ما يؤكِّد انتماء الليل والنهار إلى "الأرض"؟ فَكِّر في معنى الآية "وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ".
في نهاية تفكيركَ يتضح لكَ أنَّ بين "الليل" و"النهار" و"الشمس" و"القمر" صفة مشترَكة هي "السباحة في فلك"، أي أنَّ كل شيء من هذه الأشياء الأربعة يسبح، أو يدور، حَوْل الأرض، فالليل، أو النهار، يُنْظَر إليه، في هذه الآية، على أنَّه شيء يشبه جِرْماً فلكيا، فإنَّ للشمس مدارا (أو فلكا) تسبح فيه، وإنَّ للقمر مدارا، وللنهار مدارا، ولليل مدارا؛ فهذه الأشياء الأربعة هي التي تدور حَوْل الأرض (الساكنة الواقفة في مكانها). وفي أثناء دوران النهار (مثلا) حَوْل الأرض يقوم الله بإدخال الليل فيه شيئاً فشيئاً حتى تَرْجَح كفَّة الظُلْمَة على كفَّة النور، فيَعْقُب الليل النهار. بحسب هذا المعنى (أو التفسير) نفهم الآية "لا الشَّمْسُ ينْبَغِي لَها أَنْ تًدْرِكَ القَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النُّهارِ وَكُلُّ في فَلَكٍ يسْبحُونَ". إنَّ الليل، بالتالي، لا يُمْكِنه أن يسبق النهار. إنَّه يَدْخُل فيه، ويتسرَّب؛ ولكن من غير أن يسبقه.
وينبغي لكَ أن تُفَكِّر في السبب الذي منع ضم "الأرض" إلى تلك الأشياء (الليل والنهار والشمس والقمر) التي في أفلاكها تسبح.
من كل ذلك نَسْتَنْتِج، أي يُمْننا وينبغي لنا أن نَسْتَنْتِج، أنَّ الفعل "يُكَوِّر" لا يُمْكِن أبداً أن يؤوَّل بما يفضي إلى أن نكتشف في تلك الآية إشارة إلى "كروية الأرض".
وأخيراً، أقول لكَ إنَّ القرآن لَمْ يَنْزِل، نصَّاً ومعنىً، بما يُوافِق وعي بشرٍ في مكان وزمان مخصوصين، فكلام الله ليس بخطاب سياسي يُراعى فيه وعي الناس الموجَّه إليهم هذا الخطاب. إنَّه كلام جامع مانع، مُقْنِعٌ لعقول البشر في كل مكان وزمان.
جواد البشيتي:
الأستاذ سعيد نويضي
تحدَّثْتَ عن "المنطق الإلهي" في القرآن، فَقُلْت إنَّ هذا المنطق يقوم على "تقريب المفاهيم" إلى أذهان البشر؛ وكان عليكَ أن تُضيف قائلا: "على اختلاف أمكنتهم وأزمنتهم". القرآن، أي كلام الله الجامع المانع، هو في خاصِّية جوهرية له "المُقْنِع" لعقول البشر في كل مكان وزمان. إنَّه لَمْ يَنْزِل لمخاطبة عقول الناس في زمن الرسول فحسب؛ وإنَّما لمخاطبة (وإقناع) العقل البشري على وجه العموم، أي لمخاطبة وإقناع عقول البشر في كل مكان وزمان.
الناس في زمن الرسول كانوا في حال من الوعي والثقافة والعِلْم تُعْجِزهم عن قبول فكرة أنَّ الأرض كروية؛ ولكن الناس الآن في حالٍ من الوعي والثقافة والعِلْم تُعْجِزهم عن قبول كل فكرة تُناقِض فكرة "كروية الأرض".
لقد تحدَّثْتُ غير مرَّة عن الآية "وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ"، مُوضِحاً أنَّها ليست بإشارة إلى "دوران" الأرض حَوْل نفسها، أو حَوْل الشمس، فالآية إنَّما تتحدَّث عن مَظْهَر من مظاهر يوم القيامة؛ فَلِمَ تَضْرِب صفحاً عن الآية التي سبقتها، والتي جاء فيها "وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ"، وعن الآيتين اللتين جاءتا من بَعْدِها "مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ. وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ"؟!
إنَّ "الأُفق" هو الموضع الذي فيه يُمْكِن الاستدلال على "كروية" الأرض. و"الأُفْق" هو خطٌّ دائريّ يرى فيه المشَاهد السَّماءَ كأَنها مُلْتَقِية بالأَرض، ويبدو متعرِّجًا على اليابس، ومكوِّنًا دائرةً كاملة على الماء.
ومع ذلك، عَجِز معظم الناس في الأزمنة الغابرة عن اكتشاف كروية الأرض عَبْرَ إمعانهم النظر في المعنى الهندسي لـ الأُفْق".
إنَّ عينكَ "المثقَّفة" بثقافة زمنكَ هي التي تُريكَ الآن "الأُفق" على أنَّه دليل على كروية الأرض، فلا تنسَ هذه الحقيقة.
جواد البشيتي:
الأستاذ عبد السلام معلا
أتمنى عليكَ أن تعيد قراءة ما كتبت حتى لا تَسْتَوْلِدَ من "سوء فَهْمِكَ" هذا الاتِّهام لي بأنَّني أقٍفُ مع التصوُّر الإغريقي لشكل الأرض ضد التصوُّر القرآني، فبئس القراءة والفهم إذا ما أفضيا بكَ إلى اتِّهامي بأنِّني أرى الأرض على هيئة "قطعة نقد معدنية مستديرة"!
لو كان القرآن يتصوَّر الأرض على هيئة جسم كروي لأشار إلى ما هو أهم بكثير من "تعاقُب" الليل والنهار، وهو "تزامنهما"، فالليل عندنا نهار في الولايات المتحدة.
في المكان ذاته من الكرة الأرضية نرى تعاقُب الليل والنهار؛ ولكنَّ هذا التعاقُب ليس بدليل على "كروية" الأرض، فأنتَ تستطيع أن تُحْدِث تعاقباً مشابها على جسم غير كروي؛ ولكنَّكَ لا تستطيع أن تَجْعَل الليل والنهار متزامنين إلاَّ على جسم كروي. "التزامن"، وليس "التعاقب"، هو الدليل على كروية الأرض.
أين الذكاء في قولكَ إنَّ الأرض المبسوطة، الممدودة، المدحوة، لا يُمْكِن أن تكون كذلك إلا إذا كانت على هيئة كرة؟!
كل جسم كروي يمكن ويجب أن نرى في كل جزء منه "الاستواء"؛ ولكن ليس كل "استواء" هو دليل على "كروية" الجسم. أليست الطاولة مبسوطة، ممدودة، مدحوة، مع أنَّها ليست بـ "كروية"؟!
إنَّ "سوء الفهم" مع "قِلَّة الذكاء" لا يَصْنَع منكَ محاوِراً!
جواد البشيتي:
أستاذ منذر
قُلْتَ في "تكوير الشمس" ما يَعْدل جزءا كبيرا مِمَّا قٌلْتُ أنا، فأشكركَ على إدلائكَ برأيٍ يشبه رأيي؛ لكن القضية موضع الجدل والحوار إنَّما هي السؤال الآتي: هل لفظ "التكوير" الوارد في القرآن في مسألتي "الشمس" و"الليل والنهار" يعني أنَّ الأرض كروية؟
أنْتَظر جوابك!
جواد البشيتي:
الأستاذ أبو هاجر أحمد العزام
الليل يسبق النهار؛ والنهار يسبق الليل؛ لأنَّ الأرض كروية. الليل سبق النهار، فوصل إلينا بينما ظلَّت الولايات المتحدة في نهار!
تخيَّل أنَّكَ تقف على سطح قُرْص (قطعة مستديرة مبسوطة) كمثل "قطعة نقد معدنية مستديرة"، وأنَّ لهذا القرص "قُبَّة سماوية"، تجري فيها الشمس. هذا الجريان إنَّما يشبه جريان نقطة في خطٍّ نصف دائري. إنَّكَ ترى الشمس تُشْرِق من موضع وتغرب في موضع؛ وتراها، في اليوم التالي، تُشْرِق من موضع مجاوِر لموضع شروقها في اليوم السابق. تخيَّل ذلك حتى يَسْهُل عليكَ فَهْم مسألتين: أنَّ هذا الجريان للشمس ليس بمشروط بأن تكون واقفاً على سطح جسم كروي، وأنَّ "المشْرِق" يمكن أن يغدو "مشارِق".
مَنْ قال لكَ أنَّ "التكوير لا يكون إلا على سطح جسم كروي"؟!
هذا القُرْص الذي تَقِف عليه ألا يُمْكنكَ أنْ تلفَّ عليه عند سُمْكِه، أو ارتفاعه، قطعة قماش؟!
جواد البشيتي:
الأستاذ طه خضر
أنتَ لا تريد النقاش، فلكَ ما أردت.
عبد السلام معلا:
نعم هو كذلك أستاذ جواد ..ولكن مع استحضار أن سطح الأرض لن تجد له حافه أو نهاية أينما ذهبت.. فانتزاع هذا الإشتراط من السياق يشوش الفكرة كلية وهو ما دعاك لترميني بقلة الفهم وقلة الذكاء... فوجود الإستواء أينما توجهنا على سطح الأرض دون أن نعثر على نهاية وحافة لها ,,لهو دليل جامع ومانع على كروية الارض... الأمر الذي لا ينطبق على سطح الطاولة( المستوي ) طالما وجدنا لها حافة بارزة..
أرجو ان تعيد التدقيق في مشاركتي الأولى..
تحياتي لكم
جواد البشيتي:
الأستاذ عبد السلام
وأين هي الإشارة القرآنية إلى أنْ ليس للأرض (المبسوطة) من حافة أو نهاية؟!
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟