تم وللأسف قبل أيام وبعيداً عن أعين التحالف ومجلس الحكم أو بأغماض عين منهم تخريج الدفعة الأولى أو وكما يحلو لأصحاب الأمر تسميتها الكتيبة الأولى من ميليشيا مقتدى الصدر.. وذلك في مدينة البصرة .. ويالهفي على البصرة مما ينتظرها أذا ساد فيها من يريدون حكمها وحكم العراق بعقلية القرون الوسطى الظلامية أو أشد .
فما الذي يحدث في العراق ؟ .. وما هذه العروض المسرحية والحركات البهلوانية التي يقوم بها البعض هنا وهناك ؟ .. وهل المقصود منها أيصال بعض الرسائل لهذا الطرف أو ذاك من أبناء الشعب العراقي من قبل الأطراف الأخرى ؟
ما هي قصة ميليشيا مقتدى الصدر! .. وما المغزى من تشكيلها الآن وجروح العراقيين لم تندمل بعد من سنين الخوف والقتل والرعب التي سرقها صدام من عمر العراقيين ! .. لم يصدق العراقيين الخلاص من صدام وميليشياته الدموية من فدائيي صدام وجيش القدس والأمن الخاص والحرس الجمهوري وغيرها من التنظيمات الدخيلة على المؤسسة العسكرية العراقية والتي أبتدعها مجرموا العوجة بعد أغتصابهم للسلطة في أنقلاب 1968 الأسود حتى تأتيهم ميليشيات بعض أحزاب المعارضة السابقة لتسيّرالأوضاع في بعض المدن كيفما تشاء متجاهلة وبشكل متعمد بل ومتجاوزة أحياناً لكل أشكال السلطة المدنية التي أوجدها العراقيين بالتعاون مع قوات التحالف .
فأحدى هذه الميليشيات حاولت وكأننا في عهد التضليل الأعلامي أن توهمنا و تقنعنا بمسؤلية قوات التحالف عن حادث أستشهاد السيد الحكيم (رض) بدعوى أنها لم تستطع الحفاظ على الأمن في النجف وكأننا لانعرف ولم نسمع بأن القوات الأمريكية ومنذ أول يوم لتواجدها قرب النجف مُنعت من دخول المدينة بأعتبارها أرضاً مقدسة وترك أمر أدارتها وحفظ الأمن فيها للمجلس البلدي الذي شكله أهالي المدينة فور سقوط النظام .. لذا فأن ألقاء اللوم على قوات التحالف في هذا الفاجعة أمر غير وارد بالمرّة لعدم وجودها في مكان الحادث أصلاً عند وقوع الجريمة .. في حين أن تقصيرتلك الميليشيا وتهاونها في أداء عملها وفي الكشف عن سيارة محملة ب(700) كغم من المتفجرات متروكة بقرب جدار الروضة الحيدرية الشريفة من الليلة السابقة ليوم الجريمة وربما أنشغالها على ما يبدو في اللطم أو في الصلاة كان أحد الأسباب الرئيسية لهذا الحادث المفجع .. وكنا نتمنى على الجهات المسؤولة عن تلك الميليشيا أن تعترف بهذا التقصير بدل ألقاء اللوم ورمي التهم جزافاً على قوات التحالف.. فكفانا تبريراًً للأخطاء والمساويء وتحويلها الى حسنات أو رمي تبعاتها على الآخرين .. فكل أبن آدم خطّاء وخير الخطّائون التوابون .
أما الميليشيا الأخرى وأقصد بها تلك التي تخرّجت أولى كتائبها (الظافرة) قبل أيام .. فقد كانت باكورة أعمالها وبعد أيام معدودات من التحريرهي قتل سليل الدوحة المحمدية وحفيد أهل الكساء وأبن سيد علماء عصره وأحد أبطال أنفاضة آذار المجيدة السيد الشهيد مجيد الخوئي (رض) .. والذي عاد الى مدينته وأهله محمّلاً بتجارب السنين التي قضاها متغرباً عن وطنه العراق ومفعماً بالآمال الكبيرة لولا يد الغدر والتعصب التي لم تمهله طويلاً .. كما أن هذه الميليشيا لم تدخر وسعاً ومنذ الأيام الأولى لسقوط النظام في تفجير السينمات وحرق محال بيع المشروبات والأشرطة الموسيقية وفي أجبار النساء على أرتداء الحجاب ومنع الرجال من أرتداء الجينز وأجبارهم على أطالة اللّحى وكل هذا بأسم الحوزة الناطقة.. وكأنها تريد بأعمالها هذه أن تؤسس أمارة أسلامية على غرار أمارة طالبان السيئة الصيت لتشوه دورهذا الصرح الشامخ والعظيم والمتمثل بالحوزة العلمية ومراجعها العظام والتي لم يعرف عنها يوماً نزولها الى مثل هذه التوافه من الأمور كتشكيل الميليشيات والجيوش والتدخل في صغائر خصوصيات الناس كما يفعل القائمين على هذه الميليشيا الآن من شيوخ ما يسمى بالحوزة الناطقة والذين ومن الأيام الأولى لتحرير العراق تركوا النظام وأزلامه ومرتزقته من العرب ممن يعيثون فساداً بالعراق وبدؤا يكيلون الشتائم والتهم لمجلس الحكم وأعضائه فمرة يتهمونهم بالعمالة ومرة يكفرونهم ومرة يمنعون الصلاة على أرواح من يستشهد منهم .. وأما موقفهم من قوات التحالف التي ضحى شبابها بأرواحهم من أجل أن يحيى ويخطب هؤلاء الشيوخ على المنابر بعد أن كانوا مضطهدين ملاحقين من صدام وأزلامه فحدّث عنه ولا حرج .. ومن هؤلاء الشيوخ وعلى سبيل المثال لا لحصر فهم كثير ومن الصعب حصرهم الشيخ مؤيد الخزرجي والذي تعتقله القوات الأمريكية هذه الأيام بتهمة التحريض على قوات التحالف ومجلس الحكم وحيازة الأسلحة .. فهذا الرجل لم يسمع به أحد طيلة فترة حكم النظام المقبور وحتى في أيامه الأخيرة .. ألاّ أننا فوجئنا به وبعد أيام معدودة من سقوط النظام وهو يعتلي المنابر مهاجماً ومحرضاً ضد قوات التحالف التي مكنته من أعتلاء هذه المنابر وناعتاً مجلس الحكم وأعضائه بالعمالة للأجنبي هذا بالأضافة الى طروحاته الغريبة واللاّمعقولة والتي يلقيها على الملأ في خطبه الرنانة والتي غالباً ما عكرت صفو الهدوء والأستقرار في الشارع العراقي في حين أن هذا الشارع وفي هذه الظروف هو أحوج مايكون لمن يشيع فيه الهدوء والطمأنينة والأستقرار .. لذا فعليه أولاً وقبل أطلاق سراحه أن يتعلم درساً مهماً في الحياة وهو أن يفرق ولايخلط بين مقارعة نظام كافر دمر البلاد وسبى العباد وبين التعامل مع أناس ليسوا بأقل منه وطنية وتديناً وحباً للعراق ومع قوات صديقة ساعدته وقدمت له يد العون للتخلص من هذا النظام .. كما يجب أن يعلم هو وأمثاله بأننا لسنا في زمن صدر الأسلام حتى يفرضوا على الخلق ما يريدون من أفكار ومعتقدات قد يتفق معهم عليها البعض ولكن المخالفين لهم فيها أكثر بكثير .
وبالطبع لايفوتنا أن ننسى الميليشيا الكردية أو ( البيشمركة ) بفرعيها التابعين للحزبين الكرديين الرئيسيين الأتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني والتي لانعلم حقاً سبب أمتناعها عن الأندماج ضمن تشكيلات الجيش العراقي الجديد .. وهل ياترى تريد أن تبقى بصورتها الحالية في بلد نأمل أن يكون قد أنتهى فيه عهد التمييز العرقي والطائفي الى الأبد وسيصبح فيه بأذن الله كل أبناء الوطن سواسية في الحقوق والواجبات لافرق بينهم سواء على أساس القومية أو المذهب أو الدين .. ولكن كان الله في العون أذ كيف نطلب من هاتين الميليشيتين الأندماج ضمن تشكيلات الجيش العراقي الجديد وهما لم تندمجا بعد مع بعضها البعض رغم مايربطهما من رباط اللغة والتأريخ والمصير المشترك .. هذا بالأضافة الى بعض الأعمال اللاّمسؤولة التي يقوم بها نفر لامسؤول في هذه الميليشيات في بعض المحافظات نتمنى أن تتم معالجتها في المستقبل القريب ونحن على ثقة من ذلك .
وهناك أيضاً بعض الميليشيات الصغيرة لبعض القوى والحركات الليبرالية والتي بدأت الآن و كما يقال بالأنصهار ضمن تشكيلات الجيش العراقي الجديد .
هذا بالأضافة مع الفارق طبعاً عن ماذكرنا سابقاً الى ميليشيات الأجرام السرية سواء من أيتام صدام من بقايا فدائييه ومخابراته وأمنه وحرسه الخاص ومرتزقتة العرب من أنتحاريي ال (25000$) .. أو من أيتام بن لادن والظواهري من أصحاب اللحى النتنة حملة فكر التكفير والخارجين من كهوف العصور الحجرية والتي تعيث في أرض العراق الطاهرة فساداً والتي لايمر عليها يوم دون أن تلطخ أيديها بدماء أبناء العراق الزكية ودماء جنود قوات التحالف التي سالت ولاتزال تسيل من أجل أن تعم الحرية ويعم الخيرالعراق كل أرض العراق بعد كنسه والى الأبد من قاذورات الزمان والفكر الأسود .
لذا نتسائل هنا .. وسؤالنا مشروع في أعتقادي ..
هل تم حل الجيش العراقي النظامي ( وأكرر) النظامي المعروف على الأغلب بولائه الى الوطن العراقي الكبير والذي لم يكن له في كل ما حدث لاناقة ولاجمل من أجل تشكيل وأيجاد بعض الميليشيات الهزيلة والمعروفة بولائها المحدود لأشخاص معينين أو لأهواء قومية وطائفية بل وأحياناً لجهات خارجية والتي يمثل تشكيلها و بكل المقاييس ظاهرة خطيرة سيؤدي تفاقمها وأتساعها الى أدخال البلاد في دوامة من النزاعات والصراعات ستؤدي بالتأكيد الى حرب أهلية لها أول وليس لها آخر ؟
ومالسبب في التغاضي والسكوت وأغماض العين عن عملية مشوهة لعسكرة مجتمع متوتر و منهك أصلاً من جراء العسكرة والحروب وبأساليب فوضوية وبدائية متخلفة بدل السعي وبسرعة لتشكيل جيش عراقي جديد وبأساليب حديثة يضم في صفوفه جنود وظباط الجيش النظامي السابق ممن لم تتلطخ أيديهم بدماء شعبهم بالأضافة طبعاً الى من يرغب بالتطوع الى هذا الجيش من الشباب من دون غصب أو أجبار كما كان الحال في عهد النظام المقبور ؟
أن السكوت والتغاضي عن تشكيل هذه الميليشيات من جهة والألحاح والأصرار المبالغ فيه من قبل بعض الأعضاء في مجلس الحكم على صيغة المحاصصة الطائفية في تشكيلته من جهة أخرى ستدفعان بالبلاد الى دهاليز نفق مظلم لانهاية له وهي لم تلتقط بعد أنفاسها من قهر وظلم عقود عجاف لم تشهدها بلاد ولم يشهدها شعب على هذه الأرض .
لذا ولمعالجة هذا الأمر الخطير ندعوا كل من يهمه الأمر من السادة المسؤولين في مجلس الحكم والأدارة المدنية للتحالف الى أتخاذ خطوات جدية وسريعة لحل جميع هذه الميليشيات وبشكل حقيقي وليس شكلي كما يحدث الآن من تغيير أسماء بعضها أوالسكوت تماماً عن البعض الآخر كما فعلت القوات البريطانية مع تخرج الكتيبة الأولى من ميليشيا الصدر في البصرة .. كما نرجوا وبدلاً من بعض الممارسات الخاطئة والتي تدفع بالفرد العراقي لأن يتمسك ويتعصب مرغماً لأنتمائه العرقي أو العشائري أو الطائفي أو الديني الى أيجاد آليات مناسبة من أجل تفعيل المجتمع المدني والديمقراطية في العراق مما يدفع بالأنتماء لوادي الرافدين الى الأمام مع أحترام خصوصية الأنتمائات الأخرى والتي لايمكن القفز عليها أو أنكارها.. والاّ فأن أستمرار هذه المهزلة ستكون نتيجته الندم ولاشيء غير الندم .. ولكن يوم لاينفع الندم .