التنظيمات المروجة للإرهاب - 1--
يعود تاريخ تكوين التنظيمات المروجة للإرهاب إلى بداية الحرب في أفغانستان ضد الروس. آنذاك كان عدد من المغاربة الذين استجابوا إلى دعوة القتال قليل جدا لا يتجاوز عددهم العشرة، و كان من بينهم محمد رفيقي الذي يعتبر من قدماء المقاتلين المغاربة في أفغانستان، و هو ممرض التحق بهذا البلد عام 1989، و سرعان ما أصبح مقربا من أسامة بن لادن، و هو الذي قدم لهذا الأخير المغربي عبد الله تبارك (أبو عصام) الذي أصبح حارسه الشخصي قبل اعتقاله من طرف الأمريكيين و إيداعه بسجن كواناتنانامو بكوبا.
و كل التنظيمات المروجة للإرهاب بالمغرب ضمت في صفوفها مغاربة شاركوا في الحرب بأفغانستان، و كانوا يتلقون أفكارهم من طرف شيوخ من أمثال محمد الفزازي و عبد الوهاب رفيقي (أبو حفص) و حسن الكتاني و عبد الكريم الشادلي و عمر الحدوشي. كما ضمت تلك التنظيمات مهاجرين مغاربة في الدول الأوروبية . و تمكنت من تشكيل شبكات في العديد من المدن المغربية تربطها علاقات و آليات مضبوطة و محكمة. و القاسم المشترك بينها هو تبني العنف ضد المخالفين لمبادئها و أفكارها و رؤيتها و استحلال أموالهم و دمائهم. كما أنها تعمل على الدعوة للجهاد و النهي عن المنكر بالقوة و إباحة الفيء (استحلال مال الغير عن طريق السطو و النهب).
و كان جل المغاربة المحاربين بأفغانستان قد تم تأطيرهم من طرف الشيخ الليبي القائم على جماعة المقاتلين الليبيين التي كانت تضم عناصر منحدرة من دول المغرب العربي. و في سنة 1996 فتحت الأبواب للمغاربة و وصل عددهم بأفغانستان ما يناهز 250 شخصا نظموا تحت لواء الجماعة المقاتلة المغربية. و بعد سقوط كابول سنة 2002 صدرت أوامر لكل أعضاء التنظيم للعودة إلى دول المصدر و انتظار التعليمات بخصوص التحرك في المستقبل. و هكذا رجع أغلب المغاربة إلى الوطن و كان هؤلاء يحملون وجهتي نظر لاستئناف النشاط على أرض المغرب :
- شن حرب العصابات في البوادي و الجبال على غرار النموذج الجزائري
- شن حرب المدن من خلال استعمال السيارات المفخخة و المتفجرات.
هكذا كانت الانطلاقة لسيرورة أنتجت حركة المجاهدين المغاربة و الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة و جماعة السلفية الجهادية و جماعة الصراط المستقيم و جماعة الهجرة والتكفير.
حركة المجاهدين المغاربة
كان يتزعمها محمد النعماني الذي استقر بفرنسا و توفى بها. و كانت هذه الحركة تصدر مجلة السرايا في الخارج و يقوم محمد النكاوي بإدخالها إلى المغرب ثم توزيعها في جملة من المدن المغربية الكبرى. و بعد عودة هذا الأخير إلى الوطن عمل محمد النكاوي على استقطاب بعض العناصر و أنشأ خلية ضمت في البداية ستة أفراد قبل أن تتوسع. و كانت مهمتها في البداية القيام بتوزيع مجلة السرايا التي دخل العدد الأول منها في أواخر ثمانينات القرن الماضي إلى المغرب عبر مليلية.
و حسب تصريحات محمد النكاوي أمام المحكمة، فان هدف هذه الحركة هي توعية الشعب المغربي و ليس اغتيال الشخصيات السياسية. مضيفا أنه لو كان هذا الاغتيال هدفها لما كان ذلك صعبا عليها، لكن ذلك لم يكن في حسبانها كما أكد أن الأسلحة المتوفرة للجماعة ظلت مختفية لمدة عامين إلى أن تم اكتشافها من طرف رجال الأمن، و هي أسلحة كانت مهيأة تحسبا لاندلاع نزاع حدودي مع الجزائر حسب ما صرح به لهيئة المحكمة، مضيفا و كذلك تحسبا لاندلاع حرب أهلية بالمغرب.
الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة
تتمركز هذه الجماعة ببريطانيا و يتوزع أعضاؤها بين السويد و الدانمارك. و قد سبق لبعض قاداتها أن حاربوا بجانب أسامة بن لادن . يطلقون على أنفسهم تسمية ( العائدون).
تدرب أغلب أعضائها على حرب العصابات و استعمال السلاح الخفيف وزرع الألغام و استعمال القنابل اليدوية في معسكرات أفغانستان. و قد تدرج أعضاء هذه الجماعة في عدة تيارات دينية متطرفة إلى أن انتهى الأمر إلى تأسيس جماعة خاصة بهم، الجماعة الإسلامية المقاتلة المغربية. و كانت تتوخى دعما لوجيستيكيا و ماديا من أفغانستان، علما أن قاداتها ربطوا علاقة و وطيدة بأيمن الظواهري، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة. كما أن أغلب العناصر المستقطبة إليها تلقوا تداريب عسكرية بمركز تابع للجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية بأفغانستان.
و قد حجز مبالغ مالية كانت ترسل من طرف أجانب يقيمون في انجلترا و ايطاليا و فرنسا. و ذلك لتوفير الدعم المادي لتنفيذ مخططات الجماعة بالمغرب.
كما شارك بعض أعضائها في حرب البوسنة بعد الخضوع للتداريب على الأسلحة هناك.
جماعة السلفية الجهادية
السلفية بشكل عام هي تيار فكري، ينسب لصحابها أنفسهم لهل السنة و الجماعة ككل السنيين مقابل الشيعة. و هذا التيار في المغرب ينقسم إلى تيار محمد بن عبد الرحمان المغراوي في مراكش (جمعية الدعوة إلى القرآن و السنة)، و تيار أكثر تطرفا و هو الذي ينعت بالجهادي و يساير التوجيهات العامة لأسامة بن لادن و جملة من علماء السعودية المتواجدين بالسجون.
و تعود بداية تأسيس هذا التيار إلى تسعينات القرن الماضي بعد حرب الخليج سنة 1991 حينما برزت أصوات انبثقت من وسط التيار السلفي الوهابي و بلدان أخرى، تدعو إلى الجهاد ضد الأمريكيين الذين استباحوا أرض الإسلام. آنذاك طفى على السطح خلاف بين العلماء حول جواز الاستغاثة بالكافر و ولوج جيشه الأراضي العربية الإسلامية. و هذا ما نعته البعض بتخاذل العلماء و عمالة الحكام و جبن الأمة.
و منذ ئد أعلن الجهاد من أجل التحرر من قبضة أمريكا و حلفائها. و في سنة 1998 تأسست الجبهة العالمية لقتال اليهود و النصارى، و شرع في تطبيق الجهاد لضرب أمريكا و مصالحها و استهداف مواقع في العديد من البلدان. و هكذا امتد هذا التيار إلى العديد من الدول. و آنذاك أعلن بعض الدعاة المغاربة نصرتهم للقاعدة و لأسامة بن لادن، حيث أصدر عمر الحدوشي فتوى تحرم تعاون المغرب مع الولايات المتحدة في حربها ضد حكم طالبان بأفغانستان و اعتبر مناصرة بن لأدن واجبة باعتباره مجدد الجهاد في العصر الحالي.
هكذا كانت البداية و تنامي هذا التيار في سنوات قليلة و كثر أتباعه بواسطة الاستقطاب في الخفاء، و اجتهد العديد من منظريه في الإقناع. كما تكونت العديد من المجموعات اغترفت من نفس المعين الإيديولوجي و انتشرت في العديد من المدن المغربية على شكل خلايا محكمة التنظيم.
و ضمت هذه الخلايا شبان تتراوح أعمارهم ما بين 25 و 40 سنة، كما شملت مغاربة أفغان عائدين أو هاربين بعد اعلان الحرب على تنظيم القاعدة.
و قبل العمليات الانتحارية ليوم 16 مايو بالدار البيضاء تم اقتراف جملة من الأفعال يعاقب عليها القانون المغربي، و هي أفعال ارتكبت ضمن ما يسميه أقطاب جماعة السلفية الجهادية بالتعزير و تغيير المنكر، حيث تم تنفيذ اعتداءات ضد أشخاص، و ذلك بانتزاع السيارات التي يستعملونها فيم أسمي بالخبائث و التخلص منها في مكان بعيد أو إتلافها و سلب أموالهم التي تصبح فيئا مستباحا و حلالا. و قد تم اعتقال بعض قادة الجماعة قبل 16 مايو 2003 بعد أن اتضح تورطهم في جرائم قتل و اعتداءات. و قد شملت الاعتقالات 31 شخصا توبعوا بتهم تكوين عصابة إجرامية و القتل العمد مع سبق الإصرار و الترصد مع تشويه جثت و إخفائها و محاولة القتل و استعمال السلاح الناري و حيازته و إضرام النار عمدا.
كما أظهرت التحريات أن عناصر جماعة السلفية الجهادية هم الذين نفذوا اعتداءات 16 مايو بالدار البيضاء، كما كانت الجماعة تحضر لتفجيرات في مدن مغربية أخرى.
يتبع