الفاهم محمد
الحوار المتمدن-العدد: 2070 - 2007 / 10 / 16 - 06:07
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
إن فيض المعنى الذي خلقه الحدث القرآني زلزل الكيان العربي من أساسه ، فالإنسان العربي الذي كان يتباهى بقدرته على القول والإبانة والإفصاح وجد نفسه فجأة أمام لغة عربية لم يعهدها من قبل تتحداه فيما يفخر به هو بالذات . انه يقف الآن أمام هذه اللغة التي اكتملت في السماء عاجزا عن مضاهاتها لقد أصيب بحبسة أنطولوجية تجعله عاجزا عن الكلام والتعبير .هناك كلمة على حد الشفاه تريد أن تخرج دون أن تتمكن من ذلك . ما هي إذن هذه الكلمة التي لا تفصح عن نفسها إلا في صمت منسحبة إلى الوراء ؟ كيف يمكننا أن نقرأ هذا الكلام العالق على لسان الإنسان العربي ؟ ما هذه اللغة التي لم تستطع أن تتجسد في كلمات واضحة ؟ ما السبيل إلى استقراء المضمر في كلام الإنسان العربي ؟
إن هذا هو السبب الذي جعل العلوم العربية في جل أشكالها من نحو وبلاغة وبيان تتركز حول اشكالية اللفظ وليس إشكالية المعنى . فما دامت المعاني موجودة مسبقا يزخر بها النص الديني فان المهم حتما هو كيف نقول المقيل ؟ او بطريقة أخرى ما هي الطريقة المناسبة لبسط وشرح هذا المعنى السابق في وجوده على وجود اللغة ذاتها ؟
إن الكلام هو الأداء الفعلي للغة ، إنه هو الذي يتيح لها الإستمرار والتواجد والبقاء لذلك فالنصوص التي لا تتكلم هي نصوص ميتة مجردة من الروح . تدخل اللغة باب الحداثة عندما تستطيع أن تنتصب في الحاضر ، أي عندما تصبح مجالا قابلا للتداول والتواصل ، وبالتالي يصبح النص قابلا لأن يأخذ موقعا في الراهنية عبر إعادة تأويله ، أي عبر تثوير خصوبته الدلالية ، فنظام التلقي هو الذي يعيد إحياء نظام اللغة . مما يؤدي إلى القول بأن اللغة التي تحاول أن تعرض نفسها كاكتمال لا يمكنها أن تتحول إلى كلام لذلك فهي تضمحل في جاهزية الماضي الذي تدعيه . يقتضي الأمر إذن أن تدخل اللغة الزمان وأن تلبي نداء الراهنية وأن تتخلى عن كبريائها ككائن سماوي مطلق .
#الفاهم_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟