|
المربي الكبير والوطني الغيور عبد المسيح اسكندر القس بطرس في ذمة الخلود
صباح قدوري
الحوار المتمدن-العدد: 2067 - 2007 / 10 / 13 - 12:01
المحور:
سيرة ذاتية
في صباح يوم الثلاثاء، التاسع من تشرين الاول/اكتوبر2007، غادرنا والى الابد الشخصية التربوية والاجتماعية والوطنية المعروفة الاستاذ عبد المسيح اسكندر، ليرقد في مثواه الاخير في المقبرة المسيحية في مدينة السليمانية. رحلت عنا، ونحن اهلك واصدقاءك ومحبيك في المهجر ، لم يحالفنا الحظ من ان نلتقي بك مرة اخرى ،ونلقي النظرة الاخيرة على جثمانك الطاهر، او نشارك مراسيم دفنك، التي بدات بالقداس على روحك الطاهرة في كنيسة مريم العذراء في مدينتك الباسلة، التي لم تفارقها ابدا ، واحببتها وكانت دائما في قلبك وضميرك ، وكنت تردد المقولة الجميلة( ان خير ملجأ للانسان وطنه ) ، وطبقتها كمبدأ في حياتك. شارك جمهور غفير من اهالي الابرشية المسيحة يتقدمهم حضرة قس الابرشية ، وافراد من عائلة الفقيد ، والاسرة التعليمية، والشخصيات البارزة من كل الاحزاب السياسية، المستقلة ، والحكومية، ، ووجهاء المدينة، حاملين نعشك نحو المقبرة لتوديعك الى مثواك الاخير. ولد الفقيد في مدينة السليمانية عام1930 واكمل فيها مراحل دراسته الاولى . وفي سنة 1954 تخرج من دار المعلمين العالي في بغداد – فرع الكيمياء. وبعد تخرجه عين مباشرة مدرسا لمادة الكيمياء في مدرسة ثانوية السليمانية . وفي بداية السبعينيات من القرن الماضي عين مديرا لمدرسة الصناعة ، ورجع مرة اخرى الى التدريس في احدى مدارس المتوسطة في المدينة، الى ان احيل على التقاعد في نهاية السبعينيات. كان الفقيد محبوبا ومقدرا من الاسرة التعليمية ، وخاصة العاملين معه في التدريس او في الادارة، ومتمكنا علميا، ومجتهدا في ميدانه المهني كمدرس, ناجح فى اختصاصه الكيمياء، على اثر جهوده ومساهمته العلمية ، ترب وتخرج على يده عشرات من شباب المدينة ،كانوا يعشقون اسلوب تدريسه ومعاملته التربوية والاخلاقية والثقافية ونكاته اللذيذة معهم، خلال مراحل دراستهم المتوسطة والاعدادية ،والتي اثرت على سير دراستهم الجامعية،وبفضل ذلك نال كثير منهم شهادات عالية وفى اختصاصات مختلفة. نال الفقيد محبة واحترام كل من عرفه عن قرب من اهالي المدينة من المسيحيين والمسلمين، ومن كل الشرائح الاجتماعية وخاصة الفقراء ، الذين كان يدافع عنهم ويتضامن مع مطاليبهم العادلة ، ويقدم اليهم يد المساعدة ماديا ومعنويا . وكان يحب الاختلاط مع جمهور كبير من الاصدقاء من الاسرة التعليمية والمثقفين واهل المحلة من المعارف والجيران ، ويلتقي معهم في غرفته، التي كانت بمثابة (ديوان خان) من بيت اهله الواقع في محلة كويزة بقرب من الكنيسة الكلدانية ، والمعروفة بمحلة النصارة ، وكانوا يكنون اليه كل الود والاحترام . كان الفقيد عضوا نشطا في مجلس السلم العراقي /فرع السليمانية ، وعمل مع الشاعر الكبير كوران والاخرين في هذه المنظمة بعد ثورة تموز المجيدة . وكذلك كان عضوا فعالا في هيئة نقابة المعلمين في السليمانية وحضر المؤتمر الاول لنقابة معلمي كردستان في شقلاوة سنة 1959. كان متابعا سياسيا لهموم الشعب العراقي ومدافعا مثابرا عن الحق والعدالة الاجتماعية وحقوق الانسان وحقوق المراة ومساواتها مع الرجل. ومناصرا دائما للشعب الكردي وقضيته العادلة و صديقا متبرعا ومشاركا في ادبيات ومجلات وجرائد الحزب الشيوعي العراقي والاحزاب الكردية المناضلة ضد الانظمة الديكتاتورية والشوفينية. كان بحق وطنيا مخلصا للمبادئ الانسانية والسلام والتطور والتقدم الاجتماعي، ووجها اجتماعيا متعاونا مع رجال الدين المسيحيين والمسلمين، لتثقيف ابناء المدينة بالطريقة الصحيحة تنسجم مع روح العصر ، ووفق مبداء ممارسة الديمقراطية في الحوار البناء واحترام اراء الاخرين ، ورفض اسلوب العنف باشكاله المختلفة . وعلى اثر التزامه بالمبادئ السامية ودفاعه عن العدالة الاجتماعية ، وتمسكه بالثقافة الجماهيرية ، وحبه لمدينته الباسلة ، وتقديره للمناضلين من كل الاحزاب السياسية ، التي حاربت الديكتاتورية والشوفينية والاضطهاد القومي ، دخل السجن ، على اثر الانقلاب الاسود للبعث في شباط عام1963 ، وبقى في سجن الفضلية/خلف السدة فترة زمنية الى ان افرج عنه بعد انهيار فترة البعث الاولى ومجئ حكومة عارف. عمل في الفترة الاخيرة من حياته في منظمة الهلال الاحمر بشكل طوعي في مدينة السليمانية ، وذلك بعد انتفاضة 1991المجيدة ، واستقرار الاوضاع في اقليم كردستان . كان يساعد الفقراء والمنكوبين من خلال عمله في هذه المنظمة ، ويوزيع المساعدات المادية والحصة التموينية بشكل عادل ونزيه عليهم. وهنا لا بد ان لا ننسى وفاء بنت اخ الفقيد الفتاة بري جميل ، التي تحملت المسئولية الكبيرة على عاتقها طيلة فترة اكثر من عقد، ورفضت الالتحاق باسرتها في المهجر، واختارت البقاء بصف عمها وعدم تركه وحيدا ، وضحت بحياة شبابها، وكرست كل وقتها لخدمته حتى اخر لحظة من حياته ، وكان الفقيد يستحق هذه التضحية. فعزاؤنا لك ونتمنى من الله ان يمن عليك بالصبر والسلوان وللفقيد الراحل الطمانينة في قبره . ان رحيلك بالفعل كارثة كبيرة بالنسبة لنا جميعا، بل لاهالي مدينتك العزيزة، وبالاخص كان وقع فراقك علي ثقيلا مؤلما حيث كنت الاخ والصديق والخال لشد ماتربطني اياك اصرة الدم والخؤولة والوطنية طيلة فترة حياتنا . تعلمت امورا اجتماعية وثقافية واكتسبت خبرة حياتية كبيرة منك . كنت تشجعني على ان اكون قارئا جيدا للكتاب والادباء الذين كانوا يدافعون عن الفقراء والحق والعدالة الاجتماعية والسلم، امثال(سلامة موسى ، على الوردي، جواهر لال نهرو ، غاندي ، ارنست همنغواي، جورج ديمتروف) وعشرات غيرهم الذين كانت تحتويهم مكتبك المتواضعة، وكذلك كنت تشجعني على الدراسة والحصول على الشهادات العالية من اجل تكريسها في خدمة البلد والمجتمع والانسانية. ستبقى ذكراك مضيئة في قلوب كل الطيبين الذين تعرفوا عليك ، وعملوا ، وواصلوا الصداقة الحميمة معك ، نساء ورجال وشباب ، ومن مختلف القوميات والاديان، من ابناء مدينتك المناضلة ومن كل انحاء العراق. دامت ذكراك ، ولك يا فقيدنا الغالي الباقي ابدا في قلوب كل محبيك، كل أيات الود والمحبة . ونم هادئا قريرالعين مطمئنا بسلام في مثواك الاخير. يتقدم الاخ الكبير لعائلةالفقيد ، المهندس الاستشاري المتقاعد /وكيل وزير الاشغال والاسكان سابقا السيد جليل علكة ، بجزيل الشكر وفائق الاحترام الى كل الذين ساهموا في مراسيم الدفن ، والمشاركة في التعزية ، او اتصلوا بنا بفاجعة شقيقه الراحل. ونطلب من الله عز وجل بان لا يريهم اي مكروه، وان يغمد الراحل برحمته وان يسكنه فسيح جناته ، ولعائلة ومحبي الفقيد الصبر والسلوان. ابن اختك وصديقك صباح قدوري
#صباح_قدوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشروع بايدن للتقسيم ام للفيدرالية؟!
-
الجامعة الامريكية في اقليم كردستان العراق
-
محنة الاقليات الدينية والاثنية في العراق اليوم
-
مرة اخرى حول معاناة الطفولة في العراق
-
حقوق الطفولة في العراق اليوم !
-
المدينة الاعلامية العالمية في أربيل
-
حول مشروع قانون النفط والغازالعراقي
-
وجهة نظر بخصوص مشروع مجلس الجالية العراقية في الدانمارك
-
معاناة المرأة في العراق اليوم
-
الموازنة الحكومية ... والأستحقاقات الأقتصادية والأجتماعية
-
لم البكاء والعويل على اعدام صدام
-
الجمعيات المهنية الدولية واثرها على تطويرالنظام المحاسبي
-
باقة ورد الى الحوارالمتمدن في عيده الخامس
-
افضل المشتريات في اوربا*
-
اشكالية النفط بين اقليم كردستان والحكومة المركزية
-
لجنة بيكر...والمسار السياسي العراقي
-
مرة اخرى حول المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي العراقي
-
الذكرى الخامسة لهجمات11 سبتمبر...واستمرارية الأرهاب
-
هل الأن، وقت العلم أم العمل!؟
-
لن نسمح ،بان يفلت أى مجرم بدون العقاب
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|