|
هل أحزاب الأغلبية تحترم -المنهجية الديمقراطية- ؟
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 2067 - 2007 / 10 / 13 - 12:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
راهنت الأحزاب المغربية ـ خاصة المشاركة في الحكومة ـ على احترام "المنهجية الديمقراطية" قبل الانتخابات وبعدها . واعتبرت أن هذا الاحترام سيكون إيذانا بالخروج من مرحلة "الانتقال الديمقراطي" أو "قاعة الانتظار" بتعبير الدكتور عابد الجابري ، التي عمّرت عقدا من الزمن ، والدخول عهد الديمقراطية قولا وعملا . وبقدر ما استمسكت هذه الأحزاب بمطلب احترام المنهجية ، بقدر ما جعلت من خرقه شماعة علقت عليها ضعف أدائها وفشلها في تدبير الشأن العام . علما أن مصدر الفشل يكمن أساسا في سوء التسيير وليس في بنود الدستور . وآية ذلك أن وزراء قليلين كان أداؤهم مقبولا فيما ظل نظراؤهم دون عتبة الضعيف . كما أن أحداثا جسيمة عرفها المغرب دون أن تحرك همّة الحكومة وتستعجلها في اتخاذ المبادرة . وفي مقدمة تلك الأحداث زلزال الحسيمة الذي تعاملت الحكومة معه كحدث عادي لم يكلف أعضاءها عناء التنقل إلى موقع الكارثة والإشراف المباشر على أعمال الإغاثة ، وفعلها الملك الذي ضرب خيمته إلى جانب خيام المنكوبين فيما بقي الوزراء ينعمون بدفء المكيفات داخل مكاتبهم بالرباط . ولا يعتقد عاقل أن تقاعس الحكومة مرده إلى تدخل القصْر . وكذلك كان الحال في مأساة "أنافكو" ـ قرية نائية ومعزولة بالجماعة القروية أنمزي تونفيت التابعة لإقليم خنيفرة ـ التي أودت بحياة ما لا يقل عن 27 طفلا بفعل قساوة الطقس وفاقة الأهل . ولم تتدخل الحكومة لرصد المساعدات الاستعجالية وحصر الحاجيات الضرورية . وفعلها الملك بعدما يئس من تهاون الحكومة . وكان الأجدر بالحكومة ، عبر وزارة الداخلية ، أن تلزم رئيس المجلس القروي ببرمجة الفائض المالي الذي يقدر بثمانية ملايين درهم ، حسب ما صرح به كاتب فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالمنطقة لجريدة " أوجوردوي لو ماروك " . ومسئولية التوجيه تتحملها في المقام الأول الأحزاب التي ينتمي إليها مستشارو تلك الجماعة القروية الذين تجاهلوا ـ حين برمجة الفائض ـ أولويات فك العزلة ودعم مواد التدفئة كأضعف الإيمان . وكما تجاهلت الحكومة معاناة ضحايا الطبيعة ، تغاضت الطرف عن معاناة عموم المواطنين بفعل الزيادات المهولة في الأسعار . وكان حريا بها أن تقاسم الشعب همومه لا أن تعمقها . لقد تخلت الأحزاب المشاركة في الحكومة عن كل شعاراتها وأخلفت وعدها لما جعلت المنصب أولى من مطالب الشعب . فكانت أول من يخرق "المنهجية الديمقراطية" على كافة المستويات ، وأبرزها : 1 ـ الديمقراطية الداخلية التي غيبتها عن قصد حتى تنفرد القيادة الحزبية بسلطة القرار . وهذه أُولى المعضلات وأخطرها لأنها تضع الحزب في خدمة الشخص . الأمر الذي يعطل الدينامكية الداخلية ويقود إلى إضعاف الحزب عبر الانشقاق أو التمرد . 2 ـ إسناد المسئوليات الحكومية الذي لا يخضع لمقياس الكفاءة والفاعلية قدر خضوعه لاعتبارات شخصية أو عائلية . وليس غريبا أن يشتد التنافس على الاستوزار وتُسلك كل السبل للظفر بالمنصب عدا سبيل الكفاءة والمنهجية الديمقراطية . أليس عيبا أن تصل طلبات الاستوزار داخل حزب الاستقلال إلى 400 أو ما يزيد ، حسب بعض التقارير الصحفية ؟ 3 ـ إدارة الاختلافات الداخلية وتدبيرها بشكل يزيد من تعقيدها ، مما يعطل عمل الأحزاب ويشل فاعليتها . وقد كان حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ضحية بامتياز لخرق "المنهجية الديمقراطية" داخل هياكله . وظلت عبارة "أرض الله واسعة" عنوانا بارزا لهذا الخرق الذي حرم الحزب ومعه الوطن من كفاءات مقتدرة طالها التهميش والإقصاء والغبن . لهذا فالأحزاب التي لا تحترم القواعد الديمقراطية ولا تحتكم إليها في إدارة شأنها الداخلي لا يمكنها أبدا أن تلتزم بها في إدارة الشأن العام أو تشيع العمل بها داخل هياكل الدولة ومرافق الحكومة . أليس خرقا سافرا للمنهجية الديمقراطية وقواعدها أن يتدخل السيد اليازغي بصفته الحزبية والرسمية ليمنع بث حلقة من برنامج تلفزيوني استضاف عضوا معه في الحزب والحكومة ، أو ليرفض إطلاع المكتب السياسي على تفاصيل المفاوضات مع الوزير المعين عباس الفاسي؟ إن الديمقراطية كل لا يتجزأ ، ومن يقبل بها عليه الالتزام بقواعدها واحترام نتائجها . وقد أثبتت التجربة المغربية أن الأطراف السياسية الفاعلة لم تؤهل ذاتها للانضباط لقواعد الممارسة الديمقراطية بنفس القناعة وعلى ذات الدرجة . وإذا كان "المخزن" استطاع أن ينفتح على الممارسة الديمقراطية ويتكيف مع متطلباتها ، فإن الأحزاب السياسية ، خاصة تلك التي ناضلت من أجل دمقرطة الدولة والنظام والمجتمع ، أظهرت عجزا فظيعا على احترام وتطبيق القواعد الديمقراطية . فهي لم تخضع للتطور والتكيف بنفس الدرجة والنوعية التي عرفها "المخزن" . إذ استطاع الملك محمد السادس أن يدخل تعديلات جوهرية على نظام الحكم وأسلوبه جعلت د سعد الدين إبراهيم ينوه بهذا التغير كالتالي (وحينما اعتلى محمد السادس عرش المغرب، حرص أن يكون جده محمد الخامس، وليس والده الحسن الثاني، هو القدوة والمثال الذي يحتذى.. أي أن "المخزن" أعاد تأكيد نفسه بأسلوب أكثر سلاسة وقبولاً. فهنيئاً للمغرب بديمقراطيته المتنامية، وبملكيته الدستورية المتجددة.) شفاف الشرق الأوسط . إلا أن الديمقراطية لا تستقيم إلا بوجود ديمقراطيين حقيقيين وقوى سياسية فاعلة وقوية . هذا الوعي نلمسه في خطب الملك الذي ما فتئ يؤكدـ خلافا لإستراتيجية الملك الراحل الحسن الثاني القائمة على إضعاف الأحزاب عبر التفريخ والانشقاق الموجَّه ـ يؤكد ( أنه لا ديمقراطية حقة بدون أحزاب قوية ، أحزاب فاعلة ). إلا أن الأحزاب لم ترق بعد إلى مستوى اللحظة . إذ لو فعلت لهان تعديل الدستور وتوسيع صلاحيات الوزير الأول . وصدق محمد الكحص في قوله ( لقد ناضلنا من أجل الوصول إلى المنهجية الديمقراطية، لكن عندما بحثَت الديمقراطية عن الديمقراطيين لم تجدهم ) . إنهم مشغولون بالحسابات الضيقة والمصالح الشخصية التي تلغي مبادئ النضال وتعطل قيم التضحية حتى بين الرموز كما كان الحال في تنافس الساسي وبنجلون على مقعد نيابي خسراه معا برتبة غير مشرفة . فأية ديمقراطية يريدها الملك وأية ملكية تريدها الأحزاب ؟ قضية تكون موضوع المناسبة القادمة بحول الله .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأخ الحنفي : الشمس لا يحجبها الغربال .
-
المنهجية الديمقراطية كل لا يتجزأ .
-
فوز الهمة وفشل بن جلون أية دلالة ؟
-
بين إدريسين يتشكل المغرب الجديد
-
الأوصياء على الدين أول من يخرق تعاليمه.
-
تداول الأدوار أم تغيير المواقف؟
-
القراءة -الجهادية- للدين تقود حتما إلى العنف والإرهاب(2)
-
القراءة -الجهادية- للدين تقود حتما إلى العنف والإرهاب(1)
-
هل يمكن أن يصير العثماني أردوغان المغرب ؟
-
هل ستكون الأحزاب في الموعد الذي حدده الملك ؟
-
حوار لفائدة موقع إسلام أون لاين
-
لتكن المواجهة شمولية ضد الفساد والإرهاب
-
بريطانيا تذوق السم الذي طبخته
-
العدل والإحسان تداري عن الفضيحة بادعاء الفضيلة
-
أوهام المراهنة على التحالف أو الإدماج السياسي لجماعة العدل و
...
-
حتى لا تتسلل ولاية الفقيه إلى البرلمان .
-
هيئات العلماء ومواجهة الإرهاب أية استراتيجية ؟
-
حماس لن تقبل بأقل من الإمارة والسلطة
-
هيئات العلماء ومسئولية الانخراط في حركة الإصلاح الشامل .
-
مواجهة الإرهاب قضية خارج دائرة اهتمام المجالس العلمية.
المزيد.....
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
-
عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط
...
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|