أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - منذر خدام - الحكم الرشيد - سيادة القانون














المزيد.....

الحكم الرشيد - سيادة القانون


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 2066 - 2007 / 10 / 12 - 11:45
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


إن وجود القانون العادل وسيادته مقدمة ضرورية لخلق بيئة أمنة ومعروفة مسبقا لحياة وعمل جميع المواطنين. يفترض بالقانون أن يعلو على الحكم ذاته، وان يكون معلنا ومعروفا وأن يطبق على الجميع بدون تمييز. وإذا كان الحكم يعني ممارسة السلطة في جميع مجالات الحياة الاجتماعية وعلى جميع المستويات، فهو بهذا المعنى يتخطى حدود الدولة ليشمل هيئات المجتمع المدني والقطاع الخاص. فالدولة وحدها لا تستطيع إقامة الحكم الرشيد بدون مشاركة المجتمع المدني والقطاع الخاص. ولكي يطبق القانون يستوجب وجود المؤسسات والهيئات المعنية بذلك من مؤسسات قضائية وأجهزة أمنية ومؤسسات عقابية..الخ. وبقدر ما تكون هذه المؤسسات جيدة التنظيم، يعمل بها أناس أكفاء، ومؤمنة جيدا ماديا ومعنويا، بقدر ما يطبق القانون بصورة عادلة.
إن وجود القانون العادل، وتطبيقه على الجميع بدون تمييز أو محاباة، هو من مبادئ الحكم الرشيد، ويعتبر، من وجهة نظر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، شرطا ضروريا لتحقيق التنمية المستدامة، و"القضاء على الفقر، وخلق فرص العمل، وتامين مقومات معيشة كافية، وحماية البيئة وتجديدها"
لقد كانت سائدة، حتى حين، وجهة نظر تقول بأن الدولة هي الوحيدة المسؤولة عن سن القوانين وعن تطبيقها، غير أن وجهة النظر هذه أخذت تتعرض للنقد لجهة تقليص دور الدولة في هذا المجال، أسوة بتقليص دورها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، لصالح إفساح المجال أكثر أمام القطاع الخاص وهيئات المجتمع المدني لتقوم بدورها في ضبط العلاقات الاجتماعية في مجالات عملها، والفصل في المنازعات بين أعضائها.

يعتبر الدستور هو القانون الأعلى للدولة والمجتمع، وبصفته هذه فهو الذي ينظم العلاقات القانونية التي تقوم عليها الدولة وجميع مؤسساتها وأجهزتها، وكذلك الهيئات المدنية وحتى حياة المواطنين كأفراد. يبين الدستور على شكل مبادئ عامة تنطبق على الجميع حقوق وواجبات المواطنين، وعلاقات المواطنين بالدولة، وسلطة هذه الأخيرة عليهم، ويحدد أيضا صلاحيات وواجبات جميع مستويات السلطة والحكم، وكيفية تشكيلها وتجديدها..الخ.
تختلف الدساتير من بلد إلى أخر فهناك دساتير لنظم حكم جمهورية رئاسية أو برلمانية، وهناك دساتير لأنظمة حكم ملكية دستورية، أو ملكية مطلقة أو ملكية نسبية، وهنالك دول عريقة لا يوجد فيها دستور مكتوب، بل عرف مثل بريطانيا، كما أن الكيان الصهيوني لا يوجد فيه دستور، بل قوانين وأعراف مستقرة..الخ.
تفصل الدساتير عادة بين هيئات الحكم الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتوزع الصلاحيات عليها، وتحدد الضوابط لعمل كل منها. إن وجود الدستور الجيد وتطبيقه الصارم والعادل، شرط ضروري للحكم الرشيد، ولتحقيق مستوى جيد من الأمان الاجتماعي، وبالتالي لمشاركة الناس بفعالية في الحياة العامة، وفي إدارة شؤونهم الخاصة، وفي التنمية المستدامة.
إن وجود الدستور وكذلك القوانين الناظمة لمختلف مجالات الحياة، وإعلانها وشفافيتها..الخ، لا يعني أن المواطنين وتنظيماتهم المختلفة سوف يتقيدون بها تلقائيا، بل تنشأ في كثير من الأحيان مخالفات لها، تؤدي إلى قيام منازعات بين المواطنين أنفسهم، وبين الدولة والمواطنين، وبين مختلف أشكال المنظمات والهيئات والمؤسسات الاجتماعية فيما بينها، وبينها من جهة وبين منتسبيها من المواطنين..الخ. هنا يأتي دور القضاء للسهر على ضبط هذه العلاقات، وعلى فض المنازعات الناشئة بسبب مخالفة القوانين والأنظمة المرعية.
إن مؤسسة القضاء هي السلطة الثالثة في جميع أنظمة الحكم، غير أن دورها الفعلي يتفاوت كثيرا من دولة إلى أخرى بحسب كونها دولة ديمقراطية أو غير ديمقراطية، دولة متقدمة أو متخلفة..الخ. فالقضاء هو الأساس الذي يستند إليه حكم القانون، وهو الذي يضمن خضوع المؤسسات وهيئات الدولة والمواطنين للمساءلة عن تصرفاتهم. وبقدر ما يكون القضاء مؤمنا ماديا ومعنويا، ومجهزا بالكوادر النزيهة والكفوءة بقدر ما تسير عمليات التقاضي بصورة سلسلة وعادلة وضمن آجال زمنية مقبولة ومبررة.
لا ينفع كثيرا وجود القانون الجيد والعادل في غياب المؤسسات والأجهزة القضائية الجيدة، ولذلك يعتبر وجود القضاء بهذا المعنى شرط ضروري للحكم الرشيد. ومن شروط القضاء الجيد هو استقلاله التام عن بقية سلطات الدولة، وعدم تأثره بتوزيع علاقات القوة في المجتمع.
من المعايير الرئيسة لعادلة الدستور والقوانين الأخرى في المجتمع هو مدى استرشادها بحقوق الإنسان الطبيعية والسياسية والاقتصادية وغيرها. ومع أن هذه الحقوق لا تزال ذات طابع تاريخي محلي ، إلا أن طابعها الإنساني الشامل يتزايد باستمرار، بحيث ما كان يعتبر شأنا داخليا لم يعد كذلك. لقد أصبح موضوع انتهاك حقوق الإنسان في أية دولة مبررا قويا لتدخل الهيئات المدنية الدولية، وحتى هيئات القانون الدولي للضغط على المنتهكين وردعهم عن انتهاكاتهم لحقوق مواطنيهم. وأكثر من ذلك أصبح التقيد بحقوق الإنسان كما نصت عليها العهود والمواثيق الدولية والمحلية شرطا ضروريا للحكم الرشيد. ولقد تبين من خلال التجربة التاريخية أنه بقدر ما تصان حقوق الإنسان الأساسية وفي مقدمتها حقوقه الطبيعية والسياسية، بقدر ما تزداد مساهمة الناس في الشؤون العامة بفعالية، وبالتالي تتقدم التنمية المستدامة ويتحقق الازدهار، بتكاليف أقل.
في الوقت الراهن ورغم التقدم الكبير الحاصل على صعيد احترام حقوق الإنسان، لا يزال انتهاك هذه الحقوق منتشرا في جميع الدول بتفاوت شديد. وانتهاك الحقوق هنا لا يقتصر على مواطني الدولة المعنية بل يتعداه ليشمل الانتهاك الذي يوجه لحقوق شعوب بكاملها من قبل دول ديمقراطية ومتقدمة، وتدعي حمايتها لحقوق الإنسان ومبشرة بها.



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكم الرشيد-المشاركة
- مبادئ الحكم الرشيد
- البيعة الثانية والأمنيات الأولى
- التحليل السياسي بلغة طائفية
- أمريكا لا تريد الديمقراطية في الوطن العربي
- الكراهية المؤسسة للسياسة
- السقوط في الهاوية
- ثقافة الخوف
- المعارضة السورية ومزاد الإعلانات
- بمثابة مشروع برنامج سياسي
- سورية تودع عاما صعبا وتستقبل عاما أصعباً
- عبد الحليم خدام: الفضيحة غير المتوقعة للنظام السوري
- سورية للجميع: هل الجميع فعلا لسورية؟
- الاصلاح في سورية- ضروراته ومعيقاته
- مساهمة في إعادة صياغة إعلان دمشق
- الخطر الذي يواجه سورية قادم من أين؟
- تقرير ميلتس: بوابة عبور خطرة جداً
- سورية إلى أين؟
- إعلان دمشق والمسؤولية الكبيرة
- ما أفسدة دهر الاستبداد هل يصلحه عطاره الجديد؟!


المزيد.....




- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية ...
- البنتاجون: نرفض مذكرتي المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتني ...
- الأونروا: 91% من سكان غزة يواجهون احتماليات عالية من مستويات ...
- الإطار التنسيقي العراقي يرحب بقرار الجنائية الدولية اعتقال ن ...
- وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وغالانت لأ ...
- قرار الجنائية الدولية.. كيف سيؤثر أمر الاعتقال على نتانياهو؟ ...
- أول تعليق للبنتاغون على أمر الجنائية الدولية باعتقال نتانياه ...
- كولومبيا عن قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو وج ...
- تتحجج بها إسرائيل للتهرب من أمر اعتقال نتنياهو.. من هي بيتي ...
- وزير الدفاع الإيطالي يكشف موقف بلاده من أمر اعتقال نتنياهو


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - منذر خدام - الحكم الرشيد - سيادة القانون