الانفجارات التي هزت بغداد، وملأت مستشفايتها بعشرات الجرحى والقتلى بلغوا مايقارب ال250 كلهم من العراقيين الابرياء اطفالا ونساء وشبابا، طرحت السؤال التقليدي: وماذا بعد؟
لعل من ابجديات العمل-اي عمل- هو الهدف النهائي له، والذين قاموا بتفجيرات بغداد الاخيرة، لم يتركوا اوراقا سوداء- ولا صفراء- تقول من هي الجهة التي تقف وراء هذا العمل، ومن هم" الشهداء" الذي اثروا "هجر" هذه الدنيا "الفانية" ، ويتركوا كل مالذ وطاب، ليلتحقوا ب"رفيقهم" الاعلى، وماهي"وصاياهم" لاولادهم اوزوجاتهم او اخوانهم،اذا ما سالوا عن الهدف الذي سعوا"ابطال" الاثنين لتحقيقه من هذه التفجيرات الانتحارية في بداية شهر رمضان المبارك، هذا الشهر الذي دعا الله عباده ليكونوا في ضيافته، وابت ارادة الانتحاريين الا ان يكونوا ضيوفا معززين ومكرمين في مقابر بغداد ومستشفياتها ؟
وحتى تقطع شهرزاد الانتحارية حبل صمتها ،وتبوح بالسر المكنون، فاننا ننتظر من كل الغيورين في عالمنا العربي،ان يطرحوا معنا هذا السؤال علهم يجدوا الجواب الشافي لهذا الفعل المحيّر للالباب والعقول السوية.
ونرجو ان لانقرأ- غدا او بعد غد- مانشيتات صحافتنا العربية التي صمتت دهرا على شعب استشهد واقفا لتنطق كفرا وتصف ماتم بعمليات استشهادية-جهادية- بطولية خارقة، سيكتبها التاريخ - اي تاريخ- باحرف من نور.
فما تم يوم الاثنين الدامي في بغداد انتحار سياسي بكل ما للكلمة من عمق وبعد وشمول، والذين قاموا بهذه الاعمال"البطولية"لايمكن ان يكونوا اصحاب مشاريع سياسية، تريد التعامل بمنطق العصر حتى بصيغته المتخلفة البالية.
فصاحب المشروع يهمه ان يعيش ليرى نتائج مشروعه السياسي، ولكن الذي رأيناه وشاهدناه، كان قتلا وتدميرا وسفكا للدماء، واشلاء متناثرة لابرياء وعابري سبيل، بمنطق شمشون(عليّ وعلى اعدائي يارب).
هذا تقرير لواقع قد تم ووثقته وسائل الاعلام المكتوبة والمرئية، فما هو الموقف ازاء ما تم وما سيتم مستقبلا؟
المطلوب ان يكون هناك موقف عربي واضح من مجزرة الاثنين، والا فالسكوت عليها، سيشجع هذه الدورة العبثية من سفك الدماء البريئة.
وان خطط اجتثاث الخلايا النائمة للعصابات المتعطشة للدماء، لابد ان تفعّل بجدية،خوفا من احياء منطق المقابر الجماعية بصيغة اخرى،والموقف الدفاعي الذي نراه تجاه هذا المنطق المارق ، سببه تغييب الارادة الشعبية الواعية، في نقل المعركة الى ساحة تلك الفلول المطرودة من قبل الشعب ، والا فباي منطق تتحول فلول النظام البائد من حالة البحث عن جحر للاختباء، الى حالة الهجوم بالشكل الذي شاهدناه؟.
*سياس – اعلامي عراقي