أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - تجارب الطفولة وتأثيرها على شخصية الإنسان














المزيد.....


تجارب الطفولة وتأثيرها على شخصية الإنسان


أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2065 - 2007 / 10 / 11 - 09:39
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


من المعروف أن الدول النامية لا تهتم كثيرا بإساءة معاملة الأطفال وما تتركه من ندبات وجروح تظل مختبئة فى أغوار النفس البشرية لتظهر بوضوح فى المراحل التالية. قد يعتقد البعض أن الإنسان يستطيع التغلب على السلبيات التى تتعلق بتجارب وخبرات مرحلة الطفولة من خلال عناصر أخرى كمستوى التعليم أو المناصب التى نتولاها فى مشوار الحياة. فعلى حد قول البروفيسير الأمريكى بروس برى فى مجلة المخ والعقل فإن الجينات الوراثية وحدها ليست كافية لتحديد شخصية الإنسان بل إن الخبرات والتجارب التى نمر بها فى مرحلة الطفولة هى التى تحدد مواصفات هذه الشخصية. ووفقا لرأى الدكتورة ليلى كرم الدين رئيس لجنة قطاع الطفولة ورياض الأطفال بالمجلس الأعلى للجامعات فى مجلة الإيسيسكو (المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة) فإن مختلف المدارس والأطر النفسية فى مجال علم نفس النمو أو التحليل النفسي تؤكد أن تعرض الطفل للخبرات المؤلمة خلال مرحلة الطفولة المبكرة يجعله عاجزا عن مواجهة الصعاب والضغوط وسيكشف خلال المراحل التالية من حياته عن مشكلات سلوكية واضطرابات انفعالية مرضية. وفى عبارة أخرى فإن التجارب والخبرات التى يمر بها الإنسان فى هذه المرحلة الحرجة لها تأثير واضح على شخصيته وتكوينه النفسى، لأن هذه المشاعر المكتسبة من تجارب الطفولة نختزنها فى الذاكرة وتظل قابعة فى العقل الباطن حيث ترافقنا من المهد إلى اللحد.
وهذا يفسر التباين والاختلاف فى سمات الشخصية لدى المحيطين بنا حيث لا دخل للتعليم أو المناصب فى هذه السمات، فقد تجد عاملا بسيطا لا يجيد القراءة والكتابة ولكنه يتسم بالهدوء والتروى والثقة بالنفس ورباطة الجأش فى المواقف الصعبة والأزمات ويتخذ القرارات الصائبة البعيدة عن العصبية والتهور. وفى المقابل فقد تلتقى بشخص متعلم وحاصل على أعلى الشهادات لكنه عصبى المزاج، سريع الانفعال، بذئ اللسان ويفتقد إلى الثقة بالنفس والفكر الصائب. لا يمكن تفسير هذا الاختلاف فى الشخصية بين إنسان وآخر دون البحث والتنقيب فى تجارب الطفولة سواء السلبية أو الإيجابية، وهذه التجارب تظل متخفية فى العقل الباطن ولكنها تظهر على السطح على شكل ردود أفعال خلال تعاملنا مع الآخرين. ونستخلص مما سبق أن التعليم لا يلعب دورا فى التغلب على السمات السلبية التى يكتسبها الإنسان فى المراحل المبكرة. أما المناصب فإنها تكشف حقيقة الشخصية المتخفية خلف "البدلة والكرافتة" حيث تجد تجارب الطفولة فرصتها للتعبير عن نفسها دون أن يدرك الإنسان. أعرف مسئولا فى إحدى المصالح الحكومية كان إنسانا ودودا قبل أن يتولى منصبا إداريا. وفور أن صدر قرار تعيينه تبدلت شخصيته، فاصبح يتعالى على الآخرين واعتلاه الغرور والإحساس الزائد والزائف بالأهمية. وربما يحتار الإنسان فى تفسير هذا التغير فى السلوك الإنسانى إذا لم يقتف أثر تجارب الطفولة التى حفرت فى جدران مثل هذه الشخصية. فرغم أن هذا الشخص يضرب مثلا فى الكفاح والاجتهاد، إذ إنه لم يكتف بالشهادة المتوسطة والوظيفة البسيطة التى حصل عليها فى بداية حياته الوظيفية ولكنه استطاع أن ينتسب بإحدى الكليات وظل بها حتى حصل على أعلى الشهادات التى أتاحت له فرصة الانضمام لفئة محترمة (أو هكذا كانت!) إلا أنه لم يستطع التخلص من التجربة المريرة التى مر بها حيث تربى فى كنف أحد أقاربه الذى أذاقه مر العذاب من تعذيب بدنى ونفسى ثم فى نهاية المطاف اجبره على الزواج من إحدى قريباته. من المؤكد أن مثل هذه التجارب المريرة تنعكس وبشكل واضح فى التصرفات والسلوكيات اليومية للإنسان متخطيا حاجز الوظيفة أو التعليم.
وخلاصة القول فإن الأمر يتطلب مراجعة الأسلوب والطريقة التى نربى بها أبناءنا والتى نتعامل بها مع تلاميذنا فى مرحلة التكوين مما لها بالغ الأثر على شخصيتهم فى المراحل التالية. وإنه من المفيد أيضا أن ينتبه الإنسان لنفايات الطفولة التى تطفح إلى السطح كلما تولينا منصبا من المناصب، وهى نفايات ذات رائحة كريهة تنفر الناس من حولنا وتجبرنا على العيش فى عزلة عن الآخرين.



#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحزب الوطنى ورجاله من أهل النوبة
- جرس الإنذار الأخير ينطلق فى الجامعة
- أستاذ الجامعة الذى لا يعرفونه
- الانتحار والضباب
- هل نحن حقا نهتم بالسياحة كرافد من روافد الدخل القومى؟
- لماذا اختار الفرنسيون ساركوزى رئيسا للجمهورية؟
- عشوائية الفتاوى فى العالم الاإسلامى
- عصر الإساءة إلى الديانات السماوية
- إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
- اختفاء الرحمة من مستشفياتنا
- هل نعلم شيئا عن النوبة وأهلها؟
- هل نستطيع تحقيق مكانة إعلامية تليق باسم مصر؟
- مزايا طرح قضايا النوبة داخل أرض الوطن
- كيف نواجه جبروت المال والشهرة والسلطة؟
- حرية التعبير كضمانة للديمقراطية فى مصر
- حرية التعبير....أين الحدود؟
- إيران وسياسة حافة الهاوية
- موقف السينما والتلفزيون من أهل النوبة 2
- موقف السينما والتلفزيون من أهل النوبة 1
- صورة العرب والمسلمين فى السينما العالمية 2


المزيد.....




- الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت ...
- أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر ...
- السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
- الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم ...
- المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي ...
- عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع ...
- مفوضية اللاجئين: من المتوقع عودة مليون سوري إلى بلادهم في ال ...
- مندوب ايران بالامم المتحدة: مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري ...
- مندوب ايران بالامم المتحدة: نطالب بانهاء الاحتلال للاراضي ال ...
- جدل في لبنان حول منشورات تنتقد قناة محلية وتساؤلات عن حرية ا ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - تجارب الطفولة وتأثيرها على شخصية الإنسان