أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - منذر خدام - الحكم الرشيد-المشاركة















المزيد.....

الحكم الرشيد-المشاركة


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 2064 - 2007 / 10 / 10 - 11:17
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


2
لا يقوم الحكم الرشيد إلا بالمشاركة، فهي أحد مبادئه الأساسية، وهي من العلامات الدالة على رشاده، وفي الوقت ذاته مؤشر على مدى كفاءته. بدورها المشاركة لا تكون إلا بوجود المجتمع المدني، وبدورية الانتخابات،وتمكين المرأة، والتشريع والإدارة المحلية..الخ.
إن فكرة وجود المجتمع المدني، بما هي فكرة تركز على ممارسة المجتمع لأدوار اجتماعية وسياسية واقتصادية خارج سلطة الحكومة ودفاعا عن مصالح فئاته، ارتبطت تاريخيا بتطور الحياة السياسية في البلدان الرأسمالية المتقدمة، غير أن بعض مظاهر المجتمع المدني يمكن مشاهدتها في أزمان سابقة كثيرا على المجتمعات الرأسمالية، من خلال اتحادات الحرفيين المستقلة عن السلطات الحكومية وفي بعض التنظيمات الأهلية.
يضم المجتمع المدني في دلالته الراهنة جملة من المنظمات والجمعيات النقابية، والحرفية والصناعية، والزراعية، وجمعيات المهن الحرة، ومنظمات أهلية و منظمات غير حكومية، وكذلك الأحزاب السياسية..الخ.
إن وجود المجتمع المدني ومستوى تمكين منظماته مؤشر بالغ الأهمية على الحكم الرشيد. فمنظمات المجتمع المدني تعزز من المشاركة في الشؤون العامة، وترفع من درجة شفافية النظام السياسي، وتقوي من حكم القانون والمساءلة. أضف إلى ذلك يمكن لمنظمات المجتمع المدني المساهمة في صنع السياسات وحماية حقوق أعضائها وتقديم الخدمات المختلفة لهم.
بدورها تعتبر دورية الانتخابات من اجل تجديد القيادات ركنا أساسيا من الديمقراطية، ومؤشرا على مدى رشاد الحكم السياسي. غير أن اختيار نوع النظام الانتخابي وكيفية تنظيم الانتخابات تشكل مجالا واسعا للتلاعب بخيارات الناس، وتحد من مشاركتهم، وبالتالي تنتقص من درجة الرشاد في الحكم.
لقد أفرزت التجربة الديمقراطية نمازج عديدة من القوانين الانتخابية بعضها يعتمد النظام النسبي وبعضها يعتمد نظام الدوائر الانتخابية، هذا عداك عن نظام الاستفتاء الموجود في بعض الدول العربية.
يتطلب نظام الدوائر الانتخابية الفوز بأغلبية أصوات المشاركين في العملية الانتخابية فقط، وفي نسخة معدلة عنه يشترط الفوز بالأغلبية المطلقة من أصوات المسجلين في الدائرة الانتخابية.
أما النظام النسبي فهو يعتمد البلد بكامله دائرة انتخابية واحدة، يحصل كل فريق على حصة من المقاعد في دوائر التشريع المختلفة بحسب حصته من أصوات الناخبين. يطبق هذا النظام الانتخابي بأشكال عديدة منها نظام اللوائح الحزبية المغلقة أو المفتوحة، ونظام التصويت التراكمي أو نظام التحويل الفردي. وتشترط الدول التي تطبق هذه النظام شرط الحصول على حد أدنى من أصوات الناخبين للفوز بمقاعد نيابية.
إن المفاضلة بين نظام انتخابي وآخر يخضع لطبيعة السلطة السياسية القائمة، ومدى استعدادها لتقبل مشاركة أوسع للجمهور الانتخابي في العملية السياسية. مع ذلك يظل نظام التمثيل النسبي هو الأفضل من منظور الحكم الرشيد، لأنه يفسح في المجال لأوسع مشاركة شعبية ممكنة في العمليات الانتخابية، ولا يسمح كما في حال نظام الدوائر الانتخابية بتدخل المال السياسي في العملية الانتخابية، ويزيل الحاجة إلى تكرار العمليات الانتخابية. أضف إلى ذلك فإن الناخب هنا يحدد خياراته الانتخابية في ضوء البرامج السياسية والانتخابية للأحزاب، وليس استنادا إلى مزايا الشخص المرشح، أو موقعه الاعتباري.
ويبقى نظام الدوائر الانتخابية رغم مساوئه، الأسهل من حيث مراقبته وشفافيته، وفض المنازعات الناجمة عن المنافسة بين المرشحين. في بعض الدول يتم تطبيق نظام مشترك من النظامين أو تطبيق النظامين في الوقت ذاته، بحيث يتم مراعاة دور الفرد، ومزاياه، وموقعه الاعتباري، إلى جانب البرامج السياسية أو الانتخابية للقوى السياسية المنظمة في المجتمع.
من جهة أخرى فإن موضوع مشاركة المرأة وتمكينها في المجتمع من الموضوعات التي يتركز عليها النقاش حاليا من منظور التنمية وحاجاتها ومتطلباتها. ومع أن المقاربات المتعلقة بهذا الموضوع تختلف من بلد إلى آخر بحسب المنظومة الثقافية السائدة فيه ونظرتها للمرأة. في هذا المجال يمكن تمييز ثلاث مقاربات رئيسة: المقاربة الأولى وعنوانها " المرأة في التنمية". تشدد هذه المقاربة على ضرورة مشاركة المرأة في التنمية على قدم المساواة مع الرجل. هذا يعني أنه ينبغي على المشروعات التنموية أن تستهدف زيادة مشاركة المرأة فيها.
أما المقاربة الثانية والتي جاءت تحت عنوان " التنمية والمرأة" فإنها تنطلق من كون المرأة، بحسب تكوينها العضوي والنفسي تختلف عن الرجل، ولذلك ينبغي فرز المشروعات التنموية التي تلائم المرأة وتخصيصها بها. هنا يجري التشديد على قضايا الاقتصاد المنزلي وتحسين الخدمات العامة الخاصة بالنساء.
بدورها المقاربة الثالثة " الجندر والتنمية" فإنها تركز على دور التنمية في تحرير المرأة من القيود الاجتماعية الموروثة، وتوسيع مشاركتها في الحياة العامة. لهذا الغرض ينبغي إعداد برامج خاصة بالمرأة من حيث التعليم والصحة العامة والإنجابية، وتوسيع مشاركتها في النشاطات الاقتصادية..الخ
السمة الأخرى الرئيسة الدالة على المشاركة، وأحد مقاييس مستوى الرشاد في الحكم السياسي تتعلق بطبيعة النظام التشريعي الموجود في كل بلد.
في النظام الديمقراطي تعتبر الهيئة التشريعية من أساسات الحكم، فهي التي تسن القوانين والتشريعات، وتراقب عمل السلطة التنفيذية، وتعزز من الشفافية والمساءلة. ويتجاوز في كثير من الحالات دور الهيئة التشريعية المهام السابقة إلى تتبع تنفيذ السياسات والبرامج، والعمل وسط الناس والاستماع إلى مطالبهم وأرائهم ونقلها إلى المسؤولين، أو مساءلتهم عنها تحت قبة البرلمان. وبقدر ما تكون الهيئات التشريعية قريبة من الناس ومن قضاياهم بقدر ما تتوسع مشاركتهم في الحياة العامة، وتزداد فعاليتهم في التنمية.
تختلف كثيراً، من بلد لأخر، وظيفة الهيئة التشريعية، ومدى تمكينها وطريقة انتخابها، ففي بعض الدول لا تخرج عن كونها ديكورا للحكم بلا فعالية حقيقية، وفي بعضها الآخر تشكل المستوى الثاني في الحكم بصلاحيات واسعة بما فيها سحب الثقة من مسؤولي السلطة التنفيذية وإقالتهم، وفي حالات أخرى قد تتشارك في وظيفة التشريع مع رئيس الدولة. من حيث المبدأ كلما كانت الهيئة التشريعية منتخبة بصورة تمثيلية واسعة، تمارس وظيفتها في ضوء تفويض واسع وشامل في نطاق عملها الذي يحدده القانون، كلما دل ذلك على رشاد الحكم.
من جهة أخرى، لقد أفضت خبرة الدول الديمقراطية انه بقدر ما يتم توزيع المسؤوليات على مؤسسات الحكم المحلي، أو التنظيمات المدنية، بقدر ما تزداد فعالية وكفاءة الحكم. بكلام آخر تحولت الدعوة إلى اللامركزية في الحكم إلى دعوة عامة، وأصبحت إحدى مبادئ الحكم الرشيد. تقوم فكرة اللامركزية على نقل بعض مهام السلطة السياسية والسلطة التنفيذية إلى المستويات المحلية لإدارة المجتمع والدولة، وبذلك يتم تحقيق ثلاث فوائد رئيسة على الأقل: الفائدة الأولى وتتمثل في وضع مؤسسات الحكم في متناول الناس الذين تخدمهم، وبالتالي توسيع مشاركتهم فيها.
الفائدة الثانية تتمثل في مراعاة خصائص البيئات المحلية مما يزيد في كفاءة الحكم.
والفائدة الثالثة التقليل من العمليات والإجراءات البيروقراطية مما يقلل من تكاليف الحكم ويزيد في كفاءته.
تشير الأدبيات الخاصة بالتنظير لموضوع اللامركزية إلى أنها يمكن أن تتحقق عبر أربعة أشكال عامة وهي :
- التنازل ويعني نقل السلطة إلى حكومات محلية مستقلة ذاتيا أو شبه مستقلة.
- التفويض ويعني نقل بعض المسؤوليات الإدارية والخدمية إلى الحكومات والمؤسسات المحلية.
- عدم التركيز ويعني توكيل تنفيذ البرامج الوطنية إلى الفروع الأدنى من أجهزة الحكومة.
- التجريد ويعني نقل الخدمات وإدارة المؤسسات الحكومية إلى الشركات والمؤسسات الخاصة.
إن تطبيق اللامركزية أو المركزية يتعلق بحجم الدولة وبظروفها الخاصة، ففي بعض الدول الصغيرة قد تكون المركزية في الحكم أكثر كفاءة من اللامركزية، حيث قد تؤدي هذه الأخيرة في حال تطبيقها إلى الفوضى في الاقتصاد وفي المجتمع، وإلى إضعاف الروابط الوطنية. أضف إلى ذلك وهذه حالة تكاد تكون عامة، فإن الإدارات المحلية قد تفتقر إلى الخبرة اللازمة، بالمقارنة مع الإدارات الوطنية، ويسهل انتشار الفساد والمحاباة فيها. والأخطر من كل ذلك هو عند تطبيق اللامركزية على قطاع الضرائب أن تؤدي إلى انتشار المنازعات في كيان الدولة، وإلى العجز عن تطبيق البرامج التنموية والإصلاحية الضرورية.
إن تطبيق اللامركزية بكفاءة وفعالية يقتضي مشاركة الدولة وأجهزتها فيها، إلى جانب هيئات المجتمع المدني والقطاع الخاص، فبدون أوسع مشاركة جماهيرية في إدارة الحكم، تنخفض درجة الاستجابة لحاجات الناس، وتصعب المساءلة، مما قد يؤدي إلى فشل برامج التنمية.






#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مبادئ الحكم الرشيد
- البيعة الثانية والأمنيات الأولى
- التحليل السياسي بلغة طائفية
- أمريكا لا تريد الديمقراطية في الوطن العربي
- الكراهية المؤسسة للسياسة
- السقوط في الهاوية
- ثقافة الخوف
- المعارضة السورية ومزاد الإعلانات
- بمثابة مشروع برنامج سياسي
- سورية تودع عاما صعبا وتستقبل عاما أصعباً
- عبد الحليم خدام: الفضيحة غير المتوقعة للنظام السوري
- سورية للجميع: هل الجميع فعلا لسورية؟
- الاصلاح في سورية- ضروراته ومعيقاته
- مساهمة في إعادة صياغة إعلان دمشق
- الخطر الذي يواجه سورية قادم من أين؟
- تقرير ميلتس: بوابة عبور خطرة جداً
- سورية إلى أين؟
- إعلان دمشق والمسؤولية الكبيرة
- ما أفسدة دهر الاستبداد هل يصلحه عطاره الجديد؟!
- في سبيل حوار رصين وهادئ


المزيد.....




- الأمم المتحدة تحذر: توقف شبه كامل لتوصيل الغذاء في غزة
- أوامر اعتقال من الجنائية الدولية بحق نتانياهو
- معتقلا ببذلة السجن البرتقالية: كيف صور مستخدمون نتنياهو معد ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية ...
- البنتاجون: نرفض مذكرتي المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتني ...
- الأونروا: 91% من سكان غزة يواجهون احتماليات عالية من مستويات ...
- الإطار التنسيقي العراقي يرحب بقرار الجنائية الدولية اعتقال ن ...
- وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وغالانت لأ ...
- قرار الجنائية الدولية.. كيف سيؤثر أمر الاعتقال على نتانياهو؟ ...
- أول تعليق للبنتاغون على أمر الجنائية الدولية باعتقال نتانياه ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - منذر خدام - الحكم الرشيد-المشاركة