أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - صبحي حديدي - صحبة مهاتير محمد














المزيد.....

صحبة مهاتير محمد


صبحي حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 635 - 2003 / 10 / 28 - 07:10
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

دعوا رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد جانباً، بصرف النظر عن اتفاق المرء أو اختلافه مع تصريحاته حول هيمنة اليهود على القرار الدولي، فهو في عداد "المشبوهين المعتادين" الذين ما إن يتلفظّ واحدهم بكلمة يهودي حتى يُصنَّف تلفّظه ذاك في خانة العداء للسامية. إنه، فوق هذا، رجل مستنير عقلاني يقود أمّة مسلمة متقدّمة بكلّ المقاييس: ديمقراطية سياسياً، مزدهرة اقتصادياً، مستقرّة اجتماعياً، خالية من الأصولية والأصوليين. ألا تكفي هذه الأسباب لكي تُشهر في وجهه، ومن ورائه ماليزيا تحديداً وأساساً، كلّ الخناجر؟
دعوا هذا المشبوه إذاً، ولنذهب إلى آخِر ما يمكن أن تقع عليه الشبهات، أي إلى رجال يهود "أقحاح" إذا صحّ التعبير، من جهة الأب والأمّ والمحتد البعيد، ممّن قالوا في الصهيونية أو سياسات الدولة العبرية ما استوجب رشقهم بالسهام ذاتها: العداء للسامية. ولنذهب، من أجل التخصيص وتضييق النطاق، إلى حقل حسّاس وفيصل في تمييز المعادي للسامية عن المنضوي في ركابها، أي الموقف من الهولوكوست.
والإنصاف يقتضي أن نستعيد الكتاب الأكثر شجاعة، وعمقاً أيضاً، في هذا المضمار الشائك الذي تُضرب من حوله أسوار وحصون وسياجات لا عدّ لها ولا حصر، وأقصد كتاب "صناعة الهولوكوست: تأملات في استثمار المعاناة اليهودية"، للباحث والمؤرّخ الأمريكي ـ اليهودي نورمان فنكلشتاين. كذلك يقتضي الإنصاف التذكير بأنّ فنكلشتاين لم يكن أوّل يهودي يناقش الهولوكوست من زاوية ناقدة، تذهب إلى درجة اعتباره صناعة، كاملة متكاملة وثقيلة ربما. قبله كتب راؤل هيلبرغ (الذي يُعدْ حجّة في دراسات الهولوكوست، إلى جانب كونه ــ مثل فنكلشتاين في الواقع ــ سليل أسرة ذاقت عذاب معسكرات الإعتقال النازية)؛ وقبلهما كان وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق الشهير أبا إيبان قد أطلق عبارته المأثورة: "ما من بزنس مثل بزنس الهولوكوست".
ولا ننسى أيضاً أنّ لفظة هولوكوست دخلت قاموس المعيش اليهودي اليومي، فأصبحت مصدراً وفعلاً وصفة، وشاع استخدامها في سياقات لغوية عجيبة ومتنافرة ومتباعدة. ذات يوم شاهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين الفيلم الشهير "لائحة شندلر" فلم يعجبه، وقال إنّ الشريط "ليس هولوكوستياً كفاية"! وفي الخطاب العاميّ اليهودي يُقال عن الزواج المختلط، بين اليهود وغير اليهود، إنه "هولوكوست صامت". وهذا النوع بالذات من إشاعة وشيوع اللفظة أفسح المجال أمام اشتقاقات تندّرية في صفوف اليهود أنفسهم: ثمة Holokitsch، التي تلعب على مفردة Kitsch: سقط المتاع والمادّة الأدبية أو الفنّية من صنف دونٍ، حسب قاموس منير البعلبكي؛ وثمة Holocash، التي تلعب على مفردة Cash: المال السائل.
ورغم أنّ كتاب فنكلشتاين يُعتبر كرّاساً صغيراً (أقلّ من 150 صفحة) بالقياس إلى أعماله السابقة حول القضية الفلسطينية وتاريخ إنشاء الدولة العربية، فإنّ أهميته الكبرى تكمن في أنه يتجاوز فضائح أموال صناعة الهولوكوست إلى فضح السياسة التي تصنعها تلك الأموال، وما ينشأ عنها وبسببها من مؤسسات هائلة تعمل في خدمة الدولة العبرية أوّلاً، وفي تبييض صفحتها لجهة انتهاك حقوق الإنســـان وإعادة إنتــــاج التقاليد النازية ذاتها ثانياً، إلى جانب دعم المؤسسة الصهيونية أيّاً كـــان القناع الذي ترتديه هذه.
ولعلّ الزوابع التي أثارها الكتاب في الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، ثمّ في فرنسا حين صدرت الترجمة الفرنسية، كانت تدور ضمناً حول هذا التسييس غير المسبوق لقضية لم تكن جوانبها الإستثمارية خافية تماماً في كلّ حال. لائحة التُهم التي وُجّهت إلى فنكلشتاين بدأت من أنّ الرجل "سُمّ يهودي" و"يهودي كاره لذاته" و"يهودي مُصاب بانفصام الشخصية" و"يهودي مثير للاشمئزاز"، و"تلميذ رديء لليهودي الرديء شومسكي"... وبالطبع، كان لا بدّ أن تنتهي اللائحة الطويلة عند التهمة العتيقة العريقة: "يهودي معادٍ للسامية"!
وكيف، في الواقع، لا تتكرّر كلمة "يهودي" في كلّ هذه النعوت، والرجل في نهاية الأمر يهودي الأب والأمّ والجدّ والجدّة، وأهله في عداد الناجين من معسكرات الإعتقال؟ وهل في وسع خصوم فنكلشتاين أن يغمضوا الأعين عن هذه الحقيقة السجالية الحاسمة، التي تفاجئهم بين حين وآخر حين تصدر عن ضمائر يهودية نظيفة ومنحازة إلى الحقّ البسيط، أيّاً كان دين ذلك الحقّ ولون بشرته وبطاقة هويته؟ وكيف لا يهجس خصوم فنكلشتاين بكلمة "يهودي"، وهم خير من يدرك درجة البشاعة في استثمار العذاب الإنساني، هم الذين قبضوا من المصارف السويسرية مبلغ 1.25 مليار دولار أمريكي، لم يصل منها إلى الضحايا اليهود سنت واحد حتى تاريخه؟
زملاء فنكلشتاين في هذه التهمة أسماء يهودية بارزة مثل المخرج الســــينمائي وودي ألان، والصحـــافي ملتون فيورست، والكاتب والمحقق الصحفي سيمور هيرش، ورئيس لوبي السلام اليهودي جيروم سيغال، ومايكـــل ليــــرنر رئيس تحـــرير المجلة اليهودية التقدمية Tikkun. فليهنأ مهاتير محمد بالاً، والحال هذه، لأنه في صحبة طيبة!
 

 



#صبحي_حديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيخ حسن الترابي طليقاً: هل ينفتح القمقم؟
- الوقوف خلف النفس
- حكمة الشيشان التي تُبقي موسكو في قلب اللهيب
- الاستماع والإقناع
- ينطوي على حال دائمة من المناورة بين سِراطين مستقيمين: السبيل ...
- أحزان وأحقاد
- بعد تحليق طويل في التواريخ واللغات والثقافات: رحيل -الفلسطين ...
- الوزارة السورية الجديدة: هل يُصلح العطّار ما أفسد الدهر؟
- ضمير من عصرنا
- تهتدي بالبربرية النازية أكثر ممّا تستعيد حلم تيودور هرتزل: ا ...
- مهرجانات
- غيفارا وجورج وسوف
- العلاقات الهندية ـ الإسرائيلية وبؤس الموقف الرسمي العربي
- أفغان العالم يتوافدون إليه خفافاً وثقالاً: العراق بوصفه مستن ...
- محمود عباس أمام انكشاف الجوهر الحقيقي للصراع
- الدولة الرأسمالية المعاصرة والتاريخ الذي انتهى وما انتهى
- مجازر الجزائر مستمرّة و العالم الحرّ يتفرّج ويتثاءب
- بلا بطيخ..!
- بشار الأسد في السنة الرابعة: الحفاظ على -أمانة الوالد
- استبدال الخاكي بالزهريّ والسماويّ لن يجمّل صورة النظام


المزيد.....




- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...
- نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا ...
- -لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف ...
- كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي ...
- الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص ...
- ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
- مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
- إيران متهمة بنشاط نووي سري
- ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟ ...
- هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - صبحي حديدي - صحبة مهاتير محمد