أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نزار حيدر - حوار عبر الأثير















المزيد.....

حوار عبر الأثير


نزار حيدر

الحوار المتمدن-العدد: 635 - 2003 / 10 / 28 - 06:40
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


في حوار عبر الأثير ، مع إذاعة الشمس التي تبث برامجها من مدينة الناصرة في فلسطين المحتلة ، سألني معد البرنامج السياسي عن معالم العراق الجديد الذي ينشده العراقيون ، فقلت له ، انه عراق خال أولا من الديكتاتورية والنظام الشمولي والحزب القائد والزعيم الأوحد والمقابر الجماعية والانقلابات العسكرية والحروب العبثية وأسلحة الدمار الشامل ، انه عراق الحرية والديمقراطية والتعددية ومبدأ التداول السلمي للسلطة ودولة القانون والدستور والنظام ألتعددي البرلماني ، وحدهم المواطنون هم الذين سيختارون نوع النظام السياسي الذي يرتأونه ، وهم الذين سينتخبون مؤسساته
الدستورية عبر صندوق الاقتراع على قاعدة ـ صوت واحد ، لمواطن واحد ـ .
سألني ، ومن أي جيران العراق أو الدول العربية تخشون على هذا الوليد الجديد ؟ ، أجبته ، نحن لا نخشى أحدا من كل هؤلاء ، وان كنا نتمنى عليهم أن لا يتدخلوا بشؤون العراق الداخلية، ويراقبوا حدودهم حتى لا يتسلل منها إلى العراق تجار الموت والإرهاب والتعصب والمخدرات ، إنما المشكلة ، أن الآخرين يخشون من معالم هذا العراق الجديد الذي سيكون بالتأكيد بدعا من أنظمة البلاد العربية والإسلامية التي تحكم اغلبها أنظمة غير منتخبة من قبل شعوبها ، ولذلك فهي تفتقد إلى الحد الأدنى من المشروعية ، فهي إما أنظمة ملكية بالوراثة أو أنظمة انقلابات عسكرية ـ سرقات مسلحة ـ قيد التحول إلى أنظمة جمهورية بالوراثة ، ولذلك فان قيام نظام ديمقراطي دستوري تعددي برلماني في العراق ، يعتبرونه تهديدا مباشرا ، وان كان على المستوى البعيد ،لأنه ـ حسب زعمهم ـ سيتحول إلى أنموذج يحتذى بالنسبة إلى بقية الشعوب العربية والإسلامية ، ستسعى للإقتداء به وتكراره إن عاجلا أم أجلا .
وأضفت ، انه ليس ذنب الإنسان العراقي إذا طالب بنظام ديمقراطي يضمن له حريته وكرامته ويحقق له النمو الاقتصادي والازدهار المدني والحضاري والتكنولوجي ، ويوفر له الأمن والسلام الداخلي ومع الجيران والعالم ، يصون حقوقه ولا يعتدي عليها احد أو يسحقها ، وكذلك لا يصادر رأيه وإرادته ، كما يحقق له الاستقرار ولا يسوقه إلى حروب عبثية مع جيرانه والمجتمع الدولي ، إنما هو ذنب الأنظمة التي فشلت في تحقيق الحد الأدنى من كل ذلك لشعوبها التي باتت تتطلع وترنو بعيونها إلى يوم التغيير ، ربما بأي ثمن ، كما رأينا ذلك في العراق .
سألني عن رأي العراقيين بتغطية الفضائيات العربية لأخبار وأحداث وتطورات العراق ، قلت له ، إن العراقيين لا يخشون من التغطية السيئة لأخبارهم في هذه الفضائيات ، التي تفقد مصداقيتها لدى الرأي العام العربي والعراقي خاصة، يوما بعد أخر ، ولقد رأينا كيف هاجم المواطنون العراقيون فرق عمل عدة فضائيات عربية ، بتهمة الانحياز إلى فلول النظام السابق والعناصر الإرهابية التي تحاول زرع الخوف والرعب وزعزعة الاستقرار وسلب الأمن من حياة المواطن العراقي المسكين ، من خلال تنفيذ عملياتها الإرهابية التخريبية هنا وهناك من بعض مناطق العراق .
إنهم لا يخشون ذلك ، فلقد تعودوا على ظلم الإعلام العربي لهم ، وهو الذي لم ينصفهم دائما وأبدا ، ولكن في ذات الوقت يتمنى العراقيون اليوم على هذه الفضائيات أن تمسك العصا من الوسط ، أي أن تتحلى ببعض الإنصاف فقط عند تغطيتها لأخبار العراق ، فكما أنها تفرد متسعا كافيا من الوقت لعناصر إرهابية ملثمة ، مجهولة ونكرة ولا يعرف احد ما إذا كان الفيلم المعروض قد سجل فعلا في داخل العراق أم في أستوديو المحطة الفضائية ، تتحدث عن عملياتها الإجرامية وبطولاتها المزعومة في قتل الأبرياء واستهداف المساجد والمراقد المقدسة والأماكن الآهلة بالمدنيين وتهديدها العراقيين بالويل والثبور ، كذلك يلزمها ، إذا أرادت أن تنصف العراقيين ، أن تستعرض مثلا أحاديث لعراقيين يتحدثون عن الحرية التي يتمتعون بها اليوم ، سياسيا وإعلاميا ودينيا واجتماعيا وغير ذلك ، والتي حرموا منها على مدى أكثر من ثلاثة عقود من الزمن ، أو أن تغطي أخبار الخدمات  والحقوق الأساسية ، التي يتمتع بها المواطن العراقي اليوم ، والتي كان يحلم بها طوال سني عهد النظام البائد البغيض ، كالماء والكهرباء والهواتف الجوالة وشبكة ومقاهي الانترنيت وحرية الإعلام والصحافة والاتصال  واقتناء الصحون اللاقطة وغير ذلك .
كذلك ، فإلى جانب تقاريرها الخبرية عن قتل الجنود الاميركيين ، عليها ـ إذا أرادت أن تثبت إنصافها للعراقيين وعدم انحيازها لأي طرف ،النظام البائد أو الشعب العراقي ـ أن تتحدث عن المقابر الجماعية وردهات السجون وطوامير المعتقلات الرهيبة وانتهاكه للأعراض واغتصابه للحرائر، والدمار الهائل والديون المستحقة على العراق التي خلفها النظام السابق ، وضحايا حروبه العبثية وعمليات الأنفال وقمع الانتفاضة وقصف مدينة حلبجة بالسلاح الكيماوي ، والمستوى المتدني للتعليم والصحة وانعدام الضمان الاجتماعي ، وتدهور العملة العراقية الوطنية التي كانت في السبعينيات من القرن الماضي تعادل 3.7 دولارا اميركيا ، ولما غادر صدام حسين السلطة في نيسان الماضي
، ترك السنت الاميركي الواحد يعادل عشرين دينارا .
إذا تحدثت الفضائيات عن كل ذلك ، وغطت مختلف جوانب ووجوه الأزمة العراقية ، سيتيقن وقتها العراقيون أنها بالفعل بدأت تنصفهم من دون أن تجامل أحدا أو تميل إلى طرف دون آخر ، أما أن تنظر بعين الشفقة على أيتام وفلول النظام البائد ، وتغمض عينها وتصم آذانها وتقطع لسانها ، فلا ترى شعبا كاملا انعتق من ربقة الإرهاب والديكتاتورية والنظام الشمولي ، وهو الآن يشم أولى نسائم الحرية ، فهذا عين الإجحاف والانحياز والظلم .
سألني ، ما رأيكم بقرار الجامعة العربية الذي أدان المقابر الجماعية ، قلت له ، انه قرار صحيح وان جاء متأخرا ، يلزم أن تتبعه خطوة  سليمة وضرورية أخرى ، وهي أن تبادر الجامعة إلى إرسال بعثة تقصي الحقائق، للوقوف على كل الجرائم الخطيرة والانتهاكات الفضيعة التي ارتكبها النظام السابق ، لتحفظ ملفاتها وأفلامها في أرشيف الجامعة ، لتكون قوة ردع معنوية للأنظمة الديكتاتورية الشمولية الأخرى ، وعبرة لمن خدعته دعاية النظام المعزول والإعلام العربي المأجور والمطبلين والمزمرين له والمبررين جرائمه ، من مثقفي الكوبونات وإعلاميي وصحفيي الدولار الذين باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم ، وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود من الزمن .
قال لي ، إن الإعلام عرض صورا لمتظاهرين في تكريت وبغداد ، وهم يرفعون صورا للرئيس العراقي السابق صدام حسين ، قلت له ، وهذا اكبر دليل على الحرية التي يعيشها العراقيون بعد سقوط النظام البائد ، ففي عهد الرئيس المخلوع كان النظام يعدم المواطن إذا عثر الجلاوزة  بحوزته على منشور سياسي أو صورة لغير القائد الضرورة ، حتى إذا لم يمسك بالجرم المشهود ، فقد أبيد طلاب احد صفوف مدرسة ثانوية في بغداد عن بكرة أبيهم لان احدهم ـ لم تعرف هويته حتى الآن ـ كتب شعار ـ الموت لصدام ـ على لوحة الصف .
 كما كان السجن المؤبد بانتظار من يسب ـ هبة  السماء إلى الأرض ـ ولكل من يذكر اسمه من دون أن يتبعه بعبارة ـ حفظه الله ورعاه ـ ، أما اليوم فان من حق المواطن العراقي أن يتظاهر ويعبر عن رأيه ويعرب عن حبه أو بغضه لمن يشاء ، فيرفع مثلا صور الرئيس المخلوع أو أية صورة أخرى ، وله كامل الحرية والأمان ، وسوف لن يلاحقه جلاوزة وزارة الداخلية وأجهزة الأمن والمخابرات ، كما أن مجلس الحكم الانتقالي سوف لن يصدر بحقه مذكرة اعتقال مثلا أو قرارا يصادر بموجبه كافة أمواله المنقولة وغير المنقولة ، كما انه سوف لن يغيب في طوامير السجون المظلمة أو في المقابر الجماعية .
أخيرا ، سألني ، إن العرب يتهمون العراقيين بالتامرك والولاء لأميركا عندما يطالبون بالديمقراطية ، فقلت مستغربا ، وهل أن كل من يطالب بحقوقه وحريته وكرامته ، يتهم بالعمالة لأميركا ؟ أم أن من يطالب بممارسة حقه في الاختيار عند صندوق الاقتراع ، يوصم بالأمركة ، وكان الحرية قيمة اميركية أو أن الديمقراطية التي تعني المساواة والمشاركة إلى جانب الحرية ، مشروع اميركي ؟ .
إن كل العراقيين تواقون لرؤية نظام سياسي ديمقراطي في العراق ، وكلهم متشوقون لرؤية الفرقاء السياسيون وهم يتنافسون عند صندوق الاقتراع ، فلا يحتكمون إلى السلاح أو إلى منطق القوة والعنف ، إنما يتنافسون على برامجهم السياسية ومشاريعهم التنموية الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والصحية وغير ذلك .
وأضفت ، أن قيام نظام ديمقراطي تعددي في العراق هو لصالح الشعب العراقي أولا ، قبل أن يكون لصالح الاميركيين ، وان تمتع المواطن العراقي بحريته وحقوقه هو مطلب عراقي قبل أن يكون مطلبا اميركيا ، ولذلك ضحى العراقيون بأرواحهم ودمائهم وبكل ما يملكون وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود  عجاف ، قبل أن تكتحل عيونهم برؤية عراق خال من اخطر أسلحة الدمار الشامل واعني بها الديكتاتور صدام حسين الذي سخر كل شئ من اجل تحقيق أحلام مستحيلة وطموحات مريضة .
ولا تنسى ، أضفت ، أن العراقيين ظلوا يواجهون النظام المقبور ويضحوا في سبيل نيل حريتهم ، يوم كانت أميركا وكل دول العالم الشرقي والغربي ودول العالمين العربي والإسلامي ، تقدم له كل أنواع الدعم ، وتتستر على جرائمه وتبرر له انتهاكاته الخطيرة لحقوق الإنسان ، ما يعني أن الديمقراطية مطلب عراقي أولا وأخيرا .
إن من مصلحة العراق كبلد وكشعب ، أن يستقر ويتصالح مع نفسه ويتعايش مع جيرانه والعالم ، ليشهد نموا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ومدنيا وعمرانيا ، قبل أن يكون ذلك مصلحة اميركية ، فكيف نتهم العراقيين بالتامرك والعمالة  وما إلى ذلك من النعوت غير الواقعية والتي لا أساس لها من الصحة ، عندما يرفعون شعارات حضارية  كالحرية والمساواة والمشاركة والكرامة والتنمية وحقوق الإنسان والتعددية والنظام الدستوري والانتخابات ، والتي هي في الأساس قيم دينية شرعها الخالق عز وجل لعباده من اجل تحقيق العدل والإنصاف والإحسان ، وهو القائل في محكم كتابه ـ إن الله يأمر بالعدل والإحسان ـ ، وهل يمكن أن نتصور العدل والإحسان التي أمر  بهما الله تعالى من دون هذه القيم الحضارية ؟ فنتصور العدل في ظل النظام الديكتاتوري ، أو الإحسان عند المقابر الجماعية ؟ أو الإنصاف في ظل النظام الشمولي الذي يقتل على الشبهة ويعدم على الظنة ؟.
إن العدل توأم الحرية والإحسان صنو الكرامة والإنصاف يلازم المشاركة ، ولذلك يلزم أن تتحقق في آن واحد، لان المتناقضات لا تجتمع إلى بعضها ، فكيف يمكن أن نجمع العبودية والذل والاستبداد إلى جانب العدل والإحسان والإنصاف ؟.




#نزار_حيدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دفاعا عن الديمقراطية
- بعض المثلث ... اسود
- ليس قبل استقرار حكومة دستورية منتخبة ... يتم انتقال السلطة ف ...
- مـن هنـا نبدأ
- بيت العرب ... بيت العنكبوت
- العراق... بين مخاطر الماضي وتحديات الحاضر وآفاق المستقبل
- دستور جديد .. لعراق جديد
- مع التحية ... الى مجلس الحكم


المزيد.....




- بالفيديو.. منصات عبرية تنشر لقطات لاشتباكات طاحنة بين الجيش ...
- Rolls-Royce تخطط لتطوير مفاعلات نووية فضائية صغيرة الحجم
- -القاتل الصامت-.. عوامل الخطر وكيفية الوقاية
- -المغذيات الهوائية-.. مصادر غذائية من نوع آخر!
- إعلام ألماني يكشف عن خرق أمني خطير استهدف حاملة طائرات بريطا ...
- ترامب يدرس تعيين ريتشارد غرينيل مبعوثا أمريكيا خاصا لأوكراني ...
- مقتل مدير مستشفى و6 عاملين في غارة إسرائيلية على بعلبك
- أوستن يتوقع انخراط قوات كورية شمالية في حرب أوكرانيا قريبا
- بوتين: لدينا احتياطي لصواريخ -أوريشنيك-
- بيلاوسوف: قواتنا تسحق أهم تشكيلات كييف


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نزار حيدر - حوار عبر الأثير