أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سليم سوزه - ثقافة العنف ... عنف الثقافة














المزيد.....

ثقافة العنف ... عنف الثقافة


سليم سوزه

الحوار المتمدن-العدد: 2061 - 2007 / 10 / 7 - 10:13
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يبدو ان ظاهرة العنف باتت تشكّل تهديدا حقيقيا للمجتمعات الانسانية بل ولكل نواحي الحياة على هذا الكوكب ، هذه الظاهرة المرفوضة وفق كل القيم والمبادئ الأنسانية السامية أخذت تتسع شيئا فشيئا لتتحول الى ثقافة تستهدف أحيانا الأنسان لا لشئ الا لكونه انسانا .
فالعنف وان تعددت أشكاله وسيلة غير حضارية لكسب المقاصد وحينما يفلسف له من منظور أصولي (سواء أصولية دينية أو سياسية أو ايديولوجية ) ويبرر بعقلية قروسطوية يكون قد بلغ الذروة في شدته وكرّس كل نفوذه لأستلاب الآخر فكريا وجسديا . وهذا ما تفعله الكثير من المنظمات او العصابات من الميليشيات التي تدّعي الاسلام زورا وبهتانا من خلال ذبح الرهائن على سبيل المثال وقطع رؤوسهم بطريقة بربرية كما يجري اليوم في العراق ، فهي تستعمل لذلك بعض الآيات القرآنية التي لاتعرف أعراب حتى حروف الجر فيها من أجل تبرير هكذا أعمال اجرامية وأضفاء صفة الشرعية الدينية عليها .
لا بد لنا أن نبيّن بأن هذه التنظيمات الأرهابية وأن أدّعت الاسلام بعيدة كل البعد عن الاسلام المحمدي الاصيل ولا تؤمن بأي شئ سوى بالعنف وسيلة لتحقيق مآربها السياسية أو الأيديولوجية ، تلك المآرب التي هي وليدة ثقافة تكفيرية تريد فرضها بالقوة على عالم يسوده التنوع والأختلاف فلم تقدّم اي شئ سوى تفسير النصوص الدينية البريئة وفق ما تشتهيه أنيابها ومخالبها من دماء الاخرين أستنادا الى آراء فقهاء الدم وخبراء الاجرام .
ان المعايير التي يتم على ضوئها تفسير النصوص الدينية ينبغي لها ان لا تتجاهل بعدي الزمان والمكان في عملية أستلهام النص وتطويعه بما يتأقلم مع الواقع المتعايش فالتغيّرات الزمكانية لها تأثير مباشر على ذوق الانسان في فهم الشريعة واي اخلال في هذه المسألة سوف يجعل من النص الديني نصا تراثيا (يعبر عن واقعة تاريخية ماضية) لا يحاكي الواقع اليوم ولا يمت له باي صلة مطلقا ، في نفس الوقت لايمكن الأستغراق في هذه النظرة كثيرا الى درجة التعامل مع العموميات المطلقة والثوابت الفقهية بنفس الاسلوب كونها تشريعات عبادية واضحة وصريحة فوق الازمنة والامكنة تنظّم العلاقة الشخصية بين الفرد والخالق ليست لها اي علاقة بالعنف لا من قريب ولا من بعيد .
أن عملية اعتقال النص وسجنه في زنزانة المدلول الواحد (المعنى الواحد) ما هي الا تجريد للنص من كل مفاهيمه الاستيعابية الخصبة وجعله أسيرا لرؤى ضيقة ومداليل ثابتة في الوقت الذي تكون فيه هذه المداليل متغيّرة بتغيّر الزمان والمكان مما سيكون النص مشدودا دوما للتاريخ وليس العكس فالخطاب الديني المولود من ثقافة التسطيح هذه يعاني من مشاكل كبيرة في كيفية التعاطي مع قضايا الامة المعاصرة لأنه خطاب دولة الخلافة بكل تناقضاتها لا خطاب دولة التعدد الآن (البلدان والدول) ، دولة الخلافة التي يسعى الى تطبيقها اليوم بعض (الماضويين) في واقع شهد الكثير من التغيرات الاجتماعية والتداخلات الثقافية عن طريق عسكرة النصوص الدينية ليتصورها العالم نصوصا تتقيأ منها الدماء بأستمرار ، والفضل في ذلك يعود الى هذه التنظيمات ذات الشعار الاسلامي والتوجّه الالحادي التي ما عرفت سوى تفخيخ الفقه وتفجير العقائد ضد كل من تراه مخالفا لها أو مختلفا معها .
على اية حال أن ثقافة الدم التي تروّج لها المنظمات الدراكولوية هنا وهناك لا تستقطب الا الشواذ من الشباب المفلسين عديمي الوعي والخبرة ، فمن الناحية السايكولوجية يعانون هؤلاء الأفراد من أزدواجية كبيرة وشعور حاد بالنقص ربما نتيجة الطفولة القاسية التي عاشوها وكذا أحساسهم المتنامي بتفوق الآخر عليهم دوما ، كل ذلك يجعلهم يترجمون أمراضهم هذه الى أعمال وحشية كالتي نراها يوميا في العراق او في الدول الاخرى المنكوبة من هذا الفكر ايضا . أما تسترهم وراء شعارات أسلامية وخطابات دينية فهو من باب التقليل من الذنب وعدم التفكير بالندم ، فتحت شعار الأسلام تذبح هذه الفئات الضآلة الشعب العراقي بكل قسوة كما كان يذبح في السابق تحت شعار القومية .
خلاصة القول ان الجمود في نفق الرؤية الواحدة ومحاولة فرض التصور الثابت على واقع متعدد الاذواق كالواقع العراقي لايمكن ان يكون الا عنفا ولا يمكن ان يؤدي الا الى انهار من الدم التي آن الاوان لايقافها بعدما غمرت ارض الرافدين لسنين طويلة ولعل البديل الوحيد لهذه الثقافة هي التحلي بالشفافية الفكرية الناجحة في احتواء الاخر واحتضانه مثلما جسّدها ببراعة احد فقهاء الاسلام بقوله ( اينما توجد مصلحة الناس يوجد شرع الله ) .
بهذه الشفافية العالية يمكن للشريعة استيعاب كل التناقضات والاختلافات تحت خيمة روح الاسلام لا جسده .



#سليم_سوزه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سليم سوزه - ثقافة العنف ... عنف الثقافة