حسن جميل الحريس
الحوار المتمدن-العدد: 2061 - 2007 / 10 / 7 - 12:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إعادة تقسيم لبنان
من يظن أن مخطط تقسيم لبنان قد استقر على حاله الراهن فهو مخطىء تماماً , بل ليس لديه أية نظرة إستراتيجية واقعية عما يدور رحاه في منطقتنا وحول ما هو جاري تنفيذه علينا من مخطط تنفيذي محفوظ بأدراج الصهيونية العالمية , إن القوى اللبنانية على اختلاف عقائدها مجموعة في دائرتين فقط / موالاة ومعارضة / ولكن واقع الجغرافيا اللبنانية يشير إلى أكثر من ذلك , فمنظور جغرافية لبنان بالنسبة للمراحل الأولى من المخطط كان هرمياً تتصارع عليه قوتان على مساحته كلها , أما الآن فقد انفرط عقد الوطن الواحد وانتقل صراع الطرفين إلى مدن وقرى لبنانية , والفرق بين الوضعين السابقين أنه تم بالفعل انسلاخ جزئي لمناطق لبنانية باتت تحت سيطرة أطراف دولية فصار توازن القوى خاضعاً لثلاثة أطراف بدلاً من طرفين ولكل منها إستراتيجيتها البعيدة المتضاربة كلياً مع الأطراف الأخرى ... وسؤالنا البديهي الذي يطرح نفسه بمثل تلك الحالة : هل هذا هو المخطط كله أم أن هناك أشياء أخرى يعملون عليها وستحدث لاحقاً ؟؟
إن قاربنا بين الوضعين اللبناني والعراقي لوجدنا أن مصير لبنان متجه وبصورة حتمية نحو مثالية مصير العراق حالياً مع الأخذ بعين الاعتبار فارق زمن البدء في مشروعيهما إذ لا يزيد بأفضل حالاته عن سنتين فقط ,ولذلك من المتوقع أن يخضع لبنان بعد عامين تقريباً للسيناريو نفسه الذي تم كشفه علانية عندما وافق الكونغرس الأمريكي على مخطط تقسيم العراق ليصبح كيانات عدة متفرقة بعقائدها تحت مسميات مختلفة / جمهورية العراق الاتحادية أو الولايات العراقية المتحدة أو إتحاد الجمهوريات العراقية المستقلة / ولكن تطبيق صورة المشروع العراقي على الملف اللبناني يحتاج لديناميكية مختلفة وهذا متوفر بحقائب سرية في جيوب الصهيونية تحت بند سري اسمه / نظرية المد الجغرافي سلمياً وآلياً / فالموالاة والمعارضة يتنافسان على أرض الواقع على وسط لبنان وشماله آخذين بعين الاعتبار أهمية مدنهما وقراهما بينما جنوبه خرج عملياً من ساحة تنافسهما وصار تحت سيطرة غيرهما وبموافقتهما , وإن تم العمل على ما هو مخطط له وفق النظرية السابقة فإن جنوب لبنان سيتعدى حدوده وينتقل تدريجياً ليحتل جزءأ كبيراً وهاماً من أرض وسطه / أي سيحمل إقليم جنوب لبنان ليوضع على أكثر من منتصف مساحة وسطه / تاركاً خلفه مساحة جغرافية ستضم لاحقاً للدولة العبرية , وبهذه الحالة يصبح جنوب لبنان المستحدث عملياً فوق دائرة وسطه الطبيعية .
- ولكن ما هي الصورة المؤهلة لحدوث ذلك مرحلياً ؟؟؟؟ وكيف سيتم نقل جنوبه ليستقر فوق وسطه عملياً ؟؟
إن تشكيل أية دولة ما بحاجة ماسة لتوافر عنصرين أساسيين لها , وهما / الأرض والإنسان / وبما أن أرض جنوب لبنان قد صار متوفراً عملياً فلم يبقى أمامهم سوى أن يوفروا له إنساناً ذو عقيدة موجهة مسبقاً ويؤمن بتبعيته لهذه الدولة ويؤسس فيها مجتمعاً تابعاً لهم وبذلك يكتمل زمن منحه اسقلاله مستقبلياً , ولكن من أين يأتي هذا المجتمع المفترض تكوينه على أرض يملكونها ؟؟؟ ذاك هو باب القصيد والمعمول عليه حالياً .
إن دوائر الاستخبارات الأمريكية هي التي تخطط لحدوث مثل ذلك واقعياً , وقد نقلت خلاياها إلى داخل لبنان وتغلغلت بمفاصله جزئياً وهي تعمل على تحسين مواقعها وتوسيع نشاطاتها لتمتد أكثر ضمن هيكلية الدوائر الرسمية اللبنانية , فهي التي تسيطر فعلياً على مطار بيروت الدولي وعلى جهاز المعلومات التابع لوزارة الداخلية وكذلك على أصحاب القرار السياسي لتيارات لبنانية موالية لها فضلاً عن سيطرتها شبه الكاملة على مساره الاقتصادي فعملت على تقويضه كلياً بعدما غمست شركاتها الصهيونية بعمق اقتصاد لبنان تحت أسماء شركات عربية وهمية وبهذا لم يبقى أمامها سوى أن تستولي على آلة الجيش اللبناني لتصبح كافة المواقع السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية وبالتالي الاجتماعية تحت سيطرتها فعلياً , وهذه وقائع مر بها لبنان حديثاً , ولكن أين يكمن دور المخابرات الأمريكية بخلق شعب تزج به في جنوبه المسلوخ واقعياً ويمكن اعتباره شعباً جديداً للمنطقة الجنوبية ؟؟!!! سيكون دورها بتوفير شعب على مسارين متلازمين :
1 – شعب تزرعه على مشارف الحدود الوهمية الفاصلة بين جنوب لبنان ووسطه !
2 – وشعب تزرعه داخل جنوب لبنان !
ولتنفيذ الإحتمال الأول فاعلين مؤثرين بإسلوبين مختلفين :
1 – عسكري .
2 – مدني .
اما العسكري فقد فشل كلياً إذ قضى بخلق حركات ميثولوجية لها نفس سمة إيديولوجيا أحد أهم أقطاب المعارضة اللبنانية, وقد ظهر تحت مسمى حركة فتح الإسلام المماثل بطرحه الشكلي فقط على أنه يعمل لرعاية وصون الإسلام مثلما هو حال شعار حزب الله إلا أنهما كانا ولا زالا يختلفان كلياً في عقائدهما وتوجهاتهما وكذلك أهدافهما وهوية عدوهما المفترض .
وأما الشق المدني فهو البديل التكتيكي الذي يعمل عليه حالياً والذي يقضي بتجنيد أكبر عدد من اللبنانيين ليصبحوا عملاء ميدانيين تابعين لوكالة الاستخبارات الأمريكية ... وهذا هو الخطر المحدق حقاً !!! لأنها عملية ضم مزدوجة لعملاء يفترض أن يتم انتقائهم من خيرة النخبة المدنية والعسكرية اللبنانية معاً !!! والخطر القادم هو تجنيد عملاء لل / CIA/ داخل هيكلية الجيش اللبناني !!!
ولكن بماذا تفيد هذه العملية على شاكلتها المفرضة لها ؟؟؟ على هذه الشاكلة لا يمكن بأي حال من الأحوال ربطها بما ذهب إليه جيش لبنان الجنوبي الذي اندحر عام 2000 على أيد رجال المقاومة اللبنانية الباسلة , رغم أن هذه العملية لها نفس هدف جيش لبنان الجنوبي إلا أنها ستختلف معه بكيفية طرحها وطريقة خلقها على أرض الواقع نظراً للنتائج المخزية التي حصدتها الوكالة والدولة العبرية في حرب عام 2000 وحرب تموز عام 2006 مما استدعاهما لأن يستبدلا خياراتهما من استخدام الآلة العسكرية إلى استخدام الآلة البشرية بصورة مدنية مخادعة أي بقي الهدف نفسه ولكن بإسلوبين متغايرين تماماً , فما هي صورة إسلوبهما المنتظر لإتمام هذه المرحلة ؟؟؟
تجنيد عملاء لبنانيين وتهيئتهم عقائدياً ومن ثم إغراق أياديهم بالمال ليشتروا أراضي لهم بدءاً من مناطق ملاصقة للحدود الفاصلة بين جنوب لبنان ووسطه باتجاه شماله وبمساعدة قوى الموالاة وسلطات الحكومة اللبنانية وهم على الغالب من المدنيين اللبنانيين شريطة أن يتلازم ذلك مع نشر عملاء آخرين داخل المنطقة الجنوبية وفق شكلين أولهما من يقومون على شراء أراضي لهم وآخرين يقومون بعمليات تطهير عرقية وهؤلاء على الغالب سيكونون عملاء لهم تاريخ وخبرة بالآلة العسكرية .... ولكن لماذا سيسعون لمثل تلك التركيبة العميلة ؟؟؟ ليحصدوا النتائج المتوقعة التالية :
1 – تفكيك لبنان كلياً خدمة لمصالح الدولة العبرية .
2 – استغلال ثمين لزمن حكم نظام القطب الأوحد عالمياً وتوسيع حلم الصهيونية بمد جغرافية الدولة العبرية نحو الفرات .
3 – تصغير حجم المواجهات الإقليمية إلى حروب خاطفة وسريعة ومن ثم تحويلها إلى مواجهات داخلية ضمن الدول المستهدفة نفسها .
4 – بناء جدار بشري عقائدي موالي للصهيونية ويمكن استخدامه كصمام أمان لها وكذلك ليكون شوكة بوجه حركات التحرر العربية .
5 – تدمير السوق الاقتصادية الإقليمية لمنطقتنا عموماً وإعادة بنائها وتوجيهها لاحقاً لتكون تابعة كلياً لسيطرة الاقتصاد الرأسمالي المعروف بتبعيته للدولة العبرية .
6 – تأمين مصادر مياه جديدة لها بالغ الأثر في بقاء الحياة لشعب إسرائيل .
7 – تشكيل ساحة اقتصادية متقدمة ميدانياً على أرض جنوب لبنان تابعة لإسرائيل ويمكن لها أن تكون منفذاً استراتيجياً يؤثر على توازنات اقتصاديات المنطقة ويؤمن لها أسواق لبضائعها وهو سرب آخر من أنواع التطبيع الذي تسعى إليه الوكالة دائماً .
8 – إعادة تنشيط الهجرة اليهودية المتوقفة نسبياً وعلى وجه الخصوص يهود الدول الغربية المتحضرة إذ يمكن حينها أن تنشط بظل توفر أرض عربية لبلد عربي كان وم زال في أذهانهم من ضمن الدول الأقرب للحياة المدنية المعاصرة وهذا بحد ذاته من أهم أهداف الصهيونية وأخطرها .
وقد صرح بوش منذ يومين فقط وبشكل علني أنه سيرسل خبيراً عسكرياً أمريكياً رفيع المستوى إلى لبنان ليقف على تطوير الجيش اللبناني وتدريبه بما يتناسب مع مهامه المنتظرة منه بوجه مخاطر يتوقع حدوثها في المنطقة !!! ....... يتبع
#حسن_جميل_الحريس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟