أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - صدقي موسى - هذيان لاجئ فلسطيني














المزيد.....


هذيان لاجئ فلسطيني


صدقي موسى

الحوار المتمدن-العدد: 2061 - 2007 / 10 / 7 - 12:42
المحور: القضية الفلسطينية
    


هناك تحت حرارة البعد عن الوطن، والتهجير الثاني له مع ابناء شعبه، جلس قصرا ينتظر سحابة تقله لوطنه الذي شهد ميلاد والده واجداده، الا ان العلامات تشير الى ان عاصفة قادمة ستصيب غيمته، وتلقي بها بعيدا في ارض ما وراء البحار.
جلس بين الخيم التي تذكر بخيم الهنود الحمر حاملا طفله الذي ولد بعد التهجير الثاني بخمسة اشهر، وقد تقيأ غداءه من حليب والدته، مسح لولده فمه وثيابه، ابتسم له، قبّله قبلة خفيفة، ماسحا على راسه.
التاريخ يعيد نفسه؛ هو ولد بعد خروج والده من فلسطين برفقة الجيش العراقي بعشر سنوات، لم يكن يتصور قبل سنوات بأن الحياة التي كان ينعم بها مع 28 الف لاجئ اخرين ستتحول الى أحلام، إلا انه لما شاهد مخيمات الضفة وغزة تهدم وترتكب فيها المجازر، ويهجر اهلها منها لم يستبعد أي شيء؛ هناك عدو محتل وهنا، عدو متغطرس يهدد ويتوعد.
قال لطفله: احمد الله انك ولدت بعد التهجير الثاني في هذا المخيم. لم أكن لأضمن أن لا تصيبك قذيفة حقد طائفي او رصاصة غدر.
حتى وان "قطّعت" القلوب بصراخك من الام معدتك، أو ارتفاع حرارتك، فلن يزيد صراخك من يحاصرون مذهبك و اصولك الا غرورا، ولن تنزل في قلوبهم ذرة من رحمة.
اليوم، يا احمد نحن صيام عن اكل القذائف وشرب الاهانات. انتظر دوري مع المنتظرين لنهاجر إلى البرازيل، حيث كان الهنود الحمر. وما أدراك ما الهنود الحمر!؛ قوم مثلنا احتلت ارضهم وابيدوا على يد محرر العراق وناشر الديمقراطية. لا تستغرب هكذا!! كانوا يستحقون الإبادة؛ لأننا نعيش وفق شريعة الغاب القوي فيها ياكل الضعيف، والأدهى والأمر أن القوي يشرع القوانين والحجج؛ لقتلك أو سرقة ثرواتك واموالك.
ولدي لا اعلم ان كنت سترحل من هنا الى بلد الهنود الحمر، أو إلى حيث أهل القبور تحت التراب. فإذا كانت نهايتك هنا تحت ذرات هذه الصحراء مع اقران اخرين سبقوك؛ فاشكوا لله جروحا تنزف، وبيوتا تهدم، وأرواحا تزهق. وإذا كنت هناك ما وراء البحار، فاحكي لهم قصة الشاطر حسن والاربعة مخيمات: قصة 2260 لاجئ هربوا باولادهم وارواحهم ومستقبلهم للصحراء فهي ارحم من ظل يسقط عليك الموت. ولا تنسى يا ولدي بان تاخذ خيمتك معك، فلابد انك ستحتاجها مع هذين المفتاحين. لا تستغرب هكذا!! إنها ليست مفاتيح الخيمة بالطبع؛ هذا مفتاح العراق والكبير مفتاح فلسطين، كان لنا هناك بيوت وارض وذكريات محتها ديمقراطية العم سام.
ارى ان الضيق بدأ يتسرب لوجهك، ولسان حالك يقول: ماذا يقول هذا الابله؟!
وتراك تحلم بغفوة بحضن والدتك، وتنام قرير العين في عالمك النقي البرئ، الذي لم تلوثه الاحقاد والاطماع.
لكن مهلا مهلا... فستفيق يوما على انك كيان معاد، و ألعابك مسلوبة وحليبك مشروط بخنوعك، وانفاسك تحصى عليك.
غدا، عندما تكبر ستحدث أبناءك عن قصص آبائك، وهم َيحاصرون في العراق، وتثقب رؤوسهم بالدرل "المقدح"، وتدرج أسماؤهم على قائمة المطلوبين. ستحدثهم كيف وقفوا يدافعون عن عرضهم وحياتهم، فتقهقرت أمامهم المليشيات، واستعانت بالجيش وقوات الاحتلال حتى يتمكنوا منهم.
حدثهم عن الترويع والخوف، وعمليات الخطف التي تنتهي بالقتل والتمثيل، بعد التعرض لاشد انواع التعذيب: من قلع لعيون، وملئها بالتراب، وتقطيع للأطراف وسكب حامض الكبريت على الجسد، والكي بالسجائر، والذي لم يسلم منه لا الشيخ الكبير ولا المرأة ولا الطفل.
اخبرهم عن قصف قذائف الهاون للمجمعات، وتجميع أشلاء النساء والأطفال المتطايرة على الارصفة والازقة.
عندما يتساوى القتيل و الجريح في مصير مجهول؛ فلا يجرؤ احد على اخراج المغدور من المشرحة؛ لأنه سرعان ما يلحق به، والمصاب محروم من العلاج في المستشفيات.
حدثهم عن 7 ملايين لاجئ في اصقاع العالم، و450 الف مهجر فلسطيني داخل "الخط الأخضر"، و "الكنتونات" في الضفة وغزة.
لكن قص عليهم ايضا تعاطف القبارصة معنا واستقبالهم لنا بحفاوة، ومشاركتهم لنا بلعب الكرة، ومنحنا جنسية وهوية، فلن يلومك احد على ذلك فانت لن تتخلى عن فلسطين او المطالبة بحق العودة، والطريق للوطن مغلق امامك، ان وجودك على ظهر الارض خير من ان تسجل كذكرى تنسى مع الزمن.
اعرف ان كلامي قد تسبب لك بتوعك معوي ومغص، لا تنزعج كثيرا، فقد كان ما قلته هذيان لاجئ فلسطيني ليس الا!!





#صدقي_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمضان وأحلام الوحدة(2)
- رمضان ومبادرة الوحدة (1)
- فلنجنب مدارسنا الخلافات الحزبية
- -ممر السلام- أفيون مخدر أم تحول جذري؟
- الأسطورة المقاوِمة: لازِمة من لوازم الإرث الفلسطيني
- 100 مليون دولار!!! ويرفضها!!
- كفاك تضليلا سيادة الرئيس
- صرخة من الأغوار لعلها تلامس شغاف القلوب
- احياء قضية حق العودة في وسائل الاعلام
- حرب الاحتلال غير المعلنة على البيئة الفلسطينية
- يا عمال فلسطين اتحدوا
- 11 عاما على مجزرة قانا ودماء المجازر تنزف
- من لابناء الاسرى؟


المزيد.....




- الشرع: الرياض ستدعم سوريا لبناء مستقبلها
- الاتحاد الأوروبي والرد على واشنطن
- واشنطن تجمد ملياري دولار من أموال روسيا المخصصة لمحطة -أكويو ...
- - الجدعان الرجالة-.. مشهد بطولي لشباب ينقذون أطفالا بشجاعة م ...
- مفاجأة غير سارة تنتظر أوكرانيا من أحد حلفائها
- زيلينسكي لا يعرف أين ذهبت الـ200 مليار دولار التي خصصتها أمر ...
- إعلان حالة التأهب الجوي في ثماني مقاطعات أوكرانية
- قطر: مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق غزة يفترض أن تبدأ غدا ...
- مصر والكويت توقعان اتفاقية عسكرية
- نائبة رئيس الوزراء الكندية السابقة تتهم الولايات المتحدة بال ...


المزيد.....

- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - صدقي موسى - هذيان لاجئ فلسطيني