أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تيسير عبدالجبار الآلوسي - منع المسلسلات والأعمال الفنية والإرهاب الفكري التكفيري؟















المزيد.....

منع المسلسلات والأعمال الفنية والإرهاب الفكري التكفيري؟


تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)


الحوار المتمدن-العدد: 2059 - 2007 / 10 / 5 - 11:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بين الفينة والأخرى يُنجز المبدعون عملا فنيا سواء كان مسلسلا إذاعيا أو تلفزيونيا أم فلما سينمائيا أم مسرحية أم عرضا غنائيا وما أن يتجهون إلى التقديم والعرض حتى تجابههم أسياف المنع والحظر لأسباب ودواع غالبا ما لا تجد لها أي أساس من الصحة والصواب.
أتذكر يوم كان المسرحيون العراقيون يقدمون نصوصهم أو يتقدمون بالعروض شبه الجاهزة فيقمعهم الرقيب الرسمي من منطلق هذا لا يساير فكر هذه الحكومة أو ذاك القائد الهمام أو أنها ليست في وقتها حيث الحكومة منشغلة بمعاركها القومية البطولية؟!!
وأتذكر أن فلسفة الرقابة الرسمية لم تترك عملا فنيا يمر سواء كان عربيا أم أجنبيا من دون مقص الرقيب الذي يعمل مخيلته المريضة فيجعل من تحفة فنية أوصالا مقطعة لا تنتمي للأصل الإبداعي الذي أراد لها مبدعوها أن تكون خلقا جماليا يعيد تنظيم الأذهان ويمتعها بما أتى به، فكنّا لا نرى العمل الإبداعي بل صورة مشوهة منه تأتينا على وفق [رحمة] المقص وتخيلاته وأوهامه!
وعادة ما يكون موظفو الرقابة من أولئك الذين لا يتمتعون بمؤهل أكاديمي علمي أو إبداعي فني ولا هم من الطبقة المتعلمة بقدر ما هم شرطة فكرية سياسية تتبع أجهزة الأمن السياسي للسلطة الحاكمة.. وما يهمها في المقام الأول واسبقية أحكامها تتأسس على منع التعرض للحاكم أو حكومته وأبواقه الدعائية وماعدا ذلك فليحنرق المجتمع...
اليوم، تتصاعد مجددا وسنويا هذه الحملات التضليلية متكئة على حيطان الأحزاب الدينية طائفية التوجهات وعلى طبالي تلك القوى المتطرفة وسلطتها ذات الجوهر الظلامي وطبعا مسوِّقة أفكارها في أوسع الأدوات الإعلامية انتشارا بالاستناد إلى إمكاناتها المالية وطاقاتها التعبوية اللوجستية...
إنَّ المتتبع لما جرى التعرض له محليا وعربيا وعالميا سيجد أن أغلب المحظورات كانت متعلقة بمنع أية معالجة فكرية جمالية مختلفة وأن المنع والحظر يجري بالاستناد إلى تزييف الحقائق وتأويل الأمور بطريقة مشوهة عمدا مع سبق الإصرار..
وهكذا صار الناس تحت سيف الترهيب الفكري عبر استغلال القدسية وإسقاطها ادّعاءَ َ وتضليلا على شخوص هم بشر مثلنا أو على أمور دنيوية من حياة الإنسان ومفردات يومياته العادية بالقول: إنَّ هذه الفكرة أو ذاك المشهد يهين قدسية بعينها وهم فوق ذلك يطورون هجومهم بالقول: إنَّ الأمر يتعرض لأكثر من مليار متدين أو مؤمن..
وفي جانب القدسية معروف ألا قدسية لغير المطلق الخالق وأنَّ إسقاط القدسية على البشر أمر يدعو للسخرية ومحاولة لاستغفال البسطاء بخاصة ونحن نطلع على النص الديني الذي يقول: "إنَّما أنا بشر مثلكم" والذي يقول: "لِم تحرمون ما أحلّ الله" وكما في " وأمرهم شورى بينهم" بما يفيد ألا عِصمة للبشر...
وبما يفيد أنَّ حرية الرأي والمراجعة مكفولة وبما يفيد ألا نتوقف عند حال بعينها وألا نلغي الاجتهاد والتجديد وألا نوقف إِعمال الفكر بالمعنى العقلي الرشيد السديد.. وهكذا فلا يمكن لنا أنْ نقبلَ أن يكون جاهلا أو نصف متعلم المفتي الذي يمنع ويقطع ويحظر علينا أمرنا فكأنه الممثل الوحيد للمقدس على الأرض؟!
ولا يمكن لنا أن نترك الميدان واسعا لشخوص نكرات يظهرون على التلفاز قائلين: إنَّ الفلم الفلاني أو المسلسل العلاني ممنوع لأنه يمس مشاعر هذه الجماعة أو تلك على وفق تقويماتهم المشوهة فيكون كل فريق العمل الإبداعي فكريا وجماليا على خطأ وضلال وهذا النكرة نصف المتعلم السيف المسلط والرقيب الأريب!
ينبغي لنا في الوقت الذي نتعامل مع مختلف الرؤى والمعالجات بروح منفتح موضوعي يستوعب الاختلاف ليصل إلى الأرجح والأصوب، ينبغي لنا أن نتصدى لمن يتحدث ومكانه ومكانته علميا وفكريا وحتى إذا امتلك خلفية ومكانة فعندها يمكننا الموازنة بين رأي الفرد ورأي الجماعة وبين رأي عالِم واجتهاده وآراء علماء واجتهاداتهم فيكون موقفنا مبنيا على موازنة عقلية حكيمة!
إنَّ أغلب حالات المنع الأخيرة التي جرت كانت في ضوء استباق فردي وتأويل وتمحك وكانت تنطلق من غرف معتمة للأحزاب الدينية الطائفية أو الجماعات المتشددة المتطرفة ولم تصدر عن جهات يُحتكم إليها وإلى رأيها الرشيد...
وطبيعي أن تكون تلك المنطلقات تأسياسا دعائيا لتلك الجماعات والأحزاب وتمكينا لها من خلق أرضية لا إرهاب شخصية متنورة مبدعة ولا الوقوف عند حجب عمل مجموعة من المفكرين والمتخصصين المبدعين بل إرهاب المجتمع نفسه ومنعه من حقه في المتابعة والتدارس الأمر بنفسه وتقرير ما يراه صائبا صحيحا وصحيا من غيره وطبعا التعامل مع المجتمع لا من فوقية وباستصغار بل وبملكية واستعباد للمجتمع ومصادرة لحرياته وبتكفيره وإخضاعه لسوط بل سيف بل قنابل الموت الإرهابية!!!
هذه هي مكامن ما يجري من عمليات منع بعض المسلسلات والأفلام، وتلك هي الأهداف الحقيقية بينما نحن نجدها سهلة أن نلغي هذا العمل أو ذاك ونتدخل رسميا وعلى أعلى المستويات لتنفيذ مثل هذه المصادرة وهذه الأعمال التكفيرية من دون مراجعة لخلفية الأمر بسعة وتمعن وتدبر كما يوجب النص الديني المقدس الوحيد وليس كما يفرض دعاة التضليل السياسيون في وجودهم ومصالحهم المعتمرون لطاقيات التخفي الديني كما يوهمون الناس في برامج أحزابهم..

المطلب الشعبي الحقيقي الذي نعبر عنه بأعلى صوت وأوضحه وأكثره تعقلا هو توسيع دائرة حرية التعبير وحماية العلماء والمبدعين والمفكرين من غلواء التطرف والتشدد وهجمات زعران الأبواق الإعلامية للجماعات التي باتت الخطر الأول الداهم على البشرية اليوم، فإنَّما الدين الوسط و لا غلو في الدين فلماذا نمكّن أولئك المتطرفين أكثر من السطو على الناس ومصادرتهم واستلابهم حرياتهم وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟!!
إنَّ ما يجري من التعرض للفنانين ولإبداعاتهم يجري في ظلال مخططات استراتيجية بعيدة لقيادات التطرف ومن وراءهم حيث يمعنون في تعتيم الأجواء باتجاه تلك الجماعات بأدوات أبواقها من أنصاف المتعلمين الذين لا يحملون حتى شهادات مدرسة دينية أو بفملسف متعلم مدفوع الأجر أو صاحب توجه متشدد!!
لنبدأ حملة تنويرية جدية مسؤولة وندافع عن الإبداع الفني الجمالي الذي ما أنزل الله به من سلطان تحريم أو حظر.. ولندافع عن حرية التعبير وحرية الفكر والاجتهاد بما يسير بنا في ظلال العقل ومنطقه لا في ظلال العتمة وظلامها..
وإذا كانت الآية تذكرنا بـ "إنَّما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ" فهذا يعني أن نتبع العلماء لا الجهلاء والتقية وافيمان تأتي مع العلم وأهله.. وأنْ نعمِّر الأرض وأن نجني ثمارها ونستمتع بالحياة فذلكم أيضا من أوامر النص الديني المقدس ولا يحظره علينا نص أنصاف المتعلمين أو نص المتشددين المتطرفين...
وتوكيدا لابد أن ندافع عن الإبداع والفن والجمال وأن نحمي التفكير الإنساني بكفالة حريته ومنع مصادرته ووقف أولئك الضلاليين الذين لا يريدون إلآ مزيدا من استلابنا واستعبادنا لمصالحهم الدنيوية الرخيصة بظلال محاولاتهم إسقاط القدسية على تصرفاتهم وفتاواهم وما لأحد منهم حق الافتاء!؟
أيها السادة لكل أمر قواعد وثوابت وأوامر ونواه فهل نريد لأنفسنا أن نضيع الأصول ومنطق العقل وصحيح القراءة للنص الديني وصحيح الموقف من احترام شخصية فيما الجلال والقدسية لا نسقطها على أحد إلا الواحد الخالق ولا غير...
ومن هنا فإنني أدعو لمراجعة قرارات وقف عروض المسلسلات ومراجعة الأمر مع الأفلام والمسرحيات ومع عديد من الأعمال الفنية الصحيحة ولنبدأ حملة التحرر والانعتاق من فكر التشدد والتطرف ومن سلطة كهنوت الأدعياء وهم بعض أنفار لا غير قوتهم في التضليل وفي الظلامية والمرور في ظلال العتمة وفي استغلال الجهل والتخلف وفي استغلال مشاعر الناس وعواطفهم وفي استغلال إيمانهم الحق بإيهامهم عبر تأويلات وتشويهات وهكذا لابد من تلك المراجعة العقلية العتيدة المؤملة..
ومن الطبيعي أن يكون التصدي مؤازَرا من المجتمع ومن المفكرين والمبدعين والعلماء وأن يجد كل عمل طريقه للحياة لنعمِّر ذواتنا ونبنيها صحيحة سليمة فندفن التشويه ونقضي على أمراض كما في التطرف والتشدد وأرضية العنف والإرهاب...



#تيسير_عبدالجبار_الآلوسي (هاشتاغ)       Tayseer_A._Al_Alousi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهجمات المغرضة على الشخصيات الوطنية والأكاديمية والثقافية ا ...
- الفديرالية بين مبدأ تعميق الديموقراطية وآمال نهَّازي الفرص و ...
- في العراق الجديد ما جرى ويجري وما نتطلع إليه!؟ لتراجع الأحزا ...
- علماء العراق الراحلون قبل الأوان وما قبل التصفية الجسدية؟!!!
- العراقيون في دول الجوار مرة أخرى تحت جنازير الآلة الجهنمية
- حول أنشطة رابطة الكتّاب والفنانين الديموقراطيين ومستقبلها
- الاعتداءات الإيرانية التركية على العراق المسؤولية الإنسانية ...
- تأثير شروط صندوق النقد الدولي على السياسة الاقتصادية العراقي ...
- اللاجئون العراقيون مسؤولية الحكومة العراقية وأوضاعهم في الأر ...
- دعوة وطنية لمثقفينا وفنانينا لإبداع علم عراقي جديد
- من يقودنا شخصيات أم أحزاب وحركات؟ الحل في حكومة إنقاذ بديلة
- حول عيد الصحافة اليسارية
- المسؤول والنقد بين رؤى العمل الفردي والعمل المؤسساتي
- الأزمة العراقية بين خطابي الكتل السياسية الفكري والسياسي
- مسؤولية حماية المجموعات القومية والدينية في العراق
- الثابت والمتغير في العملية السياسية والأوضاع الحكومية
- العراقي المسيحي و يوم الشهيد الآشوري
- أثر العلاقات بين الأحزاب والتيارات السياسية على متغيرات الوض ...
- هيروشيما والتجاريب المستفادة!!!
- تموز الوطن التاريخ الثورة والجالية العراقية في هولندا ومهرجا ...


المزيد.....




- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تيسير عبدالجبار الآلوسي - منع المسلسلات والأعمال الفنية والإرهاب الفكري التكفيري؟