عمليات الخصخصة في الدول العربية
(مبرراتها، طرقها، والصعوبات التي تواجهها)
عملية الخصخصة أو"الخوصخصة" أو" التخصصية" أو" التخصيص" Privatization تعني تحويل الملكية العامة إلى القطاع الخاص، إدارة أو إيجاراً أو مشاركة أو بيعاً وشراءً فيما يتبع الدولة أو تنهض به أو تهيمن عليه، في قطاعات النشاط الاقتصادي المختلفة أو مجال الخدمات العامة. وتتم عملية تحويل الملكية العامة إلى القطاع الخاص بأشكال متعددة من بينها:
أ ـ بيع الشركات الحكومية بالكامل للجمهور وبخاصة للعاملين في هذه الشركات.
ب ـ التأجير طويل الأجل للأصول التي تملكها الحكومة للقطاع الخاص، وفقاً لشروط مناسبة تحقق المصلحة للاقتصاد الوطني وللجمهور .
ج ـ طرح الخدمات الحكومية على القطاع الخاص للتعاقد على إدارتها مع الالتزام بالشروط المناسبة لحماية المستهلك.
د ـ تصفية الوحدات الحكومية التي يثبت عدم صلاحيتها أو قدرتها على الاستمرار لعدم توفير الجدوى الاقتصادية في استثمارها بسبب الخسائر الكبيرة التي لحقت بها والتي يدفعها في النهاية جميع المواطنين.
مبررات الخصخصة:
يرى بعض الاقتصاديين المدافعين عن الخصخصة أن عملية التحويل الكامل أو الجزئي لملكية مؤسسات القطاع العام إلى القطاع الخاص يحقق العديد من الإيجابيات تتمثل في تحرير القوى المنتجة من الضغوط الحكومية وإكسابها نجاعة أكبر، تجعل منها وسيلة فعالة للنهوض بالاقتصاد الوطني، تطوير القطاع الخاص وتدعيم المنافسة كوسيلة لزيادة كميات الإنتاج وتحسين النوعية وزيادة جودة المنتجات الوطنية. توفير موارد الدولة وتخفيف الأعباء الناتجة عن تكاليف الإعانات والدعم التي تقدمها الدولة لمؤسسات القطاع العام. ومن بين الإيجابيات التي تحققها الخصخصة حسب رأي هؤلاء الاقتصاديين:
- رفع معدل النمو الاقتصادي.
- رفع مستوى جودة السلعة أو الخدمة التي يتم إنتاجها للجمهور.
- تخفيض العجز في الموازنة العامة للدولة.
- زيادة الادخار القومي والاستثمار تدريجياً نتيجة لفتح أبواب الاستثمار أمام المدخرين فيخف ميلهم للاكتناز ويتحولون إلى الاستثمار المنتج.
- زيادة حجم الصادرات بسبب تحسن مستوى جودة المنتج وزيادة القدرة على المنافسة.
- تخفيض العجز في ميزان المدفوعات.
- تخفيض الحاجة إلى الديون الخارجية والمعونات.
- زيادة فرص التوظيف وتحسين مستوى الأجور.
كما أن تحويل الملكية العامة إلى القطاع الخاص يؤدي إلى نشر وإشاعة ملكية الأسهم بين قطاعات كبيرة من صغار المدخرين والمستثمرين وهذا يحقق عدالة أكبر واستقراراً اقتصادياً أفضل، وبخاصة عندما يتم بيع الشركات الحكومية إلى العاملين فيها.
ولإثبات أن المشروعات الخاصة أكثر كفاءة من المشروعات العامة لجأ الاقتصاديون إلى عدد من المؤشرات والمقارنات منها على سبيل المثال في مؤسسات القطاع العام: [1]
= المبيعات لكل موظف أقل.
= الأرباح والإنتاج المادي أقل.
= تكاليف المبيعات عن كل دولار أعلى.
= الضرائب التي يدفعها كل موظف أقل.
= نفقات التشغيل بالإضافة للأجور أعلى.
= المبيعات عن كل دولار من الاستثمارات أقل.
= الأرباح عن كل دولار من إجمالي الأصول أقل.
= الأرباح عن كل دولار من المبيعات أقل.
= المبيعات لكل موظف تنمو بمعدل أقل.
عملية تحويل الملكية العامة إلى قطاع خاص ليست عملية سهلة وإنما هي عملية معقدة وتحتاج إلى خبرة خاصة وتحتاج إلى زمن لتنفيذها وتمر بعدة مراحل ، كما لابد من توفر شروط أساسية لتنفيذ هذه العملية منها شروط عامة كضرورة ضمان قيام منافسة حرة حيث لا جدوى من تحويل شركة حكومية محتكرة إلى شركة خاصة محتكرة، ولابد من تنشيط السوق المالية في الدولة، كما أن هناك شروط خاصة تتعلق بطبيعة كل مشروع وخصائصه، وتتم عملية التحول هذه في إطار عملية الإصلاح الاقتصادي، وبخاصة إصلاح القطاع العام ومنحه ذات الشروط التي تتوفر للقطاع الخاص من أجل أن تكون المنافسة عادلة وتحقق مصلحة الاقتصاد الوطني، فما هي الصيغ التي يأخذها التخصيص عادة ؟.
طرق التخصيص وخطوات تنفيذها : يأخذ التخصيص عادة صيغاً متعددة منها:
أ ـ تخصيص مساهمات القطاع العام أقلية كانت أم أغلبية: عن طريق سوق الأوراق المالية، حيث يتم تقييم الأسهم من قبل مكتب خبير مختص، وذلك بالاعتماد على عدد من المؤشرات كالقيمة الاسمية والقيمة الدفترية وقيمة الممتلكات وقيمة المردود المتوقع للأنشطة. وبعد ذلك يتم بيع الأسهم إما عن طريق المزاودة العلنية أو عن طريق استدراج طلب عروض.
ب ـ التخصيص عن طريق بيع المنشأة: يتم اللجوء إلى بيع أصول الشركات العامة أو وسائل الإنتاج، إذا ما تعذر بيع الأسهم بسبب الوضعية المالية المتردية، أو في حال كبر حجم المنشأة وتشتت فروعها أو تنوع أنشطتها، بصفة تجعل التحكم في التصرف فيها عسير على القطاع الخاص.
وتبدأ هذه العملية بتقييم ممتلكات المنشأة من قبل أصحاب الاختصاص وبعد ذلك يتم وضع دفتر شروط مفصل وإعلان استدراج عروض، وبعد تلقي العروض يتم فتحها، واختيار العارض الفائز بالصفقة، ويمكن بيع جزء فقط من أصول المنشأة، ويمكن أن يتم البيع بالمزاد إذا كانت الأصول تتضمن عقارات، أو في حال عدم ورود عروض ملائمة بعد الإعلان عن البيع لأكثر من مرة.
جـ ـ ويمكن أن تتم عملية التخصيص عن طريق فسح المجال أمام المستثمرين والمؤسسات من القطاع الخاص للمساهمة في رأس مال شركات القطاع العام، وبخاصة في حال إجراء الإصلاح الاقتصادي في المنشأة وإعادة تأهيل رأس المال بعد امتصاص الخسائر، أو عن طريق فتح باب الاكتتاب في رأس مال المنشأة أمام القطاع الخاص في حال زيادة رأس المال كما يمكن أن يحصل التخصيص في حال تنازل مساهمة القطاع العام عن حق الأفضلية في الاكتتاب لصالح القطاع الخاص.
د ـ تخصيص التصرف الإدارة (الإيجار): إلى جانب عملية بيع الأسهم والأصول هناك صيغة أخرى لإعادة الهيكلة في الاقتصاد الوطني وهذا يتمثل في تخلي المنشأة الحكومية عن إدارة بعض فروعها أو نشاطها لصالح القطاع الخاص، وتتم العملية بتحويل وسائل الإنتاج للقطاع الخاص بطريقة الإيجار بموجب عقد يحدد الشروط وطريقة تقاسم الأرباح (وتتبع نفس الإجراءات المذكورة بالنسبة لنقل الملكية من تقييم معين للأصول المؤجرة، واختيار عروض التسوّغ وغيرها، وتستخدم هذه الطريقة كمرحلة أولى في انتظار التخصيص الكلي للمؤسسة، حالما تتوفر الشروط اللازمة لذلك، أو بالنسبة للمؤسسات الأساسية التي لا يمكن التخلي فيها سوى عن جزء معين من نشاطها). [2]
هـ ـ ومن الطرق المتبعة في إعادة الهيكلة طريقة التصفية وتتم عملية تصفية المؤسسة العامة في حال حدوث خسائر كبيرة وانعدام الجدوى في مواصلة النشاط الاقتصادي أو وجود منافسة شديدة أو في حال عدم مقدرة المؤسسة على التوائم مع ظروف السوق المستجدة، وتتم التصفية عادة وفقاً للأنظمة والقوانين النافذة ، ويتم بمقتضى ذلك إيقاف النشاط للمنشأة ما عدا الأمور العالقة، تسريح جميع العاملين في المنشأة، ثم عرض الأصول للبيع باتباع إجراءات التقييم والإعلان والبيع حسب القوانين.
والخصخصة ليست مجرد قرار فوري يتم بين لحظة وأخرى، فيتحقق المرجو منه مباشرة، وإنما هي عملية تشمل عدداً من الخطوات المترابطة لابد من تنفيذها بتسلسل زمني معين.
ـ الخطوة الأولى هي تصنيف المؤسسات العامة حسب مستوى الأداء الاقتصادي والمالي، وبناء على ذلك يتم تصنيفها في فئات ثلاث: ممتازة ومتوسطة وضعيفة الأداء، ويساعد هذا التصنيف على اختيار المؤسسات التي بدأ بها التخصيص، حيث يوصى عادة بالبدء بالمؤسسات الممتازة ثم المتوسطة ثم الضعيفة.
وفي هذا المجال نجد أن كلاً من مصر والمغرب قد اتبع هذا الأسلوب، بينما فضلت تونس البدء بتخصيص المؤسسات الضعيفة، وبررت ذلك بالحاجة الملحة لإعادة هيكلة تلك المؤسسات مالياً، لإنقاذها من الإفلاس أولاً، ولتخفيض العبء على الميزانية الحكومية ثانياً.
والخطوة الثانية في عملية التخصيص هي إعادة هيكلة المؤسسات المزمع تخصيصها وهذه من أهم العمليات خاصة وأنها تتضمن:
أ ـ إصلاح البيئة التشريعية المحيطة بالمؤسسة وإتاحة الفرصة لها لإصلاح نظامها الداخلي واختيار النظام الداخلي المناسب من خلال التعامل مع ظروف السوق والبيئة التشريعية، كما تتضمن تقوية ودعم نظام الرقابة الداخلية في المؤسسة.
ب ـ اختيار الإدارة المناسبة، هل من المستحب الإبقاء على مديري المؤسسات العامة أم استبدالهم بمديرين متخصصين؟ يبدو أنه من الأفضل كلما كان ذلك ممكناً، اللجوء إلى مديرين متخصصين، وعدم الاعتماد على الإدارة الحالية إلا في حالة الضرورة القصوى.
جـ ـ إعادة الهيكلة المالية، خاصة في المؤسسات العامة المثقلة بالديون، والتي تجب إعادة هيكلتها مالياً بحيث يبقى من رأسمالها جزء قابل للاستغلال والتثمير، عندما تنتقل ملكيتها للقطاع الخاص.
د ـ معالجة قضية العمالة الزائدة في المؤسسات العامة،التي لابد من حلها قبل نقل الملكية، وهناك عدة أساليب متاحة في هذا المجال ، منها إعطاء مكافآت مغرية لترك الخدمة تطوعاً، وتمليك العمال نسبة معقولة من أسهم المؤسسة، وأن يقترن التخصيص أيضاً بسياسات التدريب وإعادة التأهيل.
ـ ( والخطوة الثالثة في عملية التخصيص هي التقييم وتعتبر وسائل التقييم المستنبطة من التحليل المالي استرشادية في المقام الأول، إذا أن السوق يجب أن يكون المحك الأساسي والفاصل النهائي في هذه القضية وإن كان لابد من الحرص أولاً على البدء ببيع جزء من الأسهم في السوق، لجس نبضها ولإعطائها فرصة للتكيف مع الظروف الجديدة الناجمة عن بيع المؤسسات العامة. إذن ، فالتقييم مهما كان أسلوبه هو تأشيري فقط ولكن لابد من الاعتماد على السوق، مع إعطائها فرصة للتكيف والتأقلم.
ـ والخطوة الرابعة في عملية التخصيص، هي نقل الملكية، والتي تتم بأساليب مختلفة، منها المنح، والعطاءات، والمزادات، والبيع من خلال سوق الأوراق المالية، أما اللجوء إلى العطاءات، فيحتاج إلى اتخاذ الضمانات اللازمة لمنع التواطؤ، ومن تلك الضمانات أن تكون العطاءات مفتوحة، وأن تعطى الفرصة لمقدمي العطاءات تعديل عروضهم في ضوء ما تقدم به الآخرون، وبالنسبة للبيع من خلال سوق الأوراق المالية، فقد سبقت الإشارة إلى استحسان استخدام أسلوب الشرائح ، ويجب أن يراعى في الانتقاء من بين تلك الأساليب، مدى اتسامها بالشفافية، وعدم تعرضها للتواطؤ، وقدرتها على توسيع قاعدة المستفيدين من تحويل الملكية، وإتاحة الفرصة لتطوير المؤسسة واستمرارها). [3]
ومن القضايا الهامة المتعلقة بعملية التخصيص موضوع إدارة هذه العملية وسرعة تنفيذها ومجال التنفيذ، ومن المفضل أن يقوم بإدارة عملية التخصيص جهاز مركزي ذو كفاءة عالية، ولديه المرونة والاستقلالية اللازمة لاتخاذ القرارات المناسبة. على أن يقوم بالتشاور مع الجهات ذات العلاقة، ويجب أن تتسم عملياته بالشفافية والمسئولية ، وفي مجال إدارة عملية الخصخصة في البلدان العربية،« نجد أن كلاً من الجزائر ومصر والمغرب قد أنشأ جهازاً متخصصاً ومستقلاً لهذا الغرض على هيئة وزارة . بينما اكتفت تونس بوحدة مستقلة تابعة لرئيس الوزراء. ويتعامل ذلك الجهاز مع مؤسسات قطاع الأعمال العام بأسلوبين. الأول، كما في كل من مصر والجزائر، يتم التعامل بصورة مباشرة من خلال شبكة من الشركات القابضة التي تملك بدورها شركات القطاع العام. والثاني، كما في تونس والمغرب، تكون العلاقة بين جهاز التخصيص وشركات القطاع العام مباشرة. ويبدو أن كبر حجم الاقتصاد الوطني واختصاص القطاع العام بالنصيب الأكبر منه، هو السبب وراء تبني الأسلوب الأول.
وتجدر الإشارة إلى أن أسلوب الشركات القابضة له ميزاته، خاصة مع كبر حجم القطاع العام، وتعدد وتنوع مؤسساته، مما يستدعي حصر أصول الشركات وتنظيمها وترتيبها. إلا أنه لابد من الحذر من أن يتركز اهتمام الشركات القابضة في المحافظة على نفسها ووجودها، وبذلك قد تصبح ظاهرة من ظواهر القصور الذاتي، وعائقاً في طريق التخصيص. بينما يتيح الأسلوب الثاني لجهاز التخصيص التركيز على عملية تحويل الملكية، بالإضافة إلى تميزه بالبساطة . [4]
دور الأسواق المالية في عملية الخصخصة:
للأسواق المالية دور هام في عملية الخصخصة والتحول إلى اقتصاد السوق التي تقوم بها بعض الحكومات، ويبدو هذا الدور الهام من خلال الوظيفة والمهام التي تقوم بها الأسواق المالية خلال مرحلة التحول ونذكر منها:
أ ـ توجيه رؤوس الأموال للتوظيف في المؤسسات التي تتحول إلى القطاع الخاص، وهي بذلك تؤمن مصادر تمويل لهذا المؤسسات.
ب ــ تؤمن الأسواق المالية الظروف المناسبة لعرض الأسهم واكتتاب الجمهور بها مع إمكانية تحديد سقف الاكتتاب للشخص الواحد.
ج ـ يمكن أن تقوم الأسواق المالية المنظمة بمواظبة توظيف الموارد بصورة فاعلة ومشاركة المستثمرين الأجانب في العوائد والأخطار المتعلقة في الاستثمار.
وبذلك نجد أن وجود أسواق مالية من شأنه تهيئة الظروف لدعم عملية التحول من القطاع العام إلى القطاع الخاص.
ويراهن العديد من الدول العربية حالياً على تطوير أسواقها المالية ضمن برامج الإصلاح الاقتصادي بهدف تنشيط الاستثمار الداخلي المعتمد على مبادرات القطاع الخاص، وجذب الاستثمارات الأجنبية عن طريق خلق مناخ مناسب للاستثمار. وإن كانت بعض الدول العربية تملك أسواقاً مالية وبورصات أسهم نشطة بالمعايير المحلية، ولكنها صغيرة جداً بالمعايير الدولية، وليست جميعها مفتوحة للاستثمار الأجنبي. والاتجاه الواضح في النصف الثاني من التسعينات هو نحو تطوير بورصات الأسهم في البلدان العربية، بسبب تزايد الشركات المساهمة وطرح كمية أكبر من الأسهم في السوق تكون متاحة للبيع والشراء. ويراقب المستثمرون الأجانب حالياً تطور بورصات الدول العربية في شمال أفريقيا والخليج وبخاصة مصر والأردن والكويت. وبدأت بعض بيوت المال والاستثمار الأجنبية في التفكير في بعض الأسواق المالية العربية كأسواق مالية ناشئة ويمكن الاستثمار في أوراقها المالية على غرار ما حدث في مناطق أخرى في العالم مثل أمريكا اللاتينية وآسيا.
الصعوبات التي تواجه عملية الخصخصة: تواجه عملية الخصخصة عدداً من الصعوبات أهمها :
ـ عدم توفر الموارد المالية الضرورية اللازمة للمؤسسات المعروضة للتخصيص. حيث تعاني هذه المؤسسات من عجز مالي كبير.
ـ يؤدي تسريح عدد كبير من العاملين في المؤسسات العامة التي يتم تخصيصها إلى زيادة مشكلة البطالة، ويؤثر سلبياً على سوق العمل الوطنية، مما يؤدي إلى نتائج اجتماعية سيئة ناجمة عن تفاقم مشكلة البطالة.
ـ قلة المبادرة وإقبال القطاع الخاص على الأنشطة الاقتصادية المتخلى عنها من قبل القطاع العام ، وذلك بسبب حجم المؤسسات الذي يتطلب رصد موارد هامة لإعادة تشغيلها في ظروف طبيعية .
ـ نقص الخبرات اللازمة في بعض الحالات لتشغيل مثل هذه المؤسسات.
ـ ارتفاع أسعار بعض المواد في حال إلغاء دعم الدولة، وبخاصة تلك المواد التي سيتم تحرير أسعارها ضمن البرنامج القومي لمراجعة سياسات التسعير.
وتجدر الإشارة إلى حدوث تصديات كبيرة لبرنامج الاستغناء عن العاملين في المنشآت العامة التي شملها التخصيص وإعادة الهيكلة . وقد تم الاتفاق مع الأطراف الممثلة للعاملين على ضرورة تقليص عدد العمال، تمهيداً لإيجاد صيغة مثلى لكافة الأطراف، وتم اللجوء أحياناً إلى إعطاء المطرودين من العاملين تعويضات أكثر مما تفرضه القوانين النافذة التي تحدد تعويض إنهاء الخدمة لأسباب اقتصادية.
تشترك معظم الدول العربية في توجه واحد ، وهو تبني التخصيص كأحد عناصر التصحيح وإعادة الهيكلة الاقتصادية، مع الإشارة إلى وجود تفاوت في درجة قبول وتبني التخصيص ومراحل التنفيذ. حيث نجد أن بعض الدول العربية قد قطعت شوطاً في مجال الإصلاح الاقتصادي وعملية التخصيص، كما أن هناك دول عربية ما زالت في بداية الطريق وأخرى لم تبدأ بهذه العملية بعد .
(وفي مجال ما تم إنجازه من التخصيص. فإن نسبة ما تم تخصيصه من القطاع العام في الدول العربية لم تتجاوز العشرة في المائة في أفضل الحالات، وبناء على ذلك، يرى بعض المراقبين، خاصة في المؤسسات الإقليمية والدولية أن عملية التخصيص تتم بوتيرة أبطأ مما يجب، وإذا نظرنا إلى الظروف التي تحيط بعملية التخصيص، يرى الكثير من الدول أن هناك عدداً من المعطيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تستوجب الحرص والتأني في هذا المجال. ومن تلك المعطيات: واجهت الدول العربية القضايا التي تتعلق بالعمالة الزائدة، وإعادة هيكلة مؤسسات القطاع العام، خاصة من الناحيتين المالية والإدارية. بالإضافة إلى الاهتمام الشعبي الواسع بآثار التخصيص وتوزيع منافعه). [5]
ومع ذلك إن وجود أجهزة مستقلة ومتخصصة بعملية التخصيص، وانتشار أسلوب الشركات القابضة في كل من مصر وتونس والأردن و المغرب أدى إلى تهيئة المناخ المناسب للقيام بعملية إعادة الهيكلة والتصحيح بالرغم من أن بعض المراقبين في المؤسسات الإقليمية والدولية يرون أن عملية التخصيص تتم بوتيرة أبطأ مما يجب، إلا أن المطالبة بسرعة التخصيص يجب أن لا تغفل قضية الوقت اللازم لتوفير البيئة المناسبة، والقيام بعملية إعادة هيكلة المؤسسات. كما يجب أن لا تتخذ عملية إعادة الهيكلة ذريعة للتباطؤ في التخصيص. [6]
الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
جامعة دمشق – كلية الاقتصاد
[email protected]
------------------------------------------------------------------------------
[1] - ستيف . هـ . هانكي ، في الشرق والغرب تحويل الملكية العامة إلى القطاع الخاص والتنمية الاقتصادية ترجمة محمد مصفى غنيم ، دار الشروق ،ص54.
[2] - محمد الجبالي ، القطاع العام وبرنامج إعادة الهيكلة في تونس ، جهود ومعوقات التخصيص في الدول العربية ، صندوق النقد العربي ، سلسلة بحوث ومناقشات ورش العمل ، العدد الأول 27و28 أيار 1995 أبو ظبي ص209.
[3] - جهود ومعوقات التخصيص في الدول العربية ، المصدر السابق ص8-9.
[4] - المصدر السابق ص11.
[5] - جهود ومعوقات التخصيص في الدول العربية ، المصدر السابق ص12.
[6] - Arot - British Trade , June 1995 P.8 .