أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - الفساد غير السياسي!














المزيد.....

الفساد غير السياسي!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2058 - 2007 / 10 / 4 - 12:17
المحور: المجتمع المدني
    


الفساد، قديماً وحديثاً، إنَّما هو ثمرة طبيعية وحتمية لعالمٍ يسوده الفقر والجوع والعوز والاستبداد. إنَّ الشجرة تدلُّ عليها ثمارها؛ و"ثمرة الفساد" تدلُّ على شجرة هذا العالم؛ ولن يكون ممكنا أو مجديا أن نزرع "مضادات الفساد" في تربة لا تصلح إلاَّ لزراعة الفساد.. الفساد الذي يشمل ويعتري كل أوجه ونواحي حياتنا.

ونحن كلما كافحنا فيروسات الفساد بمضادات حيوية ظهرت فيروسات أقوى، تحتاج مكافحتها إلى مضادات حيوية أقوى وأنجع..

الفساد، لغة، هو التلف والعطب والخلل ومجاوزة الصواب والحكمة.. ويمكننا أن نرى مظاهر الفساد في كل شيء.. في الحكومات والحكام، في العقول والمشاعر، في الأفكار والعقائد، في الأكل والشرب.. حتى في "الجوهر" من العلاقة الإنسانية يكمن شيء من الفساد.

لقد تحول الفساد إلى أسلوب عيش، وطريقا إلى كل ما نريد تحقيقه من أهداف في حياتنا، وكأننا لا نستطيع العيش إلا به وفيه.

الأمثلة لا عد لها ولا حصر؛ ولكننا سنورد بعضا منها، ومن النوع غير السياسي حتى لا نظل ننظر إلى هذا المرض العضال بالعين السياسية فحسب.

الفساد نراه قائما مستفحلا في جوهر العلاقة الإنسانية الطبيعية الأزلية بين الرجل والمرأة، فعلاقة كلا الطرفين بالآخر جفَّت فيها منابع "الحرية الإنسانية"، وصار "التكافؤ" فيها أقرب ما يكون إلى "التكافؤ السلعي" في اقتصاد السوق الحرة؛ أمَّا ذلك التكافؤ الإنساني الحضاري.. التكافؤ الفكري، أو التكافؤ في الحقوق والحريات الإنسانية، فقد صار يشبه ظلا فقد جسمه.

"المجتمع غير الحر"، يمكن أن يسمح بشيء من "الحرية السياسية"؛ ولكنه يقف متطرفا في رفضه لرفع منسوب الحرية الإنسانية في العلاقة بين نصفيه. يقف سدَّا منيعا في وجه كل محاولة لتطبيع هذه العلاقة، وردها إلى أصولها الإنسانية الطبيعية، وكأنَّ دماره يكمن في تطبيعها وأنسنتها.

المرأة تظل معبودة الرجل، في مجتمعنا، ما قبلت أن تظل له عبدة له. أمَّا إذا ما وعت بعض حقوقها الإنسانية، وشرعت، بالتالي، تدافع عنها فإنها تصبح، في نظره وفي نظر مجتمعه، الشيطان الرجيم.

المرأة تَخْتَزِن في داخلها طاقة عالية من مشاعر وأحاسيس الأنثى والإنسان؛ ولكنها لا تجد، بسبب قمع الرجل والمجتمع لها، تصريفا إنسانيا طبيعيا لهذه الطاقة، فتكون العاقبة هي التصريف غير السوي، الذي يصيب مقتلا من إنسانيتها، ويمسخ عقلها وشعورها، ويصيب بالفساد سلوكها.

ويكفي أن يتشوه "الإنسان" الكامن فيها حتى تتشوه علاقتها بالرجل، أي بنصفها الآخر، فالرجل الذي تريد لا مكان له في إرادتها. إنَّ مكانه في إرادة المجتمع.. في إرادة الأب والأخ. ويكفي، أيضا، أن يضمر "الإنسان" في داخل كيان المرأة حتى يصيب التشوه والفساد أنوثتها، فرجولة الرجل نفسه، فنرى ظاهرة "الإسترجال" عند بعض النساء، التي ما كان لها أن تنشأ لولا قلة الرجولة في بعض الرجال. نساء من ورق، ورجال من ورق. هذه هي العاقبة!

المرأة التي يبحث عنها الرجل ما عادت "المرأة الإنسان"، والرجل الذي تبحث عنه المرأة ما عاد "الرجل الإنسان". أمَّا العلة الأولى فتكمن في أن المجتمع ذاته فقد إنسانيته، وفسدت علاقته بالقيم والمبادئ الإنسانية، التي، مع ذلك، يحرص كل الحرص على أن يظل متلفعا بها، فليس أدل على استفحال الفساد من أن يصبح ظاهرنا غير باطننا، وباطننا غير ظاهرنا.

هذا الفساد في العلاقة بين "الظاهر" و"الباطن" فينا نراه، أيضا، في العلاقة بين "الرئيس" و"المرؤوس"، أكانا في قمة المجتمع أم في قاعدته.

علاقة المرؤوس برئيسه لا تستمد مقوماتها إلاَّ من النفاق والكذب والتملق والتزلف، فنرى المرؤوس في سعي دائم إلى إقناع رئيسه بأن فيه من العبقرية والموهبة والفضيلة ما يندر وجوده في البشر كافة. كلاهما يحتاج إلى هذا الفساد الأخلاقي في العلاقة على الرغم من أن المرؤوس لا يُصدِّق ما قال، والرئيس لا يُصدِّق ما سمع!

وهكذا نراهم، جميعا، يسعون في الأرض فسادا، وكأنَّ الفساد هو شرط البقاء في عالم انتفت فيه المقومات الإنسانية للحياة والبقاء!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعض من الجدل الذي أثارته مقالة -نظرية البعرة والبعير.. الأثر ...
- نظرية -البعرة والبعير.. الأثر والمسير-!
- -خريطة- عباس
- -الاتِّفاق- الذي ينهي -النزاعين- معاً!
- شهر رمضان.. لَمْ يُنْزَل فيه الغلاء وإنَّما القرآن!
- -مؤتمر الخريف-.. بعد شهرين أم بعد زلزال؟!
- -بلاك ووتر- هي هوية الولايات المتحدة!
- خبر علمي يُقَوِّض مزاعم الملاحدة!
- ساعة ضرب إيران.. هل أزِفَت؟
- بوش يَتْرُك -الراية البيضاء- لخليفته!
- -الديمقراطية- ليست مِنَ -الكُفْر-!
- 6 سنوات على -عالَم بوش بن لادن-!
- ليَنْطِقوا حتى نَخْرُج عن صمتنا!
- -حماس- تمخَّضت فولدت -فاشية سوداء-!
- الحاكم العربي في حقيقته العارية!
- -الغيبية- و-الغيبيون-!
- في الطريق إلى -اللقاء الدولي-!
- بوش يوشك أن يفتح -صندوق باندورا-!
- مناقشة ل -الرأي الآخر- في مقالة -التسيير والتخيير في فتوى شي ...
- العراق بين -التقسيم- و-التقاسم الإقليمي-!


المزيد.....




- -اليونيسيف-: 322 طفلاً قتلتهم -إسرائيل- بغزة خلال 10 أيام
- الشرطة الفرنسية تفكك مخيمات المهاجرين على ضفاف نهر السين في ...
- -إعدام الديمقراطية-. محاكمة لوبان تدفع فرنسا إلى حافة الفوضى ...
- غروسي يتطلع لكرسي الأمين العام المقبل للأمم المتحدة
- برنامج الأغذية العالمي يغلق جميع مخابزه في غزة
- الأمم المتحدة: ادعاء إسرائيل أن مخزون الغذاء في غزة كاف لفتر ...
- نادي الأسير: تصريحات بن غفير اعتراف بارتكاب جرائم منظمة بحق ...
- مشرعون أمريكيون يهددون الأمم المتحدة بعقوبات في حال التحقيق ...
- استشهاد 322 طفلا منذ استئناف الحرب على غزة واليونيسيف تدق نا ...
- الأمم المتحدة: إدعاءات إسرائيل بشأن الغذاء في غزة سخيفة


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - الفساد غير السياسي!