|
قرار التشويش الخشن
ساطع راجي
الحوار المتمدن-العدد: 2056 - 2007 / 10 / 2 - 00:20
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لا العراقيين ولا الامريكان كانوا بحاجة الى الازعاج والتشويش الذي تسبب به القرار غير الملزم الذي اصدره مجلس الشيوخ بتقسيم العراق الى ثلاث كيانات على اساس طائفي وعرقي، حيث ارسلت خطوة القرار اكثر من رسالة مشوشة عن الوضع العراقي، واظهر هذا القرار وكأن الساحة العراقية حقل لتجارب ومقترحات وسيناريوهات الساسة الامريكيين حتى ممن هم ليسوا في موقع الادارة المباشرة، كما اظهر بعض الساسة الامريكان وكأنهم يسعون الى افشال العملية السياسية واضعاف الحكومة الحالية وبطريقة اقل ما يقال عنها انها عشوائية وغير مدروسة في حمى التنافس السياسي الداخلي . يبدو ان الذين اصروا على اصدار هذا القرار كانوا خلال الاشهر الماضية في حالة غياب عن الشأن العراقي، وإلا فأن اي شخص يهتم بهذا الشأن كان لابد ان يسمع الخطابات العراقية الرسمية التي تصر على توصيف العراق بأنه دولة اتحادية (فيدرالية) وهو ما أقره الدستور فعلا، وبالتالي فأن حديث قرار مجلس الشيوخ عن انشاء دولة اتحادية لا مبرر له وهو متأخر جدا، كما ان اي متابع او مهتم بالشأن العراقي كان لا بد ان يعرف بأن التجاذب السياسي حول تطبيق الاتحادية في العراق كان مبعثه تخوف بعض الاطراف والقوى السياسية العراقية من تحول النظام الاتحادي الى اداة لتقسيم العراق على اسس طائفية وعرقية كمقدمة لتفتيت الدولة العراقية، وعليه فأن الموضوع كان في غاية الدقة والحساسية، ورغم ان الجميع في العراق اقروا بمبدأ الاتحادية الا ان الخلاف بقي دائرا حول توقيت تفعيلها وشكل النظام الاتحادي القادم وآلياته، لذا كان قرار مجلس الشيوخ يمثل تدخلا غير مدروس خاصة وانه جاء ليصب في سياق اثارة الشكوك والمخاوف ليضع الخطوات التي سارت بها القوى السياسية العراقية نحو الاتحادية موضع الخطر والتراجع. لقد جاء قرار مجلس الشيوخ بعد اشهر من انطلاق السيناتور بايدن في ترويج فكرة التقسيم الناعم في العراق على غرار ما حدث في البوسنة والهرسك في عهد الرئيس كلنتون، وقد استقبل هذا المقترح بفتور في ايامه الاولى وتوارى تقريبا بعد ذلك وانطلق معرضوا سياسة الرئيس بوش في العراق الى اقتراح العديد من المشاريع التي حاولوا بها تغيير مسار العمل او الدور الامريكي في هذا البلد الا انهم فشلوا في اقرار اي من القوانين او الخطط البديلة وعموما فشلوا في اصدار اي قرار يلزم الرئيس بوش بالانسحاب من العراق او حتى تحديد موعد لذلك الانسحاب رغم سيطرة الديمقراطيين على الكونغرس بعد الانتخابات النصفية، ولذلك حاول الديمقراطيون الظهور بمظهر القادر على انجاز شيء في العراق او في الملف العراقي حتى يحفظوا للأغلبية هيبتها فلم يكن امامهم الا اجترار الماضي ووجدوا في حالة البوسنة والهرسك شبها بالحالة العراقية خاصة وان ما تحقق هناك يعتبر انجازا لرئيس من الحزب الديمقراطي هو بيل كلنتون. الشيوخ الذين صوتوا لصالح القرار فاتهم ان الدور الامريكي في البوسنة والهرسك لم يكن مشابها للدور الامريكي في العراق، كما لم يأخذوا بالحسبان طبيعة القوى السياسية العراقية المتجاذبة والتي هي في كل الاحوال القوى الفاعلة على الارض ومهما قيل عنها فأنها هي التي توجه دفة الاحداث، كما لم ينتبه الشيوخ الى الفرق الشاسع بين الوضع الاقليمي للحالتين، فأين هي اوربا من الشرق الاوسط؟! واين جيران البوسنة والهرسك من جيران العراق؟، واين العقل السياسي والاعلامي الاوربي من العقل السياسي والاعلامي في منطقتنا؟!. من الواضح ان من صوتوا لهذا القرار في مجلس الشيوخ كانوا يعانون من رغبة ملحة في الانجاز السياسي، فكان المهم لديهم اتخاذ اي قرار في الشأن العراقي، وكان المهم عندهم ان الا يظهروا بمظهر المفلس او العاجز في هذا الملف الحيوي الذي سيسيطر على سباق الرئاسة الامريكية، وان لا تنتهي دوامة الجهود التي بذلوها طوال الصيف المنصرم الى لا شيء رغم انهم لم يقترحوا منهجا جديدا فالاتحادية قرار عراقي اتفقت عليه القوى السياسية العراقية حتى قبل ان ينشط الدور الامريكي في محاولة اسقاط النظام السابق، بل ان بعض القوى الاساسية كانت تصر على النظام الاتحادي كمخرج للوضع منذ عقود . هذا القرار هو نتيجة اخرى من نتائج اقحام الملف العراقي في جزئيات التنافس الحزبي سواء في الولايات المتحدة او في دول اخرى وسيستمر اتخاذ هذا الملف ميدانا للتجريب والتدريب السياسي ما لم يوضح الساسة العراقيون لنظرائهم من الدول الاخرى ان جل ما يقترحونه اثناء التنافس السياسي حول العراق في البلدان الاخرى انما يأتي بأضرار بالغة على الساحة العراقية، خاصة وان كثير من اعضاء مجلس الشيوخ قد زاروا العراق والتقوا بقادته الذين كما يبدو اكتفوا بمجاملة الزائرين.
#ساطع_راجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الهاشمي على باب السستاني
-
أسس الاتفاقات القادمة
-
الطريقة الفرنسية
-
ظاهرة القاعدة
-
صورة نصفية لمانديلا...من يتذكر دكلارك؟
-
الخواء السياسي والأزمة العراقية
-
الانسحابات المفيدة
-
برنامج المعارضة
-
نهاية صيف التوقعات
-
بوش في الانبار
-
قصف الجيران والواجب الامريكي
-
حصيلة كربلاء
-
وجه القاعدة
-
ضرب تحت الحزام
-
خطوة حاسمة
-
المصالحة..مفاهيم متعددة
-
توطين الفلسفة
-
ادارة المعرفة( قراءة في الاضحوية لابن سينا )
-
الاداء الضعيف
-
المالكي.. حكومة وأزمة
المزيد.....
-
تحليل لـCNN: هل الصين مستعدة لحرب تجارية ضد أمريكا بعد فرض ت
...
-
المتمردون يعلنون وقف إطلاق النار في الكونغو الديمقراطية -لأس
...
-
الولايات المتحدة تطالب بانتخابات في أوكرانيا
-
من سيحصل على القارة القطبية الجنوبية
-
سحب القوات الأمريكية من سورية يطلق أيدي تركيا وإسرائيل
-
خطوات باشينيان العمياء: صبر موسكو ينفد
-
مرئي بالعين المجردة.. -موكب كوكبي- نادر يزين السماء طوال فبر
...
-
مواصفات الهاتف الجديد من Asus
-
OpenAI تطلق نموذجها الأحدث للذكاء الاصطناعي مجانا
-
ترامب يعلق الرسوم الجمركية على المكسيك وكندا لمدة شهر إثر تو
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|