|
هدف إمبريالي قديم في قرار جديد
عمار ديوب
الحوار المتمدن-العدد: 2055 - 2007 / 10 / 1 - 12:17
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
أتى قرار الكونغرس في سياق استمرارية إخفاق الاحتلال الأمريكي للعراق . وهو بالأصل تعبير عن هدف أساسي قديم قبل الغزو وموجود في الإستراتيجية الأمريكية للعراق . والمتمثل في تقسيم العراق . وهو نفس ما يُعمل له في فلسطين ولبنان وغيرها من دول المشرق . قرار التقسيم ، يؤبد تمايزات ماهوية سياسية ، تفترض ذلك التقسيم. ولذلك يفرح قادة عشائر الأكراد به ، ونفس الأمر بالنسبة لقادة المليشيات الطائفية ، وقد أسس له بريمر من خلال مجلس الحكم الطائفي ، الذي تشكل بعد الاحتلال مباشرة . حيث ، ومنذ اللحظة الأولى تم تدمير الجيش وتجاهله تماماً وكل المؤسسات القادرة على ضبط الأمن . وكذلك دمرت مؤسسات الدولة ، وخُلق بالمقابل جيش طائفي لم يستطع إلى الآن، أن يكون جيشاً عراقياً . فهو مُشكل من ميليشيات طائفية لا علاقة لها لا بالوطنية ولا بالعراق كدولة لكل العراقيين . وبتشكّل الدولة على أساس طائفي وعرقي وباستمرار العمل وفق هذه الآلية وعبر القتل الجماعي والتدمير الممنهج لكل ما يمت للعلمانية أو الديمقراطية الوطنية أو الشيوعية الوطنية أو القومية الديمقراطية. تمت عملية إرساء أساس طائفي سياسي وعرقي نتيجة الفعل الاحتلالي وهو ما يدفع نحو التقسيم ، وإن لم يتحقق ، فنحو حرب أهلية مستعرة ، تدمر العراق ويكون المستفيد الأكبر منها الاحتلال الأمريكي. وكما أصبحت السلطة ذات طبيعة طائفية ، رد الشعب بمقاومة ذات طبيعة طائفية ، وكذلك بمقاومة ذات طبيعة وطنية . ساعد في تكوّن الطائفية إدخال تنظيم القاعدة إلى العراق عبر فتح الحدود دون رقيب وهو ما فعلته أمريكا على قاعدة أنها ستجمع قوات القاعدة في العراق وستقاتلها هناك؟! وكُرست كذلك ، نتيجة تدخلات إيران عبر الأحزاب الطائفية الموالية لها ولأمريكا ؟! التدمير الذي طال كل مؤسسات الدولة والمدن والمساجد والحسينيات والكنائس والقتل الجماعي للسكان الذي تجاوز مليون إنسان عدا عن التهجير ذو الطبيعة الطائفية الذي تجاوز الثلاث ملايين إلى خارج العراق وكذلك داخله. هو ما دفع المجتمع العراقي المحتل إلى الطريق الطائفي أو العشائري . ورغم الانحطاط الذي عمّ هذا التحول ، وأقصد هنا الانحطاط بالمعنى السياسي للأحزاب الطائفية أو التكتلات السياسية العشائرية لا الطوائف ككيانات مذهبية أو العشائرية كشكل متوارث من العلاقات الاجتماعية . وبالتالي ورغم هذا الانحطاط لم تستطع قوات الاحتلال إحكام القبضة والسيطرة على العراق واشتدت قوى المقاومة في كل العراق تقريباً . هذا الفعل المقاوم ، هو ما دفع الاحتلال إلى القيام بأعمال كثيرة ، وتفجيرات ذات طبيعة طائفية . ترافقت بتهديدات إلى إيران وسوريا وتحميلها مسؤولية تلك التفجيرات وفتح قنوت إتصال مع قوى المقاومة ومد العشائر لتقويتها على تنظيم القاعدة وعلى المقاومة بعد ذلك . وبالتالي إخماد روح المقاومة ذات الطبيعة الوطنية أو حتى الطائفية بحجة تنظيم القاعدة الإرهابي والأمريكي بامتياز. هذه الآليات لم تسكّن الوضع، وبقيّ كما هو ، هزيمة للاحتلال الأمريكي . وبالتالي إيقافها يتطلب الفعل التقسيمي للعراق كما أشرت ولذلك كان خيار استمرار قوات الاحتلال هو خيار تقسيم العراق على طريقة مشيخات الخليج . فيسهل إخضاعها والسيطرة عليها . قرار تقسيم العراق إلى مستعمرات ثلاث كما كتب سعدي يوسف جاء تتويج لحكم بريمر وللدستور الطائفي والتقسيمي ولقانون النفط الذي هو بمثابة بنية تحتية للتقسيم ، الذي بشكله المطروح وصفة سحرية للامعان في الحرب الأهلية وديمومة الاحتلال الأمريكي في العراق. التحرك الأمريكي الأخير مآل طبيعي لاستمرار إخفاق الاحتلال ومخرج له وهو أمر معروف للفكر الماركسي أو القومي الذي أكد منذ البداية على طبيعة قوى الاحتلال بكونها قوة إمبريالية استعمارية. وعكس ذلك الفكر الديمقراطي أو الليبرالي ؛ الذي علّق الآمال على الاحتلال . كونه سيفتح الأفق نحو شرق أوسط جديد وواحة للديمقراطية وسيبدأ من العراق وهو نفس إيديولوجيا الاحتلال الأمريكي للعراق. وبالتالي لا جديد في قرار التقسيم ، فالعراق دون دولة ودون حكومة محلية والفئات الممثلة للحكم الحالي ليست أكثر من عصابات مرتزقة وتجار سياسة ومال تنفذ المشروع الأمريكي وتحاول أحياناً العمل لمصالحها وقرار تقسيم العراق يتخذ وبكل وقاحة في مجلس الشيوخ الأمريكي. لذلك لن يتحول المشرق العربي أو بقية قوميات الشرق نحو التقدم إن لم يتم التخلص من الاحتلال الأمريكي والدولة الصهيونية في فلسطين . أيضاً من الخطأ اعتبار الأنظمة العربة خارج هذه المشاريع الامبريالية فهي جزء من عالم السيطرة الامبريالية .إي هي تابع كولونيالي لسيطرة الامبرياليات العالمية ، فالفصل بينهما ، وتأييد الاحتلال ضد الديكتاتورية - والعكس صحيح - هي عملية تأبيد الديكتاتورية بشكل ممسوخ ولصالح الامبريالية الأمريكية ، وبالتالي ديكتاتورية المليشيات الطائفية ، راحت تفرخ ديكتاتورية المذهب ضمن الطائفة الواحدة. ولذلك نؤكد مجدداً ، لا يمكن الفصل بين بنية التبعية وبنية الامبريالية ، فالثانية تخلّق الأولى فتؤبد نفسها باستمراريتها. وبالتالي إذا كان صدام حسين قد أََهّل العراق بديكتاتوريته لانفلات طائفي وعشائري ما . فإن الاحتلال الأمريكي مع قواه السياسة الطائفية والعشائرية بنت دولة المحاصصات الطائفية والعشائرية"القومية" وبالتالي ، كما إن الأنظمة الديكتاتورية معيقة للتقدم الاجتماعي وتعيد إنتاج التخلف والطائفية والعشائرية على أرضية بنية التبعية . كذلك الاحتلال والامبرياليات التي هي هي من يمّد الأنظمة بالاستمرار وهي هي التي تحكم قبضتها على العالم. وبالتالي الطائفية صنيعة الامبريالية . والتقسيم هو جزء من عقلية إمبريالية تعتبر الشرق العربي مجموعة أقليات وأكثريات دينية متصارعة والحل لمشاكلها هو تقسيم الأرض على أساسها باعتباره حق تقرير المصير ؟! قرار التقسيم جزء من عقلية الاستعمار القديم ويتكرر مع الحديث ، وهو مخطط أمريكي يستهدف تفتيت المنطقة وإحكام السيطرة عليها ودعم دولة إسرائيل كدولة إقليمية واستخراج نفط العراق وكل الخليج كمواد خام لصالح صناعاتها والسيطرة على العالم ، فمن يسيطر على منطقة النفط يسيطر على العالم ومن ينهزم في الخليج سينهزم في العالم . فهل سينجح الاحتلال الأمريكي في العراق في تقسيمه على أسس طائفية وعشائرية "قومية ". كما نجحت القوى الاستعمارية القديمة والجديدة في تقسيم الخليج على أسس عشائرية . والعالم العربي منذ مطلع القرن عبر الاتفاقيات الاستعمارية؟!
#عمار_ديوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خيارات الديمقراطية والمشروع المجتمعي
-
في العلاقة بين الثقافة والسياسة والحياة
-
في ضرورة اليسار الماركسي
-
قراءة في كتاب -اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية للولايات
...
-
قراءة في أزمة حركة ناشطو مناهضة العولمة في سوريا
-
الشرط الامبريالي في البنية الاجتماعية المتخلفة
-
عام على الحرب الأمريكية على لبنان
-
المسألة الوطنية والعولمة
-
عصابتان فلسطينيتان ودولة صهيونية عنصرية
-
المشروع الأمريكي في ثلاث عواصم عربية
-
في نقد الديمقراطية والعلمانية عند برهان غليون
-
مشاكل في سلم تصحيح مادة الفلسفة
-
المشروع الأمريكي في نهر البارد
-
قراءة في كتاب ما بعد الحداثة
-
في الدولة العلمانية الديموقراطية
-
نقد بيان ووثيقة تجمع اليسار الماركسي في سوريا
-
انتخابات تحالف الجبهة والمال والعشيرة
-
القرارات الليبرالية قرارات مميتة
-
القومية، العلمانية، الديمقراطية
-
قراءة في كتاب ما الماركسية، تفكيك العقل الأحادي
المزيد.....
-
برلمان كوريا الجنوبية يصوت على منع الرئيس من فرض الأحكام الع
...
-
إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. شاهد ما الذي يعنيه
...
-
ماسك يحذر من أكبر تهديد للبشرية
-
مسلحو المعارضة يتجولون داخل قصر رئاسي في حلب
-
العراق يحظر التحويلات المالية الخاصة بمشاهير تيك توك.. ما ال
...
-
اجتماع طارئ للجامعة العربية بطلب من سوريا
-
هاليفي يتحدث عما سيكتشفه حزب الله حال انسحاب انسحاب الجيش ال
...
-
ماسك يتوقع إفلاس الولايات المتحدة
-
مجلس سوريا الديمقراطية يحذر من مخاطر استغلال -داعش- للتصعيد
...
-
موتورولا تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات 5G
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|