|
عمال إيران بين مطرقة القمع وسندان الاتهام بالخيانة
هبة عباني
الحوار المتمدن-العدد: 2055 - 2007 / 10 / 1 - 12:23
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
تعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية من أكثر الدول في عصرنا الحالي إثارة للجدل دولياً، إقليمياً، وداخلياً. وتنقسم الآراء حول نشاط إيران النووي بين مؤيد ومعارض لدرجة إدراج إيران في محور الشر واعتبارها الدولة الأكثر تهديدا للسلام العالمي، وذلك في محاولة لحصر النفوذ العسكري والسياسي في دولة واحدة. وقد تبدو الحقوق والنضالات العمالية في إيران مسألة هامشية للمجتمع الدولي بكافة توجهاته سواء كان مؤيدا أو معارضاً للسياسات الإيرانية، مع وجود استثناءات بسيطة لبعض دعاة الحرية، بالنسخة الأميركية المعدلة، في محاولة منهم لاستغلال النضالات العمالية والقمع الذي يتعرض له العمال من أجل تمرير الأجندة السياسية الأميركية.
من هذا المنطلق، كان لا بد من الإشارة إلى الحركة العمالية في إيران وإلى ممارسات النظام القمعية من موقع متضامن مع العمال ونضالاتهم ومن موقع لا بؤمن بالقدرات السحرية للولايات المتحدة الأميركية في وهب الحريات للشعوب.
إن النضال العمالي الإيراني لم ينشأ اليوم وهو يتعرض كما كافة النضالات العمالية في العالم للتهميش والتعتيم وأيضا إلى التشويه من خلال الإيهام أنه من ضمن الحركات المتآمرة مع الولايات المتحدة.
ومما لا شك فيه أن تهميش العمال ونضالاتهم ما هو إلا نتيجة للسياسات العالمية الجديدة القديمة.
كان من المفترض أن تقدم الثورة الإيرانية للعمال مزيدا من الحريات والحقوق ولكنها لم تقدم سوى مزيد من السجون والتعذيب والاضطهاد كما كان الحال في عهد الشاه.
ففي العام2000 نظمت قيادة الحركة الطلابية حدثاً سلمياً لإحياء ذكرى إصابة المئات خلال هجوم على مبيت للطلبة في العام 1999. ولكن، عندما تجمع الطلبة في الجامعة قوبلوا من طرف الشرطة والفيجيل الإسلامي. ووقعت اشتباكات سرعان ما انتشرت في وسط طهران. وكان الفيجيل الإسلامي قد سبق أن هاجم مظاهرة للطلبة حيث كانوا يرفعون شعارات مؤيدة للإصلاح والحريات السياسية. أما البوليس فلم يتدخل عندما كان الفيجيل يلكم ويركل الطلبة على وجوههم. وقوبل عنف البوليس بانفجار في الشوارع في آخر النهار. فقد خاض مئات الأشخاص معركة ضارية ضد عشرات من المتشددين الذين كانوا مسلحين بالحجارة والسلاسل والسلاح الأوتوماتيكي، يرددون شعارات مساندة للقائد الأعلى المتشدد آيات الله علي خامنئي.
وأوردت الصحف إن البوليس وعصابات الفيجيل قاموا بإيقاف العديد من المتظاهرين من الحشد الذي كان يعد عدّة آلاف وتم إيقاف العشرات والزج بهم في سيارات وعربات البوليس التي ما انفكت تتدفق على المقاطعات.
وتأكيدا على القمع المنظم الذي يتعرض له عمال إيران فقد تم حظر الاتحاد الذي يمثل عمال الحافلات في طهران عقب الثورة الإسلامية التي قامت في العام 1979، ثم أُعيد إحياؤه في العام 2004 لكنه ما يزال غير معترف به قانونياً. في 22 كانون الأول 2005، ألقت الشرطة القبض على 12 من قادة الاتحاد في منازلهم، وقُبض على مزيد من أعضائه في 25 كانون الأول من العام نفسه. وقد استُدعي سبعة أعضاء في الاتحاد للمثول أمام المحكمة الثورية في طهران في 1 كانون الثاني 2006 لمواجهة تهم تتعلق بالإخلال بالنظام العام.
وفي 7 كانون الثاني 2006، ورد أنه تم اعتقال خمسة سائقين عندما نفذ عمال شركة الحافلات إضراباً آخر.
في 2005 أيضاً، أصدرت السلطات الإيرانية حكما بالسجن على علي محمود صالحي، أحد قياديي عمال المخابز في سقز بالسجن 5 سنوات والنفي إلى منطقة قروه. وأصدرت حكما بالسجن على علي حسيني لثلاث سنوات. وعلى كل من برهان ديواركًه ومحمد عبدي بور ومحسن حكيمي بالسجن سنتين، كما أصدرت بحقهم أحكاما ثقيلة وجائرة. في العام 2006 بدأت الاعتقالات بعد أن دعت اللجنة التنفيذية لاتحاد عمال شركة حافلات طهران والضواحي والذي يمثل العمال الذين تستخدمهم الشركة الموحدة لحافلات طهران (شركة الواحد)، إلى إضراب في 28 كانون الثاني دعماً لمطالب عمّالية مختلفة. وهي تشمل الإفراج عن زعيم الاتحاد منصور أوسانلو المعتقل بدون تهمة أو محاكمة منذ 22 كانون الأول 2005، والعمل بمبدأ التفاوض الجماعي ومبادرة شركة الحافلات التي تديرها السلطة المحلية في طهران إلى زيادة أجورهم.
وقد وُزعت المنشورات التي أعلنت الإضراب على نطاق واسع في طهران في كانون الثاني 2006 واعتُقل أحد أعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد وهو حسيني تبر لمدة أربع ساعات تقريباً بينما كان يساعد في توزيعها. وفي اليوم التالي، استُدعي ستة أعضاء آخرين في اللجنة التنفيذية للاتحاد هم - إبراهيم مددي ومنصور حياة غيبي وسيد داوود رضوي وسعيد ترابيان وعلي زاد حسين وغلام رضا ميرزاعي - للمثول أمام النيابة العامة في طهران. ولمَّا حضروا في كانون الثاني، أُلقي القبض عليهم عندما رفضوا إلغاء الإضراب واقتيدوا إلى سجن إفين.
ثم قامت السلطات بعمليات اعتقال واسعة لأعضاء الاتحاد في 27 كانون الثاني عشية الإضراب الذي هُدد بتنفيذه، فاعتقلت بعض العمال بعدما أكملوا مناوباتهم واعتقلت آخرين في منازلهم. وكان من جملة المعتقلين زوجتا منصور حياة غيبي وسيد داوود رضوي وزعيم نقابي ثالث هو يعقوب سليمي.
وداهمت قوات الأمن منـزل يعقوب سليمي بعد أن أجرت محطة إذاعية في برلين مقابلة معه، لكنه لم يكن في المنـزل حينها. بيد أن زوجته وأطفاله تعرضوا للضرب واعتُقلوا.
أما في العام الحالي، فقد تظاهر مئات الإيرانيين بمناسبة عيد العمال مطالبين بالعدالة ومنتقدين تقاعس السلطات في تحسين ظروفهم الحياتية، إلا أن شرطة مكافحة الشغب قامت بتفريقهم عندما خرج المتظاهرون إلى الشارع. وقد تظاهر حوالي 600 عامل عند الخروج من ملعب رياضي ورددوا هتافات ضد وزير العمل "محمد جمهوري" في ساحة هفتي تير. وردد العمال بعد تجمع في ملعب شيرودي "وزراء غير كفؤين، استقيلوا" و"حكومة، برلمان، أوقفوا الشعارات، تحركوا" و"الموت للطغاة". وقامت شرطة مكافحة الشغب المنتشرة بكثافة بتفريق المتظاهرين بعد مواجهات محدودة فيما هتف العمال "الموت للذين يدعمون الرأسمالية" و"عار على الشرطة". ووقعت شجارات عندما خرج المتظاهرون إلى الشوارع من الإستاد.
وكان المتظاهرون قد حملوا نعشاً يرمز إلى المطالب العمالية حيث دارت مواجهات مع الشرطة حين أرادت كسر النعش. وجاءت التظاهرات بعد أن نظم مئات المدرسين ثلاثة تظاهرات خارج مبنى البرلمان في نيسان مما أدى إلى اعتقال عشرات من قادة اتحاد التعليم من طهران ومدينة همدان وسط البلاد. ويتأثر العمال من ذوي الدخل المنخفض والموظفون الحكوميون بشكل خاص من الارتفاع الكبير في أسعار السلع الغذائية والخدماتية.
وفي العام نفسه في مدينة (رودبار) بمحافظة كرمان (جنوبي إيران) تظاهر مزارعون أمام مبنى القائمقامية ومبنى البلدية للاحتجاج على سياسات الحكومة القائمة على شراء محاصيلهم الزراعية بأسعار رخيصة.
من جهة أخرى، احتشد عمال عبدان أمام دائرة العمل احتجاجا على عدم صرف رواتبهم وحوافزهم الاستحقاقية وقال العمال إنهم يشتغلون في ظروف عمل صعبة كما أنهم يتعرضون للصرف في حال مطالبتهم بحقوقهم من دون الحصول على مستحقاتهم.
ومن خلال ما تقدم لا نجد ما نقدمه سوى التضامن الكلّي مع عمال إيران والعالم والتأكيد إن النضالات العمالية الإيرانية لا تندرج في خانة التآمر بل هي نضالات محقة في وجه الهيمنة والحرمان من أبسط الحقوق وفي وجه الفقر والاستغلال.
مراجع: منظمة العفو الدولية جريدة الوقت جريدة الوطن الاتحاد الدولي لعمال النقل-العالم العربي جريدة السيادة كتاب: إيران ثورة.....في انتعاش، د.زايار
#هبة_عباني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعرف على موعد صرف رواتب الموظفين شهر ديسمبر 2024 العراق
-
تغطية إعلامية: اليوم الأول من النسخة الأولى لأيام السينما ال
...
-
النقابة الحرة للفوسفاط: الامتداد الأصيل للحركة النقابية والع
...
-
مركز الفينيق: رفع الحد الأدنى للأجور في الأردن: استثمار في ا
...
-
وزارة المالية بالجزائر توضح حقيقة زيادة 15% على رواتب المتقا
...
-
اصابة مدير مستشفى كمال عدوان وعدد من العاملين بقصف مسيّرات ا
...
-
مراسلنا: إصابة مدير مستشفى كمال عدوان حسام أبو صفية وعدد من
...
-
السلطة الشعبوية تعلن الحرب على العمال وحقوقهم النقابية
-
سياسات التقشف تشعل غضب العاملين في القطاع الصحي بالأرجنتين
-
طريقة التقديم على منحة البطالة في الجزائر 2024 والشروط المطل
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|