|
الحوار المتمدن وحرية التعبير
ماغي خوري
الحوار المتمدن-العدد: 2055 - 2007 / 10 / 1 - 12:24
المحور:
اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن
تطالب المجتمعات المدنية بلغة الحوار البنّاء وبلغة الحوار العقلاني الذي يساعد في تطوير وبناء مجتمعات حرة متكاملة تخلق فيها نوعا من أنواع الحرية الإنسانية المفتقرة في دولنا ومجتمعاتنا القمعية التي وللأسف الشديد لا تحترم فيها لغة العقل ولا تتفهمها، وهذا المطلب لن يحدث إلا تحت هيئة علمانية متمدنة تستطيع أن تحقق هذا الهدف المرجو لجميع فئات المجتمع بمختلف أجناسه وأطيافه ومعتقداته ومن خلال مؤسسات متمدنة تتبع الإسلوب النظيف و الحضاري والعقلاني والصريح ... يقول البعض أن الوطن العربي كان مفتقرا لهذا النوع من المؤسسات، أو لربما كان غير مهتما ومكترثا لهذا النوع من الحوار المتمدن ، ولكن ألأصح أن الحكومات لم تحبذ أصلا هذه الفكرة ولم تسع لخلق مثل هذه المؤسسات لأنها لا تناسب الأفكار العربية والقبلية والدينية وغيرها من الأمور ، وهي – الحكومات – التي تعي تماما أن هذا النوع من المؤسسات سوف يتطرق للبحث في المحرمات الثلاث ألا وهي ( الدين ، السياسة ، الجنس ) والتي تندرج تحت الخطوط الحمراء ... منبر الحوار المتمدن بجهوده الجبارة والقيمة، وبجهود جميع القائمين عليه إستطاع أن يخلق مجتمعا مدنيا حرا تتم من خلاله طرح جميع الأمور المختلفة السلبية والمعقدة التي نواجهها في دولنا القمعية والمتخلفة بكل حرية وجرأة ... ولعلها الخطوة الجبارة الإيجابية والوحيدة الأولى في عالمنا العربي، وهي الخطوة التي اتخذتها أسرة الحوار المتمدن بجرأة وعنفوان لا مثيل لهما على أرض عالمنا العربي أجمع ... حيث ذاع صيت هذا المنبر الحر المتمدن والموقر في جميع أنحاء العالم وبين أبناء الأمة العربية وباقي الأمم الأصيلة في بقعتنا المسماة بالعربية، حتى أصبح المنبر الحر والمنارة الوحيدة لأبناء المنطقة من المتعطشين والباحيثن عن الحق والحرية والحياة .... وأصبح همزة الوصل الفريدة من نوعها التي تربط أبناء الشرق بعضهم البعض في مختلف بقاع العالم سواء من الكتاب أو من القراء ... وقد اعطى هذا الموقع حرية كبيرة لجميع الكتاب لتثبيت قدراتهم وإبداعاتهم الفكرية والثقافية والدفاع عن الحقوق الإنسانية على اكمل وجه . وكخطوة موفقة وجديرة بالتقدير والاحترام، يتم طرح مشروع مؤسسة الحوار المتمدن، وهي برأيي فكرة جبارة وضرورية جدا، لتدعيم أهداف هذه المؤسسة والإرتقاء بها من الإقليمية إلى العالمية، ولكن من اجل إنجاح أهدافها السامية، لا بد أن تكون هذه المؤسسة مدعومة من عدة جوانب وعلى جميع الإصعدة، ومن جهات رسمية مختلفة ذات نفوذ كبير، كي تستطيع دعم هذه المؤسسة في جميع المجالات ومساندتها معنويا وإنسانيا وماليا ايضا، فهذه المؤسسة بحاجة لكافة أنواع التمويل والمساعدة والمساندة، وكجانب من جوانب هذا التمويل، وليس حصرا له، أرى أن لا مانع من عمل حملة سنوية للتبرع لهذه المؤسسة حتى ولو بمبالغ رمزية من قبل الكتاب والقراء على السواء، فكلنا شركة واحدة في هذا المشروع النهضوي الحضاري، ولا أعتقد أن هناك من يرفض هذه الفكرة. فالمجتمعات التي لجأت لهذا النوع من المؤسسات المدنية نجدها قد إرتقت بإنسانيتها وحضارتها وقدمت خدمات جليلة لشعوبها، دون أن يتم ذلك على حساب العقل و الحرية إطلاقا، وخاصة حرية الفكر والرأي والقلم والصحافة، إنما وصولها لذلك النوع من السمو الحضاري كان مصاحبا مع إحترامها للعقول والأقلام الحرة. ما المقصود بلغة الحوار المتمدن؟! هل القصد من لغة الحوار المتمدن هو العمل على التقليص والتقليل من الخوض في الممنوع وتخطي الخطوط الحمراء؟ أوعدم الإقتراب من المناطق المحظورة وعدم تناولها من خلال أفكارنا التي ترسم على الورق في مقالاتنا وذلك تجنبا لمشاعر بعض المعاندين والمخالفين في الرأي؟ لربما .. ولكن هذا لن يساعد مؤسسات الحوار المتمدن في تنظيف العقول وتخطي عتبة التخلف والرجعية، بل سوف يعود بنا إلى الوراء آلافا من السنين، إلى سنين حملت بين طياتها مفهومات وموروثات لا تناسب أخلاقنا ولا أحساسينا ولا حتى أهدافنا ولا تتماشى مع عصرنا الحالي. وإذا إقتصر حديثنا عن الحب والجمال والمرأة والطبخ ومواكبة دور الأزياء العالمية وحالة الطقس والأبراج ، وأخر الصيحات من عالم السيارات والموبايلات، سنكون ممن يضيعون ويسلبون حقوق مثل هذه المؤسسات بأمور تتحدث بها الكثير من المواقع الأخرى ، وبذلك نكون قد سلبنا عظمة وتوقير وقدرة هذه المنبر الحر. لغة الحوار المتمدن لا تعني أن نتكلم بطريقة الأكابر بإستخدام الشوكة والسكينة! لا تعني فقط التحدث عن جمال السماء وعلوها، أوعن أريج الأزهار وعبقها ، أو عن تغريد الطيور وروعتهم، وصفاء المياه وبرودتها، أو عن براءة الأطفال ودلالهم، وجمال النساء ورقتهن، وروعة الخالق فيما خلق وفيما أوجد وفيما أعطى وفيما وهب. هذه الجماليات السامية ليست بحاجة للغة تتحدث عنها ، فهي تتكلم من غير نطق ولا داعي للتعبير عنها، فالكل يرى تلك الأمور الجميلة ويسبح خالقها ولا ينقضها، ولكن الأمور الغير إنسانية واللامنطقية التي تحارب إنسانيتنا وتهدر حقوقنا وتمتص رحيق شبابنا وزهرة أعمارنا يجب أن تطرح على طاولة البحث من خلال مؤسسات الحوار المتمدن التي تسعى بدورها لبذل أقصى المساعدات لحل هذه الأزمات بين شعوب المنطقة، ولتوفير أكبر قدر من الحقوق والواجبات الإنسانية للمضطهدين والمعذبين والمقهورين والمجروحين معنويا في بقاع ما يعرف بالعالم العربي، فإذا لم نتصدى لتلك الأخلاقيات المريضة من خلال أفكارنا وأقلامنا ولم نقف وقفة صامدة وقوية لمحاربة الموروثات البالية والقديمة والمهترئة سنودع الدنيا بما فيها من جماليات سمت وإرتقت بنا، وبالتالي، هذه هي لغة الحوار المتمدن. نعم هذه هي الحقيقة التي يجب أن نضعها أمام أعين المجتمعات التي تخالفنا الرأي، لغة الحوار المتمدن تعني أن نتمدن وأن نتحدث في الواقع الذي نعيشه، والمر الذي نجرعه، بسبب الأديان القمعية تارة، والرؤساء والحكومات الظالمة تارة أخرى وهي التي حولت أكبر عدد من البشر إلى إرهابيين حاقدين على البشر والطبيعة على السواء بما فيها من روائع وإبداعات إلهية، ما فائدة التكلم عن الزهور وعطرها وعن النحل وعسلها، ونحن نعيش تحت وطأة الحروب والإرهاب، ونعيش تحت قوة العنف والبطش وسلب الحقوق تحت وصايا إلهية حاربت المجتمعات المدنية المتحضرة بكل أفكارها وإنسانيتها وأخلاقياتها، أو قوانين حكومية تجرد المواطن من مواطنته بسبب دين أو مذهب أو عرق أو انتماء سياسي. جميل أن نرى أن مؤسسات الحوار المتمدن تشتمل رسالتها أيضا طروحات لحل مشاكل التخلف والجهل والإرهاب، ولتفشي الأمراض والأوبئة والفقر والبطالة في دولنا. لغة الحوار المتمدن يجب أن تكون مصحوبة بكثير من القوة الإيجابية، ومن الأفكار الجريئة والصريحة، ليتم الدفاع عن الحضارات والانسانية، وهو ما نفتقر له حاليا في هذا العصر. وأخيرا ... أرى أن المؤسسات المدنية لا تدافع عن الإرهاب والإرهابيين والمروجين لهم، ولا تدافع عن قاطعي الأعناق والأرزاق، ولا تقوي شوكة الموت وتحارب الحياة، ولا تسعد بهدر الدماء وقتل الأبرياء، ولا تسر بموت الأطفال والنساء والشيوخ، ولا تسعى لقمع الأصوات الحرة الجريئة والنظيفة ولا تعمل على تكبيل حريتها، ولا تهدف لكسر الأقلام الصريحة التي تكتب بكل وضوح وتفضح كل مستور، بل أرى أنها تسعى لخلق الحياة والحصول على الحقوق الإنسانية لجميع أبناء البشر، وتمنح الفرص المناسبة للتعبير عن الآراء مهما كانت صريحة ومهما كانت المطالب صعبة المنال والتحقيق. مؤسسة الحوار المتمدن تخلق مجتمعات منفتحة ومتحضرة ثقافيا واجتماعيا وسياسيا ودينيا، بعيدة عن الاضطهادات الانسانية والعرقية، وهي التي نأمل ان يتم من خلالها زرع المحبة والعدل والمساواة بين الناس. تحياتي ومحبتي لأسرة الحوار المتمدن .... وتمنياتي بمزيد من النجاح والتوفيق.
#ماغي_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جمعية الدفاع عن حقوق الحور العين
-
مرتدون هولنديون يطلقون حملة تطالب بتسهيل تخلي المسلم عن دينه
-
مآسي رمضان ... وذكرياتي
-
رسم كاريكاتوري جديد مسيء للرسول
-
الشيوخ والسُنة النبوية
-
لا لإزدراء الإسلام ونعم لإزدراء الأديان !!؟؟
-
العلمانية المزيفة في الإسلام !!؟؟
-
رسالة إلى أغبى قاريء في تاريخ البشرية
-
الإرهابي يلاحقني
-
زوجتك هي حوريتك أيها الرجل المسلم
-
علماني .. أم مسلم إرهابي !؟
-
عن الرسول صلعم .. لا تلعن البرغوث .. لا تسب البرغوث !؟
-
المعتقدات والتعاليم الإسلامية .. تنتقدها فتاة سعودية متحررة
...
-
شاب عراقي إرتد عن الإسلام
-
شاب لبناني يرتد عن الإسلام
-
أين الإنسانية والعدل عند المسلم ...!!؟؟
-
الإسلام يحارب العلم والعقل
-
وحي الشعراء على صفحات القرآن
-
الدين الذي يحارب الإنسانية ... !؟
-
نساء سعوديات يتحررن من عبودية الإسلام
المزيد.....
-
فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني
...
-
إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش
...
-
تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن
...
-
الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل
...
-
تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
-
بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
-
تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال
...
-
-التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين
...
-
مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب
...
-
كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة
المزيد.....
-
مَوْقِع الحِوَار المُتَمَدِّن مُهَدَّد 2/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
الفساد السياسي والأداء الإداري : دراسة في جدلية العلاقة
/ سالم سليمان
-
تحليل عددى عن الحوار المتمدن في عامه الثاني
/ عصام البغدادي
المزيد.....
|