أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - إبراهيم اليوسف - حامد بدرخان الراحل وحيداً














المزيد.....

حامد بدرخان الراحل وحيداً


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 632 - 2003 / 10 / 25 - 01:44
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


بعد سبعين عاماً من الهرولات علي دروب آسيا، حزم الشاعر الكبير حامد بدرخان حقائبه، وأوجاعه، وأحلامه، وغادرنا ليعانق ثرى قريته (شيي) ــ شيخ الحديد ــ مسقط رأسه لتكون شجرة التوت علامة لضريحه، كما كانت علامة فارقة للأرض التي تعرَّفت تضاريس يده، خلال ما ينيف علي نصف قرن من الزمان.
في منتصف شهر شباط (فبراير) عام 1996 جاءني من يعلمني بان حامد قد طلب ان اذهب إلى حلب، وأزوره، حيث يقيم في منزل الأسرة التي احتضنته بدفئها منذ وقت طويل، انه كان طريح الفراش، يصارع المرض العضال، وتعب السنين!

لا أدري، كيف أمضيت الساعات القليلة، قبل ان أحتجز مقعداً في أول مركبةٍ، تقلني من أقصى الشمال، إلى مدينة الشهباء، حلب، بل لاأدري كيف أنني استطعت أن أمضي ساعات السفر كلها، أقرض المسافات، والأخيلة، تائقاً للالتقاء بهذا الاسم الشاهق، والطود الشامخ، لأشبع موق عيني بصورة هذا الصديق...، وكانت الأفكار تتقاذفني، لأتذكر حكاية أولى قصيدة للرجل قرأتها، بل حكاية اولى قصيدة أهديتها اياه ــ على صفحات مجلة (هنا دمشق)، بل حكاية زيارته الأولي الي بيتي، ورسائلنا المتبادلة، فيما بعد، فرحته وأنا أُذكِر به   بين الفينة والأخرى، من خلال صحفنا المحلية منذ أكثر من عشر سنوات على ذلك الوقت...
بيد انني ــ بعد ان طرقت باب العائلة التي لم تتخل عنه في أيامه الأخيرة، مثلما اهتمت به في أيام كهولته،وألقه، وفتحت لي السيدة (نازلي خليل) الباب والتي كان لها دور كبير في تشجيعي لتلبية الدعوة سريعاً، مستقبلة إياي علي حد تعبيرها، كأحد أولادها، لتقودني إلى غرفته، لأرى كم ان الرجل عنيد حقاً..!!، لأن السنين التي أعلنت منذ عقد زمني حربها عليه، لم تفلح في امحاء ملامحه، وعلاماته الفارقة: فالحاجبان الكثان لا يزالان متداخلين كما رأيتهما منذ أول لقاءٍ تم بيننا، العينان المشتعلتان ألقاً وحدة نظراتٍ لا تزالان كما كانتا أيضاً، القامة المتوسطة الممتلئة حيوية، الابتسامة، الثقة العارمة بالنفس، كبرياء الروح، كل ذلك لايزال كما كان عليه..
وفجأة وجدت الشاعر يطوقني بكلتا يديه ــوانا أخطو لمعانقته عند دخولي ــ محاولاً النهوض بصعوبة، معتذراً لأنه أتعبني خلال هذا البرد، إلا انه ليس باليد حيلة، وكان (لا بدّ من ان نلتقي قبل أي فراق).
علي الفور، أحببت ان أُشجعه، أن أَشدَّ من أزره، ان أُخفف عنه وقع الآلام، مؤكداً   ان صحته كما تبدو لي حسنة، فيطلق الشاعر   ضحكة مدوية، وهو يرمق الأنثى..  التي تملأ المكان بحضورها المدهش: لقد أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الموت، الا انني نجوت هذه المرة، عندما أمرض في (شيي) وأقصدُ حلبَ، وأتعافى هنا، في منزل هذه السيدة، يقول لي أهل القرية: أيةُ قوة سحرية تمتلكها نازلي التي تبثّ ُ الحياة في عظامك..!!

ثم يبدأ حامد  حديثه المؤثر، يذكر أيام المدرسة الأولي في (انطاكية) وكيف ان الإقطاع قتلوا جده في (شيي)... الأمر الذي دعا اسرته للهجرة الي (كردستان تركيا) وكيف ان أباه كان مثقفاً، محباً للعلم... بل ويذكر القصيدة الأولي التي نشرها، وجائزة مجلة (حمله) لجلال الدين أُدينه والقلم الذهبي، وحديث محمد كامل الخطيب عنه (فيما بعد) عشرات القصائد نراها في وجه حامد.. مؤكداً انه يمقت لغة الأرقام والتواريخ، لأن التاريخ لديه مقترن بأسماء ووجوه نسائه، وقامات قصائده فقط، وكذلك شغفه بالواقعية الاشتراكية، التي لما يزل يؤمن بها كمدرسة أدبية مهمة، ثم يذكر أصدقاءه: حنا مينه ــ علي الجندي ــ محمد الجندي ــ معين بسيسو قائلاً: ان أي شاعر سوري لم يذكر قريته في شعره، مثلما فعلت أنا، لقد ذكرت الرستن ــ دمشق ــ الجزيرة ــ سلمية ــ ذكرت كل شبر من أرض وطني، وربما ان هذا مادفع بندر عبد الحميد ليقول لي ذات يوم: قصائدك جغرافياوفن تشكيليُّ.

كان حامد يتحدث بطلاقة، مجيباً عن أسئلتي كلها، دون تحفظ، وانا أُسجل هذا الحوار علي شريط فيديو، مشدوداً اليه، خائفاً من ضياع أي نبرة للشاعر، كما حدث في مرة سابقة حين علق بقولته الشهيرة: (أنت شخص لا يصلح للتعامل مع التقانة....).

المهم، انني قلت له بعد ان اعتقدت بانني حصلت علي بعض ما أريد: أسئلتي Mamoste ــ انتهت هذه المرة، وانني سأعود اليك في مرة قادمة، قريبا، لأكمل الحوار، وذلك بعد ان يتعافي ويسمح وضعه الصحي بلقاء أطول...غير ان هذا اللقاء لم يتكرر، لأن صديقته نازلي  هاتفتني   (وكان ذلك في ثاني أيام عيد الأضحي المبارك) لتعلمني بالنبأ المفجع الذي حلّ َ علي كصاعقة: لقد رحل حامد بدرخان...!!!! وان قلبه متوقف عن الخفقان، وانه أوصي بأن أقوم بالتغطية الإعلامية لوفاته، وأُعلم بعض الأسماء الرسمية والثقافية: د. نجاح العطار ــ حنا مينه ــ د.علي عقلة عرسان ــ علي الجندي ــ نبيل سليمان  ـشوقي بغدادي ــ ميخائيل عيد...... الخ. ( رغم عدم معرفتي الشخصية ببعضها )و لأتفاجأ بسفر معظم هؤلاء خارج دمشق، بيد ان د. علي عقلة عرسان أبرق وهو خارج دمشق بان أضع أكليلاً من الورد باسمه وكذلك بالنسبة الي أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد، وهذا ما فعلته أيضاً د. نجاح العطار وزيرة الثقافة، بل استلمت برقيات من حنا مينه ــ نبيل سليمان ــ شوقي بغدادي ــ وغيرها لتقرأ بعد كلمة المجلة... لأقرأ بدوري كلمة حنا مينه صديق شاعرنا.

ــ رحل الشاعر في 29 نيسان 996

ــ الحوار لم ينشر حتي الآن لأسباب فنية

 



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احوار مع البروفيسور والناقد الكردي عزالدين مصطفى رسول
- حوار مع الباحث الماركسي السوري عطية مسوح - اليسار العربي تجا ...
- صناعة ا لموظف الحكومي
- لنفكر معا.. مقترحات اولى من اجل اجراء مسابقات عمل ناجحة وعاد ...
- مداخلة إبراهيم اليوسف في الندوة التي أقامها الحزب الديمقراطي ...
- جامعة بلا طلاب
- مداخــلة الاستاذ إبراهيم اليوسف – اللجنة الوطنية لوحدة الشيو ...
- برنامج (الاتجاه المعاكس) : عقدة صراع الديكة..!
- كيف أصبح وزيراً......؟!
- إلى من يهمه الأمر رجاءً على أبواب تشكيل الحكومة الجديدة
- الآلية الأفضل لاختيار المسؤول : الحالة التربوية كحجر أساس وا ...
- الإعلام السوري أسئلة أكثر إلحاحاً
- الرأي الآخر !محاولة فهم قاصرة
- أربعون عاماً على الإحصاء الاستثنائي في محافظة الحسكة..
- حلبجة . . .ترحب بكم ... !!!!
- مدخل إلى مفهوم الوحدة الوطنية الأكراد والحالة السورية أنموذج ...
- مقدمات أولى من أجل سورية أقوى في مواجهة التحديات


المزيد.....




- هدنة بين السنة والشيعة في باكستان بعد أعمال عنف أودت بحياة أ ...
- المتحدث باسم نتنياهو لـCNN: الحكومة الإسرائيلية تصوت غدًا عل ...
- -تأثيره كارثي-.. ماهو مخدر المشروم المضبوط في مصر؟
- صواريخ باليستية وقنابل أميركية.. إعلان روسي عن مواجهات عسكري ...
- تفاؤل مشوب بالحذر بشأن -اتفاق ثلاثي المراحل- محتمل بين إسرائ ...
- بعد التصعيد مع حزب الله.. لماذا تدرس إسرائيل وقف القتال في ل ...
- برلماني أوكراني يكشف كيف تخفي الولايات المتحدة مشاركتها في ا ...
- سياسي فرنسي يدعو إلى الاحتجاج على احتمال إرسال قوات أوروبية ...
- -تدمير ميركافا وإيقاع قتلى وجرحى-.. -حزب الله- ينفذ 8 عمليات ...
- شولتس يعد بمواصلة دعم أوكرانيا إذا فاز في الانتخابات


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - إبراهيم اليوسف - حامد بدرخان الراحل وحيداً