|
المصالحه في العراق ..ومشروع الكيانات الرخوه
فواز فرحان
الحوار المتمدن-العدد: 2054 - 2007 / 9 / 30 - 12:02
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
المتابع للوضع في العراق خلال الاسابيع الماضيه يدرك للوهله الاولى عدم وجود الرغيه والجديه في تحقيق اي تقدم على ارض الواقع من قبل الاطراف السياسيه المختلفه سواء نحو تحقيق المصالحه الوطنيه او حتى الذهاب بأتجاه تشكيل حكومه قويه قادرة على بسط سيطرتها على المناطق التي يسودها التوتر ، وترك الحاله السياسيه في البلاد بهذه الهشاشه يجعل من تحقيق تقدم امرا صعبا للغايه وبحاجه للوقت كي يحدث الاختراق اللازم لتغيير الوضع وضخ الحركه فيه ،لقد تعثرت كل المبادرات التي تم طرحها في هذا المجال سواء من قبل الولايات المتحده او من الدول العربيه وحتى من المطالبات الشعبيه التي عجزت عن الحصول على اي أمل في تحقيق ذلك ، فوجود الحكومه العراقيه بهذه التركيبه الطائفيه جعلها عاجزة عن تقديم اي شئ ينشر الامل في نفوس ابناء العراق بل جعلتهم ينظروا الى المستقبل بتشاؤم وضبابيه دفعت الكثيرون منهم للمغادرة وفقدان الامل في عراق مستقر في الامد القريب ، فتسمية الحرب الاهليه الدائرة اليوم لا تروق للساسه العراقيين لانها في نظرهم حرب لمجابهة الارهاب والعصابات الطائفيه ولا يستطيع احدا التسليم برأي الحكومه العراقيه الحاليه لانها لا تمتلك في ايديها اي حلا ينهي الوضع الشاذ القائم ويغير المعادله فالحرب الدائرة هي حرب أهليه داميه بالمعنى الدقيق للكلمه وتقوم بها اطراف متعدده والا ماذا يمكن لنا ان نسمي مقتل ما يفوق النصف مليون انسان فيها وتشرد مليوني عراقي في دول الجوار ومليونين في الداخل كنازحين ومهجرين تطاردهم الة القتل الطائفيه ؟؟ ما يمكن ان نسمي تدمير البنيه التحتيه كاملة للبلاد وعيش الكثير من العوائل العراقيه في مساكن لا تصلح للعيش الانساني وتزيد من معاناتها؟ لقد فشلت الحكومه في تحقيق اي تفهم لمطالب الاطراف المختلفه على الساحه العراقيه من الداخلين في العمليه السياسيه الى العاملين خارجها او انها لم تفكر اصلا في هذه الخطوة وعملت بأتجاه معاكس ينطلق من رؤيتها الضيقه للامور فمنذ مؤتمر لندن للمعارضه العراقيه وحتى يومنا هذا تعتلي الخلافات المذهبيه جدول اي اجتماع لهذه القوى واثبتت انها عاجزة عن ادارة دوله بحجم العراق ، المشروع الامريكي في العراق العربي يتلفظ انفاسه الاخيره ولم يتمكن من تحقيق اي تقدم لا في محاربة الارهاب ولا في تحقيق الشعار الكاذب الذي روجوا له وهو الديمقراطيه في العراق وجاء المشروع الاخير في تقسيم العراق الى ثلاث كيانات رخوة ليؤكد فشل هذه الادارة في التعامل مع المشكله العراقيه فأضطروا لتطبيق الفكرة الغربيه في التعامل مع المشكله وهي تجزئتها ووضع حل لكل جزء فيها ، وهي المرة الاولى التي يذهب فيها الكونغرس بعيدا الى هذا الحد في التطرف لوضع الحلول لمأزقه دون وضع اي اعتبار لردود الافعال العراقيه المختلفه التي يدفعها طرح كهذا في التمادي والتطرف اكثر في مواقفها سواء تجاه المصالحه التي يتحدث بها البعض في الاطراف السنيه او الميل للمواقف الايرانيه اكثر من قبل الاحزاب الشيعيه بعد ادراكها ان مفاتيح الحل العراقي خرجت عمليا بهذا الطرح من الايادي الامريكيه ، ورغم الاستنكار الذي ابدته بعض الاطراف العراقيه الا انها لم تقدم بديلا يجعل من الحل امرا ممكنا فالاغلبيه تحاول الاستفاده من المعطيات التي تفرضها السياسه الامريكيه على الساحه لمصلحتها والادعاء بالحرص على العراق ووحدته ، هذا الحرص بلا أدنى شك يبقى منقوصا دون ان تكون هناك خطوات عمليه بأتجاه أعادة رسم العمليه السياسيه من جديد وعلى أسس مختلفه عن تلك التي وضعها بريمر .. العراق اليوم عمليا مقسم ومنذ عهد الطاغيه صدام فأقليم كردستان يعيش استقلاليه منذ عام 1991 والجنوب الشيعي كان خاضعا لسيطرة البعث في ساعات محدده في النهار ولم تكن الولايات المتحده وغيرها من الدول الكبرى تعترف انذاك بالواقع الذي خلفته انتفاضة اذار الباسله عام 91 ، لكن طرح الموضوع بهذه الطريقه وفي هذه الفترة بالتحديد يؤشر عمليا الى ان الساسه الامريكيين وحتى العسكريين تمتعوا بجهل مطبق في تفسير الواقع العراقي ووضع الحلول المناسبه له ، فالحديث عن التقسيم يثير حساسيه بالغه في الداخل العراقي لا سيما وانه مشروع قادم من ادارة دوله محتله ساهمت عمليا في نشر واشاعة الفوضى والقتل وجلبت معها الكثير من العصابات الاجراميه الى الساحه العراقيه ولو قدر للشعب العراقي ان ينال استقلاليه في اختيار النظام المناسب له للاسراع في عمليه اعادة بناء الدوله وأعمارها لأختار نظاما فدراليا اتحاديا على غرار ما فعلت الكثير من الدول ومنها المانيا ، النظام الفدرالي ليس عيبا او عاهه بل هو نظام سياسي نابع من دراسة واقع الدوله التي ترغب في تجاوز العوائق التي تقف امام طريق تقدمها فتضطر لتوزيع الصلاحيات الاداريه على الاقاليم للاسراع في بناء الدوله ومؤسساتها والوعي العام الذي تتحلى به الجماهير في اي دوله هو الذي يحدد طبيعة النظام الفدرالي المطبق في الدوله ، وعندما تتفق المقاطعات الفدراليه على الالتزام بدستور الدوله وتتعهد بعدم الخروج منه او العمل على التقليل من شأنه تسير العمليه بمنتهى السهوله ووتجاوز الدوله العقبات التي تقف في طريقها فقد وقعت اغلب المقاطعات الالمانيه على الالتزام بالنظام الفدرالي وهناك ستة عشر برلمانا في المانيا وفي كل مقاطعه فيها رئيس للوزراء ووزير داخليه له نظرته الخاصه في التعامل مع المشاكل التي تواجه مقاطعته لكننا لم نسمع يوما ان بافاريا تريد الانفصال عن المانيا او ان مقاطعة سكسونيا السفلى ترغب في اقامة دوله مستقله لها لان الجميع يرى في النظام الفدرالي مصدر قوة للسياسه والاقتصاد في الدوله وكل المشاكل التي تبرز للسطح يتم مواجهتها بالحوار مهما طالت مدته شرط ان تكون هناك الرغبه المتبادله في ايجاد الحلول لها .. لذلك يمكن للعراقيين وضع نظام فدرالي خاص بهم قائم على توزيع الصلاحيات بما يضمن تخليص الشعب من دوامة الحرب الاهليه التي تدور رحاها اليوم وتفتك به وبمقدراته وبمستقبل اجياله لقد افرز الواقع الجديد الذي تلا عهد الدكتاتوريه نمطا من التفكير عند الانسان العراقي غدا معه صعوبه في العودة الى نظام عسكري مركزي حديدي وختى فئات واسعه من الشعب العراقي التي هاجرت والتي تصل لثمانية ملايين لم تعد تتحمل العيش تحت نظام عسكري حديدي بعد ذاقت طعم الانظمة الديمقراطيه في الغرب وتعلمت جيدا معاني حرية الفكر والتعبير وتشكيل القناعات ، بأمكان العراقيين تحويل مشروع تقسيم العراق الى ثلاث كيانات رخوة كما اقترح السناتور ايدن الى مشروع لوحدة العراق بطريقه ذكيه ان توفرت الرغبة عند السياسيين لتحقيق ذلك وتفضيل مصلحة شعبهم على مصالحهم الشخصيه ، يمكن مثلا قيام فدراليه في الجنوب تتعهد بالحفاظ على وحدة الدوله العراقيه وتتعهد بعدم اقامة علاقات اقتصاديه مع اي دوله دون ابلاغ الحكومه الاتحاديه وهكذا الحال مع اقليم قد ينشأ في الوسط ، ان تجربة الفدراليه ليست بجديده على الواقع السياسي الدولي لكن التخوف من عدم القدرة على الوفاء بالالتزامات التي تفرضها عند الاطراف العراقيه هي التي تدفعهم بأتجاه التشكيك بها كنظام يضع حلا جذريا للمشاكل السياسيه والاقتصاديه التي تواجه عراق اليوم .. المشروع الامريكي لتقسيم العراق لا يزال غير واضح المعالم لانه حديث والادارة الامريكيه نفسها تجهل الطريقه التي يمكن تطبيقه في العراق في الظرف الحاليه فقط ما حدث هو خروج هذا الرأي من مراكز البحوث والدراسات الى مركز صنع القرار ، ومن المهم معرفة الجانب المضاد للمشروع الامريكي الذي تعده كل من روسيا وايران والصين وهو اقامة دوله اسلاميه على غرار النظام الحاكم في ايران يكون مركزيا ويدفع بالجماعات الارهابيه الى الخليج ومصر والاردن لاحداث الفوضى التي تحدث عنها بوش دون علم بعواقبها فحدوثها سيؤدي باسعار النفط الى الخيال وقد يصل الى مئتي دولار للضغط على الدول الغربيه وحلف الاطلسي ويدفعها للاعتراف بالواقع الدولي الجديد وتعترف بالقوى الاخرى على الساحة كشريك في تقاسم المصالح ، وهذا ما سيؤدي بدوره الى خلق توازنات جديده في المنطقه تكون فيها الولايات المتحده مقيدة بحلول افضلها سيكون مرا عليها وعلى اقتصادها ، والفرضيه القائله بضرب ايران قبل الانسحاب من العراق لا تزال قائمه لكنها تراجعت بعض الشئ بعد ادراك الولايات المتحده ان ضربه كهذه ستؤدي بجيشها الى الهلاك لاسيما وانه قريب من النيران الايرانيه اكثر من قرب بوش لها ، وربما ستؤدي ضربه غبيه كهذه الى تحقيق المشروع الروسي في المنطقه وهو طرد الجيش الامريكي من العراق بهزيمه مرة وملاحقة قواعده في الخليج واحداث فوضى في الشرق الاوسط تطيح بالحكومات المواليه للولايات المتحده في مصر والاردن والسعوديه ... لذلك لن يكون امام الحكومه في العراق الا البحث عن نظام فدرالي تكون فيه حقوق الانسان مصانه ويتم فيه ابعاد النعرات الطائفيه والدينيه من اجندتها كحل لوضع البلاد على الطريق الصحيح المؤدي للاستقرار واعادة البناء ، والرغبه عند اي طرف في تحقيق النجاح تحتمه الدوافع الوطنيه ومدى اهميتها لدى هذا الطرف اما ان يعمل وفق اجندة اجنبيه لا تراعي الخصوصيه الوطنيه فانها تعني عمليا البقاء في نفس الجلقه من الدوران دون تحقيق اية نتائج ..
#فواز_فرحان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرقابه ... والملكيه الفكريه
-
الحوار المتمدن ...والمشروع الحضاري
-
ألأسلام السياسي ...واسلحة الدمار الشامل
-
محاصرة الولايات المتحده الامريكيه ..
-
الماركسيه ...والتجربه السوفيتيه 5
-
الماركسيه ... والتجربه السوفيتيه 4
-
عمال العراق..الوحيدون القادرون على ابطال قانون النفط
-
الماركسيه..والتجربه السوفيتيه 3
-
الماركسيه..والتجربه السوفيتيه 2
-
الماركسيه ...والتجربه السوفيتيه 1
-
الطفوله العراقيه ..والبؤس الدائم
-
مجزرة سنجار ..والاتجاه القومي للامة المقهورة
-
عندما ينتقد احدهم ماركس !!
-
الدستور العراقي ..ومشكلة الاقليات
-
العراق والحل الايراني المرتقب..
-
الولايات المتحده...وتجار الموصل..!!
-
أحباب في العالم الاخر...2
-
العراق...وصندوق النقد الدولي
-
عمال العراق..وفتوى وزير النفط !!
-
شتان ما بين المستطيل الاخضر ..والساحه الخضراء !
المزيد.....
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|