|
باب الحارة ،البابور الأخرس، فتح حماس مفارقة حقيقية ....
ادهم عدنان طبيل
الحوار المتمدن-العدد: 2053 - 2007 / 9 / 29 - 06:05
المحور:
القضية الفلسطينية
المشاهد الفلسطيني خاصة في قطاع غزة يعتبر الأكثر في العالم العربي مشاهدة لمسلسلات السورية ، نظراً ان المسلسلات السورية تعرض وضعاً واقعياً يتشابه نوع ما مع الواقع الفلسطيني خلال فترة تاريخ كان فيها الوطن العربي يرضخ تحت الاحتلال والانتداب الإنجليزي والفرنسي، الفضائيات العربية كعادتها في كل شهر رمضان على مدار كل عام ، تسعى إلى استقطاب اكبر كم من المشاهدين إلى برامجها التي تتسابق في إبرازها للجمهور المستمر أمام الشاشة الصغيرة ، وهي مدركة تلهف المشاهد لمتابعة مجموعة من ابرز المسلسلات الدرامية التي يتم إنتاجها خصيصا للعرض في هذا السنة. وهذا العام يبرز أكثر من مؤشر يدل على كثافة المسلسلات ، من أبرزها دخول نجوم الدراما السورية بشكل لافت إلى المسلسلات التي تنتجها جهات رسمية ، فضلا عن ذيوع المسلسلات الحصرية للعرض في قنوات معينة مثل أم بى سى ، دبى وعرضتها أكثر من أي عام سابق. كما يبرز التحول الكبير في ادوار بعض النجوم ، بحثا عن التميز والتفرد ، ويترك تقيم ذلك بطبيعة الحال للجمهور الذي يقرر هو اي المسلسلات يتابع وأي النجوم في واحد من أجرأ المسلسلات السورية يقدم لنا المخرج الرائع بسام الملا مجموعة من نجوم الدراما السوريه ، منهم عبد الرحمن آل راشي ، وعباس النوري ، بسام كوسا ، ونجم الدراما السورية سليم كلاس في عمل لاقى الكثير من الضجة الإعلامية الثقافية قبل وبعد عرضه . في أواخر العشرينات من القرن الماضي ، كانت هناك حارة من حواري دمشق اسمها حارة الضبع ، وكنت تلك الحارة مثل الغالبية من حواري سوريا ، فهناك الحوانيت والمقاهي والحلاق (حكيم الحارة) ، وصانعى الأدوات الشعبية التقليدية مثل الخزف وصحون النحاس والحدادين والخضارين وبائعى القماش، والحارة خلال النهار تعج بالحركة والناس ، لكن عندما يأتي الليل هناك باب الحارة الكبير الذي يغلق وله حارسه أبو سمعو ، الذي يقتل في بداية المسلسل بيد "الأحد عشري" بسام كوسا ، "وسمي بهذا الاسم نسبة لعدد أصابع قدمه" بعد أن أمسك به الحارس محاولاً الهروب بالذهب الذي سرقه. نعيش مع المسلسل لنرى بعض الشخصيات التي كانت توجد في كثير من الحواري ، في جميع الدول العربية مثل حلاق الحارة وهو حكيم الحارة الذي يداوي الناس ويقوم بدوره الفنان الكبير عباس النوري أبو عصام ، كما نرى زعيم الحارة ويقوم بدوره الفنان القدير عبد الرحمن آل راشي . المشاهد الفلسطيني يعيش مع أيام وليالي في (حارة الضبع – باب الحارة ) ، في المسلسل الذي يمثل عدة جوانب اجتماعية وسياسية مهمة من خلال التكافل الاجتماعي ، وصلة الرحم وانتصار الخير على الشر. ,وقوة ومتانة الأسرة السورية . ,وتظهر فيه مظاهر الالتحام ومحافظة على العرض والشرف وقوة الرجل في البيت ,ويعكس باب الحارة واقع الحارة السورية زمن الإحتلال الفرنسي خاصة مؤسسات المجتمع الأسرة والحارة والتنظيم . مع باب الحارة أنت تدخل إلى كينونة المجتمع السوري الشعبي بأنماطه المختلفة في ذلك الوقت. حكاية حارة الضبع اقرب ما تكون إلى سيرة شعبيه نحكي ونتحاكى. مسلسل باب الحارة من أميز المسلسلات وأبرزها بل انه تفوق في عدد المشاهدة خلال هذا الشهر خاصة من المواطن الغزاوى الذي يعيش لحظة بلحظة مع تطورات الحارة لأنه عرف حارته وما حدث بها في غزة فالنتيجة مأساوية للحارة الفلسطينية التي أصبحت محسوبة على فتح وحماس والتي لم يعد لها اى قيمة، فحارتنا الفلسطينية يسودها الكره والبغضاء والحسد. وجاءت باب الحارة في التجدد في الطرح وسرد القضايا الاجتماعية والإنسانية في محور الحارة التي تمثل مدينة كاملة لاسيما وان العمل يجسد عناصر التعاضد والرأفة والرحمة واللحمة الوطنية بين أبناء الحارة والانتماء لكل ماهو أصيل ضمن مجتمع تسوده حضارة متأصلة عريقة لها تاريخ وتراث عنوانها الفضيلة. وقد أصبح هذا المسلسل مسيطر على حديث الناس في الشارع الغزاوى وحاولوا الكثير منهم نسيان وتناسى حديث حماس وفتح، باب الحارة أدى إلى حالة من التفريغ الإنفعالى النفسي والعاطفي والحزن والأسى أحيانا لما آلت اليها حارته لدى كثير من سكان غزة فحالة الكبث والإحباط واليأس والضغط النفسي والقلق والاكتئاب نتيجة الأوضاع المشينة السيئة في غزة، فجاء باب الحارة بالشخصيات المميزة الجميلة والبيوت السورية والشوارع والأحياء النظيفة والقديمة التي أرجعت المواطن الفلسطيني إلى الماضي الحزين الجميل حيث الأرض والتاريخ والتراث والحب والعطاء والدين والألفة والأخوة والجيرة والصداقة التي ضاعت وتلاشت في المجتمع الفلسطيني وهذه حقيقة لا يمكن الشك فيها والتعليق عليها حتى المقاومة الحقيقية افتقدها المواطن الفلسطيني وعززتها باب الحارة فالعربدة والهمجية والحزبية والعنصرية والاستهتار بكرامة الإنسان الفلسطيني هي السائدة لامجال للنظام والأخلاق والقانون فالإنسان الفلسطيني حسب إذاعة صوت الأقصى يعيش في غابة فيها الفئران والأسود . الأسد القوى العنيف يقضى على الفأر الضعيف ويهربه إلى الضفة ، هكذا وصل بنا الحال حينا شبهنا الإنسان الفسطينى الذي تتحكى به الشعوب بالفأر، والأسد عكس باب الحارة التي لم تعتدي على الضعيف رغم جرمه الذي لم يعد له اى قيمة أخلاقية ولا إنسانية وربما حيوانية أيضا، ساد التعذيب والقتل والإهانة للروح والجسد والذي لم يستطيع الاحتلال الإسرائيلي بجبروته وقوته إهدار هذه الكرامة ولكن اليوم أهدرت على يد الأخوة الأشقاء في في غزة . "باب الحارةً" في جزئه الثاني ، يمثل التجاذب السياسي في المنطقة ويقدم الميلودراما الاجتماعية المشوقة لدى الجمهور العربي ، التي توثق في تفاصيلها الحياتية واليومية على اثر خلفيات تاريخية ترتبط بأحداث سياسية تمثل واقعا يعيشه شخوص العمل ويتفاعلون معه كجزء لا يتجزأ من مرحلة تاريخية. والمسلسل قدم الكثير من الخيوط الدرامية الاجتماعية والشخوص التي يجتمع خيوطها وتفاصيلها في سرد عدة محاور عامة ورئيسية. المشاهد الفلسطيني يتذكر تلك الفترة الأخيرة التي نهبت وسرقت أرضه بواسطة العصابات الصهيونية رغم صعوبة هذه المرحلة فهو مشتاق إليها كثير كمثل المشتاق إلى الجنة أتعرفون لماذا ؟ بتأكيد لأن الانتماء الحقيقي والمقاومة الشريفة والحب والألفة والأخوة والوطن والشجر والأرض كلها انتزعت اليوم عبر التصادم المشئوم فى تاريخ وشعبنا وقضيتنا الفلسطينية التنازع والتصادم على شعب بلا ارض التنازع على وزارة ومعبر موت وتصريح وبعض الملاين من أمريكا وإيران . أصبح المقاوم يقاوم من اجل لقمة العيش ويضرب صاروخ ليرتاح القائد فلان وفلان ويقتل فلان ليرضى حزب فلان ، ويحرق ويعتقل فلان ليرضى المسئول فلان بتبريرات الفوضى والأمن والمصلحة الوطنية ، فالأمن الحقيقي هو أمن الروح والجسد والنفس وليس عبر الحواجز الأمنية التي أذلتنا زمن الاحتلال الإسرائيلي وزمن الاحتلال الحزبي العنصري . البابور الأخرس التي فرحت وتلهفت عليه الأسرة السورية تمنتها الأسرة الفلسطينية كذلك رغم بسطته وقدمه ولكنها تتمنى وتترجى من الله أن يعود زمن البابور الأخرس زمن الفطرة التي جبلنا الله عليه. البابور الأخرس يذكرنا بأصلنا وفصلنا وتاريخنا وحبنا وعظمتنا وقوتنا وشجاعتنا التي أنستنا أيها فتح حماس عبر شعارات كاذبة مدسوسة تشتريها من هنا ومن هناك ، حتى الجيرة والبساطة ما عادت موجود لدينا ولا احد ينفى ذلك، بابور الأخرس ذكرتنا بالجيرة والشهامة والرجولة الحقيقة وليس رجولة فتح وحماس . البابور الأخرس أعاد إلى الأذهان هجرت إبائنا وذكرنا بالخيمة ذكرتنا بالأسرة الفلسطينية القوية المتماسكة التي يسودها الأبوية والذكورية والمحافظة على الشرف والعرض والأسرار والعلاقات المتينة الحميمة . البابور الأخرس تاهت بينه فتح حماس في الشارع حتى اصبح باب الحارة في غزة حديث أكثر من حديث عما يجرى بين فتح حماس بل أكثر تشوقاً إليه من اى شئ آخر، فالجيل الشاب يتذكر انتفاضته المباركة الأولى التي جسدت فيه الأسرة الفلسطينية أفضل وأروع صور الانتصار والتماسك والتعاظم والحب والعطاء والانتماء للأسرة لا انتماء فتح حماس فالأسرة اكبر بكثير من فتح وحماس فإذا صلحت الأسرة الفلسطينية صلحت فتح وحماس والعكس صحيح . هذه الصورة المشرقة الصافية للأسرة الفلسطينية تدهورت وتلاشت وسادها الضعف والهزل والتفكك الذي وصل إلى مستوياته أبان انقلاب العسكري في غزة ، الموطن الغزاوى يتلهف أن ترجع صورة أسرته الحقيقة مثل صورة أسرة باب الحارة . يعرض باب الحارة شيوخ الحارة وكبار السن وكلمة كبيرة الحارة المسموعة والمطاعة لدى الجميع دون نقاش وهى نفس الصورة التي كانت في الماضي الفلسطيني زمان الراحل أو عمار عندما كان القرار السياسي واحد أم الآن في حارتنا الفلسطينية فكبير الحارة هو كافر وخائن وعميل وقاتل، لقد انقلابت الصورة فأصبح الباطل حق والحق باطل ، لقد مات الياسر الكاسر ابو عمار التاريخ والتراث والرمز والقضية وشيخ الحارة الفلسطينية وللأسف الشديد وبقدرة السماء لم ينجب القائد رجلا مثله يسير على دربه وينعش ويطور حارته . لقد كان لفتح وحماس الدور الأكبر والسلبي في هدم باب الحارة الفلسطينية حيث انكسار وتفتث المنظومة القيمية والأخلاقية والدينية ايضا ، السب والشتم والتخوين والتكفير وادعاءات النصر المشئوم في غزة عبر وسائل الإعلام الهزيلة ، والنظرة الدونية للإنسان الفلسطيني وإهدار قيم العدل والمساواة والتكافل الإجتماعى والتضامن والأخوة والعطاء . بيت الحارة والبابور الأخرس ليس ترفيهيا انا يعرض واقعا سياسيا واجتماعيا لفترة تاريخية في حياة الشعب السوري عندما يتابع المشاهد الغزاوى يعيش معه بحالة من الغربة والضياع غربة عن الوطن والأسرة والدين الحقيقي الذي تعزز في باب الحارة ونفى في باب الحارة الفلسطينية، أتمنى أن تكون باب الحارة الفلسطينية مثل باب الحارة السورية حيث الأصالة والعراقة والوطن والمواطن والانتماء والشرف والعرض والمقاومة ..
#ادهم_عدنان_طبيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|