|
ثقافة البحث العلمي في دوائر الدولة.....الى ابن؟
كامل القيّم
الحوار المتمدن-العدد: 2053 - 2007 / 9 / 29 - 06:20
المحور:
الصحافة والاعلام
اذا كانت بعض الاعتقادات تميل الى ان تجعل من الاكتشافات المختبرية والتجريبية خط الشروع العلمي والأيمان به ، فان حضارات العالم القديم قد أوكلت وعظّمت ملامح العلم وممارسيه ، من كهنة وعرافين وحكماء ، بشكل يفوق التصور ، وهذا بطبيعة الحال ناتج عن وقائع حياتية سايرت بدايات السعي لتفسير الظواهر ولإيجاد ( غائية ) وقوعها، ببساطتها وغرابتها.بعدما تيقنت أن التأمل العقلي والفلسفي يجلب( الحكمة ) وهذه الحكمة هي التي تضع للغموض والتساؤلات ثمة أجوبة ،هكذا سارت وحتى اليوم عظمة التساؤل لدى الإنسان باعتباره كائناً استطلاعياً ، يتوق الى المعرفة. لاشك ان المعطيات التقنية الحديثة قد أفردت جملة من البراهين على ان البحث العلمي يتيح مجالاً أوسع للمعرفة المنظمة ، وهذه بدورها تعمل ( بأسلوب التراكم ) على ان تجعل من طرائق وحقائق العلم ميداناً خصباً للتفوق والرقي ، والنماء الاجتماعي ، وفي أحيان كثيرة تقود إلى الهيمنة الحضارية . ولاغرابة ان نذكر ان حقائق التفوق في هذا العصر ، لم يعد بالمال والسلاح وعدد الرجال ، بقدر ما يتعلق الآمر بإنتاج المجتمع من معلومات وطرائق تختزل الطاقة ، والجهد ، والزمن ، لقد هوى ( العدد ) أمام اختزاله وتبويبه وتوظيفه ، بالدقة والسرعة ، والكفاءة ، الذي أوجدها البحث العلمي بوصفه جهداً مرابطاً لكل دقائق وانشطة الحياة المجتمعية . وإذا كانت مساحة الاستخدام العلمي وتطوراته تستدعي الكثير من الكلام والوصف ، فاني سأدخل الباب من الواقع الحالي ، الواقع والتغيير الذي نحن بأمس الحاجة إلى أن نتكلم فيه حول العلم والإصلاح العلمي وشجونه جنباً إلى المتغيرات التي تنتظرنا كشعب يبغي الكثير من التغيير . ولا يخفى على أحد من ان جميع المؤسسات على اختلافها وتباين ميادينها بأمس الحاجة إلى مراكز بحوث او تطوير كما جرت التسمية ، تقوم بالدراسات الميدانية والكشفية ، سواء ما تعلق الأمر بنتاجها ، ام العاملين فيها،أو معها من شرائح المجتمع المختلفة ، أي إنها بحاجة دورية إلى دراسة واقع عملها ، ومشكلاتها المستجدة . وإذا كان البحث العلمي هو الميدان والطريقة التي بموجبها تستخلص هذه المشكلات أو بوادر التطوير، فانه بذلك قد اصبح القناة الأساس لصواب القرارات ، واحسب أن ( الحقيقة العلمية ) ماهي إلا معادل موضوعي لشطط ( متخذي القرارات ) الفردية ، وان صدق بياناتها يعجل بنا سنوات في تحقيق أهدافنا المترامية والمؤجلة . وإذا ماعدنا إلى مسببات كبوات بعض المؤسسات وفشلها في أحيان كثيرة ، لوجدنا إنها تعود الى ( افتقاد الدراسات التقويمية للأداء ) ، فضلاً عن النزعة المركزية الفردية ، المبنية على التصورات والجهل الوظيفي التي أرساها النظام السابق ( القاحل علمياً). ان ضمور النشاط العلمي والبحثي في أروقة الدولة يعّد امراً مخيفاً ، ومحبطاً ، لحياتنا في عراقنا الجديد ، وان المحزن في الأمر يتزايد تراجعاً حتى على المؤسسات المختصة به والحاضنة له ، كالجامعات ومراكز البحوث ، ومكاتب العلاقات العامة . فمن خلال المتابعة ، وميدان العمل ، والتساؤل العلمي ، أمكن لي استجماع المؤشرات في أدناه تبين حالة القصور في هذا المنحي منها: 1. القطيعة التامة بين موضوعات البحوث الجامعية ومشابهتها ( والدوائر المعنية بها ) ، فلو أحصينا الرسائل الجامعية التي نوقشت ، او قرأت بحضور المعنيين في موضوعها ، لكانت النسبة لا تتجاوز الـ( 5%) وكان الطرفان لا يجمعهما شيء. 2. ضمور المؤتمرات العلمية في القطاعات البحثية ، بحيث غدت ميداناً لمنح الشهادات ، وتحول الكثير منها إلى دوائر تلقين وتعليم ليس إلا، في حين ان دورها يمتد الى تدريب مهارة البحث والاستنتاج العلمي . 3. ضمور النشر العلمي ، وضعف الإتاحة والتداول للبحوث والدراسات المنجزة للباحثين ، وقطاعات المجتمع الأخرى المعنية، واتخذ من الاختزال لأغراض إدارية ، دون النظر إلى جدواه الحقيقية ( ترقيات ، مكافآت ، مؤتمرات خارجية ، أخرى ). 4. لازلنا نتعامل مع البحث العلمي تعاملاً وظيفياً ، او بؤرياً ( وكأنه يخص طائفة او طبقة دون أخرى ) علماً ان المجتمع عليه ان يمارس دوره في هذا الجانب سواء أكان منتجاً علمياً ام مستهلكاً ( أي نشر الثقافة والوعي بالبحث العلمي وطرائقه في المجتمع ) . 5. جهل او عدم أيمان الكثير من المسؤولين ، واصحاب المناصب الهامة ، بأهمية دور البحوث العلمية ، فالأخطاء تبقى والقرارات الشخصية تسير على هوى قلة من أصحاب القرار. 6. تهميش أساليب الثقافة البحثية في المدارس والجامعات ، والذي جعل من التدريس الجامعي ( تلقيني ) وليس استقرائي ، بعدما كان تدريب طرق البحث والاستكشاف الذاتي في فترة الأربعينيات والخمسينيات ، يبدأ منذ المرحلة الابتدائية ( كما تثبت المطبوعات والنشرات المدرسية للفترة المذكورة ). 7. عدم الاهتمام بالدورات التأهيلية والتطويرية لتدريب المنتسبين ، فنحن كما ميدان العمل بحاجة إلى تطوير و، وإضافات تجعلنا نواكب ما يدور في مجتمعات العالم من تجدد ونمو. وإذا كنا نريد اللحاق بهذا العصر الفجائي المسير ، كان لابد من نتسلح بثقافة العلم وطرقه واشاعته بين الناس ، لانه خلاصنا الوحيد لخوض معترك الصراع الحضاري مع الآخر ، ولابد لنا بعد ( القحط الثقافي السابق ) ان نشيع الوعي بهذا المنسي للكثيرين .....وأكثرهم مسؤولين في شرايين الدولة . واخيراً اعتقد أن الوزارات بمجملها معنية بالأمر ، وعليها ( إذا أرادت أن ترقد من هذا السبات ) أن تعيد النظر بطرق اتصالها مع المجتمع ، وهذا الاتصال الجديد ( المفترض ) عسى أن يكون علمياً ، تحكمه كما نتمنى ( الضرورة العلمية ) وهي الأقدس والاحق لأنها لا تحيد ، او تفكر بالانا.....وهذا سمو نجاحات البعض . فالبلد يحتاج الكثير الكثير أولها التربية والثقافة في ضرورات وآليات البحوث والدراسات ، واحترام نتاجات العلم ، والكفاءة والتفكير المنظم ، وصولاً الى مسؤولية الجامعات ومؤسسات المجتمع المدني على إشاعة وتعاطي ثقافة البحث الاجتماعي التنموي ....لان استمرار القطيعة بين الباحث والمجتمع ، غير منتجة ، وبائسة ، ولنتوكل في سلوك جديد..وعطاء جديد إبطالها ثلاث، العلم ، والمجتمع ، والجامعة، لبناء عراق يؤمن أبناءه بتسريع التنمية وسباق الزمن وتحشيد الجهد البشري ،....وإلا فان الطامة كبرى.
#كامل_القيّم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الماكنة الدعائية الامريكية في العراق....رؤية في ادوات التاثي
...
-
دور الإعلام والعلاقات العامة في تدعيم الاحتلال الأمريكي للعر
...
-
قناة الحلة الفضائية.... وفق رؤية اكاديمية مفترضة...
-
البحث العلمي...بين المعرفة ..و التفكير المنظم
-
من تاريخ الصحافة العراقية /صحف الحلة ومجلاتها الجزء الثاني
-
من تاريخ الصحافة العراقية / صحف مدينة الحلة ومجلاتها
-
الفضائيات العراقية .... نحو هوية علمية جديدة
-
البحث العلمي ومشتركات الظواهر العلمية
-
الإعلام.... ولغة الحوار عبر الصورة التلفاز انموذجاً
-
من اجل رؤية جديدة لدراسة علم الاتصال والاعلام
-
العولمة وأدواتها في الاختراق الإعلامي
-
الصحافة النسوية في العراق
-
المحتوى الاعلامي ومنهج تحليل المضمون
-
التلقي الاعلامي ...ابعاده النفسية والاجتماعية
-
البناء الاتصالي للبحث العلمي واهدافه
-
عصر المعلومات والمعرفة ووسائل الاعلام
-
دور الإعلام في مكافحة الفساد الإداري
-
مراكز البحوث العلمية ....الى اين؟
المزيد.....
-
-قريب للغاية-.. مصدر يوضح لـCNN عن المفاوضات حول اتفاق وقف إ
...
-
سفارة إيران في أبوظبي تفند مزاعم ضلوع إيران في مقتل الحاخام
...
-
الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لــ6 مسيرات أوكرانية في أجواء
...
-
-سقوط صاروخ بشكل مباشر وتصاعد الدخان-..-حزب الله- يعرض مشاهد
...
-
برلماني روسي: فرنسا تحتاج إلى الحرب في أوكرانيا لتسويق أسلحت
...
-
إعلام أوكراني: دوي صفارات الإنذار في 8 مقاطعات وسط انفجارات
...
-
بوليتيكو: إيلون ماسك يستطيع إقناع ترامب بتخصيص مليارات الدول
...
-
مصر.. غرق جزئي لسفينة بعد جنوحها في البحر الأحمر
-
بريطانيا.. عريضة تطالب باستقالة رئيس الوزراء
-
-ذا إيكونوميست-: كييف أكملت خطة التعبئة بنسبة الثلثين فقط
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|