أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال حمد - الليل بتنا هنا والصبح في بغداد















المزيد.....

الليل بتنا هنا والصبح في بغداد


نضال حمد

الحوار المتمدن-العدد: 630 - 2003 / 10 / 23 - 03:48
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 الى  أصدقائي من العراقيين الشهداء والأحياء ، الذين عادوا وباتوا في بغداد والذين لازالوا عليها في حداد ..

 

يا واصل الأهل

خبرهم وقل

 ما انتهى

ما انتهى  ،

 ما انتهى ..

الليل بتنا هنا

والصبح في بغداد

 

يوم انتهينا الى السجن الذي ما انتهى

منيت نفسي وقلت المشتهى ما انتهى "

 

كم كانت هذه الأغنية كبيرة وكم هي الآن جليلة ، أغنية أنشدتها فرقة الطريق العراقية بأداء شيوعية عراقية لا أعرف ما أسمها، جاءت الأغنية في الثمانينات عندما كان المنفى العراقي بيت في خيمة فلسطينية في الشتات. وعندما كانت المعارضة العراقية اليسارية والوطنية وحتى بعض الإسلامية تحيا في كنف الثورة الفلسطينية وفصائلها الوطنية.

 كانت المقاومة الفلسطينية بيت كل العرب ، من مغرب الكاتب الكبير محمد شكري وخبزه الحافي والمرّ  حتى اليمن السعيد ، الذي لم يعد سعيدا بالرغم من وحدة شطريه.

 كان بيت الفلسطيني بيت كل عربي هارب من القمع والظلم وحكم العسكر والشرطة والمخابرات والأحزاب المتوحشة والقبائل المتخلفة والجنرالات.

كانت فلسطين بمنفاها وطنا لكل الذين تركوا بيوتهم المستباحة  وجاءوا لملاذهم الآمن تاركين خلفهم منازلهم البعيدة ، استقبلتهم منظمة التحرير الفلسطينية في بيتها الوطني وعبر فصائلها المنوعة ، فكانوا العون لها في  نضالها الصعب وكانوا زينة كافة أبناء العرب.

جاءوا من كل المشارب والجهات ليستظلوا بالخيمة الفلسطينية الآمنة في الشتات، وكان للعراقي المكان الرحب في البيت الفلسطيني الذي رحب به سواء كان عربيا أم كرديا. وكان لهؤلاء الأخوة والأخوات من العراقيين الأوائل دورا رياديا كبيرا في العمل الوطني والقومي والتقدمي، ومنهم من لازال يواصل العمل في مخيمات لبنان وسوريا وفلسطين المحتلة والأردن ، ومنهم من له مكانته في السلطة الفلسطينية وفي المعارضة كذلك.

في زمن هؤلاء انطلقت الأغنية العراقية الثورية لتشق طريقها نحو العراقيين والعرب في المنفى العراقي الطويل ، وفي ظل حالة عربية كانت تغلي من الداخل وتكافح من الخارج ضد حملات الابادة والتصفية التي تعرضت لها منظمة التحرير الفلسطينية بكل اتجاهاتها الوطنية.

لم ينس الفلسطيني في عجقة الموت والذبح والهزائم والمجازر والحروب التي عصفت به أن للمناضلين العرب الذين كافحوا معه وناضلوا في صفوف ثورته مكانة لا بد من احترامها والعمل على صيانتها. لكن في تلك الفترة وبعدها أيضا كان هناك بعض الفلسطينيين الذين أساءوا لقلة من هؤلاء العرب لكنهم قبل أن يسيئوا للعرب أساءوا لشعبهم  أيضا.

 لذا يجب عدم  أخذ هؤلاء الشواذ مثالا لمحاسبة تجربة العمل الوطني الفلسطيني كما فعل بعض العرب الذي عاشوا معهم فترات طويلة ، تحملوا فيها العذاب والحرمان والتفرقة و قادة المصادفة الذين تحكموا بالمخيمات وبالمال وحياة البشر بعد أن تغيرت الخريطة السياسية الفلسطينية، خاصة بعد حصار بيروت وخروج منظمة التحرير وبروز قادة من نوع جديد في تلك المخيمات. وعندما نعرف أن العرب لم يكونوا وحدهم الذين تعرضوا لهذه المعاملة وأن بعض الفلسطينيين تعرض كذلك لنفس الأعمال، تهون المصيبة .. لذا من واجب إخواننا العرب أن يبدوا حرصا أكبر واتزاناً ورحمة ومنطقية وعقلانية أوسع أثناء نقد تلك الفترة وعند الكتابة عن التجربة، وعدم تحميل الوضع الفلسطيني أكثر مما يتحمل.

جاءت الأغنية الجميلة في فترة كانت فيها أحوال الفلسطينيين مزرية بعدما كانوا يتصارعون مع أنفسهم ومع العرب ومع الصهاينة ، ولم تكن أي من المعارك من صنعهم بل كانت من صنع الأعداء وأصدقاء الأعداء وبفضل غباء الأشقاء والأخوة الأعداء. 

ذلك عندما حصل الانشقاق في المنظمة وفي فتح كبرى فصائلها مما أنعكس لاحقا على معظم الفصائل الأخرى ، حينها أتخذ العرب ومنهم العراقيين الذين كانوا يعملون في تلك الفصائل والتنظيمات مواقف منوعة ، منهم من أنشق مع الذين انشقوا ومنهم من بقي مع الذين بقوا ، ومنهم من أعتزل ولم يتخذ موقفا ، ومنهم من مات لأجل موقفه أو أعتقل وأهين في سجون الأشقاء والأخوة الأعداء، حاله في ذلك حال كل فلسطيني وعربي عمل مع الفلسطينيين في زمن الحصار فالانشقاق.

نعم لقد كانت الثورة الفلسطينية ملاذا لكل عراقي كان يحلم بقضاء الليلة هنا في الخيمة الفلسطينية وعند الصبح يكون في بغداد ، بجوار الأهل ومعهم وفي المنزل الأول حيث النخيل وسمك دجلى والفرات وشرائع حمورابي و آثار سومر ونبوخذ النصر ، وحيث كانت عاصمة الخلافة الإسلامية ، أيام كانت عاصمة السلام ومدينة المدن ، بغداد المنصور والرشيد والمعتصم...

 

ظل الفلسطيني وفيا للذين لازموه النضال وسيبقى كذلك حتى تعود العصافير إلى أعشاشها والعقول الى رؤوسها. وهذا ما كنت أردده دائما لأصدقائي العراقيين ومنهم الصديق أمير الدراجي ، الذي عاد الى بغداد بعد غربة استمرت أكثر من 30 سنة ، عاد ليحقق حلمه بالعودة ، بعدما كان خرج من جحيم بغداد بمساعدة فلسطينية ، واليوم نراه يعود ويمكث في بغداد زمنا طويلا لا ندري إن كان سيرجع ألى النرويج أم لا ، فقط أطال الغيبة وأطال المكوث في عاصمة تحترق بنيران الحرية المزعومة وبفعل الاحتلال الغبي.

 

لقد سعدت لأن أمير  استطاع بعد عمر مديد في التجربة الفلسطينية ومن ثم في المنفيين العربي و الغربي أن يعود الى وطنه العراق ، لكني لا احسده على المكوث الطويل هناك ، خاصة أن أوضاع البلد مرشحة للتدهور بشكل خطير جدا.

فبقاء الاحتلال يعني اشتعال المقاومة وتراجع فرص إعادة أعمار العراق، لأن للاحتلال برامجه وحساباته ومشاريعه التي تريد جعل العراق محمية تابعة ومقرا دائما للشركات المختصة في نهب ثروات الشرق العربي.

 

 أقول الآن أن كلمات تلك الأغنية باقية مدوية وهادرة كنهر الفرات الهادر، وسوف تظل تطرب الجميع حتى الذي في أذنيه صمم ، أنها كلمات معبرة وذات معاني جليلة ، كلمات الذين كانوا يتحرقون للعودة الى وطن مسلوب الإرادة ، كلمات كانت في تلك الفترة تحكي عن ظلم ذوي القربى ، لكنها الآن تحكي عن ظلمهم و ظلم الذين عادوا من الغربة على ظهور الدبابات الأمريكية وبالطائرات الإسرائيلية.

 اليوم  بعدما عاد بعض الأصدقاء الى بغداد و بغض النظر عن الطريقة والقناعة والوسيلة التي عادوا بها ،إلا أنني لازلت أنشد معهم بصوتي و بصدى دمعي :

 

يا واصل الأهل

خبرهم وقل

 ما انتهى

ما انتهى  ،

 ما انتهى ..

الليل بتنا هنا

والصبح في بغداد

 

يوم انتهينا الى السجن الذي ما انتهى

منيت نفسي وقلت المشتهى ما انتهى

 



#نضال_حمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صباح الخير يا صغاري
- من جنين حتى رفح
- عربي أوروبي في أمريكا
- إذا بوش أنتصر
- الوصايا العشر
- فيتو أمريكا و تفجير غزة
- عن تملك الفلسطينيين في لبنان
- المجهول والمعلوم في زمن الغول
- مخيم يبنا يدافع عن القدس والقبلة
- من يسأل عن مصير المفقودين العرب ؟
- أرنولد كلاسيك و الأجساد الرشيقة
- بين حمام الشط وحطين أزمنة وسنين
- صحة عرفات و صحة فلسطين
- العرب تحت رحمة الإرهاب
- حكومة أبو علاء وجدار العار
- بوش وشون
- قرارات الرباعية شكل من أشكال العنصرية
- في يوم الطفل العربي ، سجل أنا عربي ..
- رحل الفلسطيني الأبي ادوارد سعيد
- عن خطاب بوش في الجمعية العمومية


المزيد.....




- بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن ...
- مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية ...
- انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
- أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ ...
- الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو ...
- -يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2 ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
- عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم ...
- فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ ...
- لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال حمد - الليل بتنا هنا والصبح في بغداد